الجمعة، 10 فبراير 2017

أسد الله الثاني



كلنا يعرف أسد الله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عم رسول الله صلي الله عليه وسلم والصحابي الجليل سيد الشهداء .. لكن هناك من أطلق عليه الرسول هذا اللقب بعد استشهاد عمه الحبيب حمزة وهو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب .. وقصته مع الاسلام عجيبة وغريبة .. فقد كانت كل العوامل ترجح أن يكون من السباقين للإسلام والمدافعين عنه ، وخاصة انه كان ابن عم رسول الله صلي الله عليه وسلم وصديقه وأخاه من الرضاعة .. وكان من الهاشميين الأربعة الذين كانوا شديدي الشبه برسول الله صلي الله عليه وسلم وهم بجانب أبي سفيان صاحب موضوعنا الحسن بن علي رضي الله عنهما وعن آل البيت أجمعين ،وجعفر ابن ابي طالب رضي الله عنه ،وقثم بن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما ،لكن العجيب أنه بمجرد نبوة ابن عمه العظيم انقلبت حياةأبي سفيان رأسا علي عقب ،وبدلا من ان يكون سندا وعونا للرسول الكريم كان من ألد أعدائه .. وانقلبت المحبة الي كراهية .. والصداقة الحميمة الي عداوة .. ولم يكتف أبو سفيان بذلك بل استغل شاعريته في هجاء ابن عمه العظيم صلي الله عليه وسلم .. ولذلك لم يكن غريبا ان يهدر الرسول دمه بعد ان لقي منه كل هذه العداوة والبغضاء .. وعندما جاء الرسول بجيشه الجرار لفتح مكة أدرك ابو سفيان أن بقاءه في مكة يعني هلاكه ، فقرر الرحيل فقالت له زوجته الي أين قال الي أي مكان لايترصدني فيه محمد وأصحابه، قالت لقد أصبحت الجزيرة العربية كلها في قبضة ابن عمك فاذهب اليه واطلب الصفح والعفو فقد عهدناه برا كريما .. واستجاب أبو سفيان لنصيحة زوجته واصطحب ابنه جعفرا وذهب الي الرسول صلي الله عليه وسلم متخفيا مخافه أن يراه أحد من المسلمين ويعرفه فيقتله لأنه مهدر الدم .. حتي جاء الي الرسول المصطفي وقال له جئتك مسلما يارسول الله فأعرض عنه الرسول في بداية الأمر .. فلما وجد أبو سفيان هذا الأعراض حاول ان يستلين قلب الرسول العظيم ،وقال له يارسول الله لئن لم تقبلني لأخذن ابني ونهيم علي وجهينا في الصحراء حتي نموت جوعا وعطشا .. فرق له قلب الرسول وقال لعلي رضي الله عنه خذ ابن عمك وعلمه كيف يؤدي الصلاة .. في هذه اللحظات أدرك أبو سفيان ان ذنبه بالفعل عظيم وأنه مطالب بأعمال كبيرة ليرضي عنه الرسول ،ويعود محبا له مثلما كان في الماضي البعيد ،قبل أن يستسلم ابو سفيان لشيطانه ويهجو وينال من ابن عمه العظيم .. وجاءت اللحظة التي كان ينتظرها .. جاءت غزوة حنين وانكسر المسلمون في بداية الأمر بعد أن اعجبتهم كثرتهم فلم تغن عنهم شيئا ، وفي هذا الموقف العصيب لم يثبت مع النبي الا بضع عشرات من أهل بيته والصحابة كان في مقدمتهم أبو سفيان الذي كان يمسك بغلة الرسول بيد ويضرب المشركين باليد الأخري، وعندما انجلي غبار المعركة وانتصر المسلمون نظر الرسول العظيم الي أبي سفيان نظرة المحب المشفق وقال :من.. أخي أبو سفيان فزلزلزت كلمة أخي كيان أبي سفيان وانكب علي قدمي رسول الله صلي الله عليه وسلم يقبلهما ويقدم بدموعه الغزيرة اعتذارا لأبن عمه الكريم علي مافعله به أيام الجاهلية .. ويظهر في هذا المشهد المهيب العباس بن عبد المطلب عم رسول الله وعم أبي سفيان فيقول: يارسول الله هذا أخوك ابو سفيان ارض عنه يارسول الله ،فيقول المصطفي صلي الله عليه وسلم لعمه :رضيت جعله الله عوضا عن حمزة .. فيهنئ المسلمون أبا سفيان بهذا اللقب الجليل أسد الله .. وقبل أن يموت بايام قليلة وجده الناس يجهز لحدا في البقيع ،فقالوا له ماذا تفعل ياأبا سفيان قال أجهز قبري ولم تمر سوي ثلاثة أيام حتي جاءت لحظة الرحيل عن الدنيا وحوله أهله يبكون فيقول لهم لماذا تبكون فلم أتلطخ بخطيئة منذ أن اسلمت ،ورفع بصره إلي السماء وفاضت روحه إلي بارئها في مستهل خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويصلي عليه عمر والصحابة ويدفن بالبقيع .
المصادر
رجال حول الرسول
سيرة بن هشام
أ


صورة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق