كل شيء عنا وعنها ؟!..
هناك لحظات تخشى أن تكتبها ..
لئلا يسقطَ المطر خلف الزجاج الملون صامتًا .. لا يسمع القارئ صدى غناه ..
ماذا يمكن أن تقول لمن لم يكن حاضرًا عن حجر عتيق مختبئ في الجدار ؟..
يختلس النظر والسمع اليك ..
يراك تجلس مع رفاق اخترتم ان تكون دربكم واحدة لأجل راية القلم .. ولأجل عيني الوطن ..
يبتسم متذكرًا عيون وأنفاس أجدادكم ..
ويتنهد مستنشقًا مثلك رائحة قبلة المطر للتراب ، مطر رفض أن يحرمه ايار تقبيل وجه المدينة مرة أخرى .
تسمع تنهيدة عميقة عن ذاك الحجر يطويها صخب المطر ساقطًا على ساحة رخامية امام الدار ..
وبين كلمات أصدقائك ..
تنظر بعيدا تتابع حبيبات المطر عبر فسحة ابقاها الباب ..
وتستشعر دفئ كل ما شمله هذا المكان الذي قُدر له أن يكون متحفًا ، سائلا اياك أن تبقى لئلا تعود ذات يوم ولا تعثر عليه ..
تبتسم بحنو كم تتمنى ان تربت على ظهره وتقول له : لا تقلق .. سأحميك من وجه البندقية..» .
تعود لتنظر الى من حولك ..
قلة أنتم ..
كيف ستفعلون ؟..
وحين ينتهي الموعد الرسمي للقاء ويصير امام المدخل الفراق صعبًا ..
ترون أنّ موعدكم مع المدينة لم ينتهِ بعد ..
ما زالت تناديكم أن تمضوا في اجتماعكم معًا اليها ..
هناك في الطرقات حين تتقاسم دقائقك مع أصدقاء عزيزين على قلبك ، مع مدينة تعشقها، ومع تنهدات أرض فجرها المطر ..
تدرك أنّ في الحياة جمال ما زلت ترغب في أن تحياه ..
تتقاسمون ما بين الأرصفة وجع القلم ووجع الوطن لتلوح ابتسامة أمام السّور ..
فتسألهم أن تأخذوا صورة لأنفسكم أمامه ..
فلا بدّ للدواة وللسور أن يتقاسما صورة ..
ومن هناك تأخذ المحطات رفيقين ..
وتعاود بمن تبقى منكم في شعاب الطرقات حتى تمروا ببناية تنظرها من خلف سورها مندهشًا ..
فتناديهما سائلا .. : »يا الهي ما هذه البناية ؟..
يقفان قربك وتعتريهما الدهشة ، لتجدوا اللافتة التي تبعث في أنفسكم السعادة .. معهد ادوارد سعيد للموسيقى .. يقترح أحدكم .. هيا ندخل ..
تدهشك روعة المكان بساحته التي تتكون أضلاعُ مربعاتها المبلطة من عشب أخضر.. يتوسطها تمثال حجري لقيثار ..
وأشجار كينا ، خلفها يقوم المبنى الحجري القديم .
دخلنا ..
ألقينا السلام على الموظفة وأبلغناها أننا جئنا نزورهم ونلقي نظرة على المكان ، فرحبت بنا ..
على بعد خطوات لمحت من خلف باب زجاجي بيانو ، فتعلقت بالباب مندهشة ..
تحسرتُ على رغبة بي في العزف عليه ..
فدعاني رفيقاي أن أدخل وأعزف فرفضت أن أفعل دون اذن ..
توجه أحدهما من فوره يطلب إذنًا ..
وعند الموافقة ..
دخلت لألتقي بأوتار البيانو ..
لا أعلم في تلك اللحظات التي اندمجت فيها موسيقاي بموسيقى المطر ..
أين صرت ..
كل ما أذكره ابتسامة المدينة كطفلة صغيرة ..
تراقص روحي سعيدة أن تحيا بسلام ولو للحظات قصيرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق