وتراب قبري قد أهيل وصرتُ في لحدي سجينْ

وتراب قبري قد أهيل وصرتُ في لحدي سجينْ

 

حملوا على النعش الحزين جسدي وهم يتثاقلونْ
خطواتهم تبكي على درب الأخيرة في سكونْ
يبكون بُعد حبيبهم وكأن جمرا في العيونْ
وتراب قبري قد أهيل وصرتُ في لحدي سجينْ
وتمر أيام على دفني كأن مرت سنونْ

لا جار لي إلا التراب وبعضُ أشلاء الغصونْ

وحدي أنا وحدي معي زاد قليل والشجونْ
وتركت ما قد كان لي فالمال بعدُ لمن يكونْ؟
وكتاب عُمري قد طوى صفحاته سر المنونْ
خلّفت أهلي في ظلال نعيمهمْ يتقلبونْ
مالي إليهم من رجوع لا ولا هم يأبهونْ
وتقلبوا في لهوهم فكأنهمْ لا يعرفونْ
يتسامرون ويضحكون بغفلة يتنعمونْ
وإذا جرى ذكري دعَوا وسرورَهم لا يقطعونْ
فكأنّ لي حلُم قديم أو هُمُ لا يذكرونْ
قطعوا زيارة حِبّهمْ عن قبره يتغافلونْ
وحنينهمْ صرفوه عني يا لذي القلب الحنونْ
ما أبعد القبر القريب بغربة الثاوي الدفينْ
شغلتهم الدنيا كعادتها بموعدها الخؤونْ
يا ما وردتُ بحبها والآن في ذنبي رهينْ
ضيّعتُ من عُمري سنينَ وهم سنينَ يُضيّعونْ

جسدي الذي أعززته للدود في قبري يهونْ
فتراه يأكل ما يريد ولا أصد ولا أصونْ
فاذكر عبيدَ الله أنك كنت من ماء مهينْ
خلوا المنام أحبتي واستيقظوا يا راقدونْ
لا يبلغ الناس العلا وهمُ كسالى نائمونْ
فالجنة العليا لمن همْ للمعالي طالبونْ
القائمون الليل تقوى المؤمنون المُخلصونْ
الصائمون نهارهمْ ولربهمْ همْ خاشعونْ
هذا نداء الراحلين لكمْ وأنتم راحلونْ
يا لاحقونَ غدا لكم مثلُ الذي للسابقينْ
أباؤكمْ رهن القبور متى متى تستيقظونْ
ماتوا بآجالٍ وأنتمْ عن قريبٍ ميتونْ