وصية واجبة ، ومشاعر صادقة ، حركت كوامن النفس وهيجت القلب وأدمعت العين وذكرت بما سيؤول إليها حالنا وتمنيت أن توصيها كل أم وأن يعيها كل ابن ويتذكر أن الحق سبحانه لم يوصى الآباء على الأبناء لأن حب الأبناء غريزة ولكنه وصى الأبناء على الآباء لأن حبهم والعطف عليهم جهاد،
وطوبى لمن انتصر على نفسه وغلب هواه وقدم الإحسان الى والداه فى سن هم أحوج ما يكونا اليه ، وليته يستطيع أن يرد لهفة وخوف وحماية وحب لحظة له منهما عندما كان أحوج ما يكون إليها ،
وليتذكر أنهما كانا يفعلان ذلك ويتمنيان بقاءه بل وفدائه بأرواحهم وأجسادهم ، فلتحسن النية والجهاد وإياك أن تتمنى الخلاص منهما فهم بركة حياتنا وسبب أرزاقنا وباعثى الرحمة فى قلوبنا وفى ذلك قال رسولنا ما معناه : " لولا بهائم رتع ، وأطفال رضع ، وشيوخ ركع ، ما شربتم فيها شربة ماء " .
فإياك أن تقدم زوج أو ولد عليهما فكلما كان الصبر والجهاد على مخالفة هوى النفس أشد كان الأجر فى الآخرة والخلف فى الدنيا أعظم وأرد .
وتذكروا قصة الأربعة الذين انتهى بهم السفر والليل إلى غار
فوقعت صخرة من أعلاه فأغلقت فوهته عليهم وقل جهدهم عن إزاحتها
فأدركوا أن الموت لا محالة سيكون مصيرهم إلا أن يتغمدهم الله برحمته
وتعاهدوا على أن يتوسل كل منهم بأرجى عمل عمله فى حياته إلى الله
ليصرف عنهم ما هم فيه
فتوسل أحدهم ببره بوالداه وكيف كان لا يقدم عليهم زوجا ولا ولدا
وذكر ذلك اليوم الذى عاد فيه من عمله متأخرا مجهدا
فوجد أبواه قد ناما وقد حلب لهما غبوقهما
فوقف عند رأسيهما ولم يشأ إقلاقهما وإيقاظهما
وأولاده يتضورون جوعا تحت قدميه
فأبى إلا أن يبقى على عادته ولا يقدمهم عليهما حتى استيقظا وأطعمهما
فكان ذلك من أسباب نجاتهما .
فإياك أن تنساهما حتى تنتظر من يذكرك بيوم تبرهما فيه مهما كان اسمه وكأنك تقر بعقوقك لهما
وتأكد أن هذا اليوم لن يغفر لك تقصيرك فى برهما
ولن يكفي حاجتهم اليك مهما قدمت لهما فيه ..
فهما ليسا فى حاجة إلى هدية أو كلمة عابرة
ولكنهما فى حاجة الى حضن دافئ يشعرا بصدقه وحنوه عليهما
حتى يواريهما التراب .
اللهم أعنا على بر أبائنا فى حياتهم وبعد مماتهم ، واهدى ابناءنا وارزقنا برهم ، وارزقهم بر أبناءهم ، وقنا وإياهم مضلات الفتن ما ظهر منها وبطن ، واجعلنا وإياهم من أهل الفردوس الأعلى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق