الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012

الصدقة فضائلها وأنواعها

19 أبريل 2004 

الصدقة فضائلها وأنواعها
علي بن محمد الدهامي
دار القاس

صورة المطوية









الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
قال الله تعالى آمراً نبيه : قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ [إبراهيم:31]. ويقول جل وعلا: وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ... [البقرة:195]. وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم [البقرة:254]. وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ [البقرة:267]. وقال سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن:16].
ومن الأحاديث الدالة على فضل الصدقة قوله : { ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة } [في الصحيحين]. والمتأمل للنصوص التي جاءت آمرة بالصدقة مرغبة فيها يدرك ما للصدقة من الفضل الذي قد لا يصل إلى مثله غيرها من الأعمال، حتى قال عمر رضي الله عنه: ( ذكر لي أن الأعمال تباهي، فتقول الصدقة: أنا أفضلكم ) [صحيح الترغيب].
فضائل وفوائد الصدقة
أولاً: أنها تطفىء غضب الله سبحانه وتعالى كما في قوله : { إن صدقة السر تطفىء غضب الرب تبارك وتعالى } [صحيح الترغيب].
ثانياً: أنها تمحو الخطيئة، وتذهب نارها كما في قوله : { والصدقة تطفىء الخطيئة كما تطفىء الماء النار } [صحيح الترغيب].
ثالثاً: أنها وقاية من النار كما في قوله : { فاتقوا النار، ولو بشق تمرة }.
رابعاً: أن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما في حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله يقول: { كل امرىء في ظل صدقته، حتى يُقضى بين الناس }. قال يزيد: ( فكان أبو مرثد لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء ولو كعكة أو بصلة )، قد ذكر النبي أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: { رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه } [في الصحيحين].
خامساً: أن في الصدقة دواء للأمراض البدنية كما في قوله : { داووا مرضاكم بالصدقة }. يقول ابن شقيق: ( سمعت ابن المبارك وسأله رجل: عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سبع سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع به، فقال: اذهب فأحفر بئراً في مكان حاجة إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ ) [صحيح الترغيب].
سادساً: إن فيها دواء للأمراض القلبية كما في قوله لمن شكى إليه قسوة قلبه: { إذا إردت تليين قلبك فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم } [رواه أحمد].
سابعاً: أن الله يدفع بالصدقة أنواعاً من البلاء كما في وصية يحيى عليه السلام لبني إسرائيل: ( وآمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه فقال: أنا أفتدي منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم ) [صحيح الجامع] فالصدقة لها تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجرٍ أو ظالمٍ بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها أنواعاً من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض مقرون به لأنهم قد جربوه.
ثامناً: أن العبد إنما يصل حقيقة البر بالصدقة كما جاء في قوله تعالى: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92].
تاسعاً: أن المنفق يدعو له الملك كل يوم بخلاف الممسك وفي ذلك يقول : { ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً } [في الصحيحين].
عاشراً: أن صاحب الصدقة يبارك له في ماله كما أخبر النبي عن ذلك بقوله: { ما نقصت صدقة من مال } [في صحيح مسلم].
الحادي عشر: أنه لا يبقى لصاحب المال من ماله إلا ما تصدق به كما في قوله تعالى: وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ [البقرة:272]. ولما سأل النبي عائشة رضي الله عنها عن الشاة التي ذبحوها ما بقى منها: قالت: ما بقى منها إلا كتفها. قال: { بقي كلها غير كتفها } [في صحيح مسلم].
الثاني عشر: أن الله يضاعف للمتصدق أجره كما في قوله عز وجل: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد:18]. وقوله سبحانه: مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة:245].
الثالث عشر: أن صاحبها يدعى من باب خاص من أبواب الجنة يقال له باب الصدقة كما في حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: { من أنفق زوجين في سبيل الله، نودي في الجنة يا عبد الله، هذا خير: فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان } قال أبو بكر: يا رسول الله، ما على من دُعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها: قال: { نعم وأرجو أن تكون منهم } [في الصحيحين].
الرابع عشر: أنها متى ما اجتمعت مع الصيام واتباع الجنازة وعيادة المريض في يوم واحد إلا أوجب ذلك لصاحبه الجنة كما في حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: { من أصبح منكم اليوم صائماً؟ } قال أبو بكر: أنا. قال: { فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ } قال أبو بكر: أنا. قال: { فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ } قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله : { ما اجتمعت في امرىء إلا دخل الجنة } [رواه مسلم].
الخامس عشر: أن فيها انشراح الصدر، وراحة القلب وطمأنينته، فإن النبي ضرب مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما فأما المنفق فلا ينفق إلا اتسعت أو فرت على جلده حتى يخفى أثره، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع [في الصحيحين] ( فالمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه، وانفسح بها صدره، فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه، فكلمَّا تصدَّق اتسع وانفسح وانشرح، وقوي فرحه، وعظم سروره، ولو لم يكن في الصَّدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبدُ حقيقياً بالاستكثار منها والمبادرة إليها وقد قال تعالى: وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ [الحشر:9].
السادس عشر: أنَّ المنفق إذا كان من العلماء فهو بأفضل المنازل عند الله كما في قوله : { إنَّما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل.. } الحديث.
السابع عشر: أنَّ النبَّي جعل الغنى مع الإنفاق بمنزلة القرآن مع القيام به، وذلك في قوله : { لا حسد إلا في اثنين: رجلٌ آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل والنهار }، فكيف إذا وفق الله عبده إلى الجمع بين ذلك كله؟ نسأل الله الكريم من فضله.
الثامن عشر: أنَّ العبد موفٍ بالعهد الذي بينه وبين الله ومتممٌ للصفقة التي عقدها معه متى ما بذل نفسه وماله في سبيل الله يشير إلى ذلك قوله جل وعلا: إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقتَلُونَ وَعداً عَلَيْهِ حَقّاً فِى التَّورَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالقُرءَانِ وَمَنْ أَوفَى بِعَهدِهِ مِنَ اللهِ فَاستَبشِرُواْ بِبَيعِكُمُ الَّذِى بَايَعتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ [التوبة:111].
التاسع عشر: أنَّ الصدقة دليلٌ على صدق العبد وإيمانه كما في قوله : { والصدقة برهان } [رواه مسلم].
العشرون: أنَّ الصدقة مطهرة للمال، تخلصه من الدَّخن الذي يصيبه من جراء اللغو، والحلف، والكذب، والغفلة فقد كان النَّبي يوصي التَّجار بقوله: { يا معشر التجار، إنَّ هذا البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة } [رواه أحمد والنسائي وابن ماجة، صحيح الجامع].
أفضل الصدقات
الأول: الصدقة الخفية؛ لأنَّها أقرب إلى الإخلاص من المعلنة وفي ذلك يقول جل وعلا: إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِىَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتؤْتُوهَا الفُقَرَاءِ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ [البقرة:271]، ( فأخبر أنَّ إعطاءها للفقير في خفية خيرٌ للمنفق من إظهلرها وإعلانها، وتأمَّل تقييده تعالى الإخفاء بإتيان الفقراء خاصة ولم يقل: وإن تخفوها فهو خيرٌ لكم، فإنَّ من الصدقة ما لا يمكن إخفاؤه كتجهيز جيشٍ، وبناء قنطرة، وإجراء نهر، أو غير ذلك، وأمَّا إيتاؤها الفقراء ففي إخفائها من الفوائد، والستر عليه، وعدم تخجيله بين النَّاس وإقامته مقام الفضيحة، وأن يرى الناس أن يده هي اليد السفلى، وأنَّه لا شيء له، فيزهدون في معاملته ومعاوضته، وهذا قدرٌ زائدٌ من الإحسان إليه بمجرد الصدقة مع تضمنه الإخلاص، وعدم المراءاة، وطلبهم المحمدة من الناس. وكان إخفاؤها للفقير خيراً من إظهارها بين الناس، ومن هذا مدح النبي صدقة السَّر، وأثنى على فاعلها، وأخبر أنَّه أحد السبعة الذين هم في ظلِّ عرش الرحمن يوم القيامة، ولهذا جعله سبحانه خيراً للمنفق وأخبر أنَّه يكفر عنه بذلك الإنفاق من سيئاته [طريق الهجرتين].
الثانية: الصدقةُ في حال الصحة والقوة أفضل من الوصية بعد الموت أو حال المرض والاحتضار كما في قوله : { أفضل الصدقة أن تصدَّق وأنت صحيحٌ شحيحُ، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان كذا } [في الصحيحين].
الثالثة: الصدقة التي تكون بعد أداء الواجب كما في قوله عز وجل: وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْوَ [البقرة:219]، وقوله : { لا صدقة إلا عن ظهر غنى... }، وفي رواية: { وخير الصدقة ظهر غنى } [كلا الروايتين في البخاري].
الرابعة: بذل الإنسان ما يستطيعه ويطيقه مع القلة والحاجة؛ لقوله : { أفضل الصدقة جهد المُقل، وابدأ بمن تعول } [رواه أبو داود]، وقال : { سبق درهم مائة ألف درهم }، قالوا: وكيف؟! قال: { كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عرض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها } [رواه النسائي، صحيح الجامع]، قال البغوي رحمه الله: ( والإختيار للرجل أن يتصدق بالفضل من ماله، ويستبقي لنفسه قوتاً لما يخاف عليه من فتنة الفقر، وربما يلحقه الندم على ما فعل، فيبطل به أجره، ويبقى كلاً على الناس، ولم ينكر النبي على أبي بكر خروجه من ماله أجمع، لَّما علم من قوة يقينه وصحة توكله، فلم يخف عليه الفتنة، كما خافها على غيره، أما من تصدق وأهله محتاجون إليه أو عليه دين فليس له ذلك، وأداء الدين والإنفاق على الأهل أولى، إلا أن يكون معروفاً بالصبر، فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة كفعل أبي بكر، وكذلك آثر الأنصار المهاجرين، فأثنى الله عليهم بقوله وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر:9] وهي الحاجة والفقر [شرح السنة].
الخامسة: الإنفاق على الأولاد كما في قوله : { الرجل إذا أنفق النفقة على أهله يحتسبها كانت له صدقة } [في الصحيحين]، وقوله : { أربعة دنانير: دينار أعطيته مسكيناً، ودينار أعطيته في رقبةٍ، ودينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته على أهلك، أفضلها الدينار الذي أنفقته على أهلك } [رواه مسلم].
السادسة: الصدقة على القريب، كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالاً، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله يدخلها ويشرب من ماء فيها طيِّبٍ. قال أنس: ( فلما أنزلت هذه الآية: لَن تَنَالُواْ البِر حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]. قام أبو طلحة إلى رسول الله فقال: يا رسول الله إنَّ الله يقول في كتابه لَن تَنَالُواْ البِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال رسول الله : { بخ بخ مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، إني أرى أن تجعلها في الأقربين }. فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول، فقسَّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه [في الصحيحين].
وقال : { الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة } [رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة]، وأخصُّ الأقارب - بعد من تلزمه نفقتهم - اثنان:
الأول: اليتيم؛ لقوله جلَّ وعلا: فَلا اقتَحَمَ العَقَبَةَ (11) وَمَا أدرَاكَ مَا العَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَو إِطعَامٌ فِى يَومٍ ذي مَسغَبَةٍ (14) يَتِيماً ذَا مَقرَبَةٍ (15) أَو مِسكِيناً ذَا مَتْرَبةَ [البلد:11-16]. والمسغبة: الجوع والشِّدة.
الثاني: القريب الذي يضمر العداوة ويخفيها؛ فقد قال : { أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح } [رواه أحمد وأبو داود والترمذي صحيح الجامع].
السابعة: الصَّدقة على الجار؛ فقد أوصى به الله سبحانه وتعالى بقوله: وَالْجَارِ ذِي القُرْبَى وَالْجَارِ الجُنُبِ [النساء:36] وأوصى النبي أبا ذر بقوله: { وإذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، واغرف لجيرانك منها } [رواه مسلم].
الثامنة: الصدقة على الصاحب والصديق في سبيل الله؛ لقوله : { أفضل الدنانير: دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله عز وجل } [رواه مسلم].
التاسعة: النفقة في الجهاد في سبيل الله سواء كان جهاداً للكفار أو المنافقين، فإنه من أعظم ما بُذلت فيه الأموال؛ فإن الله أمر بذلك في غير ما موضع من كتابه، وقدَّم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في أكثر الآيات ومن ذلك قوله سبحانه: انفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْبِأَموَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة:41]، وقال سبحانه مبيناً صفات المؤمنين الكُمَّل الذين وصفهم بالصدق إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَم يَرتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات:15]، وأثنى سبحانه وتعالى على رسوله وأصحابه رضوان الله عليهم بذلك في قوله: لَكِنَ الرَّسُولُ وَالذَّينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الخَيرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوزُ العَظِيمُ [التوبة:89،88]، ويقول عليه الصلاة والسلام: { أفضل الصدقات ظلُّ فسطاطٍ في سبيل الله عز وجل أو منحة خادم في سبيل الله، أو طروقة فحل في سبيل الله } [رواه أحمد والترمذي، صحيح الجامع]، وقال : { من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا } [في الصحيحين]، ولكن ليُعلم أن أفضل الصدقة في الجهاد في سبيل الله ما كان في وقت الحاجة والقلة في المسلمين كما هو في وقتنا هذا، أمَّا ما كان في وقت كفاية وانتصار للمسلمين فلا شك أن في ذلك خيراً ولكن لا يعدل الأجر في الحالة الأولى: وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد:11،10]. ( إن الذي ينفق ويقاتل والعقيدة مطاردة، والأنصار قلة، وليس في الأفق ظل منفعة، ولا سلطان، ولا رخاء غير الذي ينفق، ويقاتل، والعقيدة آمنة، والأنصار كثرةٌ والنصر والغلبة والفوز قريبة المنازل، ذلك متعلق مباشرةً لله متجردٌ تجرداً كاملاً لا شبهة فيه، عميق الثقة والطمأنينة بالله وحده، بعيدٌ عن كل سبب ظاهر، وكل واقع قريب لا يجد على الخير أعواناً إلا ما يستمده مباشرةً من عقيدته، وهذا له على الخير أنصارٌ حتى حين تصح نيته ويتجرد تجرد الأوليين ) [في ظلال القرآن].
العاشرة: الصدقة الجارية: وهي ما يبقى بعد موت العبد، ويستمر أجره عليه؛ لقوله : { إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له } [رواه مسلم].
وإليك بعضاً من مجالات الصدقة الجارية التي جاء النص بها:
مجالات الصدقة الجارية
1 - سقي الماء وحفر الآبار؛ لقولة : { أفضل الصدقة سقي الماء } [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة:صحيح الجامع].
2 - إطعام الطعام؛ فإن النبي لما سُئل: أي الإسلام خير؟ قال: { تُطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف } [في الصحيحين].
3 - بناء المساجد؛ لقوله : { من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله، بنى الله له بيتاً في الجنة } [في الصحيحين]، وعن جابر أن رسول الله قال: { من حفر بئر ماء لم يشرب منه كبد حرى من جن ولا إنس ولا طائر إلا آجره الله يوم القيامة، ومن بنى مسجداً كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتاً في الجنة } [صحيح الترغيب].
4 - الإنفاق على نشر العلم، وتوزيع المصاحف، وبناء البيوت لابن السبيل، ومن كان في حكمه كاليتيم والأرملة ونحوهما، فعن أبي هريرة قال: قال : { إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره، أو ولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته } [رواه ابن ماجة:صحيح الترغيب].
ولتعلم أخي أن الإنفاق في بعض الأوقات أفضل منه في غيرها كالإنفاق في رمضان، كما قال ابن عباس رضي الله عنه: ( كان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان بلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة ) [في الصحيحين]، وكذلك الصدقة في أيام العشر من ذي الحجة، فإن النبي قال: { ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام } يعني أيام العشر. قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: { ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك شيء } [رواه البخاري]، وقد علمت أن الصدقة من أفضل الأعمال التي يُتقرب بها إلى الله.
ومن الأوقات الفاضلة يوم أن يكون الناس في شدة وحاجة ماسة وفقر بيّن كما في قوله سبحانه: فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ [البلد:11-14].
فمن نعمة الله عز وجل على العبد أن يكون ذا مال وجدة، ومن تمام نعمته عليه فيه أن يكون عوناً له على طاعة الله { فنعم المال الصالح للمرء الصالح } [رواه البخاري].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

حتى لا تكـون منهم .. من هم الأكثر عرضة للتسمم الغذائي

حتى لا تكـون منهم .. من هم الأكثر عرضة للتسمم الغذائي

 
 ادخل لتعـرف من هم الأكثر عرضة للتسمم الغذائي حتى لا تكـون منهم ..
هل هناك فئة من الناس أكثر عرضة للتسمم الغذائي؟ وان كان ذلك صحيحاً، هل هناك احتياطات خاصة يجب عليهم اتخاذها؟
بعض الأشخاص عرضة أكثر لخطر التسمم الغذائي وعليهم اتخاذ المزيد من الاحتياطات:

ـ النساء الحوامل والمسنين، وأصحاب النظام المناعي الضعيف اكثر عرضة لالتهابات شديدة مثل الليستيريا، وينبغي أن يكونو حذرين جدا وبشكل خاص عدم استهلاك المنتجات الحيوانية غير المطبوخة جيدا. ينبغي عليهم تجنب الأجبان الطرية، النقانق غير المطبوخة وشرائح اللحوم المقطعة الباردة، والتي هي مصادر العدوى بالليستيريا. وينبغي عليهم أيضا تجنب العصير غير المعقم.

ـ الطفل الرضيع أكثر عرضة لالتهابات حادة من السالمونيلا أو غيرها من الجراثيم التي يمكن أن تنمو في زجاجة الحليب ان تركت في درجة حرارة الغرفة لساعات. الطفل الرضيع بحاجة إلى عناية خاصة لذلك عليك أن تتاكدي من تنظيف زجاجة الطفل وتعقيمها وانه لم يبقى حليب أو بقايا عصير في الزجاجة لساعات.

- الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكبد هم عرضة للعدوى من جرثومة نادرة ولكنها خطيرة، موجودة في المحار لذلك ينبغي عليهم تجنب تناول المحار النيء.

الفوائد الصحية لزيت الزيتون .. ادخل وتعـرّف عليها

الفوائد الصحية لزيت الزيتون .. ادخل وتعـرّف عليها



 الفوائد الصحية لزيت الزيتون .. ادخل وتعـرّف عليها
- يعالج الحساسية المتكررة ومشاكل الجهاز الهضمي وملين خفيف.

- يعالج تورم العقد الليمفاوية والوهن وتورم المفاصل وآلامها وقلة الشهية

والجيوب الأنفية المنتفخة ومشاكل الجهاز التنفسي ولاسيما الربو وقرح 

الجلد والهرش والقلق ومشاكل العدوي ووهن العضلات.

- وكان يستخدمها الإغريق لتنظيف الجروح والتئامها.

- وهي مضادة للبكتريا والفطريات والطفيليات والفيروسات وتفيد في 

البواسير ومدرة خفيفة للبول لهذا كانوا يتناولونها لعلاج النقرس وتخفيض

السكر قي الجسم وضغط الدم وتقوية جهاز المناعة ولهذا تفيد في علاج 

الأمراض الفيروسية ومرض الذئبة والإلتهاب الكبدي والإيدز ومشاكل 

البروستاتا والصدفية وعدوي المثانة وتحضر خلاصة لهذا الغرض.

محمد (صلى الله عليه وسلم)

محمد (صلى الله عليه وسلم)للعلامة محمد بهجت البيطار (ت: 1396هـ)نشر عام 1359هـ

من تصفَّح كتب السيرة النبوية الشريفة التي صاغها الحكماء قديماً وحديثاً، أو استجلى سيرة النبي الأعظم من صفحات الوجود، كان جِدَّ عليمٍ بأنَّه أعظم مصلح ظهر في هذا الكون، ورأى أنَّ تعاقب الأجيال لم يزد هذه الحقيقة إلا جلاءً وصقالًا؛ فهو إن ذُكر العظماء كان أعظمهم، وإذا ذُكر الرسل والأنبياء كان مقدَّمهم وخاتمهم.
نشأ يتيمًا فاقد الأبوين، فلم نرَ من ذوي الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات من تربَّى تلك التربية الطاهرة، واشتغل- على حداثة سنِّه- بما يعود على كافليه بالخير والبركة والمعاونة.
سافر بتجارة لخديجة بنت خويلد، فكان المثل الكامل في كلِّ عصر بقوة نشاطه، وعظيم أمانته، وأرباحه في تجارته.
تزوَّج بخديجة، فلم يكن بزواجه أنانيًّا ولا شهوانيًّا، بل كان وهو ابن خمسة وعشرين عاماً مضرب المثل في العفة والاستقامة، والاكتفاء بامرأة مسنَّة أيِّم، كانت قبله ذات زوج وولد، وهي أُولى أزواجه، وأُمُّ أولاده، وقد عاش معها ربع قرن كامل، ولم يتزوج عليها أحدًا، وإنما تزوج بعدها سودة بنت زمعة، وعاش بمكة حتى بلغ من العمر 53 عامًا لم يجمع فيها بين اثنتين أصلًا.
أما تزوُّجه في المدينة- في بضع سنين- بتلك النسوة الثاكلات الأيامى، وذوات الأولاد اليتامى- فلمصالح زوجية واجتماعية، وأسباب خاصة وعامة، مبسوطة في كتب السيرة الشريفة القديمة منها والحديثة، اللهم إلا عائشة التي بنى بها في المدينة وهي بنت تسع سنين، وبقيت كخديجة آية على وجه الدهر في حبها وإخلاصها لزوجها، ووفائها له، ثم كانت إحدى معجزاته الخالدة في مشكلات التفسير والحديث والفتاوى والأحكام، ومسندها في مسند أحمد بن حنبل يقع في (253) صفحة، وعلى رواياتها المعوَّل في معرفة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل في بيته.
كان أمر المرأة في التاريخ القديم والحديث عجبًا، فمنهم من وَأَدَها، ومنهم من عبدها!
لكن الإسلام هو الذي أنزلها المنزلة اللائقة بها، فهو قد منحها حقوقها، وعرَّفها واجباتها وآية: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}. لا يوجد في الدنيا قانون أعدل ولا أجمع منها، إذ قد ساوت بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وخصت الرجل بدرجة الرئاسة الشورية على الأهل والأولاد؛ فالإسلام لم يستعبد المرأة كما فعلت الأمم السابقة، ولم يقلب نظام الطبيعة؛ ليجعل منها رجلًا ثانيًا كما فعلت الأمم الحديثة المتمدنة؛ فقد تخلَّى عنها عندهم الأب والأخ والابن، ودفعوها جميعًا في تيار العمل خارج المنزل، فشقيت، وشقي الرجل بها ومعها.
زعموا أنَّ الإسلام قد هضمها حقَّها في الميراث، أوَلا يذكر هؤلاء أنَّ ميراثها ومهرها لها، وأنَّها تتصرف في أموالها كيف شاءت؟
وهل تملك المرأة الحديثة من مال زوجها أو من مالها عنده من التصرف المطلق ما تملكه المرأة المسلمة؟ كلا إنَّها لا تملك حقَّ التصرف في مالها بغير إذن زوجها.
زعموا أنَّ الإسلام قد جعلها بنصف عقل الرجل في كل شيء! أوَلا يعلمون أنَّ أصل هذه المسألة هي آية المداينة في آخر سورة البقرة، ومنها قوله تعالى: [وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ] وعلل ذلك بقوله: [أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى] أي إذا نسيت إحداهما أذكرتها الثانية، فإذا كان الرجل في مقام امرأتين فيما ليس من خصائصها، ولا هو من وظائفها، وهو يُنسى عادة من مثلها، أفلا تعد المرأة بمنزلة رجلين في شؤونها المنزلية، وأمورها الداخلية، وهل ينقص هذا من قدره شيئًا يا تُرى؟
ألم يفرق الرسول صلى الله عليه وسلم بين عقبة بن الحارث وزوجه أُمِّ يحيى بنت أبي إهاب مذ شهدت أمة سوداء بأنها أرضعتهما؟ والحديث في الصحيح.
وهل جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ناقصة العقل، ضعيفة الذاكرة، فيما هو من خصائصها، أم قَبِل خبرها وحدها بعد نحو عشرين عامًا تقريبًا؟
وأما كونها بنصفِ دين، فالدين كالإيمان يُطلق على الصلاة، وللمرأة عادتها الطبيعية في الحيض وفي النفاس، والشارع قد أسقط عنها الصلاة في تلك المدة طالت أو قصرت [ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ].
بخلاف سائر أركان الإسلام كالزكاة والحج والصيام فإنها مطالبة بأدائها كاملة كالرجل.
وجملة القول أنَّه صلى الله عليه وسلم أكبر المصلحين، وأكمل الأنبياء، وأشرف الخلق، وأجدر الناس بالمحبة والطاعة والاتباع.
اختيار موقع الدرر السنية :
www.dorar.net

المصدر: مجلة الهداية الإسلامية الجزء التاسع من المجلد السابع الصادر في ربيع الأول 1354هـ. نقلا عن مقالات لكبار كُتَّاب العربية في العصر الحديث لمحمد إبراهيم الحمد.
محمد (صلى الله عليه وسلم)للعلامة محمد بهجت البيطار (ت: 1396هـ)نشر عام 1359هـ
 من تصفَّح كتب السيرة النبوية الشريفة التي صاغها الحكماء قديماً وحديثاً، أو استجلى سيرة النبي الأعظم من صفحات الوجود، كان جِدَّ عليمٍ بأنَّه أعظم مصلح ظهر في هذا الكون، ورأى أنَّ تعاقب الأجيال لم يزد هذه الحقيقة إلا جلاءً وصقالًا؛ فهو إن ذُكر العظماء كان أعظمهم، وإذا ذُكر الرسل والأنبياء كان مقدَّمهم وخاتمهم.
نشأ يتيمًا فاقد الأبوين، فلم نرَ من ذوي الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات من تربَّى تلك التربية الطاهرة، واشتغل- على حداثة سنِّه- بما يعود على كافليه بالخير والبركة والمعاونة.
سافر بتجارة لخديجة بنت خويلد، فكان المثل الكامل في كلِّ عصر بقوة نشاطه، وعظيم أمانته، وأرباحه في تجارته.
تزوَّج بخديجة، فلم يكن بزواجه أنانيًّا ولا شهوانيًّا، بل كان وهو ابن خمسة وعشرين عاماً مضرب المثل في العفة والاستقامة، والاكتفاء بامرأة مسنَّة أيِّم، كانت قبله ذات زوج وولد، وهي أُولى أزواجه، وأُمُّ أولاده، وقد عاش معها ربع قرن كامل، ولم يتزوج عليها أحدًا، وإنما تزوج بعدها سودة بنت زمعة، وعاش بمكة حتى بلغ من العمر 53 عامًا لم يجمع فيها بين اثنتين أصلًا.
أما تزوُّجه في المدينة- في بضع سنين- بتلك النسوة الثاكلات الأيامى، وذوات الأولاد اليتامى- فلمصالح زوجية واجتماعية، وأسباب خاصة وعامة، مبسوطة في كتب السيرة الشريفة القديمة منها والحديثة، اللهم إلا عائشة التي بنى بها في المدينة وهي بنت تسع سنين، وبقيت كخديجة آية على وجه الدهر في حبها وإخلاصها لزوجها، ووفائها له، ثم كانت إحدى معجزاته الخالدة في مشكلات التفسير والحديث والفتاوى والأحكام، ومسندها في مسند أحمد بن حنبل يقع في (253) صفحة، وعلى رواياتها المعوَّل في معرفة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل في بيته.
كان أمر المرأة في التاريخ القديم والحديث عجبًا، فمنهم من وَأَدَها، ومنهم من عبدها!
لكن الإسلام هو الذي أنزلها المنزلة اللائقة بها، فهو قد منحها حقوقها، وعرَّفها واجباتها وآية: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}. لا يوجد في الدنيا قانون أعدل ولا أجمع منها، إذ قد ساوت بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وخصت الرجل بدرجة الرئاسة الشورية على الأهل والأولاد؛ فالإسلام لم يستعبد المرأة كما فعلت الأمم السابقة، ولم يقلب نظام الطبيعة؛ ليجعل منها رجلًا ثانيًا كما فعلت الأمم الحديثة المتمدنة؛ فقد تخلَّى عنها عندهم الأب والأخ والابن، ودفعوها جميعًا في تيار العمل خارج المنزل، فشقيت، وشقي الرجل بها ومعها.
زعموا أنَّ الإسلام قد هضمها حقَّها في الميراث، أوَلا يذكر هؤلاء أنَّ ميراثها ومهرها لها، وأنَّها تتصرف في أموالها كيف شاءت؟
وهل تملك المرأة الحديثة من مال زوجها أو من مالها عنده من التصرف المطلق ما تملكه المرأة المسلمة؟ كلا إنَّها لا تملك حقَّ التصرف في مالها بغير إذن زوجها.
زعموا أنَّ الإسلام قد جعلها بنصف عقل الرجل في كل شيء! أوَلا يعلمون أنَّ أصل هذه المسألة هي آية المداينة في آخر سورة البقرة، ومنها قوله تعالى: [وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ] وعلل ذلك بقوله: [أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى] أي إذا نسيت إحداهما أذكرتها الثانية، فإذا كان الرجل في مقام امرأتين فيما ليس من خصائصها، ولا هو من وظائفها، وهو يُنسى عادة من مثلها، أفلا تعد المرأة بمنزلة رجلين في شؤونها المنزلية، وأمورها الداخلية، وهل ينقص هذا من قدره شيئًا يا تُرى؟
ألم يفرق الرسول صلى الله عليه وسلم بين عقبة بن الحارث وزوجه أُمِّ يحيى بنت أبي إهاب مذ شهدت أمة سوداء بأنها أرضعتهما؟ والحديث في الصحيح.
وهل جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ناقصة العقل، ضعيفة الذاكرة، فيما هو من خصائصها، أم قَبِل خبرها وحدها بعد نحو عشرين عامًا تقريبًا؟
وأما كونها بنصفِ دين، فالدين كالإيمان يُطلق على الصلاة، وللمرأة عادتها الطبيعية في الحيض وفي النفاس، والشارع قد أسقط عنها الصلاة في تلك المدة طالت أو قصرت [ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ].
بخلاف سائر أركان الإسلام كالزكاة والحج والصيام فإنها مطالبة بأدائها كاملة كالرجل.
وجملة القول أنَّه صلى الله عليه وسلم أكبر المصلحين، وأكمل الأنبياء، وأشرف الخلق، وأجدر الناس بالمحبة والطاعة والاتباع.
اختيار موقع الدرر السنية :
www.dorar.net

المصدر: مجلة الهداية الإسلامية الجزء التاسع من المجلد السابع الصادر في ربيع الأول 1354هـ. نقلا عن مقالات لكبار كُتَّاب العربية في العصر الحديث لمحمد إبراهيم الحمد.

عظمة محمد صلى الله عليه وسلم

عظمة محمد صلى الله عليه وسلم
الشيخ/ علي الطنطاوي (ت 1420هـ - 1999 م)

إنَّ من الظلم لمحمد، وإنَّ مِن الظلم للحقيقة، أن نقيسه بواحد من هؤلاء الآلاف من العظماء الذين لمعت أسماؤهم من دياجي التاريخ، من يوم وُجد التاريخ، فإنَّ مِن العظماء من كان عظيم العقل، ولكنه فقير في العاطفة وفي البيان، ومن كان بليغ القول وثَّاب الخيال، ولكنه عادي الفكر، ومن برع في الإدارة أو القيادة، ولكن سيرته وأخلاقه كانت أخلاق السوقة الفجار.

ومحمد -صلى الله عليه وسلم- هو وحده الذي جمع العظمة من أطرافها، وما من أحد من هؤلاء إلا كانت له نواحٍ يحرص على سترها، وكتمان أمرها، ويخشى أن يطَّلع الناس على خبرها، نواحٍ تتصل بشهوته، أو ترتبط بأسرته، أو تدلُّ على ضعفه وشذوذه، ومحمد هو وحده الذي كشف حياته للناس جميعًا، فكانت كتابًا مفتوحًا، ليس فيه صفحة مطبقة، ولا سطر مطموس، يقرأ فيه من شاء ما شاء.
وهو وحده الذي أذن لأصحابه أن يذيعوا عنه كلَّ ما يكون منه ويبلغوه، فرووا كلَّ ما رأوا من أحواله في ساعات الصفاء، وفي ساعات الضعف البشري، وهي ساعات الغضب، والرغبة، والانفعال.

وروى نساؤه كلَّ ما كان بينه وبينهنَّ، هاكم السيدة عائشة – رضي الله عنها – تعلن في حياته وبإذنه أوضاعه في بيته، وأحواله مع أهله؛ لأنَّ فعله كلَّه دين وشريعة... وكتب الحديث والسير والفقه ممتلئة بها.
لقد رووا عنه في كلِّ شيء حتى ما يكون في حالات الضرورة البشرية، فعرفنا كيف يأكل، وكيف يلبس، وكيف ينام، وكيف يقضي حاجته، وكيف يتنظف من آثارها.
فأروني عظيما آخر جَرُؤَ أن يغامر فيقول للناس: هاكم سيرتي كلها، وأفعالي جميعًا، فاطلعوا عليها، وارووها للصديق والعدو، وليجد من شاء مطعنًا عليها؟

أروني عظيمًا آخر دُوِّنَت سيرته بهذا التفصيل، وعرفت وقائعها وخفاياها بعد ألف وأربعمائة سنة، مثل معرفتنا بسيرة نبينا؟
والعظمة إما أن تكون بالطباع والأخلاق والمزايا والصفات الشخصية، وإما أن تكون بالأعمال الجليلة التي عملها العظيم، وإما أن تكون بالآثار التي أبقاها في تاريخ أمته وفي تاريخ العالم، ولكلِّ عظيم جانب من هذه المقاييس تُقاس بها عظمته، أما عظمة محمد تقاس بها جميعًا؛ لأنَّه جمع أسباب العظمة، فكان عظيم المزايا، عظيم الأعمال، عظيم الآثار.

والعظماء إما أن يكونوا عظماء في أقوامهم فقط، نفعوها بقدر ما ضروا غيرها، كعظمة الأبطال المحاربين والقواد الفاتحين، وإما أن تكون عظمته عالمية، ولكن في جانب محدود في كشف قانون، من القوانين التي وضعها الله في هذه الطبيعة وأخفاها حتى نعمل العقل في الوصول إليها، أو معرفة دواء من أدوية المرض، أو وضع نظرية من نظريات الفلسفة، أو صوغ آية من آيات البيان، قصة عبقرية، أو ديوان شعر بليغ.
أما محمد فكانت عظمته عالمية في مداها، وكانت شاملة في موضوعاتها.
 
-------------------------------------------
منقول من موقع الدرر السنية

المصدر: روائع الطنطاوي – اختارها إبراهيم الألمعي - دار المنارة، ط1، 1421هـ (ص 87) بتصرف. نقلا عن كتاب: تعريف عام بدين الإسلام

أكثر عشرة أطعمة فعالة لحرق دهون الجسم

أكثر عشرة أطعمة فعالة لحرق دهون الجسم



أكثر عشرة أطعمة فعالة لحرق دهون الجسم ...


الجسم الرشيق الخالي من الدهون المتراكمة غاية الجميع، ولكي تصل لتلك المرحلة ستبذل الكثير من المجهود وتتبع أنظمة غذائية صارمة لتحصل على نتيجة مرضية، دون أن تعلم بوجود عدد من الأطعمة حددها المتخصصون في عالم التغذية، تساعدك في رحلتك علي الإسراع من عملية إذابة الدهون، واستبدالها بعناصر غذائية مفيدة للجسم.
رقائق حبوب الإفطار من الشوفان Cereals:
سبب إقبالك الشره علي وجبة إفطار خفيفة في الصباح، يرجع إلي انخفاض مستوي السكر في الدم، لذلك تعد رقائق حبوب الشوفان في الإفطار من أفضل الوجبات، حيث تحتوي علي نسبة ألياف عالية، تظل في المعدة لساعات طويلة تجعلك لست في حاجة لتناول المزيد من الأطعمة.
ولكن احرص عند الشراء على اختيار رقائق حب الشوفان الخالية من النكهات أو السكر، واشتري النوع التقليدي ولمذاق حلو قليلا أضيفي بعض حبات التوت.
حبات اللوز:
املأ معدتك بحبات اللوز، فهذه من أفضل طرق إنقاص الوزن، فقد أجريت دراسة علي مجموعتين من الأشخاص، مجموعة تتناول حبات اللوز بشكل دوري، وأخري تأكل كعكة الأرز، لتظهر النتيجة أن الأفراد الذين يعتمدون علي اللوز لا يتناولون المزيد من الطعام علي عكس المجموعة الثانية.
ولا تنسي عندما نذكر حبات اللوز فبالتأكيد هي الخالية من أي نكهات سواء السكر أو الملح، فالتي تحتوي علي ملح تكون من أحد مسببات رفع ضغط الدم.
بودرة البروتين:
مسحوق البروتين ليس مرتبطا فقط برواد الصالات الرياضية، بل هو من أكثر الوسائل التي تعمل علي حرق الدهون بالجسم وبناء العضلات، بخلاف أنه يعمل علي سد جوعك.
وحتى يجدي نفعا أضف ملعقتين صغيرتين علي المشروب، وحبذا إذا كان مشروبا لإذابة الدهون، أو ضعها علي كوب الزبادي والفواكه والحليب خالي الدسم، ولكن وضع المسحوق علي مشروب الشيكولاته “الكاكاو” لا يعني أنه تحول لمشروب صحي!.


زيت الزيتون:
مهما كان نظامك الغذائي قاسيا، كل شخص يحتاج للقليل من الدهون فهي من أهم العوامل التي تسيطر علي إحساس الجوع، لذلك استخدم دائما في طهي الطعام الزيوت الأحادية مثل الزيتون والكانولا، فهما يحافظان علي مستوي الكولسترول في الدم.


مع العلم أن الزيوت النباتية المهدرجة تقع في قائمة الدهون غير الصحية.

التوت:
يعتبر التوت من الفواكه الغنية بالألياف، وغير المسببة لزيادة في الوزن، فكوب واحد من التوت يعادل 6 جرامات فقط من الدهون.
غير أن ذلك لا يعني أن أكواب الجيلي صحية، فالجيلي لا يحتوي علي أي ألياف بل علي العكس ملئ بالسكر العدو الأول للرشاقة.

البيض:
يحتوي البيض علي فيتامين B12 الذي يزيد من سرعة هضم الدهون، كما كشف أحد الأبحاث العلمية أن الأشخاص الذين يتناولون البيض كوجبة رئيسة في الإفطار بشكل يومي، يفقدون الوزن الزائد بشكل أسرع من نظائرهم الذين يعتمدون علي تناول الخبز.
في حين إذا كنت مصابا بزيادة في نسبة الكولسترول، فاستشر الطبيب أولا قبل تناول البيض.
الفاصوليا بأنواعها واللوبيا:
بشكل عام، تحتوي الفاصوليا بأنواعها وأيضا اللوبيا علي نسبة عالية من الألياف والبروتين، والتي تعمل بشكل فعال علي إنقاص الوزن، لذلك ينصحك خبراء التغذية بتناول الفاصوليا بأنواعها أو اللوبيا بكمية كبيرة مثل عمل ساندويتش من ذلك بالخضار فقط أو لفها في رقائق التورتيللا، ولو مرة واحد في الأسبوع، حتى تحدث عملية إحلال فبدلا من وجود دهون تحل مكانها الألياف.
اللحوم والسمك:
هل تلاحظ أنك تهضم كافة العناصر بشكل أسرع من حرق الدهون؟ إذن اعتمد في طعامك علي تناول لحم الديك الرومي فهو لا يحتوي علي نسبة دهون عالية بخلاف نظائره من اللحوم ولكن احرص علي نزع الجلد والدهون.
و إذا كنت ترغب في تناول طعام صحي، اعتمد بشكل رئيسي علي لحوم الأسماك، فهي لا تحتوي علي دهون ضارة، وملئية بزيوت بأوميجا 3 التي تساعد علي منع تراكم الدهون في منطقة البطن.
تحذير هام، ابتعد تماما عن تناول النقانق أو اللحم المقلي فهما مشبعان بالدهون الضارة.
الخضراوات خضراء اللون:
الخضروات مثل السبانخ والبروكلي و الجرجير والبقدونس غنية بالألياف وقليلة السعرات في نفس الوقت، لذلك احرص علي تناول طبق سلطة كبير قبل كل وجبة، حتى تمتلئ بطنك ولا تكون في حاجة لتناول كميات كبيرة من الطعام.
الزبادي


:تناول كوب من الزبادي يوميا، من الأمور السحرية لحرق الدهون، والمدهش أنه يمنع تكوينها أيضا، والسر يرجع لنسبة الكالسيوم العالية التي يحتويه، ولكن اختار الزبادي خالي الدسم حيث نسبة الكالسيوم به أعلي من كامل الدسم.