بسم الله الرحمن الرحيم
======================
سفينة الحب
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-= -=-=-=-=-=-=-=-=-=-=
سفينة الحب
بقلم : سليم عوض عيشان ( علاونه )
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
غزة الصمود والمحبة
==================
تنويه :
غزة الصمود والمحبة
==================
تنويه :
" سفينة الحب " ليست سفينة وهمية أو خيالية .. ولكنها سفينة " افتراضية " ..
أسأل الله أن تأخذ حيز الواقع وأن تأخذ شكل الحقيقة ذات يوم قريب .
--------------------------
تقديم :
لقد فكرت بإعادة نشر " سفينة الحب " بشكلها الكامل دفعة واحدة وبدون تجزئة لعدة أسباب، لعل من أهمها أن يكون العمل متكاملاً بشكل تام .. لمن يريد التكرم بالاطلاع عليه كاملاً والاحتفاظ به .. وأيضاً لاطلاع الأخوة الكرام ممن فاتتهم فرصة الاطلاع على بعض الأجزاء .. وأيضاً لاطلاع بعض الأخوة والأخوات الكرام من قافلة الأحبة الغوالي الذين انضموا للسفينة متأخرين للاطلاع على العمل المتواضع بشكل كامل ..
أكرر شكري العميق .. ومحبتي الخالصة .. لكل الأحبة .. الأستاذة .. أساتذتي الكبار من قراء وكتاب وأدباء ومعلقين ونقاد .. لما أولوه من اهتمام بالغ لنصي المتواضع ..
أسأل الله أن أكون عند حسن الجميع بي دوماً .. وأن يوفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والفلاح ..
حاشية : لقد تركت هذا العمل الأدبي بدون تجنيس لجنس العمل .. وتركت الباب مفتوحاً على مصراعيه للقراء .. الأدباء .. الكتاب .. النقاد .. لتصنيف جنس العمل بالكيفية التي يرونها مناسبة ..
فلهم أن يصنفوها كـ " قصة قصيرة " .. أو " رواية " .. أو ملحمة " .. أو ما يرونه مناسباً من جانبهم .
أخوكم المحب سليم عوض عيشان ( علاونة )
( الجزء الأول )
على رصيف الميناء الكبير .. الواقع على ساحل المتوسط الجميل .. حيث تقع عروس البحر المتوسط " الإسكندرية " .. كانت ترسو " سفينة الحب " .. تتمايل يمنة ويسرة بتيه ودلال .
" الإسكندرية " ؛ تلك المدينة الساحلية الجميلة .. وذلك الميناء الرائع .. وذلك الشاطئ البديع .. الذي طالما تغنى به أهل الفن ، " شط اسكندرية يا شط الهوى " ..والذي كان له دور البطولة في الكثير من الأعمال السينمائية والفنية الخالدة .. " اسكندرية ليه ؟؟ " .. " اسكندرية رايح جاي " .
في ذلك الميناء الذي شهد قصة الحب الأبدي الخالد للملكة " كليوباترا – السابعة " وحبها الخالد لـ " مارك أنطونيو " ، وقضية موتها بلدغة الثعبان المشهورة التي خلدتها كتب التاريخ ، وذلك بعد أن خسرت - وشريكها زوجها مارك أنطونيو – معركة " أكتيوم " البحرية على الشاطئ الغربي من اليونان على يد الرومان " كتافيان " .. كما أبدعها أمير الشعراء أحمد شوقي في رائعته الشعرية الخالدة التي تعد من أجمل مسرحياته الشعرية "مصرع كليوباترا " وتغنى بها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب من كلمات علي محمود طه في رائعته الخالدة " كليوباترا " .. وأيضاً ما تغنى به موسيقار الأجيال عبد الوهاب من نظم أمير الشعراء " أنا أنطونيو " .
في هذا المكان من الشاطئ الجميل .. حيث تم اكتشاف مدينة " الإسكندرية القديمة " تحت سطح مياه البحر قريباً من الشاطئ .
وعلى هذا الشاطئ الذي كانت تقف شامخة على شاطئه إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة ( فنار الإسكندرية ) أو " منارة الإسكندرية " ، والتي قيل بأن الإسكندر هو من بناها ، وقيل بل هو بطليموس الأول ، وقيل بل هو بطليموس الثاني .. وفي هذه المدينة التاريخية الخالدة .. التي كانت تقع بها أكبر مكتبة في التاريخ القديم " مكتبة الإسكندرية " .. والتي كانت تعتبر أقدم مكتبة حكومية عامة في التاريخ في العالم القديم .. والتي أحرقت في حرب الإسكندرية عام 84 قبل الميلاد على يد يوليوس قيصر ... والتي أعيد افتتاحها من جديد في أكتوبر عام 2002 م.
والتي على مقربة من ساحلها كانت معركة " أبو قير " البحرية أو معركة النيل والتي وقعت في الأول من أغسطس 1798م بين الأسطول الفرنسي والأسطول الإنجليزي بقيادة نيلسون.. حيث أخذ الأسطول الإنجليزي يراقب الأسطول الفرنسي، ثم فاجأه في أبي قير وهزمه شر هزيمة، وأغرق الأسطول الفرنسي وقضي علي آمال فرنسا في تكوين إمبراطوريه فرنسيه.
" سفينة الحب " .. كانت تعج بالحياة .. والحركة .. وقد صعد إلى سطحها العشرات والعشرات من الرجال .. والنساء .. الذين دبت فيهم الحماسة .. الحركة والنشاط .. فتراهم في حركة دءوب فوق سطح السفينة .. وفي أدوارها الأخرى .
" سفينة الحب " تفتح ذراعيها .. أدوارها وطوابقها .. أبوابها .. على مصراعيها مرحبة باستقبال الوافدين .. الصاعدين إليها زرافاتٍ ووحداناً .. البِشر يملأ قلوبهم والسعادة تغمر نفوسهم .. والابتسامة العريضة تغطى محياهم .
ما إن يلتقي أحد الصاعدين إلى السفينة بمن سبقوه .. حتى يندفع الجميع نحوه مهللين فرحين .. يحتضنون بعضهم بحب أخوي .. يصافحون بعضهم بحرارة ..ويقبلون بعضهم البعض بسعادة ... فيسود بين الجميع الفرح والسرور .. السعادة والحبور .
لم يطل الانتظار طويلاً .. فالجميع كانوا على موعد واتفاق سابق للقاء في هذا المكان .. في هذه المدينة الساحلية الرائعة .. وعلى هذا الشاطئ البديع .. وعلى ظهر هذه السفينة الجميلة .. "سفينة الحب " .
ما إن اكتمل وصول الجميع .. وصعودهم إلى ظهر السفينة .. واكتمال العدد .. حتى كانت السفينة تطلق الصافرة الطويلة المميزة .. علامة الاستعداد للانطلاق ومغادرة الميناء .. وبالفعل .. فقد بدأت السفينة بالتحرك التدريجي .. فساد الهرج والمرج بين الجميع .. وراحوا يلوحون بأيديهم في الهواء مودعين الجموع الغفيرة التي كانت تقف على الشاطئ مودعة الجميع .
ما إن كانت " سفينة الحب " في طريقها للخروج من المرفأ الكبير إلى عرض البحر .. حتى تناهى إلى مسامع الجميع صوت جلبة وضوضاء وصخب .. أتٍ من ناحية " قمرة القيادة " .. فهرول الجميع ناحية مصدر الصوت .. فلما وصلوا .. هالهم الأمر .. ووقفوا جميعاً واجمين .
فلقد كانت ثمة معركة حامية الوطيس قد نشبت بالتلاسن بين رجل وامرأة .. وقد كادا أن يتماسكا ويتشابكا بالأيدي بعد أن ارتفع صراخهما .. وبعد أن لم يستطع أحداً منهما أن يحسم المعركة الكلامية لصالحه .
حاول الجميع ولعدة مرات تهدئة الطرفين دون جدوى .. بل زاد الصخب والضجيج .. والصراخ .
ومن وسط الأصوات الصاخبة .. كان ثمة صوت وقور.. هادئ .. رزين .. لرجل وقور متزن .. يهتف بالمتخاصميّن :
- كفاكما عبثاً وعراكاً أيها العزيزين ... عليكما أن تكفا عن عراككما الصبياني هذا .. الآن .. فوراً ..
ومن العجيب .. بأن المتخاصميّن قد كفا بالفعل عن العراك والشجار والتلاسن ..
وجم الجميع .. وقفوا وكأن على رؤوسهم الطير .. وساد الصمت المطبق على المكان بشكل غريب ؟؟!!.. وهم ينظرون ناحية الرجل المتزن الوقور .. الذي يبدو بأن لكلماته فعل السحر على المتخاصميّن وعلى الجميع ؟؟!! .
( الجزء الثاني )
كان الرفاق – من أدباء وكتاب وشعراء - قد تقاطروا إلى السفينة .. " سفينة الحب " من كل الأمصار .. ومن كل الأقطار .. ومن كل أصقاع الأرض .. فوصلوا جميعاً في الموعد المحدد والمتفق عليه .
أول من وصل السفينة كانت الأديبة والشاعرة السورية الكبيرة / أفين ديركي (*) ، التي وصلت من ولاية نيوجيرسي بأمريكا خصيصاً للمشاركة مع الرفاق في الرحلة على ظهر " سفينة الحب " ... والتي كانت تتمنى القيام بها منذ أمد بعيد ...
تلاها رجل مهيب الطلعة .. أديب وفنان لا يشق له غبار في دنيا القلم والفرشاة .. كان الرجل هو الفنان الفلسطيني العالمي ( عبد الهادي شلا ) ، والذي وصل من " كندا " في طائرة حديثة متواضعة الحجم .. استأجرها خصيصاً للوصول إلى القاهرة .. ومن ثم توجه إلى الإسكندرية ، ولا عجب أنه قد استأجر تلك الطائرة من كندا .. لأنه كان يحمل معه كماً هائلاً من اللوحات والرسومات التي لا تكاد تلك الطائرة تتسع لها سوى بالكاد ، والتي تغطي مساحة كبيرة وتكوّن مرسماً ومعرضاً ضخماً من اللوحات والرسومات التي قام بإعدادها وتجهيزها على مدار سنوات عمره الطويل ، واعتبر المناسبة فرصة نادرة لأن يقوم بعمل معرض فني خاص بلوحاته على ظهر السفينة .. ومن ثم في المكان الذي كان الجميع يقصدونه فيما بعد .
ولم يلبث أن صعد إلى ظهر السفينة بقية الرفاق .. زرافاتٍ ووحداناً .. فوصل الأستاذ القدير / أحمد القاطي وبرفقته السيدة المبجلة / السيدة ليلى ( فاطمة الزهراء العلوي ) تصطحب نجلها " مهدي " .. والأستاذ / عزيز العرباوي .. والأستاذة / سمية البوغافرية قادمين بطائرة انطلقت من مطار " كازبلانكا " بالمغرب وهم يحملون رزمة ضخمة من الكتب .. وباقات أضخم من باقات الزهور .. وطاقات الورود .
ثم وصلت إلى السفينة الأديبة الشاعرة / أحلام مستغانمي (** ) ؛ قادمة من الجزائر وقد أبت إلا أن تشارك الجميع في هذه الرحلة على ظهر " سفينة الحب " .
ولم يلبث أن صعد إلى السفينة الأستاذ / خالد طه .. قادماً من البرازيل بعد طول غياب وتغيب لعله قسري أو إرادي ؟؟!! ولم يلبث أن تبعه الأستاذ الكبير / نزار بهاء الدين الزين قادماً من الولايات المتحدة الأمريكية .
ثم بدأت الجموع مندفعة كالسيل العرمرم ، فوصلت الأستاذة الفاضلة / عائشة الهديبان قادمة من السعودية ، وقد عز عليها أن لا تشارك في مثل هذه المناسبة الرائعة .. ووصل الأستاذ / خيري حمدان وهو يحمل ( شجرة التوت ) الخالدة .. وبرفقته الأستاذ / عصام عقرباوي ونجله يزن .. والأستاذ / فايز الأشتر الذين كانوا قادمين على متن طائرة حديثة من صوفيا / رومانيا ..
ولم تلبث أن أطلت الأستاذة الحاجة / ازدهار الأنصاري وقد وصلت للتو قادمة من بغداد متهللة مستبشرة رغم الآلام والجراح ونزيف الدم في وطنها الصامد الصابر .. ورغم المرض والإعياء الشديد الذي أَلَمَ بها .. والأستاذ / عبد الوهاب محمد الجبوري قادماً من العراق أيضاً.
ولم تلبث أن تبعتهما في الوصول إلى السفينة الأستاذة / فاطمة يوسف عبد الرحيم ، والأستاذة / ميساء شهاب ، والأستاذ / قصي عطية والأستاذ / زياد أبو شاويش ، قادمين من سوريا عن طريق مطار دمشق الدولي ..
ولم يلبث أن تبعهما الحاج ( أبو محمد ) / عدنان الزغموت .. ووليد علاونة ( أبو خالد ) والأستاذة / ميساء البشيتي قادمين من البحرين .. تبعهم إلى ظهر السفينة الشيخ الجليل الدكتور الحاج / لطفي الياسيني .. ابن أشهر قرية في التاريخ " دير ياسين " .. والأستاذ ( أبو العبد ) منذر ارشيد " ابن قرية صير الثورة والفداء " والأستاذ ( أبو غسان ) عزام أبو الحمام " ابن الخليل الأشم " ( والمقيمين في الأردن الشقيق ) والأستاذة / سهام البيايضة والأستاذ / محمد عارف مشه والأستاذ / حمزة مازن تفاحة ، والأستاذ / صالح صلاح شبانه ، والأستاذ الشاعر / خميس لطفي ( *** ) قادمين من ميناء العقبة الأردني الواقع على ساحل البحر الأحمر من الجانب الأردني يرافقهم الأستاذ / ( أبو سلطان ) / مهنا علاونة ، والأستاذ ( أبو الأرقم ) / نسيم قبها والأستاذ/ أحمد يوسف ياسين والأستاذ/ إياد خليلية والأستاذ / عصام أبو فرحة ( وهم من أبناء جنين القسام ) والأستاذ الدكتور / كمال إبراهيم علاونة ... ابن قرية ( عزموط ) قضاء نابلس ، والأستاذ راسبوتين بن صابر قادماً من القدس الشريف .. الذين توجهوا جميعاً من الضفة الغربية إلى عمان .. ثم إلى ميناء العقبة لينضموا إلى بقية الرفاق .
ولم تلبث أن وصلت الأستاذة / وجدان ديركي ( **** ).. قادمة من السويد وهي تحمل بعض اللوحات الزيتية التي كانت قد قامت برسمها .. وقد حضرت خصيصاً للمشاركة في الرحلة على ظهر " سفينة الحب " .
وفوجئ الجميع بأن هناك من سبقهم جميعاً للتواجد على ظهر السفينة لأنهم كانوا مبكرين جداً في الوصول إلى السفينة .. بل لعلهم أمضوا الليلة السابقة فيها .. وهم أبناء الكنانة العظيمة .. الأستاذ / راشد أبو العز ، والأستاذة / فايزة شرف الدين .. والأستاذة / فاطمة الزهراء فلا .. والأستاذ / إبراهيم خليل إبراهيم ، والأستاذة / نانيس خطاب والأستاذ / محمد معمري والأستاذ / أحمد محمد أحمد المليجي .. والدكتور / محمد فؤاد منصور والأستاذ / إبراهيم عبد المعطي .. والذين اعتبروا أنفسهم المضّيفين .
ثم وصل المهندس / محمد سلطان ( أبو إسلام ) الكاتب والمؤلف الإسلامي الكبير ..
وصلت مجموعة كبيرة من الأخوة والأخوات من شتى الدول ومنهم الأستاذة / سميرة العزب ، والأستاذة / نجلاء نصير ،.. وآخرين وأخريات كثر ..
وهناك ثمة شخصيات كثيرة أبت إلا أن تنضم للجميع .. من رجال ونساء ولكنهم آثروا أن يظلوا وراء أقنعتهم التي تعودوا الظهور بها ، وشخصيات أخرى كثيرة لم يتبين ملامحها أحد .
عند صعود كل قادم جديد كانت ترتفع التهليلات والتكبيرات والترحيبات باستقباله ....ولا يلبث القادم أن ينضم إلى حلقة " رقصة الدبكة " الضخمة التي كان الجميع يؤدون حركاتها بسعادة وسرور.
بعد أن اكتمل التواجد والحضور بشكل تقريبي ...- بسبب تغيب بعض المدعوين عن الحضور لأعذار وأسباب لعلها شخصية بحتة -.. ، وبعد أن أطلقت السفينة صافرة التحرك المعهودة .....وبينما كانت (سفينة الحب) في طريقها لمغادرة الميناء ؛ تناهى إلى مسامع المتواجدين صوت جلبه وضوضاء .. صراخ وصخب ، فتوجه الجميع ناحية مصدر الصوت للاطلاع على مجريات الأحداث والوقوف على حقيقة الأمر ، فما لبثوا أن وقفوا واجمين لهول المفاجأة .
لقد كانت المعركة الكلامية الحامية تدور بين الأستاذ / راشد أبو العز والأستاذة / فايزة شرف الدين ؟ّ! واللذين راحا يتناكفان ويتراشقان الكلمات بشدة.
وكاد الأمر أن يصل بينهما إلى درجة الاشتباك بالأيدي ، فراحت فايزة تستعرض أمام الجميع مهارتها في حركات " الجودو " و : الكراتيه " و " الكونغ فو " و " التايكاندو " التي تعلمتها وأتقنتها على مدار السنوات السابقة كوسائل للدفاع عن النفس لكي ترهب خصمها .. بينما راح راشد أبو العز يستعرض شتى فنون الحركات العسكرية والرياضية التي حذق بها والتي كانت عصب عمله المهني لكي يخيف خصمه .
راح الجميع يحاولون تهدئة الطرفين وبكل الوسائل .. ويحاولون معرفة كنه تطور الأمور وأسبابها .
...وأخيراً .. أخبرهم راشد بأن خلافة مع فايزة هو حول محور من له الأحقية في قيادة (سفينة الحب) ؟؟ , فهو يدعى بأنه الأحق بذلك لأنه ابن الإسكندرية وابن البحر والأكبر سنا منها والأكثر دراية وخشونة . وعليه ، وجب أن يكون هو ربان السفينة .
بينما راحت فايزة تستعرض حجتها بأنها أيضا ابنه ( أرض الكنانة ) وأن لها دراية لا بأس بها بأمور البحار والسفن ، وأنها الأولى بأن تقود السفينة حسب الرأي الشائع ( السيدات أولاً ) وأنها ابنه المنصورة ... فإن كانت الاسكندرية هي عروس المتوسط .. فالمنصورة هي عروس النيل .. وفي المنصورة تم أسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا وقائد الفرنجة في معركة " فارسكو " ضد المماليك بقيادة " توران شاه " ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب ، وسجن في بيت " ابن لقمان " .. وتم إطلاق سراحه فيما بعد مقابل فدية بلغت عشرة ملايين فرنك .
حاول الرفاق أن يجدوا الحلول الوسط للإشكالية دون جدوى ، فلقد اقترح أحد الرفاق أن تكون قيادة السفينة بالرحلة مناصفة بين راشد وفايزة ....فوافقا .. ثم اختلفا حول من يقوم بالقيادة بالمرحلة الأولى من الرحلة.. اقترح آخرون أن يكون لكل واحد منهما الحق في قيادة السفينة مرة كاملة ، أحدهما عند الذهاب والآخر عند الإياب , فوافقا .. ثم اختلفا حول أيٍ منهما يبدأ أولاً .. اقترح احد الرفاق أن يحتكم الجميع للقرعة ، فوافقا .. ثم اختلفا عشرات المرات لأن القرعة لم تكون لصالح أحدهما في كل مرة!! .
فعاد الصخب والضجيج مرة أخرى .. إلى أن كان ...
ثمة صوت وقور هادئ رزين لرجل وقور متزن .. هتف بالمتخاصمين :
- كفاكما عبثا وعراكا صبيانياً أيها الرفاق الأعزاء .
وكم كان العجب .. فقد ران الصمت والهدوء عليهما وعلى الجميع؟؟!! .
أتبع الرجل الوقور بحزم :
- لن يقود أحدكما السفينة .. بل إن من سيتولى قيادتها ..
هو أنا ؟! .
* هي الأديبة والشاعرة الكبيرة / أفين ديركي ، وهي من أصول عربية سورية كردية ، مواليد سوريا ، انتقلت لأمريكا وهي في العشرينات من عمرها – متزوجة ولها ولدين فتاة وشاب ـ تعيش في ولايه نيوجيرسى بأمريكا .
تكتب الشعر في عدة مواقع منها ( دنيا الرأي ) دنيا الوطن
تمتاز بالإحساس المرهف وعذوبة أشعارها ذات الطابع العاطفي ، وتتمتع باحترام الجميع بالمنبر لما تمتاز به من أدب ولباقة وحب للجميع ، فهي مثقفة ومبدعة متواضعة تنظر للجميع بأخوة ومحبة لا تعرف الكره .
تعشق فلسطين إلى حد لا يتصور وخصوصاً قطاع غزه وتتمني أن يكتب لها الله دخول القطاع ذات يوم .
شاركت بأمسيات شعرية بأمريكا وقدمت بها العديد من القصائد تتكلم فيها بلسان الشعب الفلسطيني وأطفاله ، والتي كان لها التأثير الجيد على المتلقين وجعلتهم يلتفتون لما يعانيه القطاع.
تدرك حجم الظلم الذي يقع على الشعب الفلسطيني على أيدي المحتل ، فيقتلها آلام أطفالنا وتحمل هم الكبير والصغير بقلبها المليء بالأحزان ، عندما يتعرض القطاع للضرب الإسرائيلي تظل الليل كله في صلاة وتقيم الليل وتدعو للشعب الفلسطيني بالأمن والحرية والسلامة ، تحاول تقديم المساعدة مادياً ومعنوياً للشعب الفلسطيني ولبعض الجرحى قدر استطاعتها .
تعمل الآن داخل أمريكا على إقامة ندوة ( أمسية ) بعنوان " لا حصار للفكرة " تسعي من خلالها المشاركة - ومجموعة من شعراء الداخل - على تسليط الضوء على هموم شعبنا وعلى ما يعانيه من حصار واضطهاد وأن تثبت للجميع أنه لا يمكن محاصرة الفكر والإبداع والكلمة الحرة الصادقة ، تعرضت لضغوطات شديدة للتنازل عن هذه الفكرة وتركها ، إلا أنها أصرت على تقديم وإقامة الأمسية . تحاول أن تقدم وتجمع الدعم سواءً بشكل مادي أو معنوي إلى فلسطين.
تعرضت في الفترة الأخيرة للمضايقات والتحقيقات والمقابلات اليومية من قبل المحققين في أمريكا .
حلمها وعشقها أن تدخل فلسطين وقطاع غزة وأن تكفكف الدموع وتداوي الجراح لنساء وأطفال فلسطين .
** أحلام مستغانمي؛ أديبة وكاتبة مبدعة ، ولدت في (13 أبريل 1953)، وهي كاتبة جزائرية جريئة ، من مواليد تونس، ترجع أصولها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري .
*** هو الشاعر الفلسطيني المبدع / خميس لطفي ..
فلقد نعى الشعب الفلسطيني الشاعر الفلسطيني الكبير خميس لطفي والذي وافته المنية إثر نوبة قلبية ألمت به قبل عدة أيام أثناء وجوده في العاصمة الأردنية عمان.
وبذلك تكون الحركة الثقافية والشعرية الفلسطينية قد فقدت شاعراً مرموقا صاحب قلم مبدع ومميز، لطالما خط به الكثير من القصائد والدواوين الجميلة والتي رسم من خلالها معاناة شعبه وجسد صموده ومقاومته وصلابته".
عزاءنا أن أعمال الفقيد لازالت بيننا تشعل جذوة المقاومة والصمود, كما أشعلتها إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والتي ازدهرت خلالها قصائد ودواوين الشاعر، حيث شكلت دافعاً للمقاومين ورماة الحجارة".
الشاعر الفلسطيني خميس لطفي، اسم إبداعي فلسطيني لمع متأخراً، بالقياس إلى عمره الإبداعي، وذلك بفضل موهبة فذّة وشعر سهل وسلس لكنه ممتنع، غير أنها بقيت طيَّ الدفاتر والأوراق والحدود، حيث ولد الشاعر خميس في النصيرات وسط قطاع غزة من أسرة مهاجرة من فلسطين المحتلة عام 1948 ،و قضى طفولته الأولى في دير البلح ثم نزح منها عام 1968 إلى الأردن .
أكمل تعليمه الجامعي في أوروبا وحصل على بكالوريوس الهندسة الإلكترونية، وعمل مهندسا للاتصالات في المملكة العربية السعودية.
بدأ كتابة الشعر في مراحله الدراسية الأولى وله قصائد كثيرة منها : المهاجر، زمان الكفاح، النسر يأكل قلبي ، الآخرون، ولديه ثلاث مجموعات شعرية هي: «وطني معي» و«عد غداً أيها الملاك» و«فوق خط التماس».
واشتهر للشاعر قسّمه الشعري لفلسطين والذي يقول فيه:
أَنا الْمَدْعُوُّ : غزِّيٌّ أصيلٌ ، وابنُ غزيِّةْ
وَعُنْوانِي: خطوطُ النارِ ، في حيِّ " الشُّجاعيَّةْ "
وَأَعْمَلُ: في سبيل الله، أعمالاً فدائيةْ
أُدَوِّنُ عَنْ: هوى وطني قصائدَ لا نهائيَّة
وأُقْسِمُ أنْ: سأبقيها على شفتيَّ أغنيَّةْ
وَأَنْ أَبْقَى: على عهدي، ورأسي، غير محنيَّة
وَأَنْ أَحْيَا: لكي تبقى بلادُ العرْب محميَّة
وَلي حُلُمٌ: له أسعى، حثيثاً، صادق النيَّة
وَفِي نَفْسِي : إلى الأقصى حنينٌ ساكنٌ فيَّ
إِلَى أَجَلٍ: فها هي ذي قوى شعبي الطليعيَّة
تبشرنا بنصر الله ضد قوى الصليبية
وَلَنْ أَخْشَى : أنا إلاَّ من الذات الإلهيَّة
فَإِنْ أَقْضِِ: صريعَ الحقِّ ، والأوطانُ مسبيَّة
فَلا أَسَفٌ عَلى عَيْشٍ بِلا حُلُمٍ، وَحُرِّيَهْ .
**** وجدان ديركي .. ، وهي من أصول عربية سورية كردية ، مواليد سوريا ، مقيمة حالياً في السويد .
فنانة ورسامة .. قامت بعمل رسومات مضادة لتلك الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ، ونشرتها في العديد من الصحف والمجلات في شتى أنحاء العالم .
( الجزء الثالث )
... وكان الصوت الرزين الوقور الهادئ .. للرجل الذي حسم الأمر بين المتعاركين لصالحه .. وانصاع الجميع لمطلبه .. بل أمره ؛ بدون نقاش أو اعتراض .. ووافقوا عليه بدون أن ينبس أحدهم ببنت شفة ..
ذلك الصوت كان للرجل الوقور الأستاذ الكبير / نزار بهاء الدين الزين ، والذي يستحق بالفعل أن يقود " سفينة الحب " .. كربان ماهر في القيادة ، ولأنه من أكبر المتواجدين سناً .. وله الخبرة والحنكة في إدارة دفة السفن كما هي خبرته في إدارة دفة سفينة الحياة .
أطلقت " سفينة الحب " " صافرة " الوداع الأخير والنهائي .. إيذاناً بمغادرة السفينة لميناء الإسكندرية الرائع .. فتصاعدت إلى عنان أصوات " صافرات " كل السفن المتواجدة في الميناء تحية وداع تليق بـ " سفينة الحب " .. ولتنطلق بعد ذلك إلى عرض البحر .
قبل أن تبتعد " سفينة الحب " عن شاطئ الإسكندرية الجميل كثيراً .. كان ثمة قارب سريع جداً وكأنه احد قوارب " خفر السواحل " .. يحاول اللحاق بالسفينة بكل إصرار وعناد .
ما إن وصل " الزورق " قريباً من " سفينة الحب " .. حتى كان التهليل والترحيب من جميع الركاب في السفينة يرتفع حتى عنان السماء .. بعد أن تبينوا الشخصيات التي كانت في الزورق الذي كان يطاردهم .
تبينوا أن من كان في الزورق هم بعض الرفاق الذين كانوا مدعوين للمشاركة في الرحلة .. والذين كانوا قد تأخروا عن الوصول في الموعد المحدد المتفق عليه بين الجميع لأمور شخصية شغلتهم لبعض الوقت .. مما أدى إلى تأخيرهم عن الوصول في الموعد المتفق عليه .
توقفت " سفينة الحب " لبعض الوقت لكي يتمكن الرفاق الذين كانوا في " الزورق " من تسلق السفينة .. وقد تم لهم ما أرادوا بمساعدة الرفاق المتواجدين على سطح السفينة ...
أطلت الأستاذة المبجلة / صفاء محمد العناني .. والتي كانت تحمل رزمة كبيرة من الأوراق والكتب .. والتي أتت من دولة الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في الرحلة .. والتي كانت تقود الزورق بعد أن قامت بدعوة لفيف من الأدباء والكتاب والشعراء – وخاصة من أدباء وشعراء منبر دنيا الرأي - إلى الرحلة على ظهر " سفينة الحب " فاستقبلها الجميع بالترحاب والتهليل ..
ولم تلبث أن أطلت الأستاذة الكريمة : غفران طحان .. والتي قدمت من سورية للمشاركة في هذه الرحلة ... ترافقها الشاعرة المغربية / سناء الحافي ، والأديبة الكاتبة المصرية / حنان فتحي .. يرافقهن الكاتب والشاعر المغربي الأستاذ / عزيز العرباوي .. والكاتب الفلسطيني ( ابن جنين ) الأستاذ / عنان العجاوي .. والأديب القاص المصري / مصطفى أبو وافيه .. والأديب الأستاذ / ياسين بوعيد .
ولم يلبث أن أطل الأساتذة الكرام الأدباء والشعراء الأفاضل .. الأستاذ / حمزة البرغوثي .. الأستاذ / تميم البرغوثي ... الأستاذ / عبد الوهاب محمد الجبوري .. الأستاذ / كامل شهوان ..الأستاذ / محمد علاونة .. الأستاذ / محمد الخرباشي .. الأستاذة / نسرين العزازي .. الأستاذ / حبيب محمد تقي .. الأستاذ / صبحي أبو عبيدة .. الأستاذ / شادي رياض .. الأستاذ / جمعه عبد العال .. الأستاذة / رضا عطية .. الأستاذ / محمد يوسف جبارين .. الأستاذ / نوفل الفضل .. الأستاذ / نشأت حداد .. الأستاذ / على البطوش ..الأستاذة / سهير عبد الرحمن .. الأستاذ / عاطف الجندي .. الأستاذ / محمد عبد الفتاح الجرنوسي ..الأستاذ / النصيري .. الأستاذ / نبيل النصر .. الأستاذ / سامي غانم .. الأستاذ / هادي دياب .. الأستاذ / سمير صافي .. الأستاذة / لمياء جمال .. الأستاذ / زغلول العزب .. الأستاذ / فايز الحداد .. الأستاذ / إبراهيم وهبه .. الأستاذة / ليلى نور .. الأستاذ / أنور عبد الحليم .. الأستاذ / تسونامي فلسطين .. الأستاذ / صبحي البجواني .. الأستاذة / نداء العجارمة .. الأستاذ / شادي رياض .. الأستاذ / سعود الأسدي .. الأستاذ / أبو الحب .. الأستاذ / نصير أحمد الريماوي .. الأستاذة / فاطمة خليل .. الأستاذة / نور حامد .. الأستاذ / محمد عبد اللطيف محمد بديوي .. الأستاذ / نجيب طلال .. الأستاذ / نشأت حداد .. الأستاذ / الشريف سوسن سوزان .. الأستاذ / محمد سنجر .. الأستاذ / مروان زهير البطوش .. الأستاذة / ريما زينة .. الأستاذ / حاتم فارس .. الأستاذ / أحمد الجنيدي .. الأستاذة / سهير عبد الرحمن .. الاستاذ / مازن الهجوري .. الأستاذ / د. لطفي زغلول .. الأستاذ يوسف أبو عواد .. الأستاذ / محمد ضاوي .. الأستاذ / عبد الحميد عبد العاطي .. الأستاذ / نضال خرنوش .. والأستاذ / عبد الإله زمراوي .
راح الفنان الفلسطيني العالمي " شلا " يجهز لوحاته العديدة في أحد الجوانب الفسيحة للسفينة.. وراح يعمل بهمة ونشاط .. تصبب العرق من " صلعته اللامعة " و " شاربه الكث " غزيراً .
والأمر كذلك .. هب الجميع لمساعدته في حمل وتجهيز اللوحات .. لكي تصبح معرضاً جاهزاً على السفينة ليشاهده الجميع .. ولكن " شلا " صرخ فيهم صرخة عظيمة .. تشبه صرخة جاره في غزة " أبو العزم " .. والمعروف بـ " شمشون الجبار " ... أو كصرخة جنيته التليدة في عمله الأدبي " الجنية والعود " .. - ويبدو بأن " شلا " قد قام بعمل لوحتين رائعتين من ضمن لوحاته العديدة لكل من " أبو العزم " و " الجنية " مستوحاة من نصه الأدبي " الجنية والعود " - .. طلب من الجميع الابتعاد عن لوحاته .. فإن له طريقة فنية معينة بالتعامل مع تلك اللوحات الفنية .. فالأمر يتطلب الدقة والرقة والهدوء والحذر الشديد في التعامل معها .. وهو يخشى أن تخدش اللوحات أو أن تتمزق أو أن يصيبها أدنى سوء أو مكروه .
والحال كذلك .. تقدمت صاحبات المواصفات المطلوبة من الرقة والهدوء واللطافة – من الجنس اللطيف – يعرضن خدماتهن الجليلة في العون والمساعدة .. تقدمت السيدة / صفاء محمد العناني . ترافقها السيدة / ازدهار الأنصاري تتبعها السيدة ميساء البشيتي والسيدة فايزة شرف الدين ( والتي كانت ترافقها كظلها فتاة أخرى هيفاء ملثمة ) والسيدة ليلي ( فاطمة الزهراء العلوي ) والسيدة فاطمة الزهراء فلا والسيدة سهام البيايضة والسيدة فاطمة يوسف عبد الرحيم والسيدة ميساء شهاب والسيدة سمية عبد العليم والسيدة نجلاء نصير .. ثم اندفعت جميع الأخوات الأخريات للمساعدة والعون .
ولم تلبث الفنانة / وجدان ديركي أن انضمت للمجموعة بالمساعدة .. وبإحضار لوحاتها التي كانت قد أحضرتها معها خصيصاً للمشاركة .. وهي تلك الرسومات المضادة لتلك الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ، والتي قامت بنشرها في العديد من الصحف والمجلات في شتى أنحاء العالم .
ويبدو بأن للمرأة سحر وتأثير مختلف على الفنانين !!.. وبالتأكيد هو سحر لا يقاوم .. وهذا ما حدث مع صاحبنا " شلا " .
فسرعان ما ظهرت على محياه ابتسامة عريضة من الرضا والموافقة على العرض الذي لا يقاوم .. إيذاناً بإعطاء التصريح لهن للبدء بالعمل .. وبالموافقة للفنانة / وجدان ديركي بضم لوحاتها الرائعة إلى لوحاته ... بين نظرات ( الجنس الخشن ) المستهجنة والمتعجبة من الأمر .. فما كان من " شلا " سوى أن نظر ناحية المستنكرين من الرجال .. ثم غمز بإحدى عينيه " غمزة " خاطفة .. ثم ابتسم ابتسامة عريضة وهو يتمتم بما يشبه الهمس :
" ألا تعرفون من أنا ؟؟؟ ... أنا فالنتينو .. فالنتينو ساحر النساء ؟؟!! " .
راح الجميع يعملون بجد واجتهاد ونشاط .. وما هي سوى دقائق معدودات .. حتى كان المعرض جاهزاً للعرض .. فاصطف الجميع في طابور منظم .. وبدأوا بمشاهدة اللوحات الفنية الراقية .. والرجل " شلا " يتحرك بين الجميع بخفة ورشاقة .. وكأنه ابن العشرين ، بينما هو قد تعدى الستين بعدة شهور قد تصل إلى الستين ..!! .. وكذلك كان الأمر في الحركة والنشاط بالنسبة للفنانة / وجدان ديركي ..
استولى على الجميع الشعور بالغبطة والسعادة .. السرور والنشوة .. والإعجاب الشديد بلوحات الفنان الفلسطيني العالمي " شلا " .. وما لبثوا أن كوّنوا حلقات عديدة للنقاشات وإبداء الآراء .. فكان المضيف " شلا " ينتقل بين هذه الحلقة وتلك بخفة الفراشة .. والسعادة تطغى على محياه .. تشاركه التحرك الفنانة والرسامة / وجدان .
العديد من الرواد طلبوا شراء بعض اللوحات .. وافق المضيفين على العروض العديدة .. ولكنهما وعدا الجميع بأن يكون ذلك بعد انتهاء الرحلة !! .
ما إن انتهى الجميع من استعراض اللوحات الفنية لـ " شلا " .. و " وجدان " في المعرض .. وما إن انهوا نقاشاتهم وآرائهم .. حتى فاجأهم " شلا " بإخراج " العود " التليد الرائع من " كيسه " الراقي .. وراح يعزف على أوتاره بأنامله الرقيقة أحلى وأرق الألحان .. فأسعد وأطرب وأشجى ... أبكى وأضحك وحلق .. سحر الجميع بعذوبة ألحانه وروعة أنغامه .. والتي كانت قد سحرت الحبيبة " الجنية " وابنتها من قبل .. فلا غرو ولا عجب !!...
تمايل " شلا " طرباً .. فتمايل الجميع من حوله سعادة وحبوراً .. ويبدو بأن النشوة قد استبدت به وبلغت أقصاها .. فراح يدندن بعض الألحان القديمة .. وصاحبها بصوته الشجي الرائع .. فاعتقد الجميع بأن من يشجيهم بالغناء والطرب والعزف هو موسيقار الأجيال ( محمد عبد الوهاب ) نفسه.. وليس " شلا ".. فلقد أتقن العزف وأبدع الغناء على حد سواء .
أنهى " شلا " صولاته وجولاته .. ألحانه ووصلاته .. وما كاد يفعل .. حتى كان صوتاً نسائياً هادراً يدوي في المكان .. ويشق عنان السماء .. ويتردد صداه في شتى أرجاء السفينة .. ؟؟!! .
( الجزء الرابع )
... أنهى " شلا " صولاته وجولاته .. ألحانه ووصلاته .. وما كاد يفعل .. حتى كان صوتاً نسائياً هادراً يدوي في المكان .. ويشق عنان السماء .. ويتردد صداه في شتى أرجاء السفينة .. ؟؟!! .
... ولكن .. قبل تناهي الصوت النسائي الهادر إلى مسامع الجميع .. كان صوتاً هادئاً خجولاً .. يأتي من أحد جوانب السفينة معاتباً :
- وأنا .. لماذا لم يأتِ أحداً منكم أيها الرفاق لمشاهدة معرضي ورسوماتي الفنية .. ؟؟؟
أم تراني أقل شأناً من الأستاذ الكبير " شلا " والأستاذة " وجدان " .. أعرف بأنهما أساتذة رائعين .. ولكن أنا أيضاً لي رسومات زيتية ورسومات فنية على الزجاج أيضاً .. فهلا تفضلتم أيها السادة بزيارة معرضي المتواضع ..
اندفع رواد السفينة ناحية صاحب الصوت الهادئ الخجول .. وراحوا يعانقونه ويعتذرون له .. وكان أول من وصل نحوه الأستاذ " شلا " .. والأستاذة " وجدان " .. صافحه " شلا " وقبله .. ثم لم يلبث كلاً منهما أن قام بتقبيل " صلعة " الآخر عدة مرات ..
هتف " شلا " بصوته الشجيّ الحنون :
- أعتذر لك أخي الحبيب بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن الجميع لتأخرنا في الوصول إليك .. فسامحني أخي الكريم أستاذنا الحبيب / مهنا أبو سلطان .
انفرجت أسارير ( أبو السلاطين ) وابتسم بل وقهقه حتى بانت نواجذه .. وراح يعانق الأستاذ " شلا " من جديد ويصافح بقية الرفاق .
اندفع الجميع وتزاحموا ناحية " معرض " الرسومات الزيتية الرائعة .. والرسومات على الزجاج التي أبدعتها يد الفنان " مهنا أبو سلطان " .. وأبدوا إعجابهم الشديد بها وبه .. وفي النهاية التفوا من حوله مهنئين هذه البراعة والروعة الفنية .. والإبداع الراقي .
أما الصوت النسائي الهادر المدوي .. فقد كان صادراً عن السيدة / فايزة شرف الدين ، التي اندفعت نحو الجميع وهي تتأبط مجموعة لا بأس بها من الأوراق ..
تلك الأوراق والتي كانت عبارة عن مجموعة من الروايات الأدبية الراقية التي أبدعتها الروائية .. والتي كانت قد تقدمت ببعضٍ منها إلى بعض المسابقات الأدبية في الرواية على مواقع ومنابر أدبية إلكترونية في وقت سابق .. ولكنها أصيبت بالإحباط وخيبة الأمل لشعورها بمدى الجور والإجحاف والظلم الواضح الذي وقع عليها ولحق بها إثر عدم اكتشاف القائمين على تلك المسابقات ما في رواياتها من روعة وعظمة وفن روائي راقٍ .. ولما لمسته من " محسوبيات " و "شللية " .. ومصالح شخصية وذاتية ( وإقليمية ) .. وأهداف غير نبيلة من بعض تلك المواقع والمنابر .. والتي كان من نتيجتها إقصاء الروايات المشاركة - في تلك المسابقات - للروائية الفذة .
كانت الروائية قد جهزت هذه الروايات على شكل أوراق مطبوعة ( مخطوطات ) لكي تعرضها على الجميع لأخذ رأيهم وإنصافها من تلك المظلمة الشنيعة التي لحقت بها .
قامت بتوزيع الأوراق التي تشتمل على الروايات خاصتها ؛ تساعدها الفتاة الملثمة التي كانت ترافقها كظلها ... وركزت على رواياتها التي كانت مشاركة في بعض المسابقات .. وخاصة رواية " قصر الصمت " لاطلاع الجميع عليها على عجالة .
اعتقدت الروائية بأن الأمر سوف يمر سريعاً بعد أن يمر الجميع على النص على عجالة في عدة دقائق .. ولكن يبدو بأن الأمر قد اختلف كثيراً عن تفكيرها ..
إذ أن الجميع قد انسحبوا وتفرقوا في كل الأرجاء .. وانتحى كلاً منهم جانباً ... واندمجوا بالقراءة .. وراحوا يلتهمون حروف وكلمات الرواية الرائعة ..
استغرق الأمر ما يقارب الساعة من الوقت .. حتى أتم الجميع قراءة الرواية .. فراحوا يهللون بشكل جماعي ترحيباً بهكذا عمل إبداعي راقٍ .. أبدعته الأديبة الروائية الراقية .
ارتسمت ابتسامة عريضة بعرض الكون على محيا الكاتبة الروائية .. واعتبرت بأن جائزتها هذه والتي منحها لها الأدباء والكتاب هنا تساوي كل جوائز المنابر والمواقع الأدبية ومسابقاتها .. بل وكنوز العالم قاطبة .
راح الجميع يلتفون من حول الروائية المبدعة - وصديقتها الملتصقة بها -.. يطلبون توقيعها على نسخهم ( مخطوطاتهم ) بعد أن طلبوا الإذن منها بالاحتفاظ بها كدرة رائعة من الدرر الأدبية ، فوافقت الروائية على مطلبهم بصدر رحب .. ثم أخذت بالتوقيع على النسخ للجميع .
وفي خضم التزاحم من حول الروائية المبدعة .. وقد كان الزحام على أشده .. وبينما كانت الروائية تحاول تلبية رغبات الجميع بالتوقيع على مخطوطاتهم .. حدث أن سقط القناع – اللثام – عن وجه الفاتنة الجميلة التي كانت ترافق الروائية .. فظهر وجهها البديع .. وأشرقت ابتسامتها الساحرة ..
تمتم الجميع :
" يا لها من فاتنة .. من هذه الفتاة يا أستاذة فايزة ؟؟!! "
هتفت الروائية وابتسامة طاغية عريضة تغطي محياها :
" ألم تعرفونها بعد ؟؟!! .. إنها .. إنها صديقتي .. أختي .. توأم روحي ... ( متمردة ) !! .
لم يلبث الجميع أن التفوا حولهما .. وراحوا يناقشون الروائية ويحاورونها في أحداث النص الروائي .. فتحاورهم وتناقشهم .. وتبدي ما خفيّ من أمور غاية في الروعة .
استبدت النشوة والسعادة بالمتواجدين .. شاركتهم ذلك الأديبة الشاعرة / إفين ديركي .. التي ارتفع صوت بكاءها ليغطي المكان تأثراً .. وشاهد الجميع الدموع الغزيرة وهي تنساب من عينيها بغزارة من فرط السعادة والانفعال ..
لم تلبث أن هتفت من بين الدموع :
- هذا هو حلمي .. هذه هي أمنيتي .. ها هو حلمي يتحقق .. وها هي أمنيتي تتحقق .. بتواجدي على ظعر " سفينة الحب " ... وبين هؤلاء الرفاق الرائعين ... أشكرك يا الله جزيل الشكر ..
إنني أرسم أحلامي على جدران هذه السفينة
واخط بريشتي على جدران الخيال
أجمل وأروع صورة للحب والتضحية
أرسم دمعات طفل وألونها بقطرات من دمي
وروحي تتهادى لتعانقها
أمزج الألوان لأتنبأ بلون الحرية
وأجمع ماء الفضيلة لأنثره زخات على الأمه العربية
علها تصحو
أعانق كل طفل وأضمه وأمسح دمعه
وأسرق الفرح لأهديه له
أحلامي باتت تتسلق على أشرعة " سفينة الحب "
لم تلبث أن أخرجت من داخل حقيبتها الكبيرة رزمة من الأوراق المطبوعة ( المخطوطات ) .. وراحت توزعها على الجميع .. هاتفة بسعادة :
- هذه القصيدة ( * ) كتبتها على لسان طفلة فلسطينية من غزة . وألقيتها في حفل ضخم ضم العديد من الرؤساء العرب من بينهم الرئيس المصري حسني مبارك ... فأبكت جميع الحاضرين في الحفل .
قام الجميع بتناول نسخهم .. ولكنهم أصروا إلا أن تقوم الأديبة الشاعرة بإلقاء القصيدة على مسامعهم .. فلم يسعها سوى الانصياع لمطالبهم الملحة .. وقامت بإلقاء القصيدة بصوت تخنقه العبرات .. قاطعها الجميع عدة مرات بالتصفيق والتهليل .. وفي النهاية .. صفق لها الجميع طويلاً .. طويلاً جداً .. ثم قامت بالتوقيع على نسخهم جميعاً بخط يدها وتوقيعها .
لم تلبث أن تقدمت الأستاذة / صفاء محمد العناني ، تشق الصفوف المتراصة .. لتصل إلى وسط الحلقة بينما كانت تتأبط رزمة ضخمة من الأوراق والمخطوطات ..
راحت توزعها على الجميع هاشة باشة .. أخبرتهم بأن هذه المخطوطات تحوي آخر قصائدها الإبداعية الراقية والتي كانت بمناسبة العيد .. وتحت عنوان " الطفل اليتيم " (**) .
ألح الجميع وأصروا إلا أن تلقي الأستاذة / صفاء القصيدة على مسامعهم بنفسها .
والحال كذلك ؛ لم يسع الأستاذة الأديبة سوى أن تستجيب لمطلبهم وإلحاحهم .
راحت تلقي القصيدة على مسامعهم بصوت يشبه الموسيقى الهادئة .. وما يشبه صوت الملائكة .. قاطعها الرفاق أكثر من مرة بالتصفيق والترحاب والتهليل .
بعد أن أتمت إلقاء القصيدة الرائعة .. اندفع الرفاق نحوها .. يمدون بأيديهم التي تحمل " مخطوطات القصيدة " لكي تقوم الأستاذة بوضع توقيعها الكريم عليها .
أصر " راسبوتين بن صابر " إلا أن يقيم بهذه المناسبة احتفالاً رائعاً .. بعقد حلقة " الدبكة " والزجل .. ما لبث أن شارك الجميع فيها بسعادة .
الصوت الرزين الوقور الهادئ .. يشق الصمت وهو يستغل لحظة التقاط أنفاس الجميع ..
- لقد بدأت الرحلة أيها الرفاق .
توقف الجميع عن " الدبكة " والزجل والأهازيج ..
هتف ( أبو غسان ) / عزام أبو الحمام :
- إلى أين أخي القبطان ؟؟!!
هتف القبطان ( أبو وسيم ) / نزار بهاء الدين الزين بكل ثقة وهدوء :
- إلى غزة ... لكسر الحصار
* القصيدة " للأستاذة إيفين دركي " : ( باللهجة العامية )
المشهد ..... حشد كبيرمن الرؤساء.....والصحافين ...ومن بين هؤلاء تسللت للقاعه طفله ...بعمر الورد ,,,,ضفايرها غافين ع كتافها .......والغره ع جبينها بنور القمر مسقيه.....والوش مثل البدر والعيون عسليه ....انتبه لها الرئيس حسني مبارك ....وسألها مين انت ......وقالتلو. ..
أنا الزهره البنفسجيه .........
أنا الزهره البنفسجيه .........
يلي على العوسج .....مرميه ....
تجرحت خدودي ...لما كسروا الأمل فيّّّّّ.......
ضاع مني الأمان ! يوم استشهد بيّ........
أنا السوسنه ب هاك العليه ............
سقفها من اليأس ....والأسيه .....................
انا نغمة ناي حزين .......ومحرومه من الحنيه .....
أنا الحزن ... ع تلال الطفو له المنسيه
أنا الشهيد الحيّ .....يلي ناطر المنيه .....
أنا ....ياريس ...الطفله الغزاويه .....
ببعت زورق ورق ...ورسايل ...عنوانها المحبه ...ت .إشحد الحنيه .......
ولم بصحى بالفجريه.........
بلاقي ا لموجات...بدموعها ع الرمال مرميه.......
بتقلي سامحيني .....ياورده نديه ,,,,,,,,
مابقدر وصلك هيّ.......................
أنا عم دور ع شط ....بين الدول العربيه ......
قالولي .............محاصره ....بقيود العرب و
والصهيونيه.....
شفت ياريس ....حتى زورقي محروم من الحريه.................................................
طّلع الريس ...بنظرة عطف ...وحنيه .......
قلها اطلبي ياحلوه واتمني هديه .......
ضحكت ...بغنج ...والعيون مستحيه ..........
قالتلو بدي فستان ...لونه زهر ....وشنته صغيره وطاقيه ....
استنى ياريس لا ...مابدي فستان .....
كيف بدي عيّد....وبيّ شهيد ...وخيّ اسير ...
وامي أرمله صبيه بالحزن مكويه.........
بدي لعبه ...كبيره .......ت نيمها حدي ...وغنيلها غنيه .....
لا ...مابدي لعبه .....بخاف ...ل تخاف من القصف .....
وتبرد ب ليالي الشتويه ....................
لا ....لا ...ياريس مابدي ...عيديه ......
بدي تمسح الدمع ...الليّ سكن بعينيّ..........................
بدي تهديني الأمل ......بدي تسرقلي الأمان ........
دي تعطيني الطفوله وتسرق الحزن والاسيه ......
بدي تفتح المعابر .....ت اتنفس حريه .............
بدي كون طير ....ت طير ع طراف الدنيّ. ..الهنيه .....
وغني نشيد ....الحريه ..............................
بتقدر ياريس ....وياسامعين ندا طفله غزاويه ..................
تهدوني .....الحريه ....................
إذا قلتوا ...طلبك مستحيل .....يابنت غزه الأبيه....
رح ا شتكي لرب الكون ........ورب البريه ....
رح ا شتكي لرب الكون ........ورب البريه ....
..........ويحاسبك ....يوم المنيه ......
ع ظلمي ....و ظلم أطفال بريه........
(**) قصيدة الطفل اليتيم للأستاذة / صفاء محمد العناني :
أنا طفل يتيم
أدعى فريد
جئتكم كي أقص عليكم
قصتي
وأهني
حضراتكم بالعيد
أمي الحنونة
ماتت منذ عامٍ
وقبلها بأيامٍ
فقدت
والدي القعيد
مات أملي
وضاع حلمي
بأن أعيش
كأي طفلٍ
عيشاً رغيد
وأصبحت
في هذه الدنيا
يتيماً بائساً وحيدّ!
من سيمسح على رأسي
يحتضن بؤسي
ويمنحني الحنان
في صباح العيد؟
ومن سيحضر لي
الثوب الجديد
من سيقبّل وجنتي
يمشط شعري
يمسح دمعتي
ويلبسني حذائي الجديد؟
من سيعطني العيدية
فأشتري ببعضها
حلوى
و"أتمرجح" بما يزيد؟
من سيرسم البسمة
على شفتي
من يجاور الرسول (صلى الله عليه وسلم)
في الجنة
ومن تراه سيصنع
للأيتام عيد؟
سأترك قلبي
يعانق شوقاً
وأصحب جرحي
وأترك عشقاً
وأعلن أني
عزمت الرحيل
لحلم جديدٍ
ووطن بعيدٍ
سأرحل قُدماً
إلى المستحيل
إلى حيث البراءة
حيث الطهارة
نهج الحياة
ووسم الأنام
وحلمي الجميل
إلى حيث لا ظلم
يقهر بشراً
إلى حيث العدالة
ريح تميل
سأمضي
لدنياي
تلك المنيرة
بنورٍ الإله
فلا للظلام
ولا للهيام
وقيلاً وقيل
ولن أهوى قلبا
كجلمود صخرٍ
ولن أهوى
إلا الخلوق
الأصيل
فما العشق إلا
لبلدي الحبيب
وما الحب إلا
لوطني الجميل!
( الجزء الخامس )
هتف القبطان بهدوء وثقة :
- .. إلى غزة ... لكسر الحصار ..
فوجئ الجميع بالأمر .. ران الصمت على الجميع للحظات .. لقد كانت مفاجأة بالفعل وبكل المقاييس بالنسبة لهم .
فعندما تلقوا الدعوات للتواجد على ظهر السفينة في المكان والزمان المحددين .. لم يكن أحداً يعلم ماهية تلك الرحلة التي سوف يقومون بها .. ولا وجهتها أو أهدافها .. هم اعتقدوا بأنها مجرد رحلة بحرية في المتوسط يتخللها المرح والسرور .. الغناء والزجل ..والطرب والرقص .. يشارك فيها الكتاب والأدباء والشعراء .. ولكن .. ها هو الربان يفجر المفاجأة أمام الجميع .. الذين بهتوا لهول المفاجأة لبعض الوقت .. فهم لم يكونوا يفكرون بمثل هذه الرحلة .. بل ولم يطرأ إلى أذهانهم مجرد فكرتها .. ولم يستعدوا لمثل هذا الأمر العظيم .
ما إن استوعبوا المفاجأة .. حتى كان التهليل والتكبير يتردد في جنبات السفينة .. وفي أرجاء السماء .. والبحر ..
شعروا بأن كل السفن .. في الميناء وكل الموانئ .. في البحر وكل البحار .. تشاركهم التهليل والتكبير .. شعروا بأن السماء تشاركهم الفرحة .. السعادة والغبطة .. وشعروا بأن أمواج البحر تشاركهم الرقص والإيقاع الجميل ..
راحت مجموعات كبيرة من طيور النورس تقوم باحتفالية رائعة على طريقتها للمشاركة .. فراحت تشكل أشكالاً هندسية رائعة في السماء .. تستعرض مهارتها في فن التحليق والتشكيلات .. الارتفاع والانخفاض والانقضاض .. وفي فن الطيران الهادئ الرقيق البديع .
كانت تحيط بهم من كل جانب .. تتمايل طرباً .. ترقص فرحاً .. تغطي السماء بتشكيلاتها الأكثر من جميلة .. الأكثر من رائعة .. الأكثر من بديعة .. راحت تستعرض كل فنونها في فن الطيران .. والحركات البديعة ..
ازدادت النشوة بالجميع .. وعادوا للتهليل والتكبير .. ليتردد صداه في جنبات السماء وأرجاء البحر .
ما إن كل الجميع من الغناء والرقص والتصفيق .. حتى انبرى الأديب / خيري حمدان بالحديث معاتباً القبطان / نزار بهاء الدين الزين :
- ولكنك يا أخي القبطان لم تعلمنا بمثل هذا الأمر مسبقاً ..
- وماذا في ذلك أخي خيري ؟؟
- فيه الكثير أيها القبطان الكبير ... فيه أن أحداً منا لم يحضر معه المواد الغذائية .. الأدوية .. الاحتياجات الضرورية .. الطعام وحليب الأطفال .. لكي نهبه لأهل غزة المحاصرين الصامدين .
قهقه القبطان عالياً .. طويلاً .. وسط عجب واستغراب الجميع .. وما إن هدأ قليلاً .. حتى تمتم بوقاره وهدوئه المعهودين :
- لا يا أخي الفاضل خيري .. إن أهل غزة لا يحتاجون الطعام والغذاء والدواء والكساء كما تفضلت .. فهم يحتاجون أيضاً إلى .. الحب ؟؟!!
شهق خيري حمدان .. وشاركه الأمر الأستاذ / عصام عقرباوي .. والأستاذ / أحمد القاطي ، تتمتموا سوية :
- الحب ؟؟!!
- نعم .. الحب .. فليس ما تفضلت به أيها السيد المبجل هو كل ما يحتاجه أهل غزة .. فهم يحتاجون للرعاية .. للقلوب المحبة .. للحب .. للمواساة . يبدو بأن الصورة المشوهة التي تنقل للعالم عن سفن كسر الحصار فيها الكثير من الخطأ .. الكثير من المغالطات .. وعدم الوضوح في الرؤية .. فكل سفن الحصار كانت تحاول الوصول إلى غزة لإحضار الطعام .. الغذاء .. الدواء .. الكساء ...
الأمر في سفينتنا هذه " سفينة الحب " مختلف .. مختلف تماماً .. فنحن لم نحضر الدواء .. الغذاء .. الكساء .
فقط نحن أحضرنا الحب .. القلوب العامرة بالحب .. ملأنا السفينة بالحب عن آخرها .. وقلوب الأحبة العامرة بالحب .. المواساة .. التراحم .. التآخي .. لذلك أسميناها " سفينة الحب " .
لم نطلق عليها اسم " سفينة الطعام .. الدواء .. الغذاء .. الكساء " .. بل هي أيها السادة " سفينة الحب " .
فأبناء غزة المحاصرين .. يحتاجون للحب .. للقلوب العامرة بالحب والإيمان بعدالة القضية .. تماماً كما هم يحتاجون الغذاء والدواء والكساء .
هل أدركتم أيها السادة الهدف النبيل .. السامي .. الراقي .. المنشود لسفينتنا " سفينة الحب " ؟؟ .
هتف الجميع بصوت واحد :
- لك يا غزة الحبيبة كل الحب .. معك يا غزة الصمود كل القلوب .. العامرة بالحب .. والإيمان .
دبت الحماسة بين الجميع .. من جديد .. راحوا يهللون ويكبرون ..ينشدون ويغنون .. يرقصون " الدبكة " .. فارتفع صوت الغناء والنشيد والتكبير حتى عنان السماء ...
.. فجأة ..
كانت السماء تتلبد بالغيوم .. وتمتلئ بالطيور المعدنية الضخمة الغريبة السوداء الموحشة .. وكان البحر يمتلئ بالسفن القاتمة الكريهة ..
ولم تلبث أن وصلت حمم البراكين الجهنمية قريباً من السفينة ؟؟!! .
( الجزء السادس )
ولم تلبث أن وصلت حمم البراكين الجهنمية قريباً من السفينة ؟؟!! .. سقطت في البحر ..
ولم تلبث أن ارتفعت الأصوات هادرة مزمجرة تثير القشعريرة في الأبدان .. تنطلق من مكبرات الصوت العملاقة مزمجرةً بلغة عربية ركيكة ..
- توكفوا .. توكفوا .. ( توقفوا .. توقفوا ) .
ثم تتبع كفحيح الأفعى :
- غير مسموخ لكم بالتكدم أكثر .. ( غير مسموح لكم بالتقدم أكثر ) .. إذا تكدمتم خطوة سوف تموتون .. سنطلق النار عليكم ونكتلكم جميعاً .
لم تلبث أن تبعت ذلك عدة قذائف تساقطت من حول السفينة وقريباً منها .. تبعها التهديد والوعيد من جديد .
نظر القبطان / نزار بهاء الدين الزين نحو الجميع يستوضح الأمر ويطلب المشورة والرأي .
اندفع عزام أبو الحمام ومنذر ارشيد وراسبوتين بن صابر وأبو سلطان بالصراخ :
- لا تأبه بهم أيها القبطان .. إنهم جبناء .. جبناء جداً .. لا تخف منهم .. لا تهتم بهم .. استمر في السير إلى الأمام وكأنه لم يحدث شيء .. استمر في التقدم .. استمر سيدي القبطان ..
تردد القبطان أبو وسيم قليلاً .. فاندفع نحوه منذر ارشيد هادراً مزمجراً :
- تنح يا سيدي القبطان .. تنح جانباً .. فأنا من سيقود السفينة إلى الأمام .. ولن آبه بهؤلاء الجبناء .. ولن أهتم بهم ولا بتهديداتهم الحمقاء .
لم يلبث القبطان ( أبو وسيم ) أن تنحى جانباً .. وأفسح مكانه في القيادة لـ " منذر ارشيد ( أبو العبد ) " .. الذي كان لا يزال يهدد ويزأر هادراً كالأسد الهصور .. والذي كان يحمل كل " نزق الثوار " :
- لن نخشاكم أيها الجبناء .. لن تخيفنا تهديداتكم وقنابلكم .. فسوف نكسر أنوفكم على شواطئ غزة .. قبل أن نكسر الحصار عن غزة .. وسوف نحطم جماجمكم الجوفاء وكبرياءكم الأحمق .. ويحكم أيها الأنذال .. ويحكم .
ضاعف القبطان الجديد " أبو العبد " من سرعة السفينة .. غير آبهٍ بالتهديدات ولا بالصليات والقذائف الجهنمية .
ازداد عدد سفن العدو في البحر .. وعدد الطائرات في السماء .. وعدد القذائف من حول السفينة وقريباً منها .. وحمى التهديدات عبر مكبرات الصوت الضخمة .
في البداية .. كان الجميع .. بدون استثناء .. قد أحسوا بشيء من الخوف والرهبة لهول الموقف العصيب .. خاصة عند بدء وصول القذائف الحارقة إلى السفينة وما حولها .. ولكنهم ما لبثوا أن أحسوا بالشجاعة الغامرة .. وقوة المراس .... وعظمة الحماس .. خاصة عندما تولى " الأسد الهصور " ( منذر ارشيد ) قيادة السفينة بحزم وقوة .. وبكل " نزق الثوار " .. رغم كل الأهوال ورغم كل التهديدات ..
راحت السيدات يشجعن الرجال .. ويثرن فيهم الحمية والحماسة والنخوة العربية الأصيلة .. ولم يلبث أن راح الجميع يهللون .. يكبرون .. يُسَبِحون .. يستنجدون بالله العلي القدير .
بينما راح المذيع الشهير الحاج أبو محمد ( عدنان زغموت ) يقوم بمتابعة وبث الأحداث الجارية وعلى الهواء مباشرة أولاً بأول من خلال آلات التسجيل والبث التي كان يحملها .. ويرسلها مباشرة إلى محطات التلفزة العربية والعالمية عبر الأقمار الاصطناعية .
القذائف تزداد ضراوة .. الفحيح يرتفع .. التهليل والتكبير يدوي .. قذيفة حمقاء تصل إلى السفينة .. إلى غرفة القيادة .. يصاب ( الأسد الهصور ) .. القبطان .. يصاب في يديه بإصابات حارقة .. يصرخ .. ليس ألماً أو فزعاً .. بل متوعداً .. هادراً .. مزمجراً ... يندفع نحوه بعض المتواجدين للإسعاف والنجدة .. لا يوجد لديهم أدوات أو أجهزة إسعاف حتى ولو كانت إسعافات أولية .. أو حتى مجرد الأشياء البسيطة كالقطن والشاش .. فهم لم يكونوا يتوقعون أن تكون رحلتهم ( البريئة ) .. رحلة الحب على " سفينة الحب " أن تكون بمثل هذا الشكل الدموي ..
اندفعت الأخوات نحو المصاب .. تنزع إحداهن " الإيشارب " عن رأسها .. تربطه فوق الجروح .. تمزق أخرى جزءاً من أطراف ثوبها الطويل وأكمامه .. .. تضعه فوق الجروح والحروق في اليد الأخرى .. تستعين ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة , ..ببعض ( أدوات التجميل ) من كريمات وزجاجات عطور .. فيضعن منه شيئاً على الحروق والجروح ..
يحاولن إبعاد ( الأسد الهصور ) عن عجلة القيادة .. يستميت الرجل في التشبث بموقفه للاستمرار في القيادة رغم إصاباته .. بالكاد .. يستطيعون إقناعه بالابتعاد ولو لوقت قصير للراحة والمعالجة .. يستسلم الرجل مكرهاً للأمر .. يندفع " قبطان " آخر نحو عجلة القيادة .. .. وهو يهدر ويزمجر :
- سوف أريكم أيها الأنذال .. " كيف تورد الإبل " ..
يجلس الرجل أمام عجلة القيادة بقوة وثبات .... يقبض على العجلة بيدين من فولاذ .. .
يلتف الجميع من حوله .. يشجعونه .. ثمة صوت من بين الأصوات .. هادراً .. يشق الضجيج :
- حقاً ... ليس لها إلا أنت .. سيدي القبطان ...
( الجزء السابع )
- ... حقاً ليس لها إلا أنت .. أخي القبطان ... أيها الربان ... خيري حمدان .
.. القذائف ما زالت تنهمر بشدة من حول السفينة .. ربان السفينة الجديد يتقدم إلى الأمام غير آبهٍ ولا مبالٍ بتلك القذائف التي تنهمر من حوله كالمطر .. فهو لا يهاب مثل هذه الأمور.. وهو لا يهاب العدو الجبان لأنه قد اختبر سابقاً مدى جبنه .. وهو لا يهاب الموت أيضاً .
استدعى العدو المدد من جديد .. المزيد من الطائرات الحربية .. المزيد من السفن الحربية الضخمة .. باذلاً أقصى جهوده من أجل اعتراض وإيقاف السفينة " سفينة الحب " .. ومنعها من التقدم أكثر .. دون جدوى .
من خلال مكبرات الصوت .. كانت تصل الأوامر متتالية للسفينة بضرورة التوقف .. وكانت القذائف تتساقط من حول السفينة كالمطر .
في النهاية كان الأمر الحاسم الغريب يصل إلى مسامع الجميع :
- يبدو أن السفينة تحمل مجموعة من " المخربين " .. " الإرهابيين " .. " الإنتحاريين ".. سوف نقوم الآن بقصفها بالصواريخ .. عليكم بالتوقف فوراً .. فوراً .. الآن .
تناول ( أبو غسان ) .. عزام أبو الحمام أحد مكبرات الصوت الموجودة في السفينة .. صرخ من خلاله بأعلى صوته موجهاً الحديث لسفن العدو :
- نحن لسنا ( انتحاريين ) .. لسنا إرهابيين .. بل انتم هم الإرهابيين .. والإرهاب ذاته .. ولسنا مخربين كما تدعون ... نحن دعاة سلام .. جئنا من أجل كسر الحصار عن غزة سلمياً .
جاءه الصوت كالفحيح من الجانب الآخر :
- وماذا أحضرتم معكم لأهل غزة ؟؟ . قنابل .. صواريخ .. مدافع ؟؟
- نحن مجموعة سلم وسلام .. ولا علاقة لنا بمثل هذه الأشياء .. فهذه الأمور لها رجالها .. وهم ليسوا بحاجة لمساعدة منا .
