السبت، 7 سبتمبر 2013

هل يوجد مثل هذا الصديق ؟؟

هل يوجد مثل هذا الصديق ؟؟




(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته )

قرأت هذه القصه فأبكتني فأردت ان انقلها لكم :


في إحدى المحاضرات وصلت ورقة صغيرة كُتبت بخطٍ غير واضح تمكنت من قراءتها بصعوبة بالغة ... مكتوب بها : 
فضيلة الشيخ : هل لديك قصة عن أصحاب أو أخوان .. أثابك الله ؟؟
كانت صيغة السؤال غير واضحة ، والخط غير جيد ..
سألت صديقي : ماذا يقصد بهذا السؤال ؟..
وضعتها جانباً ، بعد أن قررت عدم قراءتها على الشيخ ..
ومضى الشيخ يتحدث في محاضرته والوقت يمضي ...
أذن المؤذن لصلاة العشاء ...
توقفت المحاضرة ، وبعد الآذان عاد الشيخ يشرح للحاضرين طريقة تغسيل وتكفين الميت عملياً .. وبعدها قمنا لأداء صلاة العشاء ..

وأثناء ذلك أعطيت أوراق الأسئلة للشيخ ومنحته تلك الورقة التي قررت أن استبعدها ظننت أن المحاضرة قد انتهت ..

وبعد الصلاة طلب الحضور من الشيخ أن يجيب على الأسئلة .. عاد يتحدث وعاد الناس يستمعون .. ومضى السؤال الأول والثاني والثالث .. هممت بالخروج ، استوقفني صوت الشيخ وهو يقرأ السؤال ..

قلت : لن يجيب فالسؤال غير واضح .. لكن الشيخ صمت لحظة ثم عاد يتحدث :
جاءني في يوم من الأيام جنازة لشاب لم يبلغ الأربعين ومع الشاب مجموعة من أقاربه ، لفت انتباهي ، شاب في مثل سن الميت يبكي بحرقة ، شاركني الغسيل ، وهو بين حنين ونشيج وبكاء رهيب يحاول كتمانه .. أما دموعه فكانت تجري بلا انقطاع .. وبين لحظةٍ وأخرى أصبره وأذكره بعظم أجر الصبر .. ولسانه لا يتوقف عن قول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لا حول ولا قوة إلا بالله .. هذه الكلمات كانت تريحني قليلاً ..

بكاؤه أفقدني التركيز ، هتفت به بالشاب : إن الله أرحم بأخيك منك ، وعليك بالصبر

التفت نحوي وقال : إنه ليس أخي

ألجمتني المفاجأة ، مستحيل ، وهذا البكاء وهذا النحيب

نعم إنه ليس أخي ، لكنه أغلى وأعز عليّ من أخي ...

سكت ورحت أنظر إليه بتعجب ، بينما واصل حديثه ..

إنه صديق الطفولة ، زميل الدراسة ، نجلس معاً في الصف وفي ساحة

المدرسة ، ونلعب سوياً في الحارة ، تجمعنا براءة الأطفال مرحهم ولهوهم

كبرنا وكبرت العلاقة بيننا ، أصبحنا لا نفترق إلا دقائق معدودة ، ثم

نعود لنلتقي ، تخرجنا من المرحلة الثانوية ثم الجامعة معاً ....

التحقنا بعمل واحد ...

تزوجنا أختين ، وسكنا في شقتين متقابلتين ..

رزقني الله بابن وبنت ، وهو أيضاً رُزق ببنت وابن ...

عشنا معاً أفراحنا وأحزاننا ، يزيد الفرح عندما يجمعنا

وتنتهي الأحزان عندما نلتقي ...

اشتركنا في الطعام والشراب والسيارة ...

نذهب سوياً ونعود سوياً ...

واليوم ... توقفت الكلمة على شفتيه وأجهش بالبكاء ...

يا شيخ هل يوجد في الدنيا مثلنا ؟؟ .....

خنقتني العبرة ، تذكرت أخي البعيد عني ، لا . لا يوجد مثلكما ...

أخذت أردد ، سبحان الله ، سبحان الله ، وأبكي رثاء لحاله ...

انتهيت من غسله ، وأقبل ذلك الشاب يقبله ....

لقد كان المشهد مؤثراً ، فقد كان ينشق من شدة البكاء

حتى ظننت أنه سيهلك في تلك اللحظة ....

راح يقبل وجهه ورأسه ، ويبلله بدموعه ...

أمسك به الحاضرون وأخرجوه لكي نصلي عليه ...

وبعد الصلاة توجهنا بالجنازة إلى المقبرة ...

أما الشاب فقد أحاط به أقاربه ...

فكانت جنازة تحمل على الأكتاف ، وهو جنازة تدب على الأرض دبيباً ...

وعند القبر وقف باكياً ، يسنده بعض أقاربه ..

سكن قليلاً ، وقام يدعو ، ويدعو ....

انصرف الجميع ..

عدت إلى المنزل وبي من الحزن العظيم ما لا يعلمه إلا الله

وتقف عنده الكلمات عاجزة عن التعبير ...

وفي اليوم الثاني وبعد صلاة العصر ، حضرت جنازة لشاب ، أخذت أتأملها ،

الوجه ليس غريب ، شعرت بأنني أعرفه ، ولكن أين شاهدته ...

نظرت إلى الأب المكلوم ، هذا الوجه أعرفه ...

تقاطر الدمع على خديه ، وانطلق الصوت حزيناً ..

يا شيخ لقد كان بالأمس مع صديقه ....

يا شيخ بالأمس كان يناول المقص والكفن ، يقلب صديقه ، يمسك بيده ،

بالأمس كان يبكي فراق صديق طفولته وشبابه ، ثم انخرط في البكاء ....

انقشع الحجاب ، تذكرته ، تذكرت بكاءه ونحيبه ..

رددت بصوت مرتفع : كيف مات ؟

عرضت زوجته عليه الطعام ، فلم يقدر على تناوله ، قرر أن ينام

وعند صلاة العصر جاءت لتوقظه فوجدته

وهنا سكت الأب ومسح دمعاً تحدر على خديه

رحمه الله لم يتحمل الصدمة في وفاة صديقه ،

وأخذ يردد : إنا لله وإنا إليه راجعون ...إنا لله وإنا إليه راجعون ،

اصبر واحتسب ، اسأل الله أن يجمعه مع رفيقه في الجنة ،

يوم أن ينادي الجبار عز وجل:

أين المتحابين فيِّ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ...

قمت بتغسيله ، وتكفينه ، ثم صلينا عليه ...

توجهنا بالجنازة إلى القبر ، وهناك كانت المفاجأة ...

لقد وجدنا القبر المجاور لقبر صديقه فارغاً ..

قلت في نفسي: مستحيل .. منذ الأمس لم تأت جنازة ، لم يحدث هذا من قبل...

أنزلناه في القبر الفارغ ، وضعت يدي على الجدار الذي يفصل بينهما ، وأنا أردد،

يا لها من قصة عجيبة ، اجتمعا في الحياة صغاراً وكباراً

وجمعت القبور بينهما أمواتاً ...

خرجت من القبر ووقفت أدعو لهما:

اللهم اغفر لهما وأرحمهما

اللهم واجمع بينهما في جنات النعيم على سرر متقابلين

في مقعد صدق عند مليك مقتدر

ومسحت دمعة جرت ، ثم انطلقت أعزي أقاربهما ..

انتهى الشيخ من الحديث ، وأنا واقف قد أصابني الذهول

وتملكتني الدهشة ، لا إله إلا الله ، سبحان الله

وحمدت الله أن الورقة وصلت للشيخ وسمعت هذه القصة المثيرة

والتي لو حدثني بها أحد لما صدقتها ..

وأخذت أدعو لهما بالرحمة والمغفرة

قصة ذكرها الشيخ عباس بتاوي مغسل الأموات



*************

من يقول في نفسه أن الصديقلا يؤثر في صديقه فهو يكذب على نفسه و يضيعها .

فلو كان الصديق الفاسد لا يؤثر بين أصدقاء صالحين

فما بالكم بالتفاحة الفاسدة التي تخرب صندوقا كاملا من التفاح الطازج بينها ؟؟

فانظر لنفسك وانتقِ أصدقاءك

وكن صديقا صدوقا وبادر دوما بالصلح وكن نعم الصديق،

فربّ أخ لم تلده لك أمك

فالصديق الصدوق هو من يدوم، لا صديق المصلحة فقط،

وصديقك الحقيقي هو من صدَقَك بالقول والفعل وخاصة عند الشدائد لا من صدّقك وأومأ برأسه

بأنه يصدق كل ما تقول وربما هو الظاهر فقط

فلنحتفظ بأصدقائنا المخلصين ولنكن نعم الأصدقاء قولا وعملا.

جرح الصديق

جرح الصديق 



(حمد) وصديقه أبناء حيا واحد عرفوا بعضهم منذ الطفولة كانوا كالجميع يتشاجرون يوما وآخر يتصالحون , لكن محبتهم لبعضهم وعشرتهم الطويلة تنسيهم كل مشاكلهم ذات يوم كانوا حاضرين في مجلس صديقا لهم مع بعض الأشخاص , الجميع كان يتكلم ويضحك ويطلق النكات على الآخر ..
في وسط ذلك دار حديثا عن موضوعا ما بين (حمد) وصديق طفولته شيئا فشيئا أحتدم النقاش بينهم بشدة ..
فقال (حمد) لصديقه : أتعلم , أنت غبي كوالدك ؟
هنا شعر صديقه بحرجا شديد كأنه تجرع سما في جسده أو تلقى طعنة غدرا في ظهره 

فقام وخرج من المجلس وهو يلم جرحه بيديه غضب الموجودين من تصرف (حمد) 

فأخذوا يوبخونه ويصرخون عليه بعدها طردوه من المكان ,

الأيام التي تلت تلك الحادثة كان أهل الحي والمنطقة لايتكلمون ألا عن وقاحة (حمد) وجرحه لصديقه ويصفونه بإنه جاحدا للمعروف يغدر الأحبه ..

لم يعجب (حمد) مافعله وماكان يقوله عنه أهل حيه فقرر الذهاب إلى ذلك المجلس الذي حدثت فيه المشكلة ويعتذر أمام الحاضرين ..

وبالفعل وصل إلى هناك ودخل لكنه لم يجد صديقه وبالرغم من ذلك أراد أن يعتذر ..

ولكن قبل أن ينطق بكلمة بدأ الجميع يذمه ويشتمه ويصفه بخائن العشرة حتى وصل الأمر ببعضهم أن يرميه بما بين يديه ..
بعدها طردوه من المجلس ..

هم (حمد) بالخروج وعندما وصل إلى الباب توقف ثوان معدودة ثم أستدار عليهم ..
وقال : لقد أخطأت في حق صديقي دون قصدا مني , أنا أعترف بذلك أمامكم , حتى أنني ذهبت إليه أعتذر ألا أنه رفض ذلك .. لكنني أريدكم أن تنظرون إلي جيدا وتستمعون إلى ماسأقول .. صديقي الذي رفض أن يسامحني ذات يوم أخبر الناس بأن شقيقتي مصابة بالصرع مما جعلها محط سخرية أمام صديقاتها حتى من كان ينوي خطبتها هرب .. ليته أكتفى بهذا فحسب بل أتهم والدتي كذبا أمام الجميع وقال بأنها تزني مع أحد أقربائها مما سبب الطلاق بينها ووالدي ..
لم يتوقف عند هذا الحد .. بل ذهب أبعد من ذلك وأفترى علي زورا وقال بأنني ضربت والدي في المسجد وحرمني من دخول بيوتا أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه ..

سكت (حمد) متأثرا بجروحا قديمة لم ينسها قط , في تلك اللحظة خيم صمتا رهيب في المجلس كأن صاعقة ضربتهم ..
طأطأ الحاضرين رؤؤسهم حياء من كل الموقف ..
بعدها وضع (حمد) يده على عينيه مخفيا دموعه لكي لايراه أحدا يبكي منكسرا فيشفق عليه .. وقال : لقد سامحته حينها على مافعل .. ولكن من يعيد حق شقيقتي التي في كرامتها أذلت .. من يمحي عار والدتي التي في شرفها أنتهكت .. من يشفي الجراح بداخلي التي في قلبي أنشقت , أيستطيع أحدكم أن يفعل ذلك ؟..

الامير وابنة الخادمة
الامير وابنة الخادمة 


كان هناك أمير أراد أن يتزوج , فقرر أن يقيم حفلا يجمع فيه بنات المدينة ليختار منهن زوجته المستقبلية , فتسارعت الفتيات لحضور الحفل .

وكان هناك فتاة فقيرة ابنة خادمة بسيطة , وقد تعلقت هذه الفتاة بذاك الأمير وتمنت أن تكون هي زوجته المستقبلية

فقررت أن تذهب للحفل , ولكن والدتها خافت أن يتحطم قلبها ؛ لأن الأمير حتما سيختار فتاة من الطبقة الراقية , فحاولت منع ابنتها من الذهاب للحفل ,

على الذهاب قائلة : لا تقلقي يا أماه , وإن يكن سأذهب , ليس هناك ما أخسره إلا أن الفتاة أصرت

وبالفعل ذهبت الفتاة إلى الحفل

فقابل الأمير ضيوفه وقال : سأوزع عليكن بذورا , وأريد من كل واحدة منكن أن تزرع بذرتها , وتعود بعد ستة أشهر ومن تأتيني منكن وبيدها أجمل باقة سأتزوجها فجاء
وذهبت الفتاة وحاولت أن تزرع البذرة ولكن لم تنبت ومرت ستة أشهر ولم تستطع زراعة تلك البذرة

فقررت أن تعود للأمير ومعها البذرة , فحزنت أمها لحالها وحاولت أن تمنعها من الذهاب ولكنها أصرت وذهبت

وهناك ,,,, اصطففن الفتيات وبيد كل منهن أجمل باقة ورد , إلا الفتاة الفقيرة التي كانت تحمل بين يديها البذرة

فتقدم منها الأمير وقال لها : سأتزوجك .
فدهشت الفتيات وقلن باستغراب : كيف وهي لم تأت بباقة ؟"

فقال : البذور التي أعطيتكن إياها بذور عقيمة لا تنبت ,, وجميعكن كذبتن إلا هي فقد صدقت

وأنا أريد الملكة صادقة

فتزوج الأمير من ابنة الخادمة وأصبحت حاكمة البلاد


الامير وابنة الخادمة

طريــق الحـق واحــد


طريق الحق واحد




إن السؤال الذي ينبغي أن يُسأل عنه كل عبدٍ مَنَّ الله تعالى عليه بنعمة الهداية والالتزام ..
هل عرفت طبيعة الطريــق وكيفية السير عليه ؟..
هل تم تحذيـــرك من العقبات التي ستواجهك ؟..

وليس المقصود بالعقبات مجرد المواجهات الإجتماعية من اعتراضات الأهل والمجتمع من حولك على سلوكك طريق الالتزام ، وإنما هناك أمور ومواجهات أخطر من ذلك بكثيـــر يحتاج الإنسان أن يتعرَّف عليها أثناء سيره في الطريق إلى الله عزَّ وجلَّ ..

والناس قسمان :
1) قسمٌ يعرف الطريق وطبيعته ..
2) والقسم الآخر لا يعرف طبيعة الطريق ..

فهذا يريد أن يصل إلى الغاية وهي الجنة ، ولكنه لا يعرف كيفية السيــر إليها {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71]

يقول ابن القيم "قاعدة شريفة ؛ الناس قسمان : 
علية وسفلة :
فالعلية : مَنْ عَرَف الطريق إلى ربِّه وسلكها قاصدًا الوصول إليه .. وهذا هو الكريم على ربِّه ..

والسفلة : من لم يعرف الطريق إلى ربِّه ولم يتعرفها .. فهذا هو اللئيم ، الذي قال الله فيه {.. وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ..} [الحج: 18]" [طريق الهجرتين (1:277)]

خريطة الطريـــق :
لقد بيَّن لنا النبي طبيعة الطريق إلى الله تبارك وتعالى في هذا الحديث البالغ الأهمية ، الذي يوضح خريطة مفصلة لكل ما ستواجهه على الطريق إلى الله عزَّ وجلَّ :
عن النواس بن سمعان الكلابي : أن رسول الله قال "ضرب الله تعالى مثلاً صراطًا مستقيمًا ، وعلى جنبتي الصراط سوران ، فيهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وعلى باب الصراط داعٍ يقول : يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعًا ولا تتعوجوا ، وداعٍ يدعو من فوق الصراط ، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب قال : ويحك لا تفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجه ، فالصراط الإسلام ، والسوران حدود الله ، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى ، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله ، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم" [رواه أحمد وصححه الألباني ، صحيح الجامع (3887)]

فالصراط هو : الإسلام .. وهذا هو الطريق إلى الله سبحانه وتعالى الذي ينبغي أن تسير وفقه .
والسوران : حدود الله ..
والأبواب المفتحة : محارم الله تعالى ، وفتن الدنيــا التي تجذبك إليها فتنحرف عن الصراط المستقيم ..
والداعي على رأس الصراط : كتاب الله ..
والداعي من فوق الصراط : واعظ الله في قلب كل مسلم ، وهذا الواعظ قد يكون عن طريق درس تستمع له ، أو كتاب تقرأه ، وكلها رسائل ربانية يرسلها الله تعالى عليك ليحذرك من فتح الأبواب للفتن : ويحك لا تفتحه ، فإنك إن تفتحه تلجه !.. 

صفات الطريــق كما وضحها لنا النبي :
يقول ابن القيم "ولا تكون الطريق صراطًا حتى تتضمن خمسة أمور:
1) الإستقامة ..
2) والإيصال إلى المقصود ..
3) والقُرب ..
4) وسعته للمارين عليه ..
5) وتعينه طريقًا للمقصود .. 

ولا يخفى تضمن الصراط المستقيم لهذه الأمور الخمسة .
فوصفه بالإستقامة يتضمن قربه ؛ لأن الخط المستقيم هو أقرب خط فاصل بين نقطتين وكلما تعوج طال وبَعُد .. واستقامته تتضمن إيصاله إلى المقصود .. ونصبه لجميع من يمر عليه يستلزم سعته .. وإضافته إلى المنعم عليهم ووصفه بمخالفة صراط أهل الغضب والضلال ، يستلزم تعينه طريقًا" [مدارج السالكين (1:11,12)]

ويقول ابن رجب الحنبلي "ضرب النَّبيُّ مثلَ الإسلام في هذا الحديث بصراطٍ مستقيمٍ ، وهو الطريقُ السَّهلُ الواسعُ ، الموصلُ سالكَه إلى مطلوبه ، وهو - مع هذا - مستقيمٌ ، لا عوَجَ فيه ، فيقتضي ذلك قربَه وسهولته" [جامع العلوم والحكم (15:32)]
فالطريق قريب ..

وليست العبرة فيه بمن سَبَق ، إنما العبرة بمن صَدَق وحصَّل الثمرات المرجوة من سيره في الطريـق إلى الله سبحانه وتعالى ..
فمن يدخل الطريق بصدق وإخلاص تجده موفقًا ، فيقطع الطريق بسهولة ويُرْزَق حُسن الخاتمة بالرغم من عدم مرور وقت طويل على سلوكه طريق الهداية والالتزام ..
وآخر ربما تكون مرت عليه سنوات في الطريق وطلب العلم على يد الكثير من الشيوخ ، لكنه مازال متعلقاً برواسب الجاهلية التي تُثْقِلُه وتجعله لا يستطيع استشعار الطمأنينة وحلاوة الإيمان .

الطريــق إلى الله واحد، لا تعدد فيه ..

عن عبد الله بن مسعود قال : خطَّ لنا رسول الله خطًا ، ثم قال "هذا سبيل الله" ، ثم خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن شماله ، وقال "هذه سُبُل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم قرأ : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] [رواه أحمد وحسنه الألباني ، مشكاة المصابيح (166)] ..
فورد سبيل الله مفردًا ؛ لأنه واحد لا تعدد فيه .. وجُمِعَت السُبُل الأخرى ؛ لأن سُبُل الضلالة كثيرة ومتعددة .

وحينما تكلم الإمام ابن القيم عن الإفراد والجمع في المصطلحات القرآنية ، قال : "مما يدخل في هذا الباب : جمع الظلمات وإفراد النور ، وجمع سبل الباطل وإفراد سبيل الحق ، وجمع الشمائل وإفراد اليمين ..
أما الأول : فكقوله تعالى : {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ..} [الأنعام: 1]
وأما الثاني : فكقوله تعالى : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ..} [الأنعام: 153]
وأما الثالث: فكقوله تعالى : {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} [النحل: 48]
والجواب عنها يخرج من مشكاة واحدة وسر ذلك والله أعلم : أن طريق الحق واحد ، وهو على الواحد للأحد .. كما قال تعالى {.. هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحجر: 41]

قال مجاهد : الحق طريقه على الله ، ويرجع إليه كما يقال طريقك علي" [بدائع الفوائد (1:127)]

فإنك لن تُهدى إلى طريق الله عزَّ وجلَّ ولن تتمكن من السير عليه ، إلا إذا استعنت بالله تعالى وحده ..
أما إذا ركنت على نفسك ولو للحظة ، وظننت أنه بإمكانك الاستعانة بقدراتك وإمكانياتك دون الاستعانة بحول الله وقوته فقد ضللت سواء السبيل .

فالمقصود الأسمى هو الله جلَّ وعلا ، ولا ينبغي أن يكون في القلب عبودية لسواه ..
وكثيرٌ من الناس يلتفتون عن الطريق ، ويعيشون الوهم والخديعة الكبرى ويحسبون أنهم مهتدون !.. وذلك لأنه قد تكون في قلوبهم عبودية للمال أو الجاه أو حب الدنيا وملذاتها الفانية .
والسؤال الذي ينبغي أن تسأله الآن : ما هو هذا الطريق الواحد إلى الله عزَّ وجلَّ ؟..

الطريق إلى الله : بــاتباع سُنَّة نبيه محمد .. إنَّ الطريق الوحيد الموصل إلى الله تعالى ، هو : اتباع السُّنَّة قولاً وفعلاً وعزمًا وعقدًا ونية ؛ لأن الله تعالى يقول : {.. وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ..} [النور: 54]

بأن تعاهد نفسك على أن تكون أكثر امتثالاً للنبي وتتأسى به في أقواله وأفعاله وأخلاقه ، وتعلم علم اليقين أن ما كان عليه النبي محمد هو الحقُّ المبين .
وإن قيل: كيف الطريق إلى السُّنَّة ؟..

يتلخَّص الطريق إلى اتبــاع السُّنَّة والتمسك بها في خمسة أمور :
1) مجانبة البدع .. وهنا ينبغي معرفة البدعة وحدودها ؛ حتى يتم إجتنابها دون إفراط أو تفريط .
2) اتباع ما اجمع عليه الصدر الأول من علماء الإسلام ..
3) التباعد عن مجالس الكلام وأهله .. فتبتعد أقصى ما يكون عن أهل الزيغ والأهواء ؛ لأن أي شبهة بسيطة منهم قد تلوِّث قلبك ويصْعُب عليك إزالتها .. فاعرف الحق ، والزم أهله ،،
4) لزوم طريقة الاقتداء .. وبذلك أُمِرَ النبي في قوله تعالى : {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 123]
ومن جعل الطريق إلى الوصول في غير الاقتداء بالنبي ، يضل من حيث أنه مهتدٍ ،،
وطريــق السُّنَّة واضح أبلج

عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي : أنه سمع العرباض بن سارية يقول : وعظنا رسول الله موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب ، فقلنا : يا رسول الله ، إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا ؟.. قال "قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ، من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدًا حبشيًا ، فإنما المؤمن كالجمل الأُنُف (أي : المُطيع) حيثما قيد انقاد" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني ، صحيح الجامع (7818)]

فما عرفت من السُّنَّة التزم به وسيكفيك ، والله الهادي إلى سواء السبيل ،،

يقول أبو بكر الطمستاني "الطَّرِيقُ وَاضِحٌ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ قَائِمَةٌ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، فَمَنْ صَحِبَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَعَزَفَ عَنْ نَفْسِهِ وَالْخَلْقِ وَالدُّنْيَا وَهَاجَرَ إِلَى اللَّهِ بِقَلْبِهِ فَهُوَ الصَّادِقُ الْمُصِيبُ الْمُتَّبِعُ لِآثَارِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم ؛ لِأَنَّهُمْ سُمُّوا السَّابِقِينَ لِمُفَارَقَتِهِمُ الْآبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ الْمُخَالِفِينَ وَتَرَكُوا الْأَوْطَانَ وَالْإِخْوَانَ ، وَهَاجَرُوا وَآثَرُوا الْغُرْبَةَ وَالْهِجْرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَالرَّخَاءَ وَالسَّعَةَ وَكَانُوا غُرَبَاءَ فَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ وَاخْتَارَ اخْتِيَارَهُمْ كَانَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ تَبَعًا" [حلية الأولياء (13:382)]
من أعظم أسباب الضلال عن السبيــل  :: الكبـــائر والذنـــوب العظام ..
يقول الحافظ ابن رجب "وعلى جنبتي الصِّراط يمنة ويَسرة سوران ، وهما حدودُ الله ، وكما أنَّ السُّورَ يمنع من كان داخله مِن تعدِّيه ومجاوزته ، فكذلك الإسلامُ يمنع من دخله من الخُروج عن حدوده ومجاوزتها ، وليس وراءَ ما حدَّ الله من المأذونِ فيه إلاَّ ما نهى عنه ؛ ولهذا مدح سبحانه الحافظينَ لحدوده ، وذمَّ من لا يعرف حدَّ الحلال من الحرام" [جامع العلوم والحكم (32:15)]

فاحذر من تجاوز حدود الله ومحارمه ،،

كيـــف يمكن تأسيـــس الإيمان اللازم للسير على الطريق ؟ :

قال الله تعالى : {.. لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (*) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (*)لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 108,110]

فوضحت لنا الآيــات خمسة أسس ينبغي أن تؤسس عليها إيمانك :
1) تطهير القلب وتخليته من رواسب الجاهلية ..
2) التقوى والرضوان ..
3) اليقين والثقة في موعود الله عزَّ وجلَّ ..
4) التوبــــة النصوح .. {.. إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ..}
5) البذل والتضحيـــة .. { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ..} [التوبة: 111]

صفات السائريــــن على طريق الحقَّ :
وللسائرين على طريق الحقِّ صفات تميزهم عن غيرهم ، قد وصفها الله في قوله تعالى {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}
[التوبة: 112]

1) التوبة ..
2) العبــادة .. وتشمل كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، من علمٍ وعمل.
3) شكر النعمة .. ولن يمتثل الإنسان لأمر الشرع، إلا إذا تأمل نِعَم الله تعالى عليه وشكره عليها .. كما بيَّن الله تعالى { كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (*) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} [عبس: 23,24]
4) مجاهدة النفس وطلب العلم ..
5) المحافظة على الفروض والإكثار من النوافل ..
6) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
7) المحافظة على حدود الله .. باتبـــاع أوامره واجتنـــاب نواهيه.

الطريــق مليء بالعوائـــق ، ولابد فيه من البـذل والتضحيـــة .. فإيــــاك أن تظن أنه بمجرد التزامك بأوامر الشرع واجتناب نواهيه ، أنك قد عرفت طريق الهداية وأنك ستجد الحيـــاة بعدها ميسورة وستعيش في رخـــاء !!

سأل رجل الشافعيَّ فقال : يا أبا عبد الله ، أيما أفضل للرجل أن يمكَّن أو يُبتلَى ؟، فقال الشافعي : لا يمكَّن حتى يُبتلَى ، فإن الله ابتلى نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا صلوات الله وسلامُه عليهم أجمعين ، فلما صبروا مكَّنَهم ، فلا يظن أحدٌ أن يخلص من الألم البتَّهَ . [الفوائد (1:229)]

أما وقد عرفت أن الطريق إلى الله واحد ، وهو واضحٌ وميَّسَر .. فاستقِم عليه ولا تتلوَّن
دخل أبو مسعود على حذيفة ، فقال " اعهد إلي " ، فقال "ألم يأتك اليقين؟" .. قال "بلى ، وعزة ربي " .. قال "فاعلم أن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر ، وأن تنكر ما كنت تعرف ، وإياك والتلون في دين الله تعالى ، فإن دين الله واحد"
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (101)]
هدانا الله وإيـــاكم إلى ســواء السبيــــل ،،

طريــق الحـق واحــد


إن السؤال الذي ينبغي أن يُسأل عنه كل عبدٍ مَنَّ الله تعالى عليه بنعمة الهداية والالتزام ..
هل عرفت طبيعة الطريــق وكيفية السير عليه؟؟


هل تم تحذيـــرك من العقبات التي ستواجهك؟؟
وليس المقصود بالعقبات مجرد المواجهات الإجتماعية من اعتراضات الأهل والمجتمع من حولك على سلوكك طريق الالتزام، وإنما هناك أمور ومواجهات أخطر من ذلك بكثيـــر يحتاج الإنسان أن يتعرَّف عليها أثناء سيره في الطريق إلى الله عزَّ وجلَّ ..
والناس قسمان:
1) قسمٌ يعرف الطريق وطبيعته ..
2) والقسم الآخر لا يعرف طبيعة الطريق ..

فهذا يريد أن يصل إلى الغاية وهي الجنـــة، ولكنه لا يعرف كيفية السيــر إليها .. {.. كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71]
يقول ابن القيم "قاعدة شريفة؛ الناس قسمان: علية وسفلة ..
فالعلية: مَنْ عَرَف الطريق إلى ربِّه وسلكها قاصدًا الوصول إليه .. وهذا هو الكريم على ربِّه ..
والسفلة: من لم يعرف الطريق إلى ربِّه ولم يتعرفها .. فهذا هو اللئيم، الذي قال الله فيه {.. وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ..} [الحج: 18]" [طريق الهجرتين (1:277)]
خريطة الطريـــق
لقد بيَّن لنا النبي طبيعة الطريق إلى الله تبارك وتعالى في هذا الحديث البالغ الأهمية، الذي يوضح خريطة مفصلة لكل ما ستواجهه على الطريق إلى الله عزَّ وجلَّ:
عن النواس بن سمعان الكلابي : أن رسول الله قال "ضرب الله تعالى مثلاً صراطًا مستقيمًا، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داعٍ يقول: يا أيها الناس! ادخلوا الصراط جميعًا ولا تتعوجوا، وداعٍ يدعو من فوق الصراط ، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئًا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم" [رواه أحمد وصححه الألباني، صحيح الجامع (3887)]
فالصراط، هو: الإسلام .. وهذا هو الطريق إلى الله سبحانه وتعالى الذي ينبغي أن تسير وفقه.
والسوران: حدود الله ..
والأبواب المفتحة: محارم الله تعالى، وفتن الدنيــا التي تجذبك إليها فتنحرف عن الصراط المستقيم ..
والداعي على رأس الصراط: كتاب الله ..
والداعي من فوق: واعظ الله في قلب كل مسلم، وهذا الواعظ قد يكون عن طريق درس تستمع له، أو كتاب تقرأه، وكلها رسائل ربانية يرسلها الله تعالى عليك ليحذرك من فتح الأبواب للفتن:
ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه!!
صفات الطريــق كما وضحها لنا النبي :
يقول ابن القيم "ولا تكون الطريق صراطًا حتى تتضمن خمسة أمور:
1) الإستقامة .. 2) والإيصال إلى المقصود .. 3) والقُرب .. 4) وسعته للمارين عليه .. 5) وتعينه طريقًا للمقصود .. ولا يخفى تضمن الصراط المستقيم لهذه الأمور الخمسة.
فوصفه بالإستقامة يتضمن قربه؛ لأن الخط المستقيم هو أقرب خط فاصل بين نقطتين وكلما تعوج طال وبَعُد .. واستقامته تتضمن إيصاله إلى المقصود .. ونصبه لجميع من يمر عليه يستلزم سعته .. وإضافته إلى المنعم عليهم ووصفه بمخالفة صراط أهل الغضب والضلال، يستلزم تعينه طريقًا" [مدارج السالكين (1:11,12)]
ويقول ابن رجب الحنبلي "ضرب النَّبيُّ مثلَ الإسلام في هذا الحديث بصراطٍ مستقيمٍ، وهو الطريقُ السَّهلُ الواسعُ، الموصلُ سالكَه إلى مطلوبه، وهو - مع هذا - مستقيمٌ، لا عوَجَ فيه، فيقتضي ذلك قربَه وسهولته" [جامع العلوم والحكم (15:32)]
فالطريق قريـــب ..
وليست العبرة فيه بمن سَبَق، إنما العبرة بمن صَدَق وحصَّل الثمرات المرجوة من سيره في الطريـق إلى الله سبحانه وتعالى ..
فمن يدخل الطريق بصدق وإخلاص تجده موفقًا، فيقطع الطريق بسهولة ويُرْزَق حُسن الخاتمة بالرغم من عدم مرور وقت طويل على سلوكه طريق الهداية والالتزام ..
وآخر ربما تكون مرت عليه سنوات في الطريق وطلب العلم على يد الكثيــر من الشيوخ، لكنه مازال متعلقاً برواسب الجاهلية التي تُثْقِلُه وتجعله لا يستطيع استشعار الطمأنينة وحلاوة الإيمان.
الطريــق إلى الله واحد، لا تعدد فيــه ..
عن عبد الله بن مسعود قال: خطَّ لنا رسول الله خطًا، ثم قال "هذا سبيل الله"، ثم خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن شماله، وقال "هذه سُبُل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم قرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] [رواه أحمد وحسنه الألباني، مشكاة المصابيح (166)] .. فورد سبيل الله مفردًا؛ لأنه واحد لا تعدد فيه .. وجُمِعَت السُبُل الأخرى؛ لأن سُبُل الضلالة كثيرة ومتعددة.
وحينما تكلم الإمام ابن القيم عن الإفراد والجمع في المصطلحات القرآنية، قال "مما يدخل في هذا الباب: جمع الظلمات وإفراد النور، وجمع سبل الباطل وإفراد سبيل الحق، وجمع الشمائل وإفراد اليمين ..
أما الأول: فكقوله {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ..} [الأنعام: 1]
وأما الثاني: فكقوله {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ..} [الأنعام: 153]
وأما الثالث: فكقوله {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} [النحل: 48]
والجواب عنها يخرج من مشكاة واحدة وسر ذلك والله أعلم:
أن طريق الحق واحد، وهو على الواحد للأحد ..
كما قال تعالى {.. هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحجر: 41]
قال مجاهد: الحق طريقه على الله، ويرجع إليه كما يقال طريقك علي" [بدائع الفوائد (1:127)]
فإنك لن تُهدى إلى طريق الله عزَّ وجلَّ ولن تتمكن من السير عليه، إلا إذا استعنت بالله تعالى وحده .. أما إذا ركنت على نفسك ولو للحظة، وظننت أنه بإمكانك الاستعانة بقدراتك وإمكانياتك دون الاستعانة بحول الله وقوته فقد ضللت سواء السبيـــل.
فالمقصود الأسمى هو الله جلَّ وعلا، ولا ينبغي أن يكون في القلب عبودية لسواه ..
وكثيرٌ من الناس يلتفتون عن الطريق، ويعيشون الوهم والخديعة الكبرى ويحسبـــون أنهم مهتدون!! .. وذلك لأنه قد تكون في قلوبهم عبودية للمال أو الجــاه أو حب الدنيــا وملذاتها الفانية.
والسؤال الذي ينبغي أن تسأله الآن:
ما هو هذا الطريــق الواحد إلى الله عزَّ وجلَّ؟
الطريق إلى الله: بــاتباع سُنَّة نبيه محمد ..
إنَّ الطريق الوحيـــد الموصل إلى الله تعالى، هو: اتباع السُّنَّة قولاً وفعلاً وعزمًا وعقدًا ونية؛ لأن الله تعالى يقول {.. وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ..} [النور: 54]
بأن تعاهد نفسك على أن تكون أكثر امتثالاً للنبي وتتأسى به في أقواله وأفعاله وأخلاقه، وتعلم علم اليقين أن ما كان عليه النبي محمد هو الحقُّ المبين.
وإن قيل: كيف الطريق إلى السُّنَّة؟
يتلخَّص الطريق إلى اتبــاع السُّنَّة والتمسك بها في خمسة أمور:
1) مجانبة البدع .. وهنا ينبغي معرفة البدعة وحدودها؛ حتى يتم إجتنابها دون إفراط أو تفريط.
2) اتباع ما اجمع عليه الصدر الأول من علماء الإسلام ..
3) التباعد عن مجالس الكلام وأهله .. فتبتعد أقصى ما يكون عن أهل الزيغ والأهواء؛ لأن أي شبهة بسيطة منهم قد تلوِّث قلبك ويصْعُب عليك إزالتها ..
فاعرف الحق، والزم أهله،،
4) لزوم طريقة الاقتداء .. وبذلك أُمِرَ النبي في قوله تعالى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 123]
ومن جعل الطريق إلى الوصول في غير الاقتداء بالنبي ، يضل من حيث أنه مهتدٍ،،
وطريــق السُّنَّة واضح أبــلج
عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي: أنه سمع العرباض بن سارية يقول: وعظنا رسول الله موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله، إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟، قال "قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدًا حبشيًا، فإنما المؤمن كالجمل الأُنُف (أي: المُطيع) حيثما قيد انقاد" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني، صحيح الجامع (7818)]
فما عرفت من السُّنَّة التزم به وسيكفيك، والله الهادي إلى سواء السبيــل،،
يقول أبو بكر الطمستاني "الطَّرِيقُ وَاضِحٌ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ قَائِمَةٌ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَمَنْ صَحِبَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَعَزَفَ عَنْ نَفْسِهِ وَالْخَلْقِ وَالدُّنْيَا وَهَاجَرَ إِلَى اللَّهِ بِقَلْبِهِ فَهُوَ الصَّادِقُ الْمُصِيبُ الْمُتَّبِعُ لِآثَارِ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُمْ سُمُّوا السَّابِقِينَ لِمُفَارَقَتِهِمُ الْآبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ الْمُخَالِفِينَ وَتَرَكُوا الْأَوْطَانَ وَالْإِخْوَانَ، وَهَاجَرُوا وَآثَرُوا الْغُرْبَةَ وَالْهِجْرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَالرَّخَاءَ وَالسَّعَةَ وَكَانُوا غُرَبَاءَ فَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ وَاخْتَارَ اخْتِيَارَهُمْ كَانَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ تَبَعًا" [حلية الأولياء (13:382)]
من أعظم أسباب الضلال عن السبيــل:: الكبـــائر والذنـــوب العظام ..
يقول الحافظ ابن رجب "وعلى جنبتي الصِّراط يمنة ويَسرة سوران، وهما حدودُ الله، وكما أنَّ السُّورَ يمنع من كان داخله مِن تعدِّيه ومجاوزته، فكذلك الإسلامُ يمنع من دخله من الخُروج عن حدوده ومجاوزتها، وليس وراءَ ما حدَّ الله من المأذونِ فيه إلاَّ ما نهى عنه؛ ولهذا مدح سبحانه الحافظينَ لحدوده، وذمَّ من لا يعرف حدَّ الحلال من الحرام" [جامع العلوم والحكم (32:15)]
فاحذر من تجاوز حدود الله ومحارمه،،
كيـــف يمكن تأسيـــس الإيمان اللازم للسير على الطريق؟
قال تعالى {.. لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (*) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (*)لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 108,110]
فوضحت لنا الآيــات خمسة أسس ينبغي أن تؤسس عليها إيمانك:
1) تطهير القلب وتخليته من رواسب الجاهلية ..
2) التقوى والرضوان ..
3) اليقين والثقة في موعود الله عزَّ وجلَّ ..
4) التوبــــة النصوح .. {.. إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ..}
5) البذل والتضحيـــة .. { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ..} [التوبة: 111]
صفات السائريــــن على طريق الحقَّ
وللسائرين على طريق الحقِّ صفات تميزهم عن غيرهم، قد وصفها الله في قوله تعالى {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 112]
1) التوبـــة ..
2) العبــادة .. وتشمل كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، من علمٍ وعمل.
3) شكر النعمة .. ولن يمتثل الإنسان لأمر الشرع، إلا إذا تأمل نِعَم الله تعالى عليه وشكره عليها .. كما بيَّن الله تعالى { كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (*) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} [عبس: 23,24]
4) مجاهدة النفس وطلب العلم ..
5) المحافظة على الفروض والإكثار من النوافل ..
6) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
7) المحافظة على حدود الله .. باتبـــاع أوامره واجتنـــاب نواهيه.
الطريــق مليء بالعوائـــق، ولابد فيه من البـذل والتضحيـــة ..
فإيــــاك أن تظن أنه بمجرد التزامك بأوامر الشرع واجتناب نواهيه، أنك قد عرفت طريق الهداية وأنك ستجد الحيـــاة بعدها ميسورة وستعيش في رخـــاء !!
سأل رجل الشافعيَّ فقال: يا أبا عبد الله، أيما أفضل للرجل أن يمكَّن أو يُبتلَى؟، فقال الشافعي: لا يمكَّن حتى يُبتلَى، فإن الله ابتلى نوحًا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدًا صلوات الله وسلامُه عليهم أجمعين، فلما صبروا مكَّنَهم، فلا يظن أحدٌ أن يخلص من الألم البتَّهَ. [الفوائد (1:229)]
أما وقد عرفت أن الطريق إلى الله واحد، وهو واضحٌ وميَّسَر ..
فاستقِم عليه ولا تتلوَّن
دخل أبو مسعود على حذيفة، فقال " اعهد إلي "، فقال "ألم يأتك اليقين؟" .. قال "بلى، وعزة ربي " ..
قال "فاعلم أن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر، وأن تنكر ما كنت تعرف،
وإيــــاك والتلون في دين الله تعالى، فإن دين الله واحد"
[شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (101)]
هدانا الله وإيـــاكم إلى ســواء السبيــــل،،

الخميس، 5 سبتمبر 2013

حكايةٌ من كاليفورنيا !


حكايةٌ من كاليفورنيا ! 
[قصَّة قصيرة مترجمَة]

****



الغالون دائمًا معنا .. ذكرياتهم تطرز أيامنا،
مهما غابوا فسيبقون أحبةً لنا.

الإهداء
قبل أن أقرأ هذه القصة، ما كنت لأصدق أن عالمًا يغص بالأشرار يحمل بين
جنباته أناسًا يتمتعون بهذا المستوى من الوفاء المطلق.
وإني لأجزم أن كاتبها بث فيها من الواقعية الكثير حتى باتت قصةً تأسر كل
من قرأها إلى الحد الذي نتمنى فيه أن لو نصادف أحد أبطالها ولو لمرة في
حياتنا.
كلي أمل أن أكون قد وفيت ولو بشيء بسيط مما يستحقه هذا العمل وأن أكون
عند حسن ظن ذائقتكم الأدبية الرفيعة.)
المترجم عمار الحامد*


( حكايةٌ من كاليفورنيا )
قصة: مارك توين.
ترجمة: عمار الحامد.

أيام كنت شاباً، ذهبت إلى كاليفورنيا باحثاً عن الذهب. والحق أنني لم أجد ما يكفي من الذهب لأصبح ثرياً لكن عزائي كان أنني عثرت على منطقة جميلةٍ اسمها ستانيسلاو.
لست أبالغ إذا قلت أنها جنة الله في الأرض، فتلالها الخضراء الزاهية والعمق الذي يكتنف غاباتها المتشابكة والنسيم العذب الذي يداعب أشجارها تجعلني أخلع عليها هذا اللقب دون تردد.
عندما وطأت قدماي تراب ستانيسلاو، بدا لي جلياً أن ثمة من سبقني إليها قبل أمد بعيد، فقد أنشئت في واديها بلدةٌ متكاملةٌ ينطق كل ما فيها من الأرصفة والمخازن والبنوك والمدارس والمنازل التي بناها عمال المناجم لأسرهم بلسان المدنية.
لقد أجزلت تلال ستانيسلاو لضيوفها العطاء ومنحتهم الكثير من الذهب بادئ الأمر، ثم ما لبث حظهم أن عثر بعد بضع سنين، فكان أن إختفى الذهب واختفوا هم بدورهم معه، بحيث أنني عندما وصلت، رأيت الشوارع مغطاة بالأعشاب والمنازل الصغيرة تختفي خلف أكوام من شجيرات الأزهار البرية.
كانت أصوات الحشرات تملأ أرجاء البلدة الخالية اللهم إلا مني، نعم، دار في خلدي في ذلك اليوم الصيفي أنني الكائن البشري الوحيد على هذه البقعة، لكنني سرعان ما اكتشفت زيف تخيلاتي وأنني لم أكن لوحدي، فهذا رجل يقف في باب أحد المنازل وهو يبتسم لي.
لم يكن منزله ليشبه باقي المنازل، فهو غير مغطى بشجيرات الأزهار البرية وإنما تزين واجهته حديقة صغيرة جميلة تملؤها الزهور الحمراء والزرقاء، والستائر البيضاء المعلقة على نوافذه يعبث بها النسيم جيئةً وذهاباً.
وهو لا يزال مبتسماً، فتح الرجل باب منزله وأشار لي بالدخول، وفعلاً، دلفت إلى الداخل فرأت عيناي ما لم أكد أصدق، وأنى لي هذا وقد ألفت منذ أسابيع خلت تفاصيل الحياة القاسية في مخيمات عمال المناجم، فكم افترشنا الأرض الصلبة وسائد للنوم وكم أكلنا الفاصوليى المعلبة باردةً وكم قضينا من أيام وأيام سعياً محموماً وراء الذهب.
هنا في هذا البيت الصغير، شعرت وكأن روحي بعثت من جديد، فالسجاد بألوانه الزاهية أخذ مكانه بعناية على الأرضية الخشبية البراقة، والصور إحتلت جميع جدران الغرفة، والمناضد الصغيرة ازدانت بالكتب والأصداف البحرية والمزهريات الصينية المليئة بالزهور.
قلت في نفسي: لا شك أن من رتب هذا المكان إمرأة.
قال الرجل مبتسماً وكأنه لم يقرأ تعابير الإعجاب التي باتت واضحةً على وجهي فحسب، وإنما تعداها ليقرأ أفكاري: نعم، هي من قام بهذا كله، لقد وضعت لمساتها على كل شيء هنا.
إذ ذاك لاحظَ أن إحدى الصور لم تكن معلقةً بشكل صحيح، فسارع إلى تثبيتها في مكانها ثم أخذ يقترب منها تارة ويبتعد أخرى للتأكد من كونه ثبتها بالشكل المطلوب.
قال وهو بالكاد يلمس الصورة: لقد اعتادت فعل ذلك... تصور أنها تلمس الأشياء بحنان تماماً كما تلامس الأم شعر طفلتها بعد أن آذتها الفرشاة... كثيراً ما رأيتها توضب المكان بهذا الشكل لدرجة أنني أصبحت أقلدها... لست أدري لماذا أفعل هذا، لكنني أفعله ليس إلا.
بينما كان يتحدث، أدركت أنه يريدني أن أكتشف شيء ما في الغرفة، فكان له ما أراد.
ما إن وقع نظري على إحدى الزوايا قرب المدفأة، انفجر ضاحكاً وأخذ يفرك يديه بشدة وهو يهتف مسروراً: ها هي ذي! لقد وجدتها يا رجل! كنت أعرف إنك سوف تفعلها! نعم، هذه صورتها.
اتجهت صوب رف أسود صغير يحمل في ثناياه صورة صغيرة لأنثى لم يسبق وأن رأيت أنثى بجمالها، كانت تعابير وجهها تفصح عن جمال ورقة منقطعتَي النظير.
أخذ الرجل الصورة من بين يدي وبدأ يحدق بها قائلاً: لقد التقطت لها هذه الصورة في عيد ميلادها التاسع عشر، وقد تزوجنا يومها... هلا انتظرت بعض الوقت لأعرفك عليها!
سألته: أين هي الآن؟
قال وهو يعيد الصورة إلى مكانها وقد انطلقت من أعماقه تنهيدة: آه! إنها في مكان بعيد، ثم أردف قائلاً: لقد ذهبت منذ أسبوعين لزيارة.والديها اللذان يقيمان على بعد أربعين أو خمسين ميلاً من هنا.
سألته: متى ستعود؟
أجابني: اليوم هو الأربعاء، حسناً، ستكون هنا بحلول مساء السبت القادم.
نادماً قلت: آسف، لا بد أن أذهب قبل هذا التاريخ.
رد وقد بانت عليه علامات التعجب: تذهب! ولماذا يجب أن تذهب؟ لا تذهب! فسوف يحزنها ذهابك... ألا ترى إنها تحب أن يزورنا الناس ويقيمون معنا.
قلت بشيء من الحدية: كلا، لا بد لي من المغادرة.
التقط الصورة من على الرف ووضعها أمامي قائلاً: أخبرها الآن صراحةً أنك كنت تستطيع البقاء للتعرف عليها لكنك لم تفعل.
شيء ما جعلني أغير رأيي وأنا أنظر إلى صورتها للمرة الثانية، فقررت البقاء.
أخبرني أن اسمه هنري، تحدثنا طوال الليل بمواضيع شتى إلا أنها كانت صلب كل تلك المواضيع.
مر نهار الخميس سريعاً، حتى إذا جاء المساؤ، زارنا رجل عجوز ضخم الجثة بدا أنه عامل مناجم اسمه توم.
قال توم: وصلت لتوي لأسألك متى ستعود؟ هل من جديد؟
أجاب هنري: نعم! نعم! لقد وصلتني رسالة منها، هل ترغب بالاستماع لها؟ ثم سارع بإخراج ورقة صفراء قديمة من جيب قميصه وأخذ يقرؤ رسالةً إنطوت على الكثير من تعابير الحب لهنري ولأصدقائه المقربين وحتى للجيران.
بعد أن فرغ هنري من قراءة الرسالة، التفت إلى توم الذي تمردت دموعه على محجريه مخاطباً إياه: يا إلاهي! لقد فعلتها مرة أخرى يا توم! لماذا تبكي كل ما قرأت رسالة من رسائلها؟ تأكد أنني سأخبرها الآن!
رد الرجل العجوز: كلا، لا تفعل يا هنري، لا تؤاخذني! فلقد كبرت وقليل من الحزن كفيل أن يبكيني، حقاً تمنيت لو أنها معنا الليلة!
في اليوم التالي، حل علينا ضيف آخر اسمه جو.
طلب جو من هنري أن يقرأ له تلك الرسالة، فأخذ بالبكاء كما حصل مع صديقه توم وهو يقول: جميعنا نفتقدها يا هنري.
وأخيراً جاء يوم السبت، فوجدت نفسي يومها أطيل النظر في ساعتي الأمر الذي لاحظه هنري، فقال: تعتقد أن مكروهاً قد أصابها؟ أليس كذلك؟
قلت مبتسماً: لا أبداً، أعتقد أنها على ما يرام. لكنه لم يكن مقتنعاً بكلامي.
عند حلول المساء، غادر صديقا هنري البيت، ثم عادا بعد قليل مصطحبين معهما قيثارتين وزهور وزجاجة كحول.
وضع الرجلان الزهور في المزهريات وأمسكا قيثارتيهما وانطلقا يعزفان بعض أغاني الفرح الراقصة وهما يسقيان هنري كؤوس الخمر الواحد تلو الآخر حتى أوصلاه إلى درجة الثمالة.
عندما وصلت يدي إلى أحد الكأسين الأخيرين، همس توم في أذني وهو يمسكني من ذراعي: دع عنك هذا وخذ الآخر!
على وقع أجراس الساعة التي أعلنت إنتصاف الليل، دفع توم بآخر الكؤوس إلى هنري الذي أفرغه في جوفه، فأخذ وجهه بالشحوب أكثر فأكثر وهو يتمتم: أشعر أنني متعب وأريد أن أذهب إلى الفراش.
لم تكد هذه الكلمات تخرج من فم هنري، حتى غط في نوم عميق، سارع صديقاه إلى رفعه وحمله إلى غرفة النوم ثم عادا إلي بعد أن أوصدا الباب خلفهما.
بديا وكأنهما يستعدان للمغادرة، عندها قلت لهما: رجاءاً لا تذهبا يا سادة! أنا غريب وسوف لن تعرفني عندما تأتي!
حدق الرجلان في بعضهما ثم قال توم: لقد توفيت زوجته منذ تسعة عشر سنة.
همست بتعجب: ماذا؟ متوفية!
رد توم: فما بالك بما هو أسوأ؟ ثم أضاف: بعد مرور ستة أشهر على زواجها، ذهبت ذات يوم لزيارة والديها، وفي طريق العودة، وتحديداً في مثل هذا المساء، قبض عليها الهنود على مقربة من هذه البلدة، فاختفت منذ ذلك الحين، الأمر الذي أفقد هنري صوابه، فهو يعتقد أنها لا تزال على قيد الحياة ومع مجيء شهر حزيران من كل عام، تراوده ذكراها ويظن أنها ما تزال مسافرةً إلى بيت والديها، فيعمد لانتظارها. نأتي لزيارته في هذا الوقت من كل عام، فيخرج تلك الرسالة القديمة ويقرؤها لنا. وفي مثل هذا المساء، حيث يفترض أنها ستعود إلى البيت، نضع في شرابه بعض المنوم ، وما إن تطلع عليه شمس الغد حتى يكون على ما يرام إلى أن يحل العام القادم.
قال جو وهو يرفع قبعته وقيثارته من على الطاولة: لقد اعتدنا فعل هذا منذ تسعة عشر سنة خلت، ثم أضاف: كنا في السنة الأولى سبع وعشرون وها نحن اليوم اثنان لا غير. ثم فتح باب البيت واختفا مع توم في ظلام ستانيسلاو الحالك.

تمّت.

عجائب خلق الله في النمل


بسم آلله آلرحمن آلرحيم

عجائب خلق الله في النمل



عندما كان العالم الدكتور محمد بابو في بريطانيا يراقب هو وزوجته وبالصدفة مجموعة من النمل داخل


المطبخ تشرب من حليب مسكوب على الأرض اخذ النمل يتلون بطنه الشفاف بلون الحليب الأبيض ,


قام بابو بعمل تجربة في حديقة منزله وذلك بسكب كميات من السكر بألوان مختلفة بعد اضافة مواد ملونه


معها .. ولاحظ بعد ذلك النمل ظهر بألوان متعددة حسب لون السكر .. و قال الدكتور ان النمل يميل


للالوان الاخف حده مثل الاصفر والاخضر
وهذا معناة ان النمل شفاف وقد اكتشق العلماء
ان النمل مخلوق من الزجاج



عجائب خلق الله في النمل عجائب-خلق-الله-tk6R.jpg


عجائب خلق الله في النمل عجائب-خلق-الله-Sp55.jpg

عجائب خلق الله في النمل عجائب-خلق-الله-If04.jpg



قال تعالى



حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ .. سورة النمل آية 1


عندما سمع وقرئوا العلماء الذين يبحثون اي ثغره في القران الكريم هذه الايه فرحو افتكروه انه هذه تناقض فيه وبدءوا ... ينشرون اكتشافهم الذي اعتبروه عظيماَ ولم يجدوا رداً واحداً على لسان رجل مسلم وبعد... أعوام مضت من اكتشافهم ظهر عالم أسترالي أجرى بحوثاً طويلة على تلك المخلوقة الضعيفة ليجد ما لا يتوقعه

إنسان على وجه الأرض لقد وجد أن النملة تحتوي على نسبة كبيرة قيمتها من مادة الزجاج !!!
سبحآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآنالله__تقبلو مني فائق الاحترام والتقدير

أناس من قبيلة أفريقية يملكون أقداماً غريبة

اناس من قبيلة افريقية يملكونة أقداما غريبة fc9238f03f8f00d9d8c0996175fe3776.gif


اناس من قبيلة افريقية يملكونة أقداما غريبة ... !









هو المظهر الجسدي الاكثر غرابة في العالم, 
وهو ناتج عن اضطرابات في الجسم وبالذات القدمين تسمى انعدام الاصابع,
ومصاب بها بعض القبائل الافريقية وبالذات في بوتسوانا وزمبابوي 
و للقدم الواحدة اصبعين فقط



تشبه ارجل النعام كما في الصورة التالية


اناس من قبيلة افريقية يملكونة أقداما غريبة fe283930c70169ad4d902a1db2c0c8ae.jpg



قدم النعام في بعض القبائل الافريقية



اناس من قبيلة افريقية يملكونة أقداما غريبة 70d9b0e3d4152e06c266cfefe3162459.jpg




أعضاء من القرية

اناس من قبيلة افريقية يملكونة أقداما غريبة ef1aecf304a5fb4d21082e70a5f9517e.jpg



اناس من قبيلة افريقية يملكونة أقداما غريبة 0192dd296e2f4a694325327aa6c2a20e.jpg



اناس من قبيلة افريقية يملكونة أقداما غريبة 43327355d8aac950a166f9876806adea.jpg




اناس من قبيلة افريقية يملكونة أقداما غريبة 69030c1b2f40e6123c17c868d4cb6207.jpg



اناس من قبيلة افريقية يملكونة أقداما غريبة c85e1475376819eb8e00bc7353adcad3.jpg




سبحااان الله

أكبر مصحف بالعالم


أكبر مصحف بالعالم



انتهى خطاط باكستاني من كتابة أكبر مصحف في العالم بعد خمس سنوات من العمل (الوكالات)
يبلغ طول المصحف 2.28 متر وعرضه 1.55 ويصل وزنه 500 كيلوجرام وعدد صفحاته 218 صفحة
صفحات المصحف مكونة من الورق والقماش أما الغلاف فهو مصنوع من جلد الماعز ومزخرف بنقوش بارزة
بلغت تكلفة المصحف نصف مليون دولار وعمل محمد صابر خضري الخطاط الرئيسي في المشروع مع تسعة من طلابه في تصميمه
أكبر مصحف بالعالم 908400464802.jpg
انتهى خطاط باكستاني من كتابة أكبر مصحف في العالم بعد خمس سنوات من العمل (الوكالات) 

أكبر مصحف بالعالم 857277360524.jpg
يبلغ طول المصحف 2.28 متر وعرضه 1.55 ويصل وزنه 500 كيلوجرام وعدد صفحاته 218 صفحة
أكبر مصحف بالعالم 530989220571.jpg
صفحات المصحف مكونة من الورق والقماش أما الغلاف فهو مصنوع من جلد الماعز ومزخرف بنقوش بارزة
أكبر مصحف بالعالم 842968430322.jpg
بلغت تكلفة المصحف نصف مليون دولار وعمل محمد صابر خضري الخطاط الرئيسي في المشروع مع تسعة من طلابه في تصميمه
أكبر مصحف بالعالم 240418603410.jpg
أكبر مصحف بالعالم 773429424268.jpg
أكبر مصحف بالعالم 126740496372.jpg
أكبر مصحف بالعالم 001501142280.jpg
أكبر مصحف بالعالم 351687768939.jpg
أكبر مصحف بالعالم 903289779088.jpg
أكبر مصحف بالعالم 365136311621.jpg