الأربعاء، 26 مارس 2014

ذكر خبر سلمة بن قيس الأشجعي والأكراد مع أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه


ذكر خبر سلمة بن قيس الأشجعي والأكراد مع أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه

من ‏أبومازن المصري
نريد حاكما مثل هذا وقبله لنكن نحن مثل محكوميه  :


قال الطبري في تاريخه :

ذكر خبر سلمة بن قيس الأشجعي والأكراد

حدثني عبدالله بن كثير العبدي، قال: حدثنا جعفر بن عون، قال: أخبرنا أبو جناب، قال: حدثنا أبو المحجل الرديني، عن مخلد البكري وعلقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة:
أن أمير المؤمنين [عمر رضي الله عنه] كان إذا اجتمع إليه جيش من أهل الإيمان أمر عليهم رجلا من أهل العلم والفقه، فاجتمع إليه جيش، فبعث عليهم سلمة بن قيس الأشجعي، فقال:
«سر باسم الله، قاتل في سبيل الله من كفر بالله، فإذا لقيتم عدوكم من المشركين، فادعوهم إلى ثلاث خصال: ادعوهم إلى الإسلام، فإن أسلموا فاختاروا دارهم، فعليهم في أموالهم الزكاة، وليس لهم في فيء المسلمين نصيب، وإن اختاروا أن يكونوا معكم فلهم مثل الذي لكم وعليهم مثل الذي عليكم، فإن أبوا فادعوهم إلى الخراج، فإن أقروا بالخراج فقاتلوا عدوهم من ورائهم وفرغوهم لخراجهم، ولا تكلفوهم فوق طاقتهم، فإن أبوا فقاتلوهم فإن الله ناصركم عليهم، فإن تحصنوا منكم في حصن فسألوكم أن ينزلوا على حكم الله وحكم رسوله، فلا تنزلوهم على حكم الله؛ فإنكم لا تدرون ما حكم الله ورسوله فيهم، وإن سألوكم أن ينزلوا على ذمة الله وذمة رسوله فلا تعطوهم ذمة الله وذمة رسوله، وأعطوهم ذمم أنفسكم، فإن قاتلوكم فلا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا».
قال سلمة: فسرنا حتى لقينا عدونا من المشركين، فدعوناهم إلى ما أمر به أمير المؤمنين، فأبوا أن يسلموا، فدعوناهم إلى الخراج فأبوا أن يقروا، فقاتلناهم فنصرنا الله عليهم، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، وجمعنا الرثة، فرأى سلمة بن قيس شيئا من حلية، فقال: إن هذا لا يبلغ فيكم شيئا، أفتطيب أنفسكم أن نبعث به إلى أمير المؤمنين فإن له بردا ومؤونة؟ قالوا: نعم، قد طابت أنفسنا.
قال: فجعل تلك الحلية في سفط، ثم بعث برجل من قومه فقال: اركب بها، فإذا أتيت البصرة فاشتر على جوائز أمير المؤمنين راحلتين فأوقرهما زادا لك ولغلامك، ثم سر إلى أمير المؤمنين.
قال: ففعلت فأتيت أمير المؤمنين وهو يغدي الناس متكئا على عصا كما يصنع الراعي، وهو يدور على القصاع يقول: يا يرفأ زد هؤلاء لحما، زد هؤلاء خبزا، زد هؤلاء مرقة. فلما دفعت إليه قال: اجلس. فجلست في أدنى الناس، فإذا طعام فيه خشونة؛ طعامي الذي معي أطيب منه، فلما فرغ الناس من قصاعهم، قال: يا يرفأ، ارفع قصاعك ثم أدبر، فاتبعته فدخل دارا ثم دخل حجرة، فاستأذنت وسلمت، فأذن لي، فدخلت عليه، فإذا هو جالس على مسح متكئ على وسادتين من أدم محشوتين ليفا، فنبذ إلي بإحداهما، فجلست عليها، وإذا بهو في صفة فيها بيت عليه ستير، فقال يا أم كلثوم، غداءنا فأخرجت إليه خبزة بزيت في عرضها ملح لم يذق...
فقال: كل...، قال: فأكلت قليلا وطعامي الذي معي أطيب منه، وأكل فما رأيت أحدا أحسن أكلا منه ما يتلبس طعامه بيده ولا فمه ثم قال: اسقونا فجاؤوا بعس من سلت، فقال: أعط الرجل، قال: فشربت قليلا؛ سويقي الذي معي أطيب منه، ثم أخذه فشربه حتى قرع القدح جبهته، وقال: الحمد لله الذي أطعمنا فأشبعنا وسقانا فأروانا.
قال: قلت: قد أكل أمير المؤمنين فشبع، وشرب فروي؛ حاجتي يا أمير المؤمنين! قال: وما حاجتك؟
قال: قلت: أنا رسول سلمة بن قيس.
قال: مرحبا بسلمة بن قيس ورسوله، حدثني عن المهاجرين كيف هم؟
قال: قلت: هم يا أمير المؤمنين كما تحب من السلامة والظفر على عدوهم.
قال: كيف أسعارهم؟
قال: قلت: أرخص أسعار.
قال: كيف اللحم فيهم؛ فإنها شجرة العرب ولا تصلح العرب إلا بشجرتها؟
قال: قلت: البقرة فيهم بكذا، والشاة فيهم بكذا.
يا أمير المؤمنين سرنا حتى لقينا عدونا من المشركين فدعوناهم إلى ما أمرتنا به من الإسلام فأبوا، فدعوناهم إلى الخراج، فأبوا فقاتلناهم فنصرنا الله عليهم، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، وجمعنا الرثة فرأى سلمة في الرثة حلية، فقال للناس: إن هذا لا يبلغ فيكم شيئا، فتطيب أنفسكم أن أبعث به إلى أمير المؤمنين؟ فقالوا: نعم، فاستخرجت سفطي.
فلما نظر إلى تلك الفصوص من بين أحمر وأصفر وأخضر، وثب ثم جعل يده في خاصرته، ثم قال: لا أشبع الله إذن بطن عمر، قال: فظن النساء أني أريد أن أغتاله فجئن إلى الستر، فقال: كف ما جئت به، يا يرفأ جأ عنقه.
قال: فأنا أصلح سفطي وهو يجأ عنقي، قلت: يا أمير المؤمنين أبدع بي فاحملني.
قال: يا يرفأ أعطه راحلتين من الصدقة، فإذا لقيت أفقر إليهما منك فادفعهما إليه.
قلت: أفعل يا أمير المؤمنين.
فقال: أما والله لئن تفرق المسلمون في مشاتيهم قبل أن يقسم هذا فيهم لأفعلن بك وبصاحبك الفاقرة.
قال: فارتحلت حتى أتيت سلمة فقلت ما بارك الله لي فيما اختصصتني به، اقسم هذا في الناس قبل أن تصيبني وإياك فاقرة، فقسمه فيهم والفص يباع بخمسة دراهم وستة دراهم، وهو خير من عشرين ألفا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق