الأحد، 20 فبراير 2011

معنى لا إله إلا الله

معنى : لا إله إلا الله


معنى : لا إله إلا الله


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اعلم رحمك الله أنّ هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والإسلام ، وهي كلمة التقوى، وهي العروة الوثقى ، وهي التي جعلها إبراهيم عليه السلام كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون .


وليس المراد قولها باللسان مع الجهل بمعناها ، فإنّ المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدّرك الأسفل من النار ، مع كونهم يُصلون ويتصدقون ، ولكن المراد قولها مع معرفتها بالقلب ومحبتها ومحبة أهلها وبغض ما خالفها ومعاداته ، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « من قال لا إله إلاّ الله مخلصا » ، وفي رواية « خالصا من قلبه » ، وفي رواية « صادقا من قلبه »
وفي حديث آخر : « من قال لا إله إلاّ الله وكفر بما يُعبد من دون الله » ، إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة ، فاعلم أن هذه الكلمة نفي وإثبات نفي الإلهية عمّا سوى الله تعالى من المخلوقات ، حتى محمد صلى الله عليه وسلم ، وجبرائيل فضلا عن غيرهم من الأولياء والصالحين .


إذا فهمت ذلك فتأمل هذه الألوهية التي أثبتها الله لنفسه ، ونفاها عن محمد صلى الله عليه وسلم وجبرائيل وغيرهما ، أن يكون لهم مثقال حبة من خردل ، فاعلم أنّ هذه الألوهية هي التي تسميها العامة في زماننا السر والولاية ، والإله معناه الولي الذي فيه السرّ ، وهو الذي يسمونه الفقير والشيخ ، وتسميه العامة السيد وأشباه هذا ، وذلك أنهم يظنون أنّ الله جعل لخواص الخلق منزلة ، يرضى أنّ الإنسان يلتجئ إليهم ويرجوهم ويستغيث بهم ويجعلهم واسطة بينه وبين الله ، فالذي يزعم أهل الشرك في زماننا أنهم وسائطهم وهم الذين يسميهم الأولون (الآلهة) ، والواسطة هو الإله، فقول الرجل لا إله إلاّ الله ، إبطال الوسائط .


فإذا أردت أن تعرف هذا معرفة تامة ، فذلك بأمرين :


الأول :
أن تعرف أنّ الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كانوا مقرين لله سبحانه ، بتوحيد الربوبية ، و أنه لا يخلق ، ولا يرزق ، ولا يحيي ، ولا يميت ، ولا يدبّر الأمور إلاّ الله وحده ، كما قال الله تعالى : { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ } .


وهذه مسألة عظيمة مهمة ، وهي أن تعرف أنّ الكفار شاهدون بهذا كله ومقرّون به ومع ذلك لم يدخلهم ذلك في الإسلام ولم يحرم دماءهم ولا أموالهم ، وكانوا أيضا يتصدّقون ويحجون ويعتمرون ويتعبّدون ويتركون أشياء من المحرمات خوفا من الله عزّ وجل ، ولكن الأمر الثاني هو الذي كفّرهم وأحلّ دماءهم وأموالهم ، وهو أنهم لم يشهدوا لله بتوحيد الألوهية ، وهو أنه لا يُدعى ولا يُرجى إلاّ الله وحده لا شريك له ولا يُستغاث بغيره ولا يُذبح لغيره ولا يُنذر لغيره ، لا لملَك مقرّب ولا نبي مرسل ، فمن استغاث بغيره فقد كفر ، ومن ذبح لغيره فقد كفر ، ومن نذر لغيره فقد كفر وأشباه ذلك .


وتمام هذا ، أن تعرف أنّ المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يدعون الصالحين مثل الملائكة وعيسى وعُزير وغيرهم من الأولياء ، فكفروا بهذا مع إقرارهم بأنّ الله هو الخالق الرازق المدبّر ، وإذا عرفت هذا عرفت معنى لا إله إلاّ الله ، وعرفت أن من نخا نبيا أو ملكا أو ندبه أو استغاث به فقد خرج من الإسلام ، وهذا هو الكفر الذي قاتلهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .


فإن قال قائل من المشركين نحن نعرف أنّ الله هو الخالق الرازق المدبّر ، يمكّن هؤلاء الصالحين أن يكونوا مقرّبين ونحن ندعوهم وننذر لهم وندخل عليهم ونستغيث بهم ونريد بذلك الوجاهة والشفاعة،  وإلاّ نحن نفهم أنّ الله هو الخالق المدبّر .


فقل : كلامك هذا مذهب أبي جهل وأمثاله فإنّهم يدعون عيسى وعزيرا والملائكة والأولياء يريدون ذلك ، كما قال الله تعالى : { والذين اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } .


وقال الله تعالى :{ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ } .


فإذا تأمّلت هذا تأملا جيدًا ، عرفت أنّ الكفار يشهدون لله بتوحيد الربوبية ، وهو تفرّد بالخلق والرزق والتدبير ، وهم ينخون عيسى والملائكة والأولياء يقصدون أنهم يقرّبونهم إلى الله ويشفعون عنده .


وعرفت أنّ من الكفار خصوصا النصارى منهم ، من يعبد الله الليل والنهار ، ويزهد في الدنيا ، ويتصدق بما دخل عليه منها ، معتزل في صومعة عن الناس ، ومع هذا : كافر عدو لله .. مخلّد في النار ، بسبب اعتقاده في عيسى أو غيره من الأولياء ، يدعوه أو يذبح له أو ينذر له ، تبيّن لك كيف صفة الإسلام ، الذي دعا إليه نبيك صلى الله عليه وسلم ، وتبين لك أن كثيرا من الناس عنه بمعزل ، وتبين لك معنى قوله صلى الله عليه وسلم : « بدأ الإسلام غريبًا ، وسيعود غريبا كما بدأ . »


فالله الله يا إخواني تمسّكوا بأصل دينكم ، وأوله وآخره وأسّه ورأسه : شهادة أن لا إله إلاّ الله .. واعرفوا معناها ، وأحبّوها وأحبوا أهلها ، واجعلوهم إخوانكم ، ولو كانوا بعيدين ، واكفروا بالطواغيت وعادوهم وأبغضوهم ، وأبغضوا من أحبّهم أو جادل عنهم أو لم يكفّرهم أو قال ما علي منهم أو قال ما كلّفني الله بهم ، فقد كذب هذا على الله وافترى ، فقد كلّفه الله بهم وافترض عليه الكفر بهم والبراءة منهم ولو كانوا إخوانهم وأولادهم ... فالله الله ، تمسّكوا بذلك لعلكم تلقون ربكم لا تشركون به شيئا ، اللهم توفّنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين .


ولنختم الكلام بآية ذكرها الله في كتابه ، تبيّن لك أن كفر المشركين من أهل زماننا أعظم كفرًا من الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : { وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا } .


فقد سمعتم أنّ الله سبحانه ذكر عن الكفار أنهم إذا مسّهم الضرّ تركوا السادة والمشائخ ولم يستغيثوا بهم بل أخلصوا لله وحده لا شريك له واستغاثوا به وحده ، فإن جاء الرخاء أشركوا ، وأنت ترى المشركين من أهل زماننا ولعل بعضهم يدّعي أنه من أهل العلم وفيه زهد واجتهاد وعبادة ، إذا مسّه الضرّ قد يستغيث بغير الله مثل معروف وأجلّ من هؤلاء مثل زيد بن الخطاب والزبير ، وأجل من هؤلاء مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله المستعان ...


وأعظم من ذلك وزرا أنّهم يستغيثون بالطواغيت والكفرة والمردة ..
 
الحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على خير خلقه محمد وآله أجمعين .
و لا إله إلاّ الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق