قصص من التراث (13).. أبو جعفر وطباخه والجهبذ !..
يزخر التراث العربي بالكثير من القصص والحكايات المليئة بالحكمة والعبرة وأحيانا الفكاهة .. والتي أصبحت موروثا ثقافيا في بعض بلداننا رغم اختلاف الزمن وتطور الحياة ..
أبو جعفر وطباخه والجهبذ :
كان في مصر رجل يعرف بأبي جعفر الشق، شبيه بأبي علي بن الجصاص في الغفلة والجد والنعمة .. وقد حضر إليه رجل مرة .. فطلب إليه أن ينتظر ليأكل معه ..
فقدم الطعام .. وفيه حصرمية غير محكمة .. وهي طبق عربي من اللحم بقشور الباذنجان مع عصارة العنب المبهر بالتوابل ..
فرفع يده مستنكرا .. وقال : كيف لمثل مطبخي أن يخرج منه مثل هذه ؟.. علي بالطباخ ؟!..
فأتي به .. فقال له : ما هذا العمل ؟..
فقال : يا سيدي إنما أنا صانع .. وعلى قدر ما أعطى أعمل .. وقد سألت المنفق يشتري لي ما أحتاج إليه فتأخر عني .. فعملت على غير تمكن .. فجاء التقصير كما ترى ..
فقال : علي بالمنفق .. فأحضر المنفق ..
فقال : مالي قليل ؟..
قال : لا يا سيدي .. بل عندك نعم واسعة ..
قال : فما لك تضايقنا في النفقة ولا توسع كما وسع الله علينا ؟..
قال : يا سيدي .. إنما أنفق ما أُعْطَى .. وقد سألت الجهبذ أن يدفع لي فتأخر عني ..
فقال : علي بالجهبذ .. فأتي به ..
فقال : ما لك لم تدفع للمنفق شيئًا ؟..
قال : لم يوقع لي الكاتب ..
فقال للكاتب : لِمَ لَمْ تدفع إليه شيئًا ؟..
فتلعثم في الكلام .. ولم يكن عنده جواب ..
فقال للكاتب : قف هاهنا .. فوقف ..
ووقف خلفه الجهبذ .. ووقف خَلْفَ الجهبذ المنفق .. وخَلْفَ المنفق الطباخ ..
وقال : نفيت من فلان إن لم يَصْفَعْ كلُّ واحد منكم مَنْ يليه بأكثر ما يقدر عليه .. فتصافعوا ..
قال : فخرجت وأنا متعجب من غباوته !.. ودقته في هذا الحكم !؟..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق