أبناء الغابة .. حياة في الغابة !..
قصتنا عن أمراء تطردهم عمتهم الى المجهول ؟!..
فهل سيستطيعون النجاة ؟..
وكيف ستكون مغامرتهم العجيبة ؟!..
(أطفال الغابة)
كان لاحد الملوك القدماء اخت تعيش معه في قصره ..
بعد ان ماتت زوجته وتركت له من الاولاد ثلاثه اميرين واميرة ..
وقد ازداد حب الملك لاولاده بعد وفاه والدتهم الملكه حبهم حبا كثيرا ليعوض ما فقدوه من عطف امهم وحبها لهم وتفكيرها فيهم ..
فكان يسال عنهم كلما حضر ويفكر فيهم كلما دخل ويوصي بهم كلما خرج ويطلبهم كلما جلس لتناول طعام الافطار او الغداء او الشاي او العشاء ..
فغارت عمتهم من شده محبه اخيها لاولاده وصممت فيما بينها وبين نفسها ان تعمل سرا كل وسيله ممكنه لابعادهم عن ابيهم والتخلص منهم ..
وفي يوم من الايام كان الاميران يلعبان مع اختهما الاميرة في حدائق القصر ..
بعد خروج الملك فشوق عمتهم وحببت اليهم الذهاب معها الى الغابة للعب فيها ووعدتهم ان تريهم اشياء جميلة والعا لذيذة ..
سارت تحت الاشجار هناك فصدق الاميران والاميرة ما قالته عمتهم ولم يعرفوا ما
تخفيه عنهم من الشر ..
وذهبوا معها للعب والرياضة في الغابة ومشاهدة الاشياء الجميلة فيها ورؤية الالعاب الغريبة تحت اشجارها ..
وقد شعر الاطفال بسرور كثير عندما خرجوا مع عمتهم لهذه الرحلة واخذوا يمشون معها في الغابة حتى وصلوا الى وسطها فاحس بالتعب الشديد وظهرت علاماته في مشيتهم وعلى وجوههم بعد هذه الرحلة الطويلة المتعبه التي لم يجربوها من قبل ..
ولما شعرت العمة بشدة تعبهم قالت لهم : ناموا هنا تحت هذه الشجرة حتى تحضر الحوريات لتلعب امامكم العابا لم تروها وستجدون في مشاهدتها كل لذة وسرور ..
فصدق الاطفال ما قالته عمتهم واطاعوا امرها واستمعوا الى كلامها وناموا جميعا تحت الشجرة في الغابة لشده تعبهم من طول الرحلة وكثرة المشي وظنوا ان عمتهم ستجلس بجانبهم لتحرسهم وهم نائمون ..
وبعد ان نام الاطفال وتاكدت العمة من نومهم تركتهم وحدهم تحت الشجرة نائمين حتى تاتي الحيوانات المفترسة بالغابة لتقتلهم ولا يستطيعون الدفاع عن انفسهم وليس معهم من يحرسهم ..
ورجعت العمة الشريرة وحدها الى القصر وهي مسرور ولم يشعر بها احد عند رجوعها ولم يرها احد حينما اخذت الاطفال المساكين وخرجت بهم الى الغابة ..
فلما اتى موعد الغداء حضر الملك ولم يحضر الاطفال من الحديقة لتناول الطعام مع ابيهم كالعادة ..
فاخذ الخدم يبحثون عنهم .. فلم يجدوهم في اي مكان بالقصر او الحديقة وانتشر الحرس للبحث عنهم في المدينة فلم يجدوا احدا منهم ..
وخرج الملك ووزراؤه ومستشاروه وجنوده ومحبوه للبحث عن الاميرين والاميرة في كل بلد من البلاد القريبة والبعيدة .. ورجعوا جميعا بغير فائدة .. ولم يعرف احد لهم مكانا ولم يعلم احد الجهة التي قصدوها واختفوا بها الا العمة الشريرة التي كتمت جريمتها ولم تذكر شيئا مما فعلت ..
حزن الملك حزنا شديدا لغياب اولاده الثلاثة اولاده الاعزاء واختفائهم وعدم معرفة مكانهم ..وزاد عليه الحزن .. واخذ اصدقائه من النبلاء والوزراء يواسونه ويرجون منه الصبر ولكن كيف يصبر وقد اختفى اولاده مرة واحدة وقد ظهرت عليه الاحزان والافكار المحزنة ..
وفي النهاية وجد انه لا فائدة من الحزن .. وان الحزن لن يرجع له ابناءه الاعزاء فصبر وتمسك بالصبر الجميل وشكر لله هذا الامتحان وترك اموره لله جل شانه ..
كل هذا حدث ولم تذكر اخت الملك الشريرة شيئا عن الحيلة التي احتالت بها على الاطفال الابرياء والجريمة التي ارتكبتها ..
وبعد ان نام الاطفال المساكين تحت الشجرة وتركتهم عمتهم القاسية القلب .. لم ينساهم الله سبحانه وتعالى فارسل اليهم ثلاثا من الحوريات لحراستهم والعناية بامورهم ..
فدنون حول الشجرة التي نام فيها الا ميران والاميرة تحتها ..
ثم قالت الحورية الاولى : ما اجمل هؤلاء الاطفال ان عند كل منهم نجمة بين حاجبيه وهذه علامة على انهم امراء وابناء ملوك هيا بنا كي نحضر لكل منهم هدية يفرحون بها بعد ان يستيقظوا من النوم ..
وقالت الثانية : انهم ثلاثه اطفال وهدية واحدة لا تكفيهم .. ومن الواجب ان نحضر لهم ثلاث هدايا ليكون لكل منهم هدية ..
وقالت الثالثة : إنهم اطفال صغار ولا يصح ان يتركوا وحدهم في الغابة فهم في حاجة الى من يحرسهم ..
فقالت الحورية الاولى : ساهديهم فنحرسهم وهم نيام ليلا ونخدمهم نهارا ونهتم بامورهم ..
وقالت الثانية : ساهديهم كيساً ثمينا من النقود يمكنهم ان ينفقوا منه طول الحياة اي مقدار يريدون ولا تفرغ منه النقود ..
وقالت الثالثة : ساهدي الصغيرة خاتما ثمينا يحفظها ويحفظ اخويها من الخطر ولن يمسهم سوء ما دام هذا الخاتم في اصبعها ..
وبعد هذه المشاورة والمحادث’ ذهبت الحوريات الثلاث الى بيتهن لتحضر كل منهن هديتها وحينما استيقظ الاطفال من نومهم وجدوا بجانبهم غزالة هادئة وديعة جميلة الصورة ..
فحكت لهم الغزالة ما حدث .. فحمدوا الله .. واستمرت الغزالة تخدمهم نهارا تحرسهم ليلا حتى لا يقرب منهم عدو ولا يمسهم احد بسوء ..
وقد ارسلت اليهم الحورية الثانية كيسا ثمينا لا يفرغ من النقود ..
وارسلت الثالثه خاتما غاليا للفتاة الصغيرة ..
عاش الامراء الثلاثة بين احضان الطبيعة معيشة حرة في الهواء الطلق تحت الشجرة في الغابة وقد بنوا لهم مظلة تحفظهم من المطر وتحفظهم من العاصفة ..
فكبرت اجسامهم وكبروا بعد ان كانوا صغارا ومكثوا اربع سنوات في الغابة حتى اصبحت سن الامير الكبير 16 سنة وسن الصغير 14 سنة وسن الاميرة 13 سنة ..
وحينما كبروا قالت لهم الغزاله في يوم من الايام : لقد كبرتم الان ولا يمكنكم ان تعيشوا هنا اكثر مما عشتم واني انصح لكم ان تذهبوا وتبحثوا عن منزل صحي تعيشون فيه وتقيمون به كما يعيش الناس في المدن ولكن يجب ان تختاروا هذا المنزل قريبا من قصر الملك ..
فسمع الامراء الثلاثة نصيحة الغزالة .. وتالموا كل الالم لمفارقة الغزالة .. وشكروا لها كثيرا ما قامت به نحوهم من الخدمة والعطف والعناية والحراسة ليلا ونهارا .. وتالموا لانتهاء حياتهم الحرة الطبيعية في الغابة وقد تعودوا حب الطبيعة وجمالها وهوائها الجميل وسمائها الصافية وبعدها عن الضوضاء ..
وقد ودعتهم الغزالة .. وودعوها والدموع في اعينهم .. وسارت معهم حتى خرجوا من الغابة وذهبوا الى المدينة مدينة ابيهم وهي عاصمة ملكه ..
وقد استطاعوا ان ينفذوا النصيحة فاشتروا منزلا جميلا له حديقة جميلة تقع نوافذه امام القصر واشتروا له احسن الاثاث ولا عجب فعندهم كيس لا تنتهي منه النقود مهما ينفقوا ومهما يشتروا ومهما ياخذوا واذا ارادوا اي مقدار من المال وجدوه في هذا الكيس العجيب ..
وفي يوم من الايام كانت عمتهم الشريرة التي اخذتهم وتركتهم في الغابة تطل من
نافذة القصر الملكي .. فرات في حديقة المنزل المقابل للقصر شابين جميلي الصورهة ومعهما فتاة اصغر منهما ..
فنظرت العمة نظرة شديدة ثم اعادت النظر مرارا حتى تحققت من شخصيتهم وعرفتهم معرفة تامة .. فما زال عند كل منهم نجمة بين حاجبيه وهي علامه تدل على انهم من الاسرة المالكة .. لا شك ان هؤلاء هم اولاد اخي .. وقد ظننت ان الحيوانات المفترسة في الغابة قد اكلتهم وانتهت منهم منذ سنوات مضت ..
هذان هما الاميران وهذه اختهما الاميرة من غير شك وصممت في نفسها على ان تبحث عن حيلة لتتخلص بها منهم وتحاول هذه الحيلة مرة اخرى واخذت ترقب هذا المنزل حتى خرج الاميران منه وتركا الاميرة وحدها ..
فانتهزت العمه الفرصه لتزور الاميرة وهي وحدها وتعمل حيلة اخرى كي تتخلص منهم جميعا ..
فذهبت العمة الشريرة لتزور الاميرة وتحدثت معها ورحبت بها وهنأتها بالمنزل الجديد واظهرت لها رغبتها الشديدة في صداقتها ..
واخذت العمة تتحدث مع ابنة اخيها مدة قصيرة ولم تعرف الاميرة ان هذه عمتها الشريرة ..
ثم قالت لها العمة : ان في القصر القريب منكم كثيرا من الحفلات وسادعوك انت واخواك الى هذه الحفلات .. واذا اردت ان تكوني اجمل فتاة في الحفل فاشربي قليلا من ماء الحياة حتى يعجب بك كل من راك .. هل تحبين ان تكوني اجمل فتاة ..
فاجابت الاميرة الصغيرة : نعم احب ان اكون اجمل فتاة ولكن اين اجد ماء الحياة ؟..
فاجابت العمة الشريرة : اني لاعرف اين ماء الحياة ولكن حينما يرجع اخواك من الخارج اطلبي منهما ان يذهبا ويبحث عنه حتى يجداه ..
ثم رجعت العمه الى القصر وهي مسرورة لان نفسها الشريرة قد دبرت حيلة اخرى للتخلص من اولاد اخيها من غير ذنب فعلوه او خطا ارتكبوه ..
وحينما رجع الاميران الى البيت قبل غروب الشمس اخبرتهما اختهما بان الاميرة زارتها ونصحت لها بان تشرب ماء الحياة حتى تكون اجمل فتاة في حفل ستدعى اليه بالقصر واظهرت لهما رغبتها في ان تجد شيئا من هذا الماء لتشربه ..
كان الاخ الاكبر محبا لاخته الصغيرة فقال لها : سابحث لك عن هذا الماء حتى اجده واحضره لك فلا تفكري في شيء مطلقا ..
وفي صباح اليوم التالي خرج الامير الكبير ليبحث لاخته عن ماء حياة ولم يعلم اين هذا الماء ولم يعرف الطريق الذي يتجه اليه او يسير فيه .. ولذلك سار في طريقه حائرا لا يقصد جهة معينة واستمر سائرا حتى قابل شيخا صالحا من رجال الدين فقال له : ايها الاب الكريم ارجو ان تدلني على الطريق الذي به استطيع الحصول على قليل من ماء الحياة ؟..
فاجابه الشيخ الصالح : يا بني هذا هو الطريق الموصل ولكني اخاف عليك الموت اذا سرت فيه وانصح لك الا تسير في هذا الطريق وان ترجع من حيث اتيت حتى لا يصيبك ضرر او اذىً ..
فشكر له نصيحته ولكنه لم يستمع اليها ولم يعمل بها لانه يكره التردد ويحب الشجاعة حتى يحقق طلب اخته العزيزة عليه ..
واستمر في الطريق ولم يرجع حتى وصل الى كوخ لرجل متعبد اخر يعبد الله ..
فساله وهو مار : هل انا سائر يا سيدي في الطريق الصحيح الى ماء الحياة ؟..
فاجابه الرجل الصالح : نعم .. نعم .. هذا هو الطريق الموصل سر فيه حتى نهايته ثم اصعد في ذلك الجبل الذي تراه على بعد وحينما تصل الى قمة الجبل ستجد بابا كبيرا يحرسه اربعة رجال كبار الاجسام وسيوفهم بايديهم .. ولكن لا تخف فانهم لا يستطيعون ان يروك لانهم من العميان .. ولكن يجب ان تسير هدوء على اطراف اصابعك حتى لا يسمعك احد منهم .. وبعد ان تدخل من الباب الكبير وتترك الحرس .. وستجد عينا من الماء يخرج منها ماء الحياة .. فخذ منه ما شئت ..
استمر الامير الكبير في سيره حتى وصل الى قمة الجبل ثم نظر فوجد بالقرب منه بابا كبيرا يحرسه اربعة من رجال كبار الاجسام وسيوفهم بايديهم لا يستطيع ان يمر بينهم الا كل شجاع قوي القلب .. فلم يخف وسار بشجاعة وهدوء على اطراف اصابعه .. فلم يروه ولم يسمعوه .. ووصل بامان وسار وهو مسرور بهذا الانتصار حتى وجد نفسه في حديقة جميلة .. وفي وسطها عين من الماء بها فوارة يخرج منها الماء ..
فقال لنفسه : هذا هو ماء الحياة بلا شك .. وملا منه زجاجتين كبيرتين ثم خرج ومر بهدوء بين الرجال الاربعة الكبار الاجسام فلم يحسوا به ولم يسمعوه .. واخذ يجري وهو يترك الجبل ليذهب الى اخته ويقدم اليها ما طلبته من ماء الحياة ..
ففرحت اخته كثيرا حينما رات اخاها وهنأته تهنئة صادقة برجوعه وانتصاره .. وقدم لها ماء الحياة الذي احضره معه في زجاجتين .. فشربت الاميرة من هذا الماء الذي وصفته لها عمتها الشريرة ..
وقد دعي الاخوان واختهما الى حفل بالقصر .. فاجابوا الدعوة وحضروا جميعا الحفل .. واعجب الحاضرون كلهم بالاميرة وجمالها والاميران وكمالهما ..
وفي الوقت الذي اعجب فيه الجميع بهؤلاء الاخوة الثلاثة غضبت العمة غضبا شديدا حينما رات الاميرين لا يزالان على قيد الحياة ..
فقد دبرت لهما الحيلة الثانية للقضاء عليهما .. ولكن الله جل شانه قد حرسهما وحفظهما من شرها وحيلها ..
وقالت العمة الشريرة في نفسها : لابد ان احاول حيلة جديدة للتخلص منهم جميعا حتى لا يشاركني احد في محبة اخي ..
ولهذا ذهبت العمة مرة اخرى لتزور الاميرة وقالت لها : لقد سررت كثيرا لانك استطعت الحصول على ماء الحياة وقد كنت بالامس في الحفل اجمل فتاة ولحبي لك انصح لك بان تاكلي تفاحة من تفاح الغناء .. وهو تفاح موسيقى احمر حتى يكون صوتك اجمل صوت اذا غنيت في حفل من الحفلات ..
فرغبت الاميرة ان تجرب تفاح الغناء كما جربت ماء الحياة ..
فسالتها : واين اجد تفاح الغناء يا سيدتي ؟..
فاجابت العمة : انه يزرع في الحديقة المسحورة التي حصل منها اخوك على ماء الحياة .. اسالي اخويك ان يحضرا لك تفاحة من هذا التفاح لتاكلي منها حتى يكون صوتك اجمل صوت موسيقي في الغناء ..
فقالت الاميرة : ساطلب منهما ذلك حينما يرجعان الى المنزل ..
وفي تلك الليله حضر اخوها الاصغر الى البيت اولا ..
وحينما دخل اخوها قالت له : ارجو ان تذهب الى الحديقة المسحورة لتحضر منها تفاحة من تفاح الغناء .. فقد قيل لي : انني اذا اكلت منها تفاحة كان صوتي احسن صوت موسيقي في الغناء ..
فقال اخوها الاصغر : ساذهب الان لاحضار ما تطلبين يا اختي العزيزة .. وودعها وخرج .. ولم ينتظر الى الصباح وسار في الطريق ..
وكانت الليلة مقمرة حتى وصل الى كوخ في داخل الجبل يتعبد فيه احد الرجال الصالحين ..
فساله عن الطريق الموصل الى الحديقة المسحورة كما ساله اخوه الاكبر من قبل ..
فاجابه الرجل الصالح : استمر في طريقك حتى تصل الى الجبل فاصعد فيه حتى تصل الى قمته وهناك تجد بابا كبيرا يحرسه اربعة من السباع ..
فساله الامير : كيف استطيع ان امر من الباب اذا كان يحرسه اربعة من السباع اني لا أستطيع ان اقاتل اربعة من السباع في وقت واحد ؟!..
فاجاب الرجل الصالح : انك لن تحتاج الى ان تقاتلها وتقاتل .. ولكن حينما تقرب من الباب انظر الى ما فوقه .. تجد مقصا كبيرا فاذا وجدت المقص مفتوحا فادخل وانت مطمئن كل الاطمئنان لان السباع لن تهجم عليك ولن تضرك باي ضرر واذا وجدت المقص مقفلا فلا تخاطر بنفسك ولا تقرب من الباب لئلا تمزقك السباع وتقطعك الاسود قطعة قطعة قبل ان تصل الى الباب وحينما تدخل الحديقة المسحورة ..
تذكر دائما الا تكلم احدا وان لا تجيب عن سؤال احد سواء اكان انسانا ام حيوانا ام طائرا .. واحذر ان تنسى هذه النصيحة .. شكر الامير الصغير للرجل الصالح نصيحته ودخل الرجل الصالح كوخه ..
وسار الامير في طريقه حتى وصل الى الجبل فاخذ يتسلقه ويصعد فيه حتى وصل الى قمته ونظر فراى بابا كبيرا يحرسه اربعة من السباع المفترسة المتوحشة التي لم يرى مثلها من قبل فنظر فوق الباب فوجد المقص الكبير مفتوحا .. فاطمان ودخل وسار الى الامام وهو هادئ النفس مستريح البال .. وقد نظرت السباع اليه بعين نائمة غلبها النعاس .. ولم تهجم عليه .. ولم تتحرك من مكانها .. ولم يمس الامير بسوء او ضرر ..
وبعد ان مر عليها الامير وتركها امنا راى شجره محملة بكثير من التفاح الاحمر الناضج الجميل ونظر حوله فلم يجد غير هذه الشجرة من اشجار التفاح فتاكد ان تفاحها تفاح الغناء .. وقال في نفسه ان الشجرة شجرة تفاح الغناء من غير شك ولكن حينما شد فرعا من فروع الشجرة ليقطف منه تفاحة سمع طائرا يقول له بصوت مرتفع لقد وضع الملك اختك في السجن ..
فتاثر الامير كل التاثر حين سمع هذا الخبر المحزن ونسي نصيحة الرجل الصالح ولم يتذكر قوله احذر ان تكلم في الحديقة المسحورة انسانا او حيوانا او طائرا ..
نسي الامير هذه النصيحة الثمينة ..
ورد على الطائر وقال له : ان الملك لم يفعل شيئا وهذا كذب وقبل ان ينطق بكلمه اخرى تحول الامير المسكين الى عمود صخري من اعمدة الحديقة المسحورة ..
انتظرت الاميرة في البيت رجوع اخيها .. فلم يرجع ؟.. واخذت كل يوم تنتظر رجوعه بغير نتيجة .. ومر اليوم بعد اليوم ولم يرجع ؟.. فشغل بالها وقلقت نفسها واعتقدت انه لابد قد حدث له حادث مؤلم او اصابه سوء في رحلته ؟..
فنظرت الى الخاتم التي اهدته اليها الحورية ليحفظها ويحفظ اخويها من الخطر فوجدته معتما مظلما لا يبرق ولا يتلالا ولا يلمع كالعادة ؟..
فصاحت لا بد ان يكون اخي قد لحقه ضرر او اذى ..
وطلبت اخاها الاكبر وقالت له : اعتقد ان اخاك في خطر وانه قد لحقه اذى او ضرر فالخاتم الذي البسه قد تغير لونه واصبح معتما مظلما .. لا يبرق ولا يتلألأ كالمعتاد وارجو ان تذهب وتبحث عن اخيك في الحديقة المسحورة..
فلم ينتظر الاخ الكبير كلمة اخرى واخرج سيفه في يده وودع اخته .. وخرج ليبحث عن اخيه الذي ذهب الى الحديقة المسحورة ولم يرجع وقد عرف الطريق المؤدي اليها وجربه من قبل وقد فات اليوم بعد اليوم والاسبوع بعد الاسبوع ولم يرجع الامير الاكبر كذلك ؟..
ومكثت الاميرة المسكينة مضطربة مشغولة البال على اخويها ؟.. وكلما استيقظت في الصباح نظرت مسرعة الى خاتمها لترى لونه هل هو براق ام معتم ..
واخيراً اتى يوم اصبح فيه الخاتم اسود اللون تماما .. فصاحت اه ان اخوي قد ماتا او هما في خطر شديد من غير شك يجب ان اذهب في الحال لالحقهما ..
خرجت الاميرة المعذبة بسبب عمتها وسارت في الطريق الذي سار فيه اخواها من قبل الى الحديقة المسحورة حتى وصلت الى الكوخ الذي يقيم فيه الرجل الصالح ..
فراته جالسا امامها ..
فسالته : سيدي العزيز ارجو ان تدلني على الطريق الذي يوصل الى الحديقه
المسحورة ؟..
فاجابها الشيخ الصالح : سيري في هذا الطريق فاذا وصلت الى الجبل فاصعدي فيه حتى تصلي الى قمة الجبل وهناك تجدين بابا كبيرا عنده اربعة ثعابين كبيرة فلا تخافي او تنزعجي فانها لن تمسكي بسوء اذا دخلت الباب بظهرك واني انصح لك نصيحة يجب ان تتذكريها ولا تنسيها مطلقا كي لا تتحولي الى عمود صخري من اعمدة الحديقة المسحورة وهذه النصيحة هي أن لا تكلمي احدا ولا تردي على احد سواء اكان انسانا ام حيوانا ام طائرا مهما تكن الظروف واحذري ان تخالفي هذه النصيحة ..
فشكرت الاميرة له نصيحته ووعدته بالمحافظة عليها ..
وخرجت مسرعة لأنها الآن لا تفكر في نفسها ولكنها تفكر في اخويها وفي الخطر الذي لحقهما .. واستمرت سائرة حتى وصلت الى الجبل .. فواصلت الى قمته ورأت باب الحديقة .. فادارت وجهها .. وسارت بظهرها الى الجهة الخلفية ووجدت اربعة ثعابين ؟!.. اثنين في الجهة اليمنى من الباب !.. واثنين في الجهة اليسرى منه !.. فمرت بين الثعابين بظهرها ولم ترفع الثعابين رؤوسها لتنظر اليها .. واقتحمت الاميرة باب الحديقة المسحورة .. وسارت وهي تجري بظهرها .. فوجدت الحديقة رائعة جميلة بديعة المنظر منظمة تنظيما جميلا .. فمكثت لحظة تنظر الى هذا الجمال النادر .. وبدات تبحث في كل ناحية من الحديقة .. وفي كل زاوية منها عن اخويها .. فلم ترى لهما اثرا ؟.. ولم تجد امامها الا نباتات واعشاب خضراء وازهار جميلة واشجار كبيرة منها شجرة محملة بالتفاح الاحمر الناضج .. وهو التفاح المشؤوم الذي وصفته عمتها لها لتحتل به على التخلص من اولاد اخيها في الحديقة المسحورة بالحيلة الغريبة التي ذكرتها للاميرة الصغيرة البريئة التي لم تشعر بنتيجة ما طلبته من اخويها .. ولم تجد تحت شجرة التفاح الا عمودين من الاعمدة الصخرية .. ولم تعلم ان اخويها قد سحرا وتحولا الى هذين العمودين الذين تراهما تحت شجرة التفاح الموسيقي .. وفي الوقت الذي كانت الاميرة تبحث فيه عن اخويها سمعت اصواتا تناديها وتقول لها : هل تحبين ان تعرفي ماذا حدث لاخوك الاميرين .. هل تحبين ان تعرفي اين اخواك .. اعتقد انك مشتاقة كل الشوق لمعرفة ما حدث لاخوك .. وتحبين من كل قلبك ان تعرفي مكانهما .. ولكنها تذكرت نصيحة الرجل الصالح ولم تنطق باي كلمة .. ولم تجب عن اي سؤال ..
اخذت الاميرة المسكينة تبحث في الحديقة عن اخويها بغير فائدة ؟.. ووقفت حائرة لا تدري ماذا تفعل ؟.. واتكات ومالت على احد العمودين .. وشعرت بحزن شديد على اخويها .. واستمرت تفكر فيما حدث لهما ؟.. ورات طائرا يطير بجانبها فسقطت منه ريشة جميلة جدا وهو يطير ..
فانحنت الاميرة واخذت الريشة من الارض .. ولم تعلم ان الله ارسل اليها هذه الريشة لتنهي بها اخويها مما هما فيه .. وامسكت الريشة بيدها ونظرت اليها ثم وضعتها على العمود الصخري الذي بجانبها وفي اللحظة التي مست فيها الريشة العجيبة العمود الصخري ..
بدا العمود يتحرك وقبل ان تتمكن من ان تقول كلمة واحدة وجدت ان العمود تحول الى صورة اخرى وهي اخوها الاكبر !..
فصاحت متعجبة كل التعجب : لقد كنت مسحورا الى العمود الصخري الذي كنت اتكئ عليه ؟..
فاجابها اخوها : نعم .. وان العمود الثاني هو اخونا الصغير !..
فوضعت الريشة العجيبة فوقه .. حتى يتحول الى انسان كما تحولت .. ويعود الى صورته الاولى .. وتتجدد فيه الحياة كما كان .. وفي الحال وضعت الاميرة الريشة العجيبة فوق العمود الصخري .. فبدا العمود يتحرك ثم تحول الى صورة اخيها الصغير !..
ورات اخاها الثاني واقفا بجانبها .. فنظرت الى السماء وقالت : احمدك يا ربي حمدا كثيرا واشكر نعمتك التي انعمت بها علي اعظم الشكر ..
وشاركها اخواها في الشكر والحمد لله وقالت لهما : هيا بنا كي نخرج من هذه الحديقة الفظيعة قبل ان يصيبنا ضرر او اذى اخر ؟..
فقال اخوها الكبير : يجب ان ناكل شيئا من التفاح الموسيقي قبل ان نذهب من هنا فقد تحملنا كثيرا وعذب كثيرا حتى وصلنا الى هذا التفاح وهو الان امامنا وما الفائده من هذا كله اذا لم ناكل وناخذ معنا منه شيئا فقط فأخذ كل منهم ثلاث تفاحات من شجرة التفاح الموسيقي وذهبوا واخذوا ياكلون وهم سائرون تاركين الحديقة السرية ونازلين من الجبل وقد اكل كل منهم تفاحة موسيقية .. واخذا معهما تفاحتين موسيقيين وبداوا يغنون في اثناء سيرهم .. وهم فرحون مسرورون اغاني موسيقية عذبة جميلة ..
ولحسن الحظ كان ابوهم الملك مارا بتلك الجهة وهو راكب جواده فسمع اصواتا غنائية موسيقية عذبة جميلة لم يسمع مثلها من قبل ..
فاخذ يستمع الى هذه الاصوات العذبة والموسيقى الجميلة متلذذا بسماعها معجبا كل الاعجاب بها ..
واستمرت الاميرة تغني وتسبق اخويها في اغانيها .. واخواها يغنيان ويرددان الغناء وهم جميعا فرحون مسرورون حتى وصل ثلاثتهم الى المكان الذي وقف فيه ابوهم الملك وهو راكب حصانه .. ولم يعلموا انه ابوهم وقابلوه وجها لوجه .. فحيوه اطيب تحية .. فحياهم الملك ونظر اليهم نظرة اعجاب وتقدير فراى نجمة من النجوم بين حاجبي كل منهم وهي العلامة التي بها يعرف الملك اولاده من الامراء والاميرات ؟!..
فقال الملك : من انتم ؟.. انتم بلا شك اولادي الذين فقدتهم منذ سنوات .. وقد حزنت كثيرا لفقدكم .. وبحثت كثيرا عنكم هذه السنوات الطوال بغير فائدة .. وقد ارسلت من يبحث عنكم في جميع البلاد بعد اختفائكم .. فلم ارى نتيجة للبحث .. ولم اعلم الى الان كيف اختفيتم ؟.. وما زال السبب في اختفائكم سرا لم اعرفه حتى الان ؟!..
وقبل الملك اولاده الثلاثة وقبلوا اباهم وتعلقوا به وتعلق بهم وبكوا جميعا فرحا وسرورا بالمقابلة بعد الفراق الطويل والشوق بعد طول الغياب !..
واخيرا اخبر الابن الكبير اباه بما فعلته عمتهم معهم وكيف اخذتهم الى الغابة وكيف تركتهم تحت الشجرة لتتخلص منهم ؟!.. وكيف عاشوا في الغابة ؟.. وكيف ارسل الله اليهم ثلاث حوريات وغزالة للعنايه بهم نهارا وحراسته ليلا ؟!.. وكيف احتالت العمة عليهم لاحضار ماء الحياة الى اخته لتتخلص منه ؟.. وكيف احتالت على اخيه الثاني لاحضار التفاح الموسيقي للتخلص من الجميع ؟.. حتى تنفرد بأبيهم الملك ؟..
فتألم الملك كل الألم لما حدث لاولاده المساكين .. وما مر بهم من المتاعب بسبب الغيرة وضيق العقل .. غيرة عمتهم منهم وسوء تفكيرها وحبها لنفسها وعدم التفكير في اولاد اخيها !؟..
فرجع الاب الى القصر والسرور يملا قلبه ومعه اولاده الثلاثة الاميران والاميرة وقابلهم جميع من بالقصر بالفرح والسرور بعد هذا الفراق الطويل .. ما عدا عمتهم !؟.. واخذوا مكانهم المناسب لهم في قصر ابيهم .. وانتشر الخبر في العاصم’ وعم الفرح والسرور جميع البلاد لرجوع اولاد الملك بعد اختفائهم ..
وهنا الجميع الملك وتالم الجميع من اخته القاسية الشريرة وقد وضعت في السجن المدة الباقي’ من حياتها عقابا لها على ما فعلته ..
وعاش الملك مع اولاده سعداء مسرورين لا يفكرون الا في الشعب ومصلحة الشعب فاحبهم الشعب واحبوه واخلصوا للامة فاخلص اليهم وفكروا فيها فامتلك قلب كل فرد منها وعم الخير في البلاد وانتشرت المحبه والعداله بين الجميع ..