زمجر الصوت الكريه من الجانب الآخر :
- وماذا أحضرتم إذن ؟؟!! .. الطعام .. الكساء .. الدواء .. الغذاء ؟؟ .. وهذه كلها ممنوعات أيضاً .. لأن أهل غزة يصنعون منها الصورايخ والقذائف .. وأيضاً هي تساعدهم على الاستمرار في الصمود في وجه الحصار .
هتف عزام أبو الحمام عبر مكبر الصوت الذي كان يحمله .. وبهدوء :
- لم نحضر طعام .. ولا كساء .. ولا دواء .. ولا غذاء .
يأتي الصوت من الجانب الآخر كفحيح الأفعى :
- ها ها ... ها ها .. وماذا أحضرتم إذن ؟؟!!
يرد عزام بهدوء وثبات :
- الحب !!
- ماذا ؟؟!!
- الحب .. أم تراه قد أصابكم الصمم أيضاً بعد أن أصابكم العمى ؟؟
- هاها .. هاها .. وما هو هذا الحب ؟؟
- بالطبع .. فإن أمثالكم لا يعرفون مثل هذا الشيء بالمطلق... " الحب " .. أنتم لا تعرفون سوى الكراهية .. القتل .. الدم .. الموت .. التخريب .
- شيكت .. ( أسكت ) .. لا تفضحنا هكذا في عرض البحر .. وعلى مسامع من سفن العالم .
- هاها ... ها ها .. تخافون الفضيحة في البحر وهي تملأ البر .. والبحر أيضاً ... وهي لصيقة بكم .. فكل العالم يعرفكم جيداً .. ويعرف مدى الحقد والكراهية التي عششت في قلوبكم .. ومدى حبكم لسفك الدماء .. كل العالم يعرف هذه الحقيقة .
- شيكت .. ( أسكت ) .. عليك أن تسكت .. وعليكم أن توقفوا السفينة عن التقدم .. وإلا .. فسوف نقذفكم بالصورايخ .. ونجعلكم طعاماً للسمك .. بعد أن نغرق سفيتكم المتواضعة هذه .
- هكذا أنتم دائماً .. تستعرضون عضلاتكم الزائفة .. وقوتكم الخرقاء .. وتفكيركم الأهوج .. أمام المسالمين .. العزل ... باللجوء إلى القتل .. الموت .. الدم ..
- شيكت .. ( أسكت ) .. عليك أن تأمر ربان السفينة بالتوقف .. وعدم التقدم أكثر .. وإلا فسوف نصيب الربان الجديد كما أصبنا الربان السابق .. وسوف نغرق سفينتكم هذه وبكل بساطة .
- قبطان السفينة لن يتوقف .. ونحن لن نتوقف .. لقد جئنا من شتى أصقاع الأرض لكسر الحصار عن غزة .. سلمياً .. نحن لا نملك أسلحة ... ولا ممنوعات .. حتى ولا أغذية أو أدوية .. نحن عزل .. مسالمون .. حتى لا تكون لكم حجة أمام العالم .. والذي كشف كل طرق ألاعيبكم وخداعكم .. نحن جئنا لهم .. فقط .. بالحب ... بالقلوب العامرة بالحب .
- سوف أعد حتى العشرة .. ثم أقذفكم بالصورايخ والقذائف المباشرة .. فأغرق سفينتكم هذه .. وأجعلكم طعاماً لحيتان البحر ..
واخد ... اتنين .... تلاته ...
- لتعد للمائة .. للألف .. للمليون .. لن نتوقف ... لن نتوقف .. لقد جئنا من أجل رسالة سامية .. ولن ترهبنا تهديداتكم الحمقاء هذه .. ولن نتراجع بالمطلق عن إتمام المسيرة وأداء الرسالة وتحقيق الهدف .
- أربعة .. خمسة .. ستة
- إذهب .. عليك اللعنة .. لن نتوقف حتى لو وصلت بالعد حتى المليون ..
- سبعة .. ثمانية .. تسعة ..
وقبل الوصول إلى العد العاشر .. كانت قذيفة صاروخية تنطلق من إحدى السفن الضخمة نحو السفينة ...
( الجزء الثامن )
وقبل الوصول إلى العد العاشر .. كانت قذيفة صاروخية تنطلق من إحدى السفن الضخمة نحو السفينة ...
فتسقط قريباً جداً من السفينة .. فتصيب شظاياها المتناثرة العديد من ركاب السفينة .
أصيب القبطان / خيري حمدان بإصابات عديدة .. فتنحى جانباً ليتولى قيادة السفينة بدلاً منه القبطان الجديد ..
... لم يلبث أن اندفع الجميع نحو عجلة القيادة يتسابقون .. يحاول كلاً منهم الاستئثار بشرف نيل قيادة السفينة ..
من أجل تولي قيادة السفينة ... هتف الصوت الهادئ الرزين مرة أخرى .. للرجل الوقور .. القائد الأعلى للسفينة .. القبطان / نزار بهاء الدين الزين ..
- لا تتعاركوا أيها الرفاق .. فلن يقود السفينة أحدكم ... بل سيقودها ذلك الرجل الذي يجلس بعيداً هناك .. هل ترونه .. هل تعرفونه ؟؟؟
إنه القبطان الشهير والبحار الخبير ... إنه الزميل الربان / مصطفى أبو وافية ..
هلل الجميع وفرحوا باقتراح القائد العام الأعلى .. الربان الكبير الأستاذ نزار وباختياره الموفق للربان الجديد مصطفي أبو وافيه .. الذي تقدم يشق الصفوف وليقف خلف عجلة القيادة بثقة واحتراف مهني ..
لم يلبث أن هدر القبطان الجديد " مصطفى أبو وافية " مزمجراً وبثقة عالية :
- إلى غزة ... لكسر الحصار ... هيا أيها الرفاق .
* * *
اندفع القبطان الجديد أبو وافية نحو عجلة القيادة .. ولكنه لم يقد السفينة سوى لبعض الوقت القصير لأنه فيما يبدو فإن محركات السفينة قد أصيبت إصابة شبه مباشرة .. فبدأت السفينة بالتوقف التدريجي .
ما إن كادت محركات السفينة تتوقف عن العمل نهائياً ... حتى فوجئ الجميع بقذيفة أخرى تنطلق نحو السفينة وغرفة القيادة .. أصابت إحدى الشظايا القبطان الجديد في شتى أنحاء جسده .. وخاصة في اليدين .. اندفع الجميع يتعاونون في إسعاف بعضهم البعض .. وإسعاف القبطان أبو وافيه وإخلائه من المكان ..
ما إن هدأت الأمور لبعض الوقت .. حتى كان الجميع يتدافعون من جديد نحو عجلة القيادة يتسابقون لنيل شرف قيادة السفينة .. فساد الهرج والمرج بين الجميع .
صوت نسائي هادر يخترق كل الأصوات .. ويجلجل في المكان هادراً :
- ومن قال بأن حق قيادة السفينة هو حكر على الرجال فحسب ؟؟!!
التفت الجميع ناحية مصدر الصوت بعد أن توقفوا عن التدافع .. واصل الصوت النسائي الحازم هديره :
- لا أيها السادة .. فليس قيادة " سفينة الحب " حكراً على الرجال فحسب .. فنحن النساء أيضاً قادرات على قيادة السفينة .. لأنها أولاً وأخيراً سفينة الجميع بلا استثناء .. ولأن بنا من قوة التحمل والحنكة لإدارة دفة الأمور بما لا يقل عن حنكة الرجال وقوتهم .
هتف الجميع بعد أن وقعت أنظارهم على المتحدثة :
- من ؟؟!! .. " متمردة " ؟؟!! لك ذلك يا سيدتي ..
تمتمت " متمردة " بصوت أقل حدة وضجيجاً :
- .. لم أكن لأقول ذلك لكي أستأثر دون رفيقاتي من بنات جلدتي بشرف قيادة السفينة .. فأنا لست بأنانية بالمطلق .. ولم أكن كذلك في يوم من الأيام .. ولن أكون كذلك الآن .
- ومن ترشحين إذن لقيادة السفينة ؟؟
- لقد اتفقنا جميعاً نحن السيدات فيما بيننا .. أن تكون قائدة السفينة .. وربانتها الجديدة .. هي السيدة / ميساء البشيتي .. فلديها من القوة والحنكة والخبرة ما يؤهلها لذلك .
هلل الجميع وكبروا .. ولم تلبث أن اندفعت ميساء البشيتي ناحية عجلة القيادة وهي تهدر مزمجرة :
- هيا أيها الرفاق .. هيا .. إلى غزة .. لكسر الحصار .
اندفعت ميساء البشيتي نحو عجلة القيادة .. وحاولت السيطرة على الموقف العصيب والصعب للسفينة بكل ما تستطيع من قوة وحنكة .. ولكن السفينة أخذت بالهدوء التدريجي .
لم يلبث أن انطلق صاروخ جديد من السفن الحربية .. يبدو بأن شظاياه قد أصابت العديد من المتواجدين .. فراحوا يساعدون بعضهم البعض في تضميد الجراح بقطع من ملابسهم .. ويبدو بأن بعض تلك الشظايا قد أصابت محركات السفينة من جديد .. فتوقفت نهائياً عن متابعة السير ..
انقضت السفن الحربية العسكرية من البحر .. شاركتها الطائرات الحربية العسكرية الانقضاض من الجو على " سفينة الحب " ولم يلبث أن صعد إلى سطحها العشرات .. المئات من جنود البحرية والمظليين .
كان عزام .. وأبو السلاطين ... ومنذر .. والقائد الأعلى الأستاذ / نزار بهاء الدين الزين .. قد أصدروا الأوامر المشددة للجميع بالدفاع عن أنفسهم بكل ما يستطيعون من قوة .. بالأيدي .. الأظافر .. الأسنان ..
تلا الحاج / لطفي الياسيني قول الله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم "
{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ) صدق الله العظيم
شعر جنود العدو بالزهو والغرور وهم يقابلون بضع عشرات من ركاب السفينة المسالمين العزل .. الذين كانوا لا يملكون أية أسلحة أو أية أدوات دفاع عن النفس .
أبدى الجميع استبسالاً عظيماً أمام جنود العدو المتدافعين إلى ظهر السفينة كالطوفان .. أظهر فريق الرجال مهارتهم وقوتهم في الوقوف في وجه جنود العدو وكالوا لهم اللكمات والضربات والركلات ...
أظهر فريق النسوة مهارته الفائقة أمام جنود العدو بالركل والصفع واللكم . .. أبدت فايزة كل قوتها ومهارتها في " الجودو " .. و " الكراتية " .. و " التايكاندو " و " الكونغ فو " فأسقطت العديد من جنود العدو على أرض السفينة .. وقذفت ببعضهم إلى البحر .. كانت تشاركها الأمر صديقتها وتوأم روحها ( متمردة ) فتذيق جنود العدو كل أنواع الإهانة والضرب ..
راحت ازدهار الأنصاري تكيل لهم اللكمات المتتالية والركلات المتعاقبة .. وكأنها تريد أن تنتقم منهم لقتلهم الآلاف والآلاف من المواطنين الأبرياء العزل في العراق وفلسطين .. وراحت بقية فرقة النساء يبدين مهارتهن وفنهن في المعركة للدفاع عن أنفسهن .. فأبلين بلاءً حسناً ... بل عظيماً .
راح الحاج الدكتور / لطفي الياسيني يردد الأشعار والأناشيد الحماسية .. يتبعها بآيات قرآنية وأحاديث نبوية ليشجع الجميع ويبث فيهم روح الحماسة والفداء .. يقف إلى جانبه الأستاذ / أحمد القاطي بقراءة الأدعية والآيات القرآنية بصوت جهوري ..
ولم تلبث أن هبت عاصفة من ريح قوي .. شديد .. طوحت بالعديد من الجنود إلى الأرض .. أرض السفينة .. وألقت ببعضهم في البحر .. وأعمت منهم الأبصار ...
والأمر كذلك .. وأمام هذا الدفاع المستميت من جميع رواد السفينة ... وأمام هذا الريح الصرصر العاتي .. لم يجد قائد العدو بداً من إصدار أوامره لجنوده بالانسحاب السريع والتقهقر .. فبدأ الجنود بالتراجع والتقهقر والانسحاب من المكان ..
أخذ رواد السفينة يلاحقونهم ويطاردونهم .. يكيلون لهم الركلات واللكمات .. وهم يفرون من أمامهم مذعورين .. إلى أن تم انسحاب الجنود بالكامل من المكان .. وقد خلفوا من ورائهم الآثار الدامغة على ما أصابهم من هلع وخوف وما حل بهم من هزيمة نكراء .
هلل الجميع وكبروا .. لأنهم استطاعوا أن يهزموا العدو المدجج بالسلاح .. وهم العزل من أي سلاح أو أية وسيلة دفاع .. سوى الإيمان وقوة العقيدة ..
هتف الدكتور / محمد فؤاد منصور :
- ولكن .. كيف استطعنا أن نهزمهم ؟؟ ولماذا لم يستعملوا السلاح ضدنا ؟؟..
هدر الشيخ الفاضل الدكتور لطفي الياسيني بصوت مجلجل مدوٍ :
- إنها حكمة الله وإرادته .. ولا شك بأن الله قد أرسل إليكم جنوداً لم تروها لمساعدتكم في الدفاع عن أنفسكم ضد هؤلاء الكفرة الفجرة .
تابع الأستاذ / أحمد القاطي بصوت مجلجل :
- قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز .. وبعد بسم الله الرحمن الرحيم : " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا " صدق الله العظيم .
لم يلبث أن عاد الصوت الوقح عبر مكبرات الصوت المدوية وهو يرتجف :
- اسمعوا .. اسمعوا ..؟؟!!
( الجزء التاسع )
- اسمعوا .. اسمعوا .. لن نهاجم السفينة .. دعونا نتفاهم .. دعونا نتفق ..؟؟!! .. نتفاهم ..؟؟!!
أدرك جميع من كان على السفينة بأن العدو سوف يلجأ إلى الحيلة والخداع كعادته ..
.. تابع الصوت عبر مكبرات الصوت :
- نحن نستطيع أن نغرق السفينة الآن بقذيفة صاروخية واحدة .. ولكن دعونا نتفاهم .. ونتفق .. سوف نجعلكم تتابعون الرحلة .. ولكن بعد أن نقوم بتفتيش السفينة .. لنتأكد بأنها لا تحمل أسلحة .. صواريخ .. قذائف .. ممنوعات .. هذا عرض لا يمكن رفضه من جانبكم .. موافقون ؟؟!!
تشاور رواد السفينة فيما بينهم .. وراحوا يتداولون الأمر .. قلبوه على جميع الوجوه .
وصلوا إلى نتائج واضحة .. بأن بإمكان العدو بالفعل إغراق السفينة المتواضعة بكل سهولة .. وسوف يخترع الحجج والأسباب الواهية والأكاذيب لتبرير أمر إغراق السفينة .. هذا من ناحية .
ومن الناحية الأخرى .. فهم لن يخسروا شيئاً في النهاية .. فهم لا يحملون في السفينة أية أسلحة أو ممنوعات .. حتى ولا الأطعمة والدواء .. ..
فليسمحوا للسفن بتفتيش سفينتهم .. فهم لم يحضروا معهم أية أشياء بالمطلق لا من هذا ولا من ذاك ..
ولكنهم كانوا متأكدين في النهاية .. بأن الأمر لن يكون سوى خدعة وحيلة جديدة من خدع وحيل العدو .
أمسك عزام أبو الحمام بمكبر الصوت .. وجه عبره الحديث لقائد السفن :
- نوافق .. بشرط ..
جاء الفحيح عن بعد :
- بشرط ؟؟!! .. هاها .. هاها .. تريدون وضع الشروط وأنتم في مثل هذا الوضع الصعب .. تفضل .. هات الشرط .
جاءه صوت عزام عبر مكبر الصوت هادئاً :
- أن لا يتم تفتيش الأفراد .. خاصة النساء .. وأن لا يحضر للتفتيش سوى عدد محدود من الجنود .. وأنت على رأسهم .
- موافق .. موافق .. موافق ..
سرعان ما كانت تندفع ناحية السفينة عدة قوارب حربية .. تحمل مجموعات من رجال البحرية ..
وصلوا ناحية السفينة .. صعدوا إليها ..
كان رواد السفينة يقفون متذمرين مشمئزين من غطرسة جنود العدو وتبجحهم ... وكان يقف على رأسهم القائد العام للسفينة .. والأستاذة / إفين ديركي التي تم اختيارها من الجميع كمتحدث رسمي باسم رواد السفينة .
كان القائد الأعلى العام للسفينة الأستاذ / نزار بهاء الدين الزين قد أصدر الأوامر لركاب السفينة بالانضباط التام .. والهدوء .. أثناء قيام جنود العدو بالتفتيش .. حتى لا تكون لهم ذريعة وحجة بافتعال المشاكل من جديد .. فهم لن يجدوا شيئاً على ظهر السفينة .. أو بداخلها .. لأن رواد السفينة أصلاً لم يحضروا معهم شيئاً .
أكد الجميع حرصهم على تنفيذ الأوامر لأن في ذلك تحقيق بالوعد والعهد بالاستمرار في الطريق للوصول إلى الهدف المنشود .
قام الضابط القائد ... بإصدار الأوامر السريعة لجنوده بالانتشار في شتى أرجاء السفينة .. للتفتيش في كل الأنحاء .. وبينما كان الجنود يقومون بالمأمورية كان الضابط يسأل عن قائد السفينة العام وربانها .. أو قائد الرحلة .. وعن المتحدث باسم رواد السفينة .. تقدم منه الأستاذ / نزار بهاء الدين الزين .. وتقدمت الأستاذة / إفين ديركي ..بهدوء واتزان .. وقالت له :
- ها هو القائد العام للسفينة .. وها أنا الناطقة الرسمية باسم المتواجدين عل ظهر السفينة .. " سفينة الحب " ..ها نحن يا هذا ... فماذا تريد ؟؟؟
تلعثم الضابط قليلا ً وهو يشاهد الأستاذ القدير الرجل المسن الوقور .. ويشاهد أيضاً الأستاذة الراقية / إفين ديركي وهي تخاطبه بكل رباطة جأش وثقة عالية بالنفس.. راح الضابط يخاطبهما بتودد مصطنع :
- لماذا جئتم إلى هنا ؟؟
ردت الأستاذة / إفين بكل هدوء وثقة :
- بل لماذا جئتم أنتم إلى هنا ؟؟!!
عاد التلعثم والاضطراب من جديد يسيطران على الضابط .. لم يحر جواباً .. أنقذه من الموقف العصيب صوت الأستاذة إفين الرقيق المهذب الواثق .. وبكل هدوء واتزان :
- أنت لا تعلم .. لا تعرف .. ولكن بالنسبة لنا .. فنحن نعلم .. نعرف.. لقد جئنا إلى هنا لكي نكون إلى جانب إخواننا وأهلينا في غزة .. ولكسر الحصار عنهم .. .
- ما رأيكم بأن تنزلوا ما لديكم من أشياء في الميناء القريب على غزة .. وهو ميناء أسدود .. ثم نقوم نحن بإرسال تلك الأشياء لغزة وأهلها ؟ .
- نحن لا نحمل أية أشياء بالمطلق كما ترى .. وكما سترى .
- وماذا أحضرتم إذن ؟؟
- أنتم دائماً تنظرون إلى الأمور بطريقة مغلوطة .. تظنون بأن غزة في حاجة للخبز والطعام والدواء فقط .
- وماذا يحتاجون غير ذلك إذن ؟؟!!
- يحتاجون الحب .. الحب .. القلوب العامرة بالحب .
- وماذا سيفعلون بهذه الأشياء ؟؟!!
- إنها الغذاء الروحي لهم .. إنها المقومات الأساسية للصمود .. للتحدي .. فهم ليسوا بحاجة للطعام والدواء فحسب .. بل هم بحاجة للحب .. للحياة .. للحرية .
- وكم هي كمية الحب التي أحضرتموها على هذه السفينة ؟؟!!
- أحضرنا كل الحب .. الموجود في كل قلب .. في كل القلوب .. في كل العالم .. في كل الدنيا .. أنتم بطبعكم لا تعرفون مثل هذه الأشياء .. وبالطبع .. فأنتم لا تدركون قيمتها ..
- أنا أقول .. بأن نختصر الأمور .. ولا داعي لافتعال المشاكل .. عليكم أن تعودوا الآن من حيث أتيتم .. وسوف نأخذ هذا الحب الذي تدعونه .. وسوف نرسله نيابة عنكم إلى غزة ..
- هذا الذي أحضرناه .. الحب أعني .. أسمى من أن يمسه أحدكم .. ولا يصل عن طريق أمثالكم .. إنه يصل من القلب إلى القلب .. من القلوب إلى القلوب مباشرة .. بدون وساطة من هم أمثالكم .
في هذه الأثناء كان بعض الجنود قد وصلوا إلى المكان بعد أن قاموا بالتفتيش الدقيق في السفينة ولم يعثروا على شيء .. فأخبروا قائدهم بذلك .. وعندما كان يهم بمغادرة المكان .. كان أحد الجنود يأتي مهرولاً جزعاً مضطرباً .. راح يحادث القائد :
- لقد وجدت العديد من الممنوعات .. الأشياء الخطيرة .. بل الخطيرة جداً ..!!!
رد القائد وهو ينتفض رعباً :
- لقد قلت منذ البداية .. بأن الأمور سوف لا تكون على ما يرام .. ولا بد بأن هذه السفينة تحمل الممنوعات والمحظورات .. عليك حالاً .. حالاً .. أن تحضر ما وجدته من أشياء خطيرة ومحظورة إلى هنا .. أمامي .. وأمام قائد وربان السفينة هذا الذي يتصنع الوقار والاتزان .. وأما هذه السيدة أيضاً .
غاب الجندي لبعض الوقت .. ثم عاد إلى المكان برفقة بعض الجنود .. عادوا وهم يحملون بين أيديهم بعض الأشياء والأشياء .. وضعوها على الأرض أمام الضابط والقائد العام والناطقة الرسمية باسم رواد السفينة .. هتف الجندي وهو يرتجف :
- تفضل يا سيدي .. ها هي الأشياء الخطرة .. الممنوعة .. المحظورة ؟؟!!
( الجزء العاشر )
- تفضل يا سيدي .. ها هي الأشياء الخطرة .. الممنوعة .. المحظورة ؟؟!!
.. بهت الضابط مما رأى .. وبهت القائد الأعلى العام للسفينة للأمر .. وكذلك الأستاذة الناطقة باسم ركاب السفينة ؟؟!! .. لم تكن تلك الأشياء الخطرة .. المحظورة .. الممنوعة .. سوى مجموعة كبيرة من الأقلام .. الأوراق .. والكتب .
.. ارتعش الضابط بشدة .. صرخ مزمجراً :
- لقد قلت منذ البداية بأن هذه السفينة ليست بريئة .. ولا بد بأنها تحمل أشياء خطرة .. ممنوعة .. محظورة .
.. أشار الضابط بيده نحو الجندي والجنود الآخرين بإشارة معينة .. لم يلب
--------------------------
تقديم :
لقد فكرت بإعادة نشر " سفينة الحب " بشكلها الكامل دفعة واحدة وبدون تجزئة لعدة أسباب، لعل من أهمها أن يكون العمل متكاملاً بشكل تام .. لمن يريد التكرم بالاطلاع عليه كاملاً والاحتفاظ به .. وأيضاً لاطلاع الأخوة الكرام ممن فاتتهم فرصة الاطلاع على بعض الأجزاء .. وأيضاً لاطلاع بعض الأخوة والأخوات الكرام من قافلة الأحبة الغوالي الذين انضموا للسفينة متأخرين للاطلاع على العمل المتواضع بشكل كامل ..
أكرر شكري العميق .. ومحبتي الخالصة .. لكل الأحبة .. الأستاذة .. أساتذتي الكبار من قراء وكتاب وأدباء ومعلقين ونقاد .. لما أولوه من اهتمام بالغ لنصي المتواضع ..
أسأل الله أن أكون عند حسن الجميع بي دوماً .. وأن يوفقنا الله وإياكم لما فيه الخير والفلاح ..
حاشية : لقد تركت هذا العمل الأدبي بدون تجنيس لجنس العمل .. وتركت الباب مفتوحاً على مصراعيه للقراء .. الأدباء .. الكتاب .. النقاد .. لتصنيف جنس العمل بالكيفية التي يرونها مناسبة ..
فلهم أن يصنفوها كـ " قصة قصيرة " .. أو " رواية " .. أو ملحمة " .. أو ما يرونه مناسباً من جانبهم .
أخوكم المحب سليم عوض عيشان ( علاونة )
" سفينة الحب "
على رصيف الميناء الكبير .. الواقع على ساحل المتوسط الجميل .. حيث تقع عروس البحر المتوسط " الإسكندرية " .. كانت ترسو " سفينة الحب " .. تتمايل يمنة ويسرة بتيه ودلال .
" الإسكندرية " ؛ تلك المدينة الساحلية الجميلة .. وذلك الميناء الرائع .. وذلك الشاطئ البديع .. الذي طالما تغنى به أهل الفن ، " شط اسكندرية يا شط الهوى " ..والذي كان له دور البطولة في الكثير من الأعمال السينمائية والفنية الخالدة .. " اسكندرية ليه ؟؟ " .. " اسكندرية رايح جاي " .
في ذلك الميناء الذي شهد قصة الحب الأبدي الخالد للملكة " كليوباترا – السابعة " وحبها الخالد لـ " مارك أنطونيو " ، وقضية موتها بلدغة الثعبان المشهورة التي خلدتها كتب التاريخ ، وذلك بعد أن خسرت - وشريكها زوجها مارك أنطونيو – معركة " أكتيوم " البحرية على الشاطئ الغربي من اليونان على يد الرومان " كتافيان " .. كما أبدعها أمير الشعراء أحمد شوقي في رائعته الشعرية الخالدة التي تعد من أجمل مسرحياته الشعرية "مصرع كليوباترا " وتغنى بها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب من كلمات علي محمود طه في رائعته الخالدة " كليوباترا " .. وأيضاً ما تغنى به موسيقار الأجيال عبد الوهاب من نظم أمير الشعراء " أنا أنطونيو " .
في هذا المكان من الشاطئ الجميل .. حيث تم اكتشاف مدينة " الإسكندرية القديمة " تحت سطح مياه البحر قريباً من الشاطئ .
وعلى هذا الشاطئ الذي كانت تقف شامخة على شاطئه إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة ( فنار الإسكندرية ) أو " منارة الإسكندرية " ، والتي قيل بأن الإسكندر هو من بناها ، وقيل بل هو بطليموس الأول ، وقيل بل هو بطليموس الثاني .. وفي هذه المدينة التاريخية الخالدة .. التي كانت تقع بها أكبر مكتبة في التاريخ القديم " مكتبة الإسكندرية " .. والتي كانت تعتبر أقدم مكتبة حكومية عامة في التاريخ في العالم القديم .. والتي أحرقت في حرب الإسكندرية عام 84 قبل الميلاد على يد يوليوس قيصر ... والتي أعيد افتتاحها من جديد في أكتوبر عام 2002 م.
والتي على مقربة من ساحلها كانت معركة " أبو قير " البحرية أو معركة النيل والتي وقعت في الأول من أغسطس 1798م بين الأسطول الفرنسي والأسطول الإنجليزي بقيادة نيلسون.. حيث أخذ الأسطول الإنجليزي يراقب الأسطول الفرنسي، ثم فاجأه في أبي قير وهزمه شر هزيمة، وأغرق الأسطول الفرنسي وقضي علي آمال فرنسا في تكوين إمبراطوريه فرنسيه.
" سفينة الحب " .. كانت تعج بالحياة .. والحركة .. وقد صعد إلى سطحها العشرات والعشرات من الرجال .. والنساء .. الذين دبت فيهم الحماسة .. الحركة والنشاط .. فتراهم في حركة دءوب فوق سطح السفينة .. وفي أدوارها الأخرى .
" سفينة الحب " تفتح ذراعيها .. أدوارها وطوابقها .. أبوابها .. على مصراعيها مرحبة باستقبال الوافدين .. الصاعدين إليها زرافاتٍ ووحداناً .. البِشر يملأ قلوبهم والسعادة تغمر نفوسهم .. والابتسامة العريضة تغطى محياهم .
ما إن يلتقي أحد الصاعدين إلى السفينة بمن سبقوه .. حتى يندفع الجميع نحوه مهللين فرحين .. يحتضنون بعضهم بحب أخوي .. يصافحون بعضهم بحرارة ..ويقبلون بعضهم البعض بسعادة ... فيسود بين الجميع الفرح والسرور .. السعادة والحبور .
لم يطل الانتظار طويلاً .. فالجميع كانوا على موعد واتفاق سابق للقاء في هذا المكان .. في هذه المدينة الساحلية الرائعة .. وعلى هذا الشاطئ البديع .. وعلى ظهر هذه السفينة الجميلة .. "سفينة الحب " .
ما إن اكتمل وصول الجميع .. وصعودهم إلى ظهر السفينة .. واكتمال العدد .. حتى كانت السفينة تطلق الصافرة الطويلة المميزة .. علامة الاستعداد للانطلاق ومغادرة الميناء .. وبالفعل .. فقد بدأت السفينة بالتحرك التدريجي .. فساد الهرج والمرج بين الجميع .. وراحوا يلوحون بأيديهم في الهواء مودعين الجموع الغفيرة التي كانت تقف على الشاطئ مودعة الجميع .
ما إن كانت " سفينة الحب " في طريقها للخروج من المرفأ الكبير إلى عرض البحر .. حتى تناهى إلى مسامع الجميع صوت جلبة وضوضاء وصخب .. أتٍ من ناحية " قمرة القيادة " .. فهرول الجميع ناحية مصدر الصوت .. فلما وصلوا .. هالهم الأمر .. ووقفوا جميعاً واجمين .
فلقد كانت ثمة معركة حامية الوطيس قد نشبت بالتلاسن بين رجل وامرأة .. وقد كادا أن يتماسكا ويتشابكا بالأيدي بعد أن ارتفع صراخهما .. وبعد أن لم يستطع أحداً منهما أن يحسم المعركة الكلامية لصالحه .
حاول الجميع ولعدة مرات تهدئة الطرفين دون جدوى .. بل زاد الصخب والضجيج .. والصراخ .
ومن وسط الأصوات الصاخبة .. كان ثمة صوت وقور.. هادئ .. رزين .. لرجل وقور متزن .. يهتف بالمتخاصميّن :
- كفاكما عبثاً وعراكاً أيها العزيزين ... عليكما أن تكفا عن عراككما الصبياني هذا .. الآن .. فوراً ..
ومن العجيب .. بأن المتخاصميّن قد كفا بالفعل عن العراك والشجار والتلاسن ..
وجم الجميع .. وقفوا وكأن على رؤوسهم الطير .. وساد الصمت المطبق على المكان بشكل غريب ؟؟!!.. وهم ينظرون ناحية الرجل المتزن الوقور .. الذي يبدو بأن لكلماته فعل السحر على المتخاصميّن وعلى الجميع ؟؟!! .
( الجزء الثاني )
كان الرفاق – من أدباء وكتاب وشعراء - قد تقاطروا إلى السفينة .. " سفينة الحب " من كل الأمصار .. ومن كل الأقطار .. ومن كل أصقاع الأرض .. فوصلوا جميعاً في الموعد المحدد والمتفق عليه .
أول من وصل السفينة كانت الأديبة والشاعرة السورية الكبيرة / أفين ديركي (*) ، التي وصلت من ولاية نيوجيرسي بأمريكا خصيصاً للمشاركة مع الرفاق في الرحلة على ظهر " سفينة الحب " ... والتي كانت تتمنى القيام بها منذ أمد بعيد ...
تلاها رجل مهيب الطلعة .. أديب وفنان لا يشق له غبار في دنيا القلم والفرشاة .. كان الرجل هو الفنان الفلسطيني العالمي ( عبد الهادي شلا ) ، والذي وصل من " كندا " في طائرة حديثة متواضعة الحجم .. استأجرها خصيصاً للوصول إلى القاهرة .. ومن ثم توجه إلى الإسكندرية ، ولا عجب أنه قد استأجر تلك الطائرة من كندا .. لأنه كان يحمل معه كماً هائلاً من اللوحات والرسومات التي لا تكاد تلك الطائرة تتسع لها سوى بالكاد ، والتي تغطي مساحة كبيرة وتكوّن مرسماً ومعرضاً ضخماً من اللوحات والرسومات التي قام بإعدادها وتجهيزها على مدار سنوات عمره الطويل ، واعتبر المناسبة فرصة نادرة لأن يقوم بعمل معرض فني خاص بلوحاته على ظهر السفينة .. ومن ثم في المكان الذي كان الجميع يقصدونه فيما بعد .
ولم يلبث أن صعد إلى ظهر السفينة بقية الرفاق .. زرافاتٍ ووحداناً .. فوصل الأستاذ القدير / أحمد القاطي وبرفقته السيدة المبجلة / السيدة ليلى ( فاطمة الزهراء العلوي ) تصطحب نجلها " مهدي " .. والأستاذ / عزيز العرباوي .. والأستاذة / سمية البوغافرية قادمين بطائرة انطلقت من مطار " كازبلانكا " بالمغرب وهم يحملون رزمة ضخمة من الكتب .. وباقات أضخم من باقات الزهور .. وطاقات الورود .
ثم وصلت إلى السفينة الأديبة الشاعرة / أحلام مستغانمي (** ) ؛ قادمة من الجزائر وقد أبت إلا أن تشارك الجميع في هذه الرحلة على ظهر " سفينة الحب " .
ولم يلبث أن صعد إلى السفينة الأستاذ / خالد طه .. قادماً من البرازيل بعد طول غياب وتغيب لعله قسري أو إرادي ؟؟!! ولم يلبث أن تبعه الأستاذ الكبير / نزار بهاء الدين الزين قادماً من الولايات المتحدة الأمريكية .
ثم بدأت الجموع مندفعة كالسيل العرمرم ، فوصلت الأستاذة الفاضلة / عائشة الهديبان قادمة من السعودية ، وقد عز عليها أن لا تشارك في مثل هذه المناسبة الرائعة .. ووصل الأستاذ / خيري حمدان وهو يحمل ( شجرة التوت ) الخالدة .. وبرفقته الأستاذ / عصام عقرباوي ونجله يزن .. والأستاذ / فايز الأشتر الذين كانوا قادمين على متن طائرة حديثة من صوفيا / رومانيا ..
ولم تلبث أن أطلت الأستاذة الحاجة / ازدهار الأنصاري وقد وصلت للتو قادمة من بغداد متهللة مستبشرة رغم الآلام والجراح ونزيف الدم في وطنها الصامد الصابر .. ورغم المرض والإعياء الشديد الذي أَلَمَ بها .. والأستاذ / عبد الوهاب محمد الجبوري قادماً من العراق أيضاً.
ولم تلبث أن تبعتهما في الوصول إلى السفينة الأستاذة / فاطمة يوسف عبد الرحيم ، والأستاذة / ميساء شهاب ، والأستاذ / قصي عطية والأستاذ / زياد أبو شاويش ، قادمين من سوريا عن طريق مطار دمشق الدولي ..
ولم يلبث أن تبعهما الحاج ( أبو محمد ) / عدنان الزغموت .. ووليد علاونة ( أبو خالد ) والأستاذة / ميساء البشيتي قادمين من البحرين .. تبعهم إلى ظهر السفينة الشيخ الجليل الدكتور الحاج / لطفي الياسيني .. ابن أشهر قرية في التاريخ " دير ياسين " .. والأستاذ ( أبو العبد ) منذر ارشيد " ابن قرية صير الثورة والفداء " والأستاذ ( أبو غسان ) عزام أبو الحمام " ابن الخليل الأشم " ( والمقيمين في الأردن الشقيق ) والأستاذة / سهام البيايضة والأستاذ / محمد عارف مشه والأستاذ / حمزة مازن تفاحة ، والأستاذ / صالح صلاح شبانه ، والأستاذ الشاعر / خميس لطفي ( *** ) قادمين من ميناء العقبة الأردني الواقع على ساحل البحر الأحمر من الجانب الأردني يرافقهم الأستاذ / ( أبو سلطان ) / مهنا علاونة ، والأستاذ ( أبو الأرقم ) / نسيم قبها والأستاذ/ أحمد يوسف ياسين والأستاذ/ إياد خليلية والأستاذ / عصام أبو فرحة ( وهم من أبناء جنين القسام ) والأستاذ الدكتور / كمال إبراهيم علاونة ... ابن قرية ( عزموط ) قضاء نابلس ، والأستاذ راسبوتين بن صابر قادماً من القدس الشريف .. الذين توجهوا جميعاً من الضفة الغربية إلى عمان .. ثم إلى ميناء العقبة لينضموا إلى بقية الرفاق .
ولم تلبث أن وصلت الأستاذة / وجدان ديركي ( **** ).. قادمة من السويد وهي تحمل بعض اللوحات الزيتية التي كانت قد قامت برسمها .. وقد حضرت خصيصاً للمشاركة في الرحلة على ظهر " سفينة الحب " .
وفوجئ الجميع بأن هناك من سبقهم جميعاً للتواجد على ظهر السفينة لأنهم كانوا مبكرين جداً في الوصول إلى السفينة .. بل لعلهم أمضوا الليلة السابقة فيها .. وهم أبناء الكنانة العظيمة .. الأستاذ / راشد أبو العز ، والأستاذة / فايزة شرف الدين .. والأستاذة / فاطمة الزهراء فلا .. والأستاذ / إبراهيم خليل إبراهيم ، والأستاذة / نانيس خطاب والأستاذ / محمد معمري والأستاذ / أحمد محمد أحمد المليجي .. والدكتور / محمد فؤاد منصور والأستاذ / إبراهيم عبد المعطي .. والذين اعتبروا أنفسهم المضّيفين .
ثم وصل المهندس / محمد سلطان ( أبو إسلام ) الكاتب والمؤلف الإسلامي الكبير ..
وصلت مجموعة كبيرة من الأخوة والأخوات من شتى الدول ومنهم الأستاذة / سميرة العزب ، والأستاذة / نجلاء نصير ،.. وآخرين وأخريات كثر ..
وهناك ثمة شخصيات كثيرة أبت إلا أن تنضم للجميع .. من رجال ونساء ولكنهم آثروا أن يظلوا وراء أقنعتهم التي تعودوا الظهور بها ، وشخصيات أخرى كثيرة لم يتبين ملامحها أحد .
عند صعود كل قادم جديد كانت ترتفع التهليلات والتكبيرات والترحيبات باستقباله ....ولا يلبث القادم أن ينضم إلى حلقة " رقصة الدبكة " الضخمة التي كان الجميع يؤدون حركاتها بسعادة وسرور.
بعد أن اكتمل التواجد والحضور بشكل تقريبي ...- بسبب تغيب بعض المدعوين عن الحضور لأعذار وأسباب لعلها شخصية بحتة -.. ، وبعد أن أطلقت السفينة صافرة التحرك المعهودة .....وبينما كانت (سفينة الحب) في طريقها لمغادرة الميناء ؛ تناهى إلى مسامع المتواجدين صوت جلبه وضوضاء .. صراخ وصخب ، فتوجه الجميع ناحية مصدر الصوت للاطلاع على مجريات الأحداث والوقوف على حقيقة الأمر ، فما لبثوا أن وقفوا واجمين لهول المفاجأة .
لقد كانت المعركة الكلامية الحامية تدور بين الأستاذ / راشد أبو العز والأستاذة / فايزة شرف الدين ؟ّ! واللذين راحا يتناكفان ويتراشقان الكلمات بشدة.
وكاد الأمر أن يصل بينهما إلى درجة الاشتباك بالأيدي ، فراحت فايزة تستعرض أمام الجميع مهارتها في حركات " الجودو " و : الكراتيه " و " الكونغ فو " و " التايكاندو " التي تعلمتها وأتقنتها على مدار السنوات السابقة كوسائل للدفاع عن النفس لكي ترهب خصمها .. بينما راح راشد أبو العز يستعرض شتى فنون الحركات العسكرية والرياضية التي حذق بها والتي كانت عصب عمله المهني لكي يخيف خصمه .
راح الجميع يحاولون تهدئة الطرفين وبكل الوسائل .. ويحاولون معرفة كنه تطور الأمور وأسبابها .
...وأخيراً .. أخبرهم راشد بأن خلافة مع فايزة هو حول محور من له الأحقية في قيادة (سفينة الحب) ؟؟ , فهو يدعى بأنه الأحق بذلك لأنه ابن الإسكندرية وابن البحر والأكبر سنا منها والأكثر دراية وخشونة . وعليه ، وجب أن يكون هو ربان السفينة .
بينما راحت فايزة تستعرض حجتها بأنها أيضا ابنه ( أرض الكنانة ) وأن لها دراية لا بأس بها بأمور البحار والسفن ، وأنها الأولى بأن تقود السفينة حسب الرأي الشائع ( السيدات أولاً ) وأنها ابنه المنصورة ... فإن كانت الاسكندرية هي عروس المتوسط .. فالمنصورة هي عروس النيل .. وفي المنصورة تم أسر الملك لويس التاسع ملك فرنسا وقائد الفرنجة في معركة " فارسكو " ضد المماليك بقيادة " توران شاه " ابن الملك الصالح نجم الدين أيوب ، وسجن في بيت " ابن لقمان " .. وتم إطلاق سراحه فيما بعد مقابل فدية بلغت عشرة ملايين فرنك .
حاول الرفاق أن يجدوا الحلول الوسط للإشكالية دون جدوى ، فلقد اقترح أحد الرفاق أن تكون قيادة السفينة بالرحلة مناصفة بين راشد وفايزة ....فوافقا .. ثم اختلفا حول من يقوم بالقيادة بالمرحلة الأولى من الرحلة.. اقترح آخرون أن يكون لكل واحد منهما الحق في قيادة السفينة مرة كاملة ، أحدهما عند الذهاب والآخر عند الإياب , فوافقا .. ثم اختلفا حول أيٍ منهما يبدأ أولاً .. اقترح احد الرفاق أن يحتكم الجميع للقرعة ، فوافقا .. ثم اختلفا عشرات المرات لأن القرعة لم تكون لصالح أحدهما في كل مرة!! .
فعاد الصخب والضجيج مرة أخرى .. إلى أن كان ...
ثمة صوت وقور هادئ رزين لرجل وقور متزن .. هتف بالمتخاصمين :
- كفاكما عبثا وعراكا صبيانياً أيها الرفاق الأعزاء .
وكم كان العجب .. فقد ران الصمت والهدوء عليهما وعلى الجميع؟؟!! .
أتبع الرجل الوقور بحزم :
- لن يقود أحدكما السفينة .. بل إن من سيتولى قيادتها ..
هو أنا ؟! .
* هي الأديبة والشاعرة الكبيرة / أفين ديركي ، وهي من أصول عربية سورية كردية ، مواليد سوريا ، انتقلت لأمريكا وهي في العشرينات من عمرها – متزوجة ولها ولدين فتاة وشاب ـ تعيش في ولايه نيوجيرسى بأمريكا .
تكتب الشعر في عدة مواقع منها ( دنيا الرأي ) دنيا الوطن
تمتاز بالإحساس المرهف وعذوبة أشعارها ذات الطابع العاطفي ، وتتمتع باحترام الجميع بالمنبر لما تمتاز به من أدب ولباقة وحب للجميع ، فهي مثقفة ومبدعة متواضعة تنظر للجميع بأخوة ومحبة لا تعرف الكره .
تعشق فلسطين إلى حد لا يتصور وخصوصاً قطاع غزه وتتمني أن يكتب لها الله دخول القطاع ذات يوم .
شاركت بأمسيات شعرية بأمريكا وقدمت بها العديد من القصائد تتكلم فيها بلسان الشعب الفلسطيني وأطفاله ، والتي كان لها التأثير الجيد على المتلقين وجعلتهم يلتفتون لما يعانيه القطاع.
تدرك حجم الظلم الذي يقع على الشعب الفلسطيني على أيدي المحتل ، فيقتلها آلام أطفالنا وتحمل هم الكبير والصغير بقلبها المليء بالأحزان ، عندما يتعرض القطاع للضرب الإسرائيلي تظل الليل كله في صلاة وتقيم الليل وتدعو للشعب الفلسطيني بالأمن والحرية والسلامة ، تحاول تقديم المساعدة مادياً ومعنوياً للشعب الفلسطيني ولبعض الجرحى قدر استطاعتها .
تعمل الآن داخل أمريكا على إقامة ندوة ( أمسية ) بعنوان " لا حصار للفكرة " تسعي من خلالها المشاركة - ومجموعة من شعراء الداخل - على تسليط الضوء على هموم شعبنا وعلى ما يعانيه من حصار واضطهاد وأن تثبت للجميع أنه لا يمكن محاصرة الفكر والإبداع والكلمة الحرة الصادقة ، تعرضت لضغوطات شديدة للتنازل عن هذه الفكرة وتركها ، إلا أنها أصرت على تقديم وإقامة الأمسية . تحاول أن تقدم وتجمع الدعم سواءً بشكل مادي أو معنوي إلى فلسطين.
تعرضت في الفترة الأخيرة للمضايقات والتحقيقات والمقابلات اليومية من قبل المحققين في أمريكا .
حلمها وعشقها أن تدخل فلسطين وقطاع غزة وأن تكفكف الدموع وتداوي الجراح لنساء وأطفال فلسطين .
** أحلام مستغانمي؛ أديبة وكاتبة مبدعة ، ولدت في (13 أبريل 1953)، وهي كاتبة جزائرية جريئة ، من مواليد تونس، ترجع أصولها إلى مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري .
*** هو الشاعر الفلسطيني المبدع / خميس لطفي ..
فلقد نعى الشعب الفلسطيني الشاعر الفلسطيني الكبير خميس لطفي والذي وافته المنية إثر نوبة قلبية ألمت به قبل عدة أيام أثناء وجوده في العاصمة الأردنية عمان.
وبذلك تكون الحركة الثقافية والشعرية الفلسطينية قد فقدت شاعراً مرموقا صاحب قلم مبدع ومميز، لطالما خط به الكثير من القصائد والدواوين الجميلة والتي رسم من خلالها معاناة شعبه وجسد صموده ومقاومته وصلابته".
عزاءنا أن أعمال الفقيد لازالت بيننا تشعل جذوة المقاومة والصمود, كما أشعلتها إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والتي ازدهرت خلالها قصائد ودواوين الشاعر، حيث شكلت دافعاً للمقاومين ورماة الحجارة".
الشاعر الفلسطيني خميس لطفي، اسم إبداعي فلسطيني لمع متأخراً، بالقياس إلى عمره الإبداعي، وذلك بفضل موهبة فذّة وشعر سهل وسلس لكنه ممتنع، غير أنها بقيت طيَّ الدفاتر والأوراق والحدود، حيث ولد الشاعر خميس في النصيرات وسط قطاع غزة من أسرة مهاجرة من فلسطين المحتلة عام 1948 ،و قضى طفولته الأولى في دير البلح ثم نزح منها عام 1968 إلى الأردن .
أكمل تعليمه الجامعي في أوروبا وحصل على بكالوريوس الهندسة الإلكترونية، وعمل مهندسا للاتصالات في المملكة العربية السعودية.
بدأ كتابة الشعر في مراحله الدراسية الأولى وله قصائد كثيرة منها : المهاجر، زمان الكفاح، النسر يأكل قلبي ، الآخرون، ولديه ثلاث مجموعات شعرية هي: «وطني معي» و«عد غداً أيها الملاك» و«فوق خط التماس».
واشتهر للشاعر قسّمه الشعري لفلسطين والذي يقول فيه:
أَنا الْمَدْعُوُّ : غزِّيٌّ أصيلٌ ، وابنُ غزيِّةْ
وَعُنْوانِي: خطوطُ النارِ ، في حيِّ " الشُّجاعيَّةْ "
وَأَعْمَلُ: في سبيل الله، أعمالاً فدائيةْ
أُدَوِّنُ عَنْ: هوى وطني قصائدَ لا نهائيَّة
وأُقْسِمُ أنْ: سأبقيها على شفتيَّ أغنيَّةْ
وَأَنْ أَبْقَى: على عهدي، ورأسي، غير محنيَّة
وَأَنْ أَحْيَا: لكي تبقى بلادُ العرْب محميَّة
وَلي حُلُمٌ: له أسعى، حثيثاً، صادق النيَّة
وَفِي نَفْسِي : إلى الأقصى حنينٌ ساكنٌ فيَّ
إِلَى أَجَلٍ: فها هي ذي قوى شعبي الطليعيَّة
تبشرنا بنصر الله ضد قوى الصليبية
وَلَنْ أَخْشَى : أنا إلاَّ من الذات الإلهيَّة
فَإِنْ أَقْضِِ: صريعَ الحقِّ ، والأوطانُ مسبيَّة
فَلا أَسَفٌ عَلى عَيْشٍ بِلا حُلُمٍ، وَحُرِّيَهْ .
**** وجدان ديركي .. ، وهي من أصول عربية سورية كردية ، مواليد سوريا ، مقيمة حالياً في السويد .
فنانة ورسامة .. قامت بعمل رسومات مضادة لتلك الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ، ونشرتها في العديد من الصحف والمجلات في شتى أنحاء العالم .
( الجزء الثالث )
... وكان الصوت الرزين الوقور الهادئ .. للرجل الذي حسم الأمر بين المتعاركين لصالحه .. وانصاع الجميع لمطلبه .. بل أمره ؛ بدون نقاش أو اعتراض .. ووافقوا عليه بدون أن ينبس أحدهم ببنت شفة ..
ذلك الصوت كان للرجل الوقور الأستاذ الكبير / نزار بهاء الدين الزين ، والذي يستحق بالفعل أن يقود " سفينة الحب " .. كربان ماهر في القيادة ، ولأنه من أكبر المتواجدين سناً .. وله الخبرة والحنكة في إدارة دفة السفن كما هي خبرته في إدارة دفة سفينة الحياة .
أطلقت " سفينة الحب " " صافرة " الوداع الأخير والنهائي .. إيذاناً بمغادرة السفينة لميناء الإسكندرية الرائع .. فتصاعدت إلى عنان أصوات " صافرات " كل السفن المتواجدة في الميناء تحية وداع تليق بـ " سفينة الحب " .. ولتنطلق بعد ذلك إلى عرض البحر .
قبل أن تبتعد " سفينة الحب " عن شاطئ الإسكندرية الجميل كثيراً .. كان ثمة قارب سريع جداً وكأنه احد قوارب " خفر السواحل " .. يحاول اللحاق بالسفينة بكل إصرار وعناد .
ما إن وصل " الزورق " قريباً من " سفينة الحب " .. حتى كان التهليل والترحيب من جميع الركاب في السفينة يرتفع حتى عنان السماء .. بعد أن تبينوا الشخصيات التي كانت في الزورق الذي كان يطاردهم .
تبينوا أن من كان في الزورق هم بعض الرفاق الذين كانوا مدعوين للمشاركة في الرحلة .. والذين كانوا قد تأخروا عن الوصول في الموعد المحدد المتفق عليه بين الجميع لأمور شخصية شغلتهم لبعض الوقت .. مما أدى إلى تأخيرهم عن الوصول في الموعد المتفق عليه .
توقفت " سفينة الحب " لبعض الوقت لكي يتمكن الرفاق الذين كانوا في " الزورق " من تسلق السفينة .. وقد تم لهم ما أرادوا بمساعدة الرفاق المتواجدين على سطح السفينة ...
أطلت الأستاذة المبجلة / صفاء محمد العناني .. والتي كانت تحمل رزمة كبيرة من الأوراق والكتب .. والتي أتت من دولة الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في الرحلة .. والتي كانت تقود الزورق بعد أن قامت بدعوة لفيف من الأدباء والكتاب والشعراء – وخاصة من أدباء وشعراء منبر دنيا الرأي - إلى الرحلة على ظهر " سفينة الحب " فاستقبلها الجميع بالترحاب والتهليل ..
ولم تلبث أن أطلت الأستاذة الكريمة : غفران طحان .. والتي قدمت من سورية للمشاركة في هذه الرحلة ... ترافقها الشاعرة المغربية / سناء الحافي ، والأديبة الكاتبة المصرية / حنان فتحي .. يرافقهن الكاتب والشاعر المغربي الأستاذ / عزيز العرباوي .. والكاتب الفلسطيني ( ابن جنين ) الأستاذ / عنان العجاوي .. والأديب القاص المصري / مصطفى أبو وافيه .. والأديب الأستاذ / ياسين بوعيد .
ولم يلبث أن أطل الأساتذة الكرام الأدباء والشعراء الأفاضل .. الأستاذ / حمزة البرغوثي .. الأستاذ / تميم البرغوثي ... الأستاذ / عبد الوهاب محمد الجبوري .. الأستاذ / كامل شهوان ..الأستاذ / محمد علاونة .. الأستاذ / محمد الخرباشي .. الأستاذة / نسرين العزازي .. الأستاذ / حبيب محمد تقي .. الأستاذ / صبحي أبو عبيدة .. الأستاذ / شادي رياض .. الأستاذ / جمعه عبد العال .. الأستاذة / رضا عطية .. الأستاذ / محمد يوسف جبارين .. الأستاذ / نوفل الفضل .. الأستاذ / نشأت حداد .. الأستاذ / على البطوش ..الأستاذة / سهير عبد الرحمن .. الأستاذ / عاطف الجندي .. الأستاذ / محمد عبد الفتاح الجرنوسي ..الأستاذ / النصيري .. الأستاذ / نبيل النصر .. الأستاذ / سامي غانم .. الأستاذ / هادي دياب .. الأستاذ / سمير صافي .. الأستاذة / لمياء جمال .. الأستاذ / زغلول العزب .. الأستاذ / فايز الحداد .. الأستاذ / إبراهيم وهبه .. الأستاذة / ليلى نور .. الأستاذ / أنور عبد الحليم .. الأستاذ / تسونامي فلسطين .. الأستاذ / صبحي البجواني .. الأستاذة / نداء العجارمة .. الأستاذ / شادي رياض .. الأستاذ / سعود الأسدي .. الأستاذ / أبو الحب .. الأستاذ / نصير أحمد الريماوي .. الأستاذة / فاطمة خليل .. الأستاذة / نور حامد .. الأستاذ / محمد عبد اللطيف محمد بديوي .. الأستاذ / نجيب طلال .. الأستاذ / نشأت حداد .. الأستاذ / الشريف سوسن سوزان .. الأستاذ / محمد سنجر .. الأستاذ / مروان زهير البطوش .. الأستاذة / ريما زينة .. الأستاذ / حاتم فارس .. الأستاذ / أحمد الجنيدي .. الأستاذة / سهير عبد الرحمن .. الاستاذ / مازن الهجوري .. الأستاذ / د. لطفي زغلول .. الأستاذ يوسف أبو عواد .. الأستاذ / محمد ضاوي .. الأستاذ / عبد الحميد عبد العاطي .. الأستاذ / نضال خرنوش .. والأستاذ / عبد الإله زمراوي .
راح الفنان الفلسطيني العالمي " شلا " يجهز لوحاته العديدة في أحد الجوانب الفسيحة للسفينة.. وراح يعمل بهمة ونشاط .. تصبب العرق من " صلعته اللامعة " و " شاربه الكث " غزيراً .
والأمر كذلك .. هب الجميع لمساعدته في حمل وتجهيز اللوحات .. لكي تصبح معرضاً جاهزاً على السفينة ليشاهده الجميع .. ولكن " شلا " صرخ فيهم صرخة عظيمة .. تشبه صرخة جاره في غزة " أبو العزم " .. والمعروف بـ " شمشون الجبار " ... أو كصرخة جنيته التليدة في عمله الأدبي " الجنية والعود " .. - ويبدو بأن " شلا " قد قام بعمل لوحتين رائعتين من ضمن لوحاته العديدة لكل من " أبو العزم " و " الجنية " مستوحاة من نصه الأدبي " الجنية والعود " - .. طلب من الجميع الابتعاد عن لوحاته .. فإن له طريقة فنية معينة بالتعامل مع تلك اللوحات الفنية .. فالأمر يتطلب الدقة والرقة والهدوء والحذر الشديد في التعامل معها .. وهو يخشى أن تخدش اللوحات أو أن تتمزق أو أن يصيبها أدنى سوء أو مكروه .
والحال كذلك .. تقدمت صاحبات المواصفات المطلوبة من الرقة والهدوء واللطافة – من الجنس اللطيف – يعرضن خدماتهن الجليلة في العون والمساعدة .. تقدمت السيدة / صفاء محمد العناني . ترافقها السيدة / ازدهار الأنصاري تتبعها السيدة ميساء البشيتي والسيدة فايزة شرف الدين ( والتي كانت ترافقها كظلها فتاة أخرى هيفاء ملثمة ) والسيدة ليلي ( فاطمة الزهراء العلوي ) والسيدة فاطمة الزهراء فلا والسيدة سهام البيايضة والسيدة فاطمة يوسف عبد الرحيم والسيدة ميساء شهاب والسيدة سمية عبد العليم والسيدة نجلاء نصير .. ثم اندفعت جميع الأخوات الأخريات للمساعدة والعون .
ولم تلبث الفنانة / وجدان ديركي أن انضمت للمجموعة بالمساعدة .. وبإحضار لوحاتها التي كانت قد أحضرتها معها خصيصاً للمشاركة .. وهي تلك الرسومات المضادة لتلك الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ، والتي قامت بنشرها في العديد من الصحف والمجلات في شتى أنحاء العالم .
ويبدو بأن للمرأة سحر وتأثير مختلف على الفنانين !!.. وبالتأكيد هو سحر لا يقاوم .. وهذا ما حدث مع صاحبنا " شلا " .
فسرعان ما ظهرت على محياه ابتسامة عريضة من الرضا والموافقة على العرض الذي لا يقاوم .. إيذاناً بإعطاء التصريح لهن للبدء بالعمل .. وبالموافقة للفنانة / وجدان ديركي بضم لوحاتها الرائعة إلى لوحاته ... بين نظرات ( الجنس الخشن ) المستهجنة والمتعجبة من الأمر .. فما كان من " شلا " سوى أن نظر ناحية المستنكرين من الرجال .. ثم غمز بإحدى عينيه " غمزة " خاطفة .. ثم ابتسم ابتسامة عريضة وهو يتمتم بما يشبه الهمس :
" ألا تعرفون من أنا ؟؟؟ ... أنا فالنتينو .. فالنتينو ساحر النساء ؟؟!! " .
راح الجميع يعملون بجد واجتهاد ونشاط .. وما هي سوى دقائق معدودات .. حتى كان المعرض جاهزاً للعرض .. فاصطف الجميع في طابور منظم .. وبدأوا بمشاهدة اللوحات الفنية الراقية .. والرجل " شلا " يتحرك بين الجميع بخفة ورشاقة .. وكأنه ابن العشرين ، بينما هو قد تعدى الستين بعدة شهور قد تصل إلى الستين ..!! .. وكذلك كان الأمر في الحركة والنشاط بالنسبة للفنانة / وجدان ديركي ..
استولى على الجميع الشعور بالغبطة والسعادة .. السرور والنشوة .. والإعجاب الشديد بلوحات الفنان الفلسطيني العالمي " شلا " .. وما لبثوا أن كوّنوا حلقات عديدة للنقاشات وإبداء الآراء .. فكان المضيف " شلا " ينتقل بين هذه الحلقة وتلك بخفة الفراشة .. والسعادة تطغى على محياه .. تشاركه التحرك الفنانة والرسامة / وجدان .
العديد من الرواد طلبوا شراء بعض اللوحات .. وافق المضيفين على العروض العديدة .. ولكنهما وعدا الجميع بأن يكون ذلك بعد انتهاء الرحلة !! .
ما إن انتهى الجميع من استعراض اللوحات الفنية لـ " شلا " .. و " وجدان " في المعرض .. وما إن انهوا نقاشاتهم وآرائهم .. حتى فاجأهم " شلا " بإخراج " العود " التليد الرائع من " كيسه " الراقي .. وراح يعزف على أوتاره بأنامله الرقيقة أحلى وأرق الألحان .. فأسعد وأطرب وأشجى ... أبكى وأضحك وحلق .. سحر الجميع بعذوبة ألحانه وروعة أنغامه .. والتي كانت قد سحرت الحبيبة " الجنية " وابنتها من قبل .. فلا غرو ولا عجب !!...
تمايل " شلا " طرباً .. فتمايل الجميع من حوله سعادة وحبوراً .. ويبدو بأن النشوة قد استبدت به وبلغت أقصاها .. فراح يدندن بعض الألحان القديمة .. وصاحبها بصوته الشجي الرائع .. فاعتقد الجميع بأن من يشجيهم بالغناء والطرب والعزف هو موسيقار الأجيال ( محمد عبد الوهاب ) نفسه.. وليس " شلا ".. فلقد أتقن العزف وأبدع الغناء على حد سواء .
أنهى " شلا " صولاته وجولاته .. ألحانه ووصلاته .. وما كاد يفعل .. حتى كان صوتاً نسائياً هادراً يدوي في المكان .. ويشق عنان السماء .. ويتردد صداه في شتى أرجاء السفينة .. ؟؟!! .
( الجزء الرابع )
... أنهى " شلا " صولاته وجولاته .. ألحانه ووصلاته .. وما كاد يفعل .. حتى كان صوتاً نسائياً هادراً يدوي في المكان .. ويشق عنان السماء .. ويتردد صداه في شتى أرجاء السفينة .. ؟؟!! .
... ولكن .. قبل تناهي الصوت النسائي الهادر إلى مسامع الجميع .. كان صوتاً هادئاً خجولاً .. يأتي من أحد جوانب السفينة معاتباً :
- وأنا .. لماذا لم يأتِ أحداً منكم أيها الرفاق لمشاهدة معرضي ورسوماتي الفنية .. ؟؟؟
أم تراني أقل شأناً من الأستاذ الكبير " شلا " والأستاذة " وجدان " .. أعرف بأنهما أساتذة رائعين .. ولكن أنا أيضاً لي رسومات زيتية ورسومات فنية على الزجاج أيضاً .. فهلا تفضلتم أيها السادة بزيارة معرضي المتواضع ..
اندفع رواد السفينة ناحية صاحب الصوت الهادئ الخجول .. وراحوا يعانقونه ويعتذرون له .. وكان أول من وصل نحوه الأستاذ " شلا " .. والأستاذة " وجدان " .. صافحه " شلا " وقبله .. ثم لم يلبث كلاً منهما أن قام بتقبيل " صلعة " الآخر عدة مرات ..
هتف " شلا " بصوته الشجيّ الحنون :
- أعتذر لك أخي الحبيب بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن الجميع لتأخرنا في الوصول إليك .. فسامحني أخي الكريم أستاذنا الحبيب / مهنا أبو سلطان .
انفرجت أسارير ( أبو السلاطين ) وابتسم بل وقهقه حتى بانت نواجذه .. وراح يعانق الأستاذ " شلا " من جديد ويصافح بقية الرفاق .
اندفع الجميع وتزاحموا ناحية " معرض " الرسومات الزيتية الرائعة .. والرسومات على الزجاج التي أبدعتها يد الفنان " مهنا أبو سلطان " .. وأبدوا إعجابهم الشديد بها وبه .. وفي النهاية التفوا من حوله مهنئين هذه البراعة والروعة الفنية .. والإبداع الراقي .
أما الصوت النسائي الهادر المدوي .. فقد كان صادراً عن السيدة / فايزة شرف الدين ، التي اندفعت نحو الجميع وهي تتأبط مجموعة لا بأس بها من الأوراق ..
تلك الأوراق والتي كانت عبارة عن مجموعة من الروايات الأدبية الراقية التي أبدعتها الروائية .. والتي كانت قد تقدمت ببعضٍ منها إلى بعض المسابقات الأدبية في الرواية على مواقع ومنابر أدبية إلكترونية في وقت سابق .. ولكنها أصيبت بالإحباط وخيبة الأمل لشعورها بمدى الجور والإجحاف والظلم الواضح الذي وقع عليها ولحق بها إثر عدم اكتشاف القائمين على تلك المسابقات ما في رواياتها من روعة وعظمة وفن روائي راقٍ .. ولما لمسته من " محسوبيات " و "شللية " .. ومصالح شخصية وذاتية ( وإقليمية ) .. وأهداف غير نبيلة من بعض تلك المواقع والمنابر .. والتي كان من نتيجتها إقصاء الروايات المشاركة - في تلك المسابقات - للروائية الفذة .
كانت الروائية قد جهزت هذه الروايات على شكل أوراق مطبوعة ( مخطوطات ) لكي تعرضها على الجميع لأخذ رأيهم وإنصافها من تلك المظلمة الشنيعة التي لحقت بها .
قامت بتوزيع الأوراق التي تشتمل على الروايات خاصتها ؛ تساعدها الفتاة الملثمة التي كانت ترافقها كظلها ... وركزت على رواياتها التي كانت مشاركة في بعض المسابقات .. وخاصة رواية " قصر الصمت " لاطلاع الجميع عليها على عجالة .
اعتقدت الروائية بأن الأمر سوف يمر سريعاً بعد أن يمر الجميع على النص على عجالة في عدة دقائق .. ولكن يبدو بأن الأمر قد اختلف كثيراً عن تفكيرها ..
إذ أن الجميع قد انسحبوا وتفرقوا في كل الأرجاء .. وانتحى كلاً منهم جانباً ... واندمجوا بالقراءة .. وراحوا يلتهمون حروف وكلمات الرواية الرائعة ..
استغرق الأمر ما يقارب الساعة من الوقت .. حتى أتم الجميع قراءة الرواية .. فراحوا يهللون بشكل جماعي ترحيباً بهكذا عمل إبداعي راقٍ .. أبدعته الأديبة الروائية الراقية .
ارتسمت ابتسامة عريضة بعرض الكون على محيا الكاتبة الروائية .. واعتبرت بأن جائزتها هذه والتي منحها لها الأدباء والكتاب هنا تساوي كل جوائز المنابر والمواقع الأدبية ومسابقاتها .. بل وكنوز العالم قاطبة .
راح الجميع يلتفون من حول الروائية المبدعة - وصديقتها الملتصقة بها -.. يطلبون توقيعها على نسخهم ( مخطوطاتهم ) بعد أن طلبوا الإذن منها بالاحتفاظ بها كدرة رائعة من الدرر الأدبية ، فوافقت الروائية على مطلبهم بصدر رحب .. ثم أخذت بالتوقيع على النسخ للجميع .
وفي خضم التزاحم من حول الروائية المبدعة .. وقد كان الزحام على أشده .. وبينما كانت الروائية تحاول تلبية رغبات الجميع بالتوقيع على مخطوطاتهم .. حدث أن سقط القناع – اللثام – عن وجه الفاتنة الجميلة التي كانت ترافق الروائية .. فظهر وجهها البديع .. وأشرقت ابتسامتها الساحرة ..
تمتم الجميع :
" يا لها من فاتنة .. من هذه الفتاة يا أستاذة فايزة ؟؟!! "
هتفت الروائية وابتسامة طاغية عريضة تغطي محياها :
" ألم تعرفونها بعد ؟؟!! .. إنها .. إنها صديقتي .. أختي .. توأم روحي ... ( متمردة ) !! .
لم يلبث الجميع أن التفوا حولهما .. وراحوا يناقشون الروائية ويحاورونها في أحداث النص الروائي .. فتحاورهم وتناقشهم .. وتبدي ما خفيّ من أمور غاية في الروعة .
استبدت النشوة والسعادة بالمتواجدين .. شاركتهم ذلك الأديبة الشاعرة / إفين ديركي .. التي ارتفع صوت بكاءها ليغطي المكان تأثراً .. وشاهد الجميع الدموع الغزيرة وهي تنساب من عينيها بغزارة من فرط السعادة والانفعال ..
لم تلبث أن هتفت من بين الدموع :
- هذا هو حلمي .. هذه هي أمنيتي .. ها هو حلمي يتحقق .. وها هي أمنيتي تتحقق .. بتواجدي على ظعر " سفينة الحب " ... وبين هؤلاء الرفاق الرائعين ... أشكرك يا الله جزيل الشكر ..
إنني أرسم أحلامي على جدران هذه السفينة
واخط بريشتي على جدران الخيال
أجمل وأروع صورة للحب والتضحية
أرسم دمعات طفل وألونها بقطرات من دمي
وروحي تتهادى لتعانقها
أمزج الألوان لأتنبأ بلون الحرية
وأجمع ماء الفضيلة لأنثره زخات على الأمه العربية
علها تصحو
أعانق كل طفل وأضمه وأمسح دمعه
وأسرق الفرح لأهديه له
أحلامي باتت تتسلق على أشرعة " سفينة الحب "
لم تلبث أن أخرجت من داخل حقيبتها الكبيرة رزمة من الأوراق المطبوعة ( المخطوطات ) .. وراحت توزعها على الجميع .. هاتفة بسعادة :
- هذه القصيدة ( * ) كتبتها على لسان طفلة فلسطينية من غزة . وألقيتها في حفل ضخم ضم العديد من الرؤساء العرب من بينهم الرئيس المصري حسني مبارك ... فأبكت جميع الحاضرين في الحفل .
قام الجميع بتناول نسخهم .. ولكنهم أصروا إلا أن تقوم الأديبة الشاعرة بإلقاء القصيدة على مسامعهم .. فلم يسعها سوى الانصياع لمطالبهم الملحة .. وقامت بإلقاء القصيدة بصوت تخنقه العبرات .. قاطعها الجميع عدة مرات بالتصفيق والتهليل .. وفي النهاية .. صفق لها الجميع طويلاً .. طويلاً جداً .. ثم قامت بالتوقيع على نسخهم جميعاً بخط يدها وتوقيعها .
لم تلبث أن تقدمت الأستاذة / صفاء محمد العناني ، تشق الصفوف المتراصة .. لتصل إلى وسط الحلقة بينما كانت تتأبط رزمة ضخمة من الأوراق والمخطوطات ..
راحت توزعها على الجميع هاشة باشة .. أخبرتهم بأن هذه المخطوطات تحوي آخر قصائدها الإبداعية الراقية والتي كانت بمناسبة العيد .. وتحت عنوان " الطفل اليتيم " (**) .
ألح الجميع وأصروا إلا أن تلقي الأستاذة / صفاء القصيدة على مسامعهم بنفسها .
والحال كذلك ؛ لم يسع الأستاذة الأديبة سوى أن تستجيب لمطلبهم وإلحاحهم .
راحت تلقي القصيدة على مسامعهم بصوت يشبه الموسيقى الهادئة .. وما يشبه صوت الملائكة .. قاطعها الرفاق أكثر من مرة بالتصفيق والترحاب والتهليل .
بعد أن أتمت إلقاء القصيدة الرائعة .. اندفع الرفاق نحوها .. يمدون بأيديهم التي تحمل " مخطوطات القصيدة " لكي تقوم الأستاذة بوضع توقيعها الكريم عليها .
أصر " راسبوتين بن صابر " إلا أن يقيم بهذه المناسبة احتفالاً رائعاً .. بعقد حلقة " الدبكة " والزجل .. ما لبث أن شارك الجميع فيها بسعادة .
الصوت الرزين الوقور الهادئ .. يشق الصمت وهو يستغل لحظة التقاط أنفاس الجميع ..
- لقد بدأت الرحلة أيها الرفاق .
توقف الجميع عن " الدبكة " والزجل والأهازيج ..
هتف ( أبو غسان ) / عزام أبو الحمام :
- إلى أين أخي القبطان ؟؟!!
هتف القبطان ( أبو وسيم ) / نزار بهاء الدين الزين بكل ثقة وهدوء :
- إلى غزة ... لكسر الحصار
* القصيدة " للأستاذة إيفين دركي " : ( باللهجة العامية )
المشهد ..... حشد كبيرمن الرؤساء.....والصحافين ...ومن بين هؤلاء تسللت للقاعه طفله ...بعمر الورد ,,,,ضفايرها غافين ع كتافها .......والغره ع جبينها بنور القمر مسقيه.....والوش مثل البدر والعيون عسليه ....انتبه لها الرئيس حسني مبارك ....وسألها مين انت ......وقالتلو. ..
أنا الزهره البنفسجيه .........
أنا الزهره البنفسجيه .........
يلي على العوسج .....مرميه ....
تجرحت خدودي ...لما كسروا الأمل فيّّّّّ.......
ضاع مني الأمان ! يوم استشهد بيّ........
أنا السوسنه ب هاك العليه ............
سقفها من اليأس ....والأسيه .....................
انا نغمة ناي حزين .......ومحرومه من الحنيه .....
أنا الحزن ... ع تلال الطفو له المنسيه
أنا الشهيد الحيّ .....يلي ناطر المنيه .....
أنا ....ياريس ...الطفله الغزاويه .....
ببعت زورق ورق ...ورسايل ...عنوانها المحبه ...ت .إشحد الحنيه .......
ولم بصحى بالفجريه.........
بلاقي ا لموجات...بدموعها ع الرمال مرميه.......
بتقلي سامحيني .....ياورده نديه ,,,,,,,,
مابقدر وصلك هيّ.......................
أنا عم دور ع شط ....بين الدول العربيه ......
قالولي .............محاصره ....بقيود العرب و
والصهيونيه.....
شفت ياريس ....حتى زورقي محروم من الحريه.................................................
طّلع الريس ...بنظرة عطف ...وحنيه .......
قلها اطلبي ياحلوه واتمني هديه .......
ضحكت ...بغنج ...والعيون مستحيه ..........
قالتلو بدي فستان ...لونه زهر ....وشنته صغيره وطاقيه ....
استنى ياريس لا ...مابدي فستان .....
كيف بدي عيّد....وبيّ شهيد ...وخيّ اسير ...
وامي أرمله صبيه بالحزن مكويه.........
بدي لعبه ...كبيره .......ت نيمها حدي ...وغنيلها غنيه .....
لا ...مابدي لعبه .....بخاف ...ل تخاف من القصف .....
وتبرد ب ليالي الشتويه ....................
لا ....لا ...ياريس مابدي ...عيديه ......
بدي تمسح الدمع ...الليّ سكن بعينيّ..........................
بدي تهديني الأمل ......بدي تسرقلي الأمان ........
دي تعطيني الطفوله وتسرق الحزن والاسيه ......
بدي تفتح المعابر .....ت اتنفس حريه .............
بدي كون طير ....ت طير ع طراف الدنيّ. ..الهنيه .....
وغني نشيد ....الحريه ..............................
بتقدر ياريس ....وياسامعين ندا طفله غزاويه ..................
تهدوني .....الحريه ....................
إذا قلتوا ...طلبك مستحيل .....يابنت غزه الأبيه....
رح ا شتكي لرب الكون ........ورب البريه ....
رح ا شتكي لرب الكون ........ورب البريه ....
..........ويحاسبك ....يوم المنيه ......
ع ظلمي ....و ظلم أطفال بريه........
(**) قصيدة الطفل اليتيم للأستاذة / صفاء محمد العناني :
أنا طفل يتيم
أدعى فريد
جئتكم كي أقص عليكم
قصتي
وأهني
حضراتكم بالعيد
أمي الحنونة
ماتت منذ عامٍ
وقبلها بأيامٍ
فقدت
والدي القعيد
مات أملي
وضاع حلمي
بأن أعيش
كأي طفلٍ
عيشاً رغيد
وأصبحت
في هذه الدنيا
يتيماً بائساً وحيدّ!
من سيمسح على رأسي
يحتضن بؤسي
ويمنحني الحنان
في صباح العيد؟
ومن سيحضر لي
الثوب الجديد
من سيقبّل وجنتي
يمشط شعري
يمسح دمعتي
ويلبسني حذائي الجديد؟
من سيعطني العيدية
فأشتري ببعضها
حلوى
و"أتمرجح" بما يزيد؟
من سيرسم البسمة
على شفتي
من يجاور الرسول (صلى الله عليه وسلم)
في الجنة
ومن تراه سيصنع
للأيتام عيد؟
سأترك قلبي
يعانق شوقاً
وأصحب جرحي
وأترك عشقاً
وأعلن أني
عزمت الرحيل
لحلم جديدٍ
ووطن بعيدٍ
سأرحل قُدماً
إلى المستحيل
إلى حيث البراءة
حيث الطهارة
نهج الحياة
ووسم الأنام
وحلمي الجميل
إلى حيث لا ظلم
يقهر بشراً
إلى حيث العدالة
ريح تميل
سأمضي
لدنياي
تلك المنيرة
بنورٍ الإله
فلا للظلام
ولا للهيام
وقيلاً وقيل
ولن أهوى قلبا
كجلمود صخرٍ
ولن أهوى
إلا الخلوق
الأصيل
فما العشق إلا
لبلدي الحبيب
وما الحب إلا
لوطني الجميل!
( الجزء الخامس )
هتف القبطان بهدوء وثقة :
- .. إلى غزة ... لكسر الحصار ..
فوجئ الجميع بالأمر .. ران الصمت على الجميع للحظات .. لقد كانت مفاجأة بالفعل وبكل المقاييس بالنسبة لهم .
فعندما تلقوا الدعوات للتواجد على ظهر السفينة في المكان والزمان المحددين .. لم يكن أحداً يعلم ماهية تلك الرحلة التي سوف يقومون بها .. ولا وجهتها أو أهدافها .. هم اعتقدوا بأنها مجرد رحلة بحرية في المتوسط يتخللها المرح والسرور .. الغناء والزجل ..والطرب والرقص .. يشارك فيها الكتاب والأدباء والشعراء .. ولكن .. ها هو الربان يفجر المفاجأة أمام الجميع .. الذين بهتوا لهول المفاجأة لبعض الوقت .. فهم لم يكونوا يفكرون بمثل هذه الرحلة .. بل ولم يطرأ إلى أذهانهم مجرد فكرتها .. ولم يستعدوا لمثل هذا الأمر العظيم .
ما إن استوعبوا المفاجأة .. حتى كان التهليل والتكبير يتردد في جنبات السفينة .. وفي أرجاء السماء .. والبحر ..
شعروا بأن كل السفن .. في الميناء وكل الموانئ .. في البحر وكل البحار .. تشاركهم التهليل والتكبير .. شعروا بأن السماء تشاركهم الفرحة .. السعادة والغبطة .. وشعروا بأن أمواج البحر تشاركهم الرقص والإيقاع الجميل ..
راحت مجموعات كبيرة من طيور النورس تقوم باحتفالية رائعة على طريقتها للمشاركة .. فراحت تشكل أشكالاً هندسية رائعة في السماء .. تستعرض مهارتها في فن التحليق والتشكيلات .. الارتفاع والانخفاض والانقضاض .. وفي فن الطيران الهادئ الرقيق البديع .
كانت تحيط بهم من كل جانب .. تتمايل طرباً .. ترقص فرحاً .. تغطي السماء بتشكيلاتها الأكثر من جميلة .. الأكثر من رائعة .. الأكثر من بديعة .. راحت تستعرض كل فنونها في فن الطيران .. والحركات البديعة ..
ازدادت النشوة بالجميع .. وعادوا للتهليل والتكبير .. ليتردد صداه في جنبات السماء وأرجاء البحر .
ما إن كل الجميع من الغناء والرقص والتصفيق .. حتى انبرى الأديب / خيري حمدان بالحديث معاتباً القبطان / نزار بهاء الدين الزين :
- ولكنك يا أخي القبطان لم تعلمنا بمثل هذا الأمر مسبقاً ..
- وماذا في ذلك أخي خيري ؟؟
- فيه الكثير أيها القبطان الكبير ... فيه أن أحداً منا لم يحضر معه المواد الغذائية .. الأدوية .. الاحتياجات الضرورية .. الطعام وحليب الأطفال .. لكي نهبه لأهل غزة المحاصرين الصامدين .
قهقه القبطان عالياً .. طويلاً .. وسط عجب واستغراب الجميع .. وما إن هدأ قليلاً .. حتى تمتم بوقاره وهدوئه المعهودين :
- لا يا أخي الفاضل خيري .. إن أهل غزة لا يحتاجون الطعام والغذاء والدواء والكساء كما تفضلت .. فهم يحتاجون أيضاً إلى .. الحب ؟؟!!
شهق خيري حمدان .. وشاركه الأمر الأستاذ / عصام عقرباوي .. والأستاذ / أحمد القاطي ، تتمتموا سوية :
- الحب ؟؟!!
- نعم .. الحب .. فليس ما تفضلت به أيها السيد المبجل هو كل ما يحتاجه أهل غزة .. فهم يحتاجون للرعاية .. للقلوب المحبة .. للحب .. للمواساة . يبدو بأن الصورة المشوهة التي تنقل للعالم عن سفن كسر الحصار فيها الكثير من الخطأ .. الكثير من المغالطات .. وعدم الوضوح في الرؤية .. فكل سفن الحصار كانت تحاول الوصول إلى غزة لإحضار الطعام .. الغذاء .. الدواء .. الكساء ...
الأمر في سفينتنا هذه " سفينة الحب " مختلف .. مختلف تماماً .. فنحن لم نحضر الدواء .. الغذاء .. الكساء .
فقط نحن أحضرنا الحب .. القلوب العامرة بالحب .. ملأنا السفينة بالحب عن آخرها .. وقلوب الأحبة العامرة بالحب .. المواساة .. التراحم .. التآخي .. لذلك أسميناها " سفينة الحب " .
لم نطلق عليها اسم " سفينة الطعام .. الدواء .. الغذاء .. الكساء " .. بل هي أيها السادة " سفينة الحب " .
فأبناء غزة المحاصرين .. يحتاجون للحب .. للقلوب العامرة بالحب والإيمان بعدالة القضية .. تماماً كما هم يحتاجون الغذاء والدواء والكساء .
هل أدركتم أيها السادة الهدف النبيل .. السامي .. الراقي .. المنشود لسفينتنا " سفينة الحب " ؟؟ .
هتف الجميع بصوت واحد :
- لك يا غزة الحبيبة كل الحب .. معك يا غزة الصمود كل القلوب .. العامرة بالحب .. والإيمان .
دبت الحماسة بين الجميع .. من جديد .. راحوا يهللون ويكبرون ..ينشدون ويغنون .. يرقصون " الدبكة " .. فارتفع صوت الغناء والنشيد والتكبير حتى عنان السماء ...
.. فجأة ..
كانت السماء تتلبد بالغيوم .. وتمتلئ بالطيور المعدنية الضخمة الغريبة السوداء الموحشة .. وكان البحر يمتلئ بالسفن القاتمة الكريهة ..
ولم تلبث أن وصلت حمم البراكين الجهنمية قريباً من السفينة ؟؟!! .
( الجزء السادس )
ولم تلبث أن وصلت حمم البراكين الجهنمية قريباً من السفينة ؟؟!! .. سقطت في البحر ..
ولم تلبث أن ارتفعت الأصوات هادرة مزمجرة تثير القشعريرة في الأبدان .. تنطلق من مكبرات الصوت العملاقة مزمجرةً بلغة عربية ركيكة ..
- توكفوا .. توكفوا .. ( توقفوا .. توقفوا ) .
ثم تتبع كفحيح الأفعى :
- غير مسموخ لكم بالتكدم أكثر .. ( غير مسموح لكم بالتقدم أكثر ) .. إذا تكدمتم خطوة سوف تموتون .. سنطلق النار عليكم ونكتلكم جميعاً .
لم تلبث أن تبعت ذلك عدة قذائف تساقطت من حول السفينة وقريباً منها .. تبعها التهديد والوعيد من جديد .
نظر القبطان / نزار بهاء الدين الزين نحو الجميع يستوضح الأمر ويطلب المشورة والرأي .
اندفع عزام أبو الحمام ومنذر ارشيد وراسبوتين بن صابر وأبو سلطان بالصراخ :
- لا تأبه بهم أيها القبطان .. إنهم جبناء .. جبناء جداً .. لا تخف منهم .. لا تهتم بهم .. استمر في السير إلى الأمام وكأنه لم يحدث شيء .. استمر في التقدم .. استمر سيدي القبطان ..
تردد القبطان أبو وسيم قليلاً .. فاندفع نحوه منذر ارشيد هادراً مزمجراً :
- تنح يا سيدي القبطان .. تنح جانباً .. فأنا من سيقود السفينة إلى الأمام .. ولن آبه بهؤلاء الجبناء .. ولن أهتم بهم ولا بتهديداتهم الحمقاء .
لم يلبث القبطان ( أبو وسيم ) أن تنحى جانباً .. وأفسح مكانه في القيادة لـ " منذر ارشيد ( أبو العبد ) " .. الذي كان لا يزال يهدد ويزأر هادراً كالأسد الهصور .. والذي كان يحمل كل " نزق الثوار " :
- لن نخشاكم أيها الجبناء .. لن تخيفنا تهديداتكم وقنابلكم .. فسوف نكسر أنوفكم على شواطئ غزة .. قبل أن نكسر الحصار عن غزة .. وسوف نحطم جماجمكم الجوفاء وكبرياءكم الأحمق .. ويحكم أيها الأنذال .. ويحكم .
ضاعف القبطان الجديد " أبو العبد " من سرعة السفينة .. غير آبهٍ بالتهديدات ولا بالصليات والقذائف الجهنمية .
ازداد عدد سفن العدو في البحر .. وعدد الطائرات في السماء .. وعدد القذائف من حول السفينة وقريباً منها .. وحمى التهديدات عبر مكبرات الصوت الضخمة .
في البداية .. كان الجميع .. بدون استثناء .. قد أحسوا بشيء من الخوف والرهبة لهول الموقف العصيب .. خاصة عند بدء وصول القذائف الحارقة إلى السفينة وما حولها .. ولكنهم ما لبثوا أن أحسوا بالشجاعة الغامرة .. وقوة المراس .... وعظمة الحماس .. خاصة عندما تولى " الأسد الهصور " ( منذر ارشيد ) قيادة السفينة بحزم وقوة .. وبكل " نزق الثوار " .. رغم كل الأهوال ورغم كل التهديدات ..
راحت السيدات يشجعن الرجال .. ويثرن فيهم الحمية والحماسة والنخوة العربية الأصيلة .. ولم يلبث أن راح الجميع يهللون .. يكبرون .. يُسَبِحون .. يستنجدون بالله العلي القدير .
بينما راح المذيع الشهير الحاج أبو محمد ( عدنان زغموت ) يقوم بمتابعة وبث الأحداث الجارية وعلى الهواء مباشرة أولاً بأول من خلال آلات التسجيل والبث التي كان يحملها .. ويرسلها مباشرة إلى محطات التلفزة العربية والعالمية عبر الأقمار الاصطناعية .
القذائف تزداد ضراوة .. الفحيح يرتفع .. التهليل والتكبير يدوي .. قذيفة حمقاء تصل إلى السفينة .. إلى غرفة القيادة .. يصاب ( الأسد الهصور ) .. القبطان .. يصاب في يديه بإصابات حارقة .. يصرخ .. ليس ألماً أو فزعاً .. بل متوعداً .. هادراً .. مزمجراً ... يندفع نحوه بعض المتواجدين للإسعاف والنجدة .. لا يوجد لديهم أدوات أو أجهزة إسعاف حتى ولو كانت إسعافات أولية .. أو حتى مجرد الأشياء البسيطة كالقطن والشاش .. فهم لم يكونوا يتوقعون أن تكون رحلتهم ( البريئة ) .. رحلة الحب على " سفينة الحب " أن تكون بمثل هذا الشكل الدموي ..
اندفعت الأخوات نحو المصاب .. تنزع إحداهن " الإيشارب " عن رأسها .. تربطه فوق الجروح .. تمزق أخرى جزءاً من أطراف ثوبها الطويل وأكمامه .. .. تضعه فوق الجروح والحروق في اليد الأخرى .. تستعين ثالثة ورابعة وخامسة وسادسة , ..ببعض ( أدوات التجميل ) من كريمات وزجاجات عطور .. فيضعن منه شيئاً على الحروق والجروح ..
يحاولن إبعاد ( الأسد الهصور ) عن عجلة القيادة .. يستميت الرجل في التشبث بموقفه للاستمرار في القيادة رغم إصاباته .. بالكاد .. يستطيعون إقناعه بالابتعاد ولو لوقت قصير للراحة والمعالجة .. يستسلم الرجل مكرهاً للأمر .. يندفع " قبطان " آخر نحو عجلة القيادة .. .. وهو يهدر ويزمجر :
- سوف أريكم أيها الأنذال .. " كيف تورد الإبل " ..
يجلس الرجل أمام عجلة القيادة بقوة وثبات .... يقبض على العجلة بيدين من فولاذ .. .
يلتف الجميع من حوله .. يشجعونه .. ثمة صوت من بين الأصوات .. هادراً .. يشق الضجيج :
- حقاً ... ليس لها إلا أنت .. سيدي القبطان ...
( الجزء السابع )
- ... حقاً ليس لها إلا أنت .. أخي القبطان ... أيها الربان ... خيري حمدان .
.. القذائف ما زالت تنهمر بشدة من حول السفينة .. ربان السفينة الجديد يتقدم إلى الأمام غير آبهٍ ولا مبالٍ بتلك القذائف التي تنهمر من حوله كالمطر .. فهو لا يهاب مثل هذه الأمور.. وهو لا يهاب العدو الجبان لأنه قد اختبر سابقاً مدى جبنه .. وهو لا يهاب الموت أيضاً .
استدعى العدو المدد من جديد .. المزيد من الطائرات الحربية .. المزيد من السفن الحربية الضخمة .. باذلاً أقصى جهوده من أجل اعتراض وإيقاف السفينة " سفينة الحب " .. ومنعها من التقدم أكثر .. دون جدوى .
من خلال مكبرات الصوت .. كانت تصل الأوامر متتالية للسفينة بضرورة التوقف .. وكانت القذائف تتساقط من حول السفينة كالمطر .
في النهاية كان الأمر الحاسم الغريب يصل إلى مسامع الجميع :
- يبدو أن السفينة تحمل مجموعة من " المخربين " .. " الإرهابيين " .. " الإنتحاريين ".. سوف نقوم الآن بقصفها بالصواريخ .. عليكم بالتوقف فوراً .. فوراً .. الآن .
تناول ( أبو غسان ) .. عزام أبو الحمام أحد مكبرات الصوت الموجودة في السفينة .. صرخ من خلاله بأعلى صوته موجهاً الحديث لسفن العدو :
- نحن لسنا ( انتحاريين ) .. لسنا إرهابيين .. بل انتم هم الإرهابيين .. والإرهاب ذاته .. ولسنا مخربين كما تدعون ... نحن دعاة سلام .. جئنا من أجل كسر الحصار عن غزة سلمياً .
جاءه الصوت كالفحيح من الجانب الآخر :
- وماذا أحضرتم معكم لأهل غزة ؟؟ . قنابل .. صواريخ .. مدافع ؟؟
- نحن مجموعة سلم وسلام .. ولا علاقة لنا بمثل هذه الأشياء .. فهذه الأمور لها رجالها .. وهم ليسوا بحاجة لمساعدة منا .
زمجر الصوت الكريه من الجانب الآخر :
- وماذا أحضرتم إذن ؟؟!! .. الطعام .. الكساء .. الدواء .. الغذاء ؟؟ .. وهذه كلها ممنوعات أيضاً .. لأن أهل غزة يصنعون منها الصورايخ والقذائف .. وأيضاً هي تساعدهم على الاستمرار في الصمود في وجه الحصار .
هتف عزام أبو الحمام عبر مكبر الصوت الذي كان يحمله .. وبهدوء :
- لم نحضر طعام .. ولا كساء .. ولا دواء .. ولا غذاء .
يأتي الصوت من الجانب الآخر كفحيح الأفعى :
- ها ها ... ها ها .. وماذا أحضرتم إذن ؟؟!!
يرد عزام بهدوء وثبات :
- الحب !!
- ماذا ؟؟!!
- الحب .. أم تراه قد أصابكم الصمم أيضاً بعد أن أصابكم العمى ؟؟
- هاها .. هاها .. وما هو هذا الحب ؟؟
- بالطبع .. فإن أمثالكم لا يعرفون مثل هذا الشيء بالمطلق... " الحب " .. أنتم لا تعرفون سوى الكراهية .. القتل .. الدم .. الموت .. التخريب .
- شيكت .. ( أسكت ) .. لا تفضحنا هكذا في عرض البحر .. وعلى مسامع من سفن العالم .
- هاها ... ها ها .. تخافون الفضيحة في البحر وهي تملأ البر .. والبحر أيضاً ... وهي لصيقة بكم .. فكل العالم يعرفكم جيداً .. ويعرف مدى الحقد والكراهية التي عششت في قلوبكم .. ومدى حبكم لسفك الدماء .. كل العالم يعرف هذه الحقيقة .
- شيكت .. ( أسكت ) .. عليك أن تسكت .. وعليكم أن توقفوا السفينة عن التقدم .. وإلا .. فسوف نقذفكم بالصورايخ .. ونجعلكم طعاماً للسمك .. بعد أن نغرق سفيتكم المتواضعة هذه .
- هكذا أنتم دائماً .. تستعرضون عضلاتكم الزائفة .. وقوتكم الخرقاء .. وتفكيركم الأهوج .. أمام المسالمين .. العزل ... باللجوء إلى القتل .. الموت .. الدم ..
- شيكت .. ( أسكت ) .. عليك أن تأمر ربان السفينة بالتوقف .. وعدم التقدم أكثر .. وإلا فسوف نصيب الربان الجديد كما أصبنا الربان السابق .. وسوف نغرق سفينتكم هذه وبكل بساطة .
- قبطان السفينة لن يتوقف .. ونحن لن نتوقف .. لقد جئنا من شتى أصقاع الأرض لكسر الحصار عن غزة .. سلمياً .. نحن لا نملك أسلحة ... ولا ممنوعات .. حتى ولا أغذية أو أدوية .. نحن عزل .. مسالمون .. حتى لا تكون لكم حجة أمام العالم .. والذي كشف كل طرق ألاعيبكم وخداعكم .. نحن جئنا لهم .. فقط .. بالحب ... بالقلوب العامرة بالحب .
- سوف أعد حتى العشرة .. ثم أقذفكم بالصورايخ والقذائف المباشرة .. فأغرق سفينتكم هذه .. وأجعلكم طعاماً لحيتان البحر ..
واخد ... اتنين .... تلاته ...
- لتعد للمائة .. للألف .. للمليون .. لن نتوقف ... لن نتوقف .. لقد جئنا من أجل رسالة سامية .. ولن ترهبنا تهديداتكم الحمقاء هذه .. ولن نتراجع بالمطلق عن إتمام المسيرة وأداء الرسالة وتحقيق الهدف .
- أربعة .. خمسة .. ستة
- إذهب .. عليك اللعنة .. لن نتوقف حتى لو وصلت بالعد حتى المليون ..
- سبعة .. ثمانية .. تسعة ..
وقبل الوصول إلى العد العاشر .. كانت قذيفة صاروخية تنطلق من إحدى السفن الضخمة نحو السفينة ...
( الجزء الثامن )
وقبل الوصول إلى العد العاشر .. كانت قذيفة صاروخية تنطلق من إحدى السفن الضخمة نحو السفينة ...
فتسقط قريباً جداً من السفينة .. فتصيب شظاياها المتناثرة العديد من ركاب السفينة .
أصيب القبطان / خيري حمدان بإصابات عديدة .. فتنحى جانباً ليتولى قيادة السفينة بدلاً منه القبطان الجديد ..
... لم يلبث أن اندفع الجميع نحو عجلة القيادة يتسابقون .. يحاول كلاً منهم الاستئثار بشرف نيل قيادة السفينة ..
من أجل تولي قيادة السفينة ... هتف الصوت الهادئ الرزين مرة أخرى .. للرجل الوقور .. القائد الأعلى للسفينة .. القبطان / نزار بهاء الدين الزين ..
- لا تتعاركوا أيها الرفاق .. فلن يقود السفينة أحدكم ... بل سيقودها ذلك الرجل الذي يجلس بعيداً هناك .. هل ترونه .. هل تعرفونه ؟؟؟
إنه القبطان الشهير والبحار الخبير ... إنه الزميل الربان / مصطفى أبو وافية ..
هلل الجميع وفرحوا باقتراح القائد العام الأعلى .. الربان الكبير الأستاذ نزار وباختياره الموفق للربان الجديد مصطفي أبو وافيه .. الذي تقدم يشق الصفوف وليقف خلف عجلة القيادة بثقة واحتراف مهني ..
لم يلبث أن هدر القبطان الجديد " مصطفى أبو وافية " مزمجراً وبثقة عالية :
- إلى غزة ... لكسر الحصار ... هيا أيها الرفاق .
* * *
اندفع القبطان الجديد أبو وافية نحو عجلة القيادة .. ولكنه لم يقد السفينة سوى لبعض الوقت القصير لأنه فيما يبدو فإن محركات السفينة قد أصيبت إصابة شبه مباشرة .. فبدأت السفينة بالتوقف التدريجي .
ما إن كادت محركات السفينة تتوقف عن العمل نهائياً ... حتى فوجئ الجميع بقذيفة أخرى تنطلق نحو السفينة وغرفة القيادة .. أصابت إحدى الشظايا القبطان الجديد في شتى أنحاء جسده .. وخاصة في اليدين .. اندفع الجميع يتعاونون في إسعاف بعضهم البعض .. وإسعاف القبطان أبو وافيه وإخلائه من المكان ..
ما إن هدأت الأمور لبعض الوقت .. حتى كان الجميع يتدافعون من جديد نحو عجلة القيادة يتسابقون لنيل شرف قيادة السفينة .. فساد الهرج والمرج بين الجميع .
صوت نسائي هادر يخترق كل الأصوات .. ويجلجل في المكان هادراً :
- ومن قال بأن حق قيادة السفينة هو حكر على الرجال فحسب ؟؟!!
التفت الجميع ناحية مصدر الصوت بعد أن توقفوا عن التدافع .. واصل الصوت النسائي الحازم هديره :
- لا أيها السادة .. فليس قيادة " سفينة الحب " حكراً على الرجال فحسب .. فنحن النساء أيضاً قادرات على قيادة السفينة .. لأنها أولاً وأخيراً سفينة الجميع بلا استثناء .. ولأن بنا من قوة التحمل والحنكة لإدارة دفة الأمور بما لا يقل عن حنكة الرجال وقوتهم .
هتف الجميع بعد أن وقعت أنظارهم على المتحدثة :
- من ؟؟!! .. " متمردة " ؟؟!! لك ذلك يا سيدتي ..
تمتمت " متمردة " بصوت أقل حدة وضجيجاً :
- .. لم أكن لأقول ذلك لكي أستأثر دون رفيقاتي من بنات جلدتي بشرف قيادة السفينة .. فأنا لست بأنانية بالمطلق .. ولم أكن كذلك في يوم من الأيام .. ولن أكون كذلك الآن .
- ومن ترشحين إذن لقيادة السفينة ؟؟
- لقد اتفقنا جميعاً نحن السيدات فيما بيننا .. أن تكون قائدة السفينة .. وربانتها الجديدة .. هي السيدة / ميساء البشيتي .. فلديها من القوة والحنكة والخبرة ما يؤهلها لذلك .
هلل الجميع وكبروا .. ولم تلبث أن اندفعت ميساء البشيتي ناحية عجلة القيادة وهي تهدر مزمجرة :
- هيا أيها الرفاق .. هيا .. إلى غزة .. لكسر الحصار .
اندفعت ميساء البشيتي نحو عجلة القيادة .. وحاولت السيطرة على الموقف العصيب والصعب للسفينة بكل ما تستطيع من قوة وحنكة .. ولكن السفينة أخذت بالهدوء التدريجي .
لم يلبث أن انطلق صاروخ جديد من السفن الحربية .. يبدو بأن شظاياه قد أصابت العديد من المتواجدين .. فراحوا يساعدون بعضهم البعض في تضميد الجراح بقطع من ملابسهم .. ويبدو بأن بعض تلك الشظايا قد أصابت محركات السفينة من جديد .. فتوقفت نهائياً عن متابعة السير ..
انقضت السفن الحربية العسكرية من البحر .. شاركتها الطائرات الحربية العسكرية الانقضاض من الجو على " سفينة الحب " ولم يلبث أن صعد إلى سطحها العشرات .. المئات من جنود البحرية والمظليين .
كان عزام .. وأبو السلاطين ... ومنذر .. والقائد الأعلى الأستاذ / نزار بهاء الدين الزين .. قد أصدروا الأوامر المشددة للجميع بالدفاع عن أنفسهم بكل ما يستطيعون من قوة .. بالأيدي .. الأظافر .. الأسنان ..
تلا الحاج / لطفي الياسيني قول الله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم "
{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ) صدق الله العظيم
شعر جنود العدو بالزهو والغرور وهم يقابلون بضع عشرات من ركاب السفينة المسالمين العزل .. الذين كانوا لا يملكون أية أسلحة أو أية أدوات دفاع عن النفس .
أبدى الجميع استبسالاً عظيماً أمام جنود العدو المتدافعين إلى ظهر السفينة كالطوفان .. أظهر فريق الرجال مهارتهم وقوتهم في الوقوف في وجه جنود العدو وكالوا لهم اللكمات والضربات والركلات ...
أظهر فريق النسوة مهارته الفائقة أمام جنود العدو بالركل والصفع واللكم . .. أبدت فايزة كل قوتها ومهارتها في " الجودو " .. و " الكراتية " .. و " التايكاندو " و " الكونغ فو " فأسقطت العديد من جنود العدو على أرض السفينة .. وقذفت ببعضهم إلى البحر .. كانت تشاركها الأمر صديقتها وتوأم روحها ( متمردة ) فتذيق جنود العدو كل أنواع الإهانة والضرب ..
راحت ازدهار الأنصاري تكيل لهم اللكمات المتتالية والركلات المتعاقبة .. وكأنها تريد أن تنتقم منهم لقتلهم الآلاف والآلاف من المواطنين الأبرياء العزل في العراق وفلسطين .. وراحت بقية فرقة النساء يبدين مهارتهن وفنهن في المعركة للدفاع عن أنفسهن .. فأبلين بلاءً حسناً ... بل عظيماً .
راح الحاج الدكتور / لطفي الياسيني يردد الأشعار والأناشيد الحماسية .. يتبعها بآيات قرآنية وأحاديث نبوية ليشجع الجميع ويبث فيهم روح الحماسة والفداء .. يقف إلى جانبه الأستاذ / أحمد القاطي بقراءة الأدعية والآيات القرآنية بصوت جهوري ..
ولم تلبث أن هبت عاصفة من ريح قوي .. شديد .. طوحت بالعديد من الجنود إلى الأرض .. أرض السفينة .. وألقت ببعضهم في البحر .. وأعمت منهم الأبصار ...
والأمر كذلك .. وأمام هذا الدفاع المستميت من جميع رواد السفينة ... وأمام هذا الريح الصرصر العاتي .. لم يجد قائد العدو بداً من إصدار أوامره لجنوده بالانسحاب السريع والتقهقر .. فبدأ الجنود بالتراجع والتقهقر والانسحاب من المكان ..
أخذ رواد السفينة يلاحقونهم ويطاردونهم .. يكيلون لهم الركلات واللكمات .. وهم يفرون من أمامهم مذعورين .. إلى أن تم انسحاب الجنود بالكامل من المكان .. وقد خلفوا من ورائهم الآثار الدامغة على ما أصابهم من هلع وخوف وما حل بهم من هزيمة نكراء .
هلل الجميع وكبروا .. لأنهم استطاعوا أن يهزموا العدو المدجج بالسلاح .. وهم العزل من أي سلاح أو أية وسيلة دفاع .. سوى الإيمان وقوة العقيدة ..
هتف الدكتور / محمد فؤاد منصور :
- ولكن .. كيف استطعنا أن نهزمهم ؟؟ ولماذا لم يستعملوا السلاح ضدنا ؟؟..
هدر الشيخ الفاضل الدكتور لطفي الياسيني بصوت مجلجل مدوٍ :
- إنها حكمة الله وإرادته .. ولا شك بأن الله قد أرسل إليكم جنوداً لم تروها لمساعدتكم في الدفاع عن أنفسكم ضد هؤلاء الكفرة الفجرة .
تابع الأستاذ / أحمد القاطي بصوت مجلجل :
- قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز .. وبعد بسم الله الرحمن الرحيم : " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا " صدق الله العظيم .
لم يلبث أن عاد الصوت الوقح عبر مكبرات الصوت المدوية وهو يرتجف :
- اسمعوا .. اسمعوا ..؟؟!!
( الجزء التاسع )
- اسمعوا .. اسمعوا .. لن نهاجم السفينة .. دعونا نتفاهم .. دعونا نتفق ..؟؟!! .. نتفاهم ..؟؟!!
أدرك جميع من كان على السفينة بأن العدو سوف يلجأ إلى الحيلة والخداع كعادته ..
.. تابع الصوت عبر مكبرات الصوت :
- نحن نستطيع أن نغرق السفينة الآن بقذيفة صاروخية واحدة .. ولكن دعونا نتفاهم .. ونتفق .. سوف نجعلكم تتابعون الرحلة .. ولكن بعد أن نقوم بتفتيش السفينة .. لنتأكد بأنها لا تحمل أسلحة .. صواريخ .. قذائف .. ممنوعات .. هذا عرض لا يمكن رفضه من جانبكم .. موافقون ؟؟!!
تشاور رواد السفينة فيما بينهم .. وراحوا يتداولون الأمر .. قلبوه على جميع الوجوه .
وصلوا إلى نتائج واضحة .. بأن بإمكان العدو بالفعل إغراق السفينة المتواضعة بكل سهولة .. وسوف يخترع الحجج والأسباب الواهية والأكاذيب لتبرير أمر إغراق السفينة .. هذا من ناحية .
ومن الناحية الأخرى .. فهم لن يخسروا شيئاً في النهاية .. فهم لا يحملون في السفينة أية أسلحة أو ممنوعات .. حتى ولا الأطعمة والدواء .. ..
فليسمحوا للسفن بتفتيش سفينتهم .. فهم لم يحضروا معهم أية أشياء بالمطلق لا من هذا ولا من ذاك ..
ولكنهم كانوا متأكدين في النهاية .. بأن الأمر لن يكون سوى خدعة وحيلة جديدة من خدع وحيل العدو .
أمسك عزام أبو الحمام بمكبر الصوت .. وجه عبره الحديث لقائد السفن :
- نوافق .. بشرط ..
جاء الفحيح عن بعد :
- بشرط ؟؟!! .. هاها .. هاها .. تريدون وضع الشروط وأنتم في مثل هذا الوضع الصعب .. تفضل .. هات الشرط .
جاءه صوت عزام عبر مكبر الصوت هادئاً :
- أن لا يتم تفتيش الأفراد .. خاصة النساء .. وأن لا يحضر للتفتيش سوى عدد محدود من الجنود .. وأنت على رأسهم .
- موافق .. موافق .. موافق ..
سرعان ما كانت تندفع ناحية السفينة عدة قوارب حربية .. تحمل مجموعات من رجال البحرية ..
وصلوا ناحية السفينة .. صعدوا إليها ..
كان رواد السفينة يقفون متذمرين مشمئزين من غطرسة جنود العدو وتبجحهم ... وكان يقف على رأسهم القائد العام للسفينة .. والأستاذة / إفين ديركي التي تم اختيارها من الجميع كمتحدث رسمي باسم رواد السفينة .
كان القائد الأعلى العام للسفينة الأستاذ / نزار بهاء الدين الزين قد أصدر الأوامر لركاب السفينة بالانضباط التام .. والهدوء .. أثناء قيام جنود العدو بالتفتيش .. حتى لا تكون لهم ذريعة وحجة بافتعال المشاكل من جديد .. فهم لن يجدوا شيئاً على ظهر السفينة .. أو بداخلها .. لأن رواد السفينة أصلاً لم يحضروا معهم شيئاً .
أكد الجميع حرصهم على تنفيذ الأوامر لأن في ذلك تحقيق بالوعد والعهد بالاستمرار في الطريق للوصول إلى الهدف المنشود .
قام الضابط القائد ... بإصدار الأوامر السريعة لجنوده بالانتشار في شتى أرجاء السفينة .. للتفتيش في كل الأنحاء .. وبينما كان الجنود يقومون بالمأمورية كان الضابط يسأل عن قائد السفينة العام وربانها .. أو قائد الرحلة .. وعن المتحدث باسم رواد السفينة .. تقدم منه الأستاذ / نزار بهاء الدين الزين .. وتقدمت الأستاذة / إفين ديركي ..بهدوء واتزان .. وقالت له :
- ها هو القائد العام للسفينة .. وها أنا الناطقة الرسمية باسم المتواجدين عل ظهر السفينة .. " سفينة الحب " ..ها نحن يا هذا ... فماذا تريد ؟؟؟
تلعثم الضابط قليلا ً وهو يشاهد الأستاذ القدير الرجل المسن الوقور .. ويشاهد أيضاً الأستاذة الراقية / إفين ديركي وهي تخاطبه بكل رباطة جأش وثقة عالية بالنفس.. راح الضابط يخاطبهما بتودد مصطنع :
- لماذا جئتم إلى هنا ؟؟
ردت الأستاذة / إفين بكل هدوء وثقة :
- بل لماذا جئتم أنتم إلى هنا ؟؟!!
عاد التلعثم والاضطراب من جديد يسيطران على الضابط .. لم يحر جواباً .. أنقذه من الموقف العصيب صوت الأستاذة إفين الرقيق المهذب الواثق .. وبكل هدوء واتزان :
- أنت لا تعلم .. لا تعرف .. ولكن بالنسبة لنا .. فنحن نعلم .. نعرف.. لقد جئنا إلى هنا لكي نكون إلى جانب إخواننا وأهلينا في غزة .. ولكسر الحصار عنهم .. .
- ما رأيكم بأن تنزلوا ما لديكم من أشياء في الميناء القريب على غزة .. وهو ميناء أسدود .. ثم نقوم نحن بإرسال تلك الأشياء لغزة وأهلها ؟ .
- نحن لا نحمل أية أشياء بالمطلق كما ترى .. وكما سترى .
- وماذا أحضرتم إذن ؟؟
- أنتم دائماً تنظرون إلى الأمور بطريقة مغلوطة .. تظنون بأن غزة في حاجة للخبز والطعام والدواء فقط .
- وماذا يحتاجون غير ذلك إذن ؟؟!!
- يحتاجون الحب .. الحب .. القلوب العامرة بالحب .
- وماذا سيفعلون بهذه الأشياء ؟؟!!
- إنها الغذاء الروحي لهم .. إنها المقومات الأساسية للصمود .. للتحدي .. فهم ليسوا بحاجة للطعام والدواء فحسب .. بل هم بحاجة للحب .. للحياة .. للحرية .
- وكم هي كمية الحب التي أحضرتموها على هذه السفينة ؟؟!!
- أحضرنا كل الحب .. الموجود في كل قلب .. في كل القلوب .. في كل العالم .. في كل الدنيا .. أنتم بطبعكم لا تعرفون مثل هذه الأشياء .. وبالطبع .. فأنتم لا تدركون قيمتها ..
- أنا أقول .. بأن نختصر الأمور .. ولا داعي لافتعال المشاكل .. عليكم أن تعودوا الآن من حيث أتيتم .. وسوف نأخذ هذا الحب الذي تدعونه .. وسوف نرسله نيابة عنكم إلى غزة ..
- هذا الذي أحضرناه .. الحب أعني .. أسمى من أن يمسه أحدكم .. ولا يصل عن طريق أمثالكم .. إنه يصل من القلب إلى القلب .. من القلوب إلى القلوب مباشرة .. بدون وساطة من هم أمثالكم .
في هذه الأثناء كان بعض الجنود قد وصلوا إلى المكان بعد أن قاموا بالتفتيش الدقيق في السفينة ولم يعثروا على شيء .. فأخبروا قائدهم بذلك .. وعندما كان يهم بمغادرة المكان .. كان أحد الجنود يأتي مهرولاً جزعاً مضطرباً .. راح يحادث القائد :
- لقد وجدت العديد من الممنوعات .. الأشياء الخطيرة .. بل الخطيرة جداً ..!!!
رد القائد وهو ينتفض رعباً :
- لقد قلت منذ البداية .. بأن الأمور سوف لا تكون على ما يرام .. ولا بد بأن هذه السفينة تحمل الممنوعات والمحظورات .. عليك حالاً .. حالاً .. أن تحضر ما وجدته من أشياء خطيرة ومحظورة إلى هنا .. أمامي .. وأمام قائد وربان السفينة هذا الذي يتصنع الوقار والاتزان .. وأما هذه السيدة أيضاً .
غاب الجندي لبعض الوقت .. ثم عاد إلى المكان برفقة بعض الجنود .. عادوا وهم يحملون بين أيديهم بعض الأشياء والأشياء .. وضعوها على الأرض أمام الضابط والقائد العام والناطقة الرسمية باسم رواد السفينة .. هتف الجندي وهو يرتجف :
- تفضل يا سيدي .. ها هي الأشياء الخطرة .. الممنوعة .. المحظورة ؟؟!!
( الجزء العاشر )
- تفضل يا سيدي .. ها هي الأشياء الخطرة .. الممنوعة .. المحظورة ؟؟!!
.. بهت الضابط مما رأى .. وبهت القائد الأعلى العام للسفينة للأمر .. وكذلك الأستاذة الناطقة باسم ركاب السفينة ؟؟!! .. لم تكن تلك الأشياء الخطرة .. المحظورة .. الممنوعة .. سوى مجموعة كبيرة من الأقلام .. الأوراق .. والكتب .
.. ارتعش الضابط بشدة .. صرخ مزمجراً :
- لقد قلت منذ البداية بأن هذه السفينة ليست بريئة .. ولا بد بأنها تحمل أشياء خطرة .. ممنوعة .. محظورة .
.. أشار الضابط بيده نحو الجندي والجنود الآخرين بإشارة معينة .. لم يلب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق