الخميس، 18 سبتمبر 2014

✦ حَصْرِياً ✦ ▅ ▆ ▇ حفلة شيكاغو العظيمة ▇ ▆ ▅ نسخة أصلية عالية الجودة ✔ ...

۩ قرآن كريم | الشيخ عبد الباسط عبد الصمد ۩ ما تيسر من سورة :
◣ القمر ◇ الرحمن ◇ الحشر ◇ الإنفطار ◇ المطففين ◇ البلد ◇ الشمس ◇ الضحى ◇ الشرح ◇ النصر ◇ وأخيراً الدعـــاء ◢
● سجلت هذه التلاوة في زيارة الشيخ رحمه الله للمركز الإسلامي بشيكاغو ـ الولايات المتحدة الأمريكية ، بتاريخ ٢٩ ربيع الآخر ١٤۰٧ الموافق لِـ 31 ديسمبر 1986 على الساعة التاسعة مساءً .
● حصرياً و بجودة عالية HD .






عبد الباسط عبد الصمد ، من نودر التلاوات ، سورة فـصلت كاملة . HD

عبد الباسط عبد الصمد ، من نوادر التلاوات ، سورة ص كاملة . HD

الاثنين، 15 سبتمبر 2014

تفسير سورة الهمزه

تفسير سورة الهمزه


بسم الله الرحمن الرحيم

{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُوصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)} 


التفسير :

ويل: الوادي يسيل من صديد أهل النار وقيحهم.

لكل همزة : كل مغتاب للناس ...
لمزة: الذي يعيب الناس ويطعن فيهم.
الذي جمع مالا وعدده : الذي يجمع المال واحصاه ولم ينفقه في سبيل الله.
يحسب أن ماله أخلده : يحسب أن المال الذي جمعه وأحصاه وبخل في إنفاقة مخلده في الدنيا.
كلا لينبذن في الحطمة : أي سيقذف في النار والحطمة اسم من أسماء النار.
نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة : التى يطلع ألمها ووهجها القلوب.
إنها عليهم مؤصدة : أي مطبقة.

فلا حول ولا قوة الا بالله هذا جزاء من يغتاب ويلمز الناس يوم القيامه وكثيرا من الناس من يتهاون في الغيبة والنميمة وهتك أعراض الناس.*

يحكي الشيخ عبدالمحسن الأحمد :
يحكي إذ قال : ( تاخذ ذنب كل واحد حشيت فيہ لإن ما ظنتي باقي عندك حسنات )
قالو له : ھَ الكلام مو جديد !*
قال : يوم القيامہ تُعرض عليك اعمالك ومن بينہا ستجد ( لواط - سحاق - زنـا - ربا - عقوق والدين - اكل مال اليتيـم - سرقہ - كذب - شرب خمر - لعب قمار ... إلخ*
وتصرخ لحظتہا يَا رب من أين لي هذآ !!
وأنا واللہ لا زنيت ولا ولا ولا !!

هذه كلہا سيئاتهم التي اخذتها من الـغيبہ فيهم وھم اخذوا حسناتي يتنعمون فيہا .. في وقت اكون انا ميت احتاج حسنہ وحده !
وأنا ارمي بجهنم بسبب ذنوبہم إللي جمعتها وطہرتهم منها !

طيب أقروا هنا الطامہ الكبرى ↓*

قال الرسول عليہ الصلاة ۅالسلام  لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوهہم وصدورهم , فقلت : من هؤلاء ياجبريل ؟ قال : الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضہم )*

الراوي : أنس بن مالك 
المحدث : ابن مفلح -
المصدر : الآداب الشرعية -
الصفحة أو الرقم : 1/31
خلاصة الدرجة : صحيح

ترى احنا مسؤولين عن اي علم نعرفہ ومانوصلہ .
اللهم احفظ لساني عن العالمين .. واجعل كتابي في عليّين .. اللهم لاتجعلنا منهم !!..

هل صوت المراه عوره عند قراءة القراان ؟؟؟


هل صوت المراه عوره عند قراءة القراان ؟؟؟


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


إخواني أخواتي وأثناءَ بَحثي عنْ تلاواتْ المُقرئة هاجرْ بوساقْ المَغْربيَة

وجدتُ تعليقاتٍ كَثيرَة تُشيدُ بِـ صوتِها ودعواتٍ وهكذا ..

ولكنْ ما أثار انتِباهي أنّ أحدَ الإخوانْ كتبَ هذا التّعليقْ :



لا يرفع صوت المرأة ولو لذكر الله ألا تعلمون أن صوت المرأة عورة جل المعلقين لا يدرسون دينهم جيدا صراحة يألمني كثيرا ما وصل له المجتمع المغربي من جهل بأمور الدين


حَقيقَةً هذا التّعليقْ جَعلَني أقومُ بِـ البحثْ عنْ صحّة قولِه منْ خطئِه ووجدتُ جواباً لِـ

فضيلَة الشّيخْ د.عبد الحيّ يُوسفْ









السؤال:


ما حكم صوت المرأة عند قراءة القرآن الكريم لحوجة الحلقات القرآنية أو مشرفها للاختبار أو تحديد المستوى للتدريس؟ولا يخفى عليكم أن هذا الأمر فيه فريقان: منهم من يجوزه، والآخر لا يجوزه وأنا أعمل مدرساً في حلقات القرآن أفيدونا جزاكم الله خيرا؟




الجواب:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فالأصل أن صوت المرأة ليس بعورة؛ لأن النساء كن يخاطبن النبي صلى الله عليه وسلم ويسألنه بحضرة الصحابة رضي الله عنهم ولم يقع منه عليه الصلاة والسلام نهي لهن، والمحرَّم هو الخضوع بالقول؛ لقوله تعالى (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) والمحرَّم هو التلذذ بصوت المرأة الأجنبية، ولا يخفى أن قراءة القرآن بالتجويد مستلزمة لترخيم الصوت وتحسينه؛ فينبغي أن يقتصر في ذلك على قدر الضرورة أو الحاجة؛ ومحل ذلك إذا لم توجد امرأة تقوم باختبار الفتيات، والله تعالى أعلم.

عشرة تمنع عشرة

بسم الله الرحمن الرحيم



ا
لحمدالله :

احد السلف كان اقرع الراس ... ابرص البدن ... اعمي العينين ... مشلول القدمين واليدين ... وكان يقول (الحمدالله الذي عافني مما ابتلي به كثيرا ممن خلق وفضلني تفضيلا)
فمر به رجل فقال له : مما عافك؟؟!.. اعمي وابرص واقرع ومشلول .. فمما عافاك ؟!..
فقال : ويحك يارجل ، جعل لي لسانا ذاكرا ، وقلبا شاكرا، وبدنا علي البلاء صابرا ، اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لاشريك لك .

فلك الحمد ولك الشكر قال الله تعالى : (( 
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ )) سوره الزخرف 36 

قال صلي الله عليه وسلم (عشره تمنع عشره )

سوره الفاتحه...... تمنع الغضب

سوره يس..... تمنع عطش يوم القيامه


سوره الواقعه .... تمنع الفقر


سوره الدخان ..... تمنع اهوال يوم القيامه 

سوره الملك ...تمنع عذاب القبر 

سوره الكوثر... تمنع الخصومه 


سوره الكافرون ... تمنع الكفر عند الموت

سوره الا خلاص.... تمنع النفاق 

سوره الفلق ....تمنع الحسد 

سوره الناس .... تمنع الوسواس 
(لااله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين)
لم يدع بها مسلم في شئ الا قد استجاب الله له .

الدال علي الخير كفاعله
في حفظ الله

القرآن الكريم

القرآن الكريم



ما هو القرآن الكريم ؟

القرآن هو اسم لكلام الله تعالى المنزّل على عبده ورسوله محمد المتعبد بتلاوته ، المعجز بكل سورة منه ، وهو اسم لكتاب الله خاصة ، ولا يسمى به شيء من سائر الكتب .
ومن أسمائه الفرقان والكتاب والذكر والتنزيل وقد غلب عليه اسما القرآن والكتاب ، وفي ذلك إشارة إلى شدة العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد ، أعني في الصدور والسطور جميعًا ، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى .

القرآن الكريم كلام الله تعالى :

القرآن من كلام الله ، وقد تكلم به حقيقة لا مجازًا ، من باب إضافة الكلام إلى قائله ، وهو الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم ليكون للعالمين نذيرًا ، فإضافته إلى محمد صلى الله عليه وسلم إضافة تبليغ وأداء ، لا إنشاء وابتداء والمشكك في هذه الحقيقة ليس أمامه إلا أن يضيف هذا القرآن إلى النبي نفسه ، أو إلى مخلوق علّمه إياه .
أما الاحتمال الأول : وهو كون القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم وذلك لفرط ذكائه ، ونفاذ بصيرته ، وشفافية روحه ، مما يجعله ينشئ -بزعمهم- مثل هذا الكلام البديع الرصين ، فمردود بأدلة كثيرة ، منها :
1- أن الرجل مهما بلغ ذكاؤه وصفت سريرته أنى له أن يأتي بذكر لأحوال الأمم الغابرة ، ومسائل العقائد والشرائع ، وما في الجنة والنار من النعيم والعذاب ، ثم يذكر لنا ما سيقع في قابل الأيام والدهور ، كل ذلك على نحو من التفصيل والتدقيق ، مع تمام السبك ، وقوة الأسلوب ، ومن غير تضاد ولا اختلاف ، مع العلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلو كتابا ، ولم يخالط أهل التاريخ .
2- التحدي الصارم الذي واجه به القرآن الكفار ، وأنهم لم ولن يأتوا بمثل شيء من سوره ، يبعد عن الرسول -مع ما عرف عنه من الحصافة والحكمة- أن يغامر في الدخول فيه مع أئمة البيان وفحول الفصاحة ، وهو يرجو لرسالته أن تنتصر ولدعوته أن تنتشر .
3- هذا القرآن تضمن بعضا لمواضع العتاب لمحمد صلى الله عليه وسلم : في مواقف اجتهد فيها لكنه جانب فيها الصواب ، أو الأصوب ، فنزل القرآن مبينا وجه الحق ومخطئا للنبي صلى الله عليه وسلم ، فيكف يجمل بحكيم عاقل يخطئ نفسه وينشر ذلك في الناس ، ولو كان يملك أدنى تصرف في هذا القرآن لأخفى مثل هذه المواضيع ، وسترها عن الناس وقد قال الله تعالى : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ }{ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ }{ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ }{ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } .
4- تصدير كثير من الآيات في القرآن بكلمة "قل" بل قد تكررت هذه الكلمة أكثر من ثلاثمائة مرة ، وفي توجيه الخطاب لمحمد وتعليمه ما ينبغي أن يقول , فهو لا ينطق عن هواه ، بل يتبع ما يوحى إليه ، فهو مخاطب لا متكلم ، حاكٍ ما يسمعه لا معبر عن شيء يجول في نفسه .
5- الاتفاق التام بين إشارات القرآن الكريم إلى بعض العلوم الكونية وبين معطيات العلم الحديث ، الأمر الذي أثار دهشة كثير من الباحثين الغربيين المعاصرين ، حيث تعرض القرآن الكريم لقضايا علمية دقيقة - نحو ما يتعلق بعلم الأجنة والفلك والبحار - لم تكتشف وسائل معرفتها إلا بعد عصر نزول القرآن بعدة قرون .
أما الاحتمال الثاني : وهو أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تعلّم القرآن من غيره فهذا باطل من وجوه :
1- أمية محمد : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نشأ أميًّا ، بين أناس أميين ، لا يعرفون غير علم البيان والفصاحة وما يتصل بهما ، وكانوا منعزلين بشركهم عن أهل الكتاب قال تعالى : { تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } ففيه إشارة واضحة إلى أن هذا النوع من العلم ما كان عند العرب ، وليس لهم به دراية ، ولم يرد أنهم اعترضوا على هذا الحكم عليهم بأنهم يجهلون الأمور المشار إليها في الآية .
2- عدم تعرض العرب لمعارضته : فلم يدَّعِ واحد من خصومه من العرب -مع شدة تكذيبهم- نسبة القرآن إلى نفسه ، ثم إن الله تعالى قد تحدى به بلغاءهم وفصحاءهم على أن يأتوا بسورة من مثله ، فلم يتعرض واحد منهم لذلك ، اعترافا بالحق ، ونأيا بالنفس عن تعريضها للافتضاح ، وهم أهل القدرة في فنون الكلام نظما ونثرا ، وترغيبا وزجرا .
3- عربية القرآن وأعجمية لسان أهل الكتاب : لم يذكر في أيّ من المصادر التاريخية جلوس النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي أحبار اليهود ، أو رهبان النصارى ، بغية التعلم والمدارسة . ثم إن هذا القرآن عربي فصيح لا عهد لأهل الكتاب به ، ولهذا قال تعالى ردا على من ادعى أن القرآن من وحي أهل الكتاب : { لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ }
4- موقف القرآن من أهل الكتاب : موقف القرآن من أهل الكتاب بدحض شبهاتهم وأغاليطهم ، ثم دعوتهم إلى الإيمان بالرسول الكريم ، والاستجابة للذكر الحكيم يُبعد أن يكونوا هم مصدر القرآن ومنبعه ، وهذه حالهم من الإعراض عنه والكفر به ، وبمن أنزل عليه .

معنى الوحي :

الوحي هو إعلام الله تعالى من اصطفاه برسالته كل ما أراد إطلاعه عليه من أمره وعلمه وهو آتيه ليبلغه إلى من شاء الله تعالى من خلقه .
فالوحي أمر مشترك بين جميع رسل الله ، كما جاء في قوله تعالى : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا }{ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } .

إمكانية وقوع الوحي :

الوحي أمر واقع لا يمكن إنكاره عند كل من آمن بوجود الله تعالى وكمال قدرته ، فالخالق المدبر يرعى خلقه بما شاء من أنواع التدبير والرعاية ، والصلة بين الخالق وخلقه إنما تكون عبر رسله ، ورسل الله لا يعرفون مراد الله إلا عن طريق الوحي سواء كان بواسطة أو بغير واسطة . فالعقل السليم لا يستبعد إمكانية الوحي ، لأن الخالق القادر لا يصعب عليه شيء .

حقيقة الوحي الرباني :

الوحي ليس معاناة ذاتية يعالجها النبي في نفسه ، بمعنى أنه ليس ضربا من ضروب الكشف والإلهام الذي يكتسبه الإنسان بممارسة بعض الرياضات الروحية العنيفة بل الوحي حوار علوي بين ذاتين : ذات متكلمة آمرة معطية ، وذات مخاطبة مأمورة متلقية . ولم يخلط النبي محمد صلى الله عليه وسلم-والأنبياء عليهم الصلاة والسلام- بين ذواتهم الإنسانية المأمورة المتلقية وبين ذات الوحي الآمرة المتعالية ، فالإنسان واع أنه إنسان ضعيف بين يدي الله ، يخاف عذاب ربه إن عصاه ، ويرجو رحمته ، ويستمد منه العون ، ويصدع بما يأمره به ، وأحيانا يتلقى العتاب الشديد ، ويعترف بعجزه المطلق عن تبديل حرف من كتاب الله ، قال تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }{ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } .
كل هذا وغيره يحمل على الإقناع بالفرق الذي لا يتناهى بين ذات الخالق وذات المخلوق ، وبين صفة الخالق وصفة المخلوق ، وبين أسلوب الخالق وأسلوب المخلوق .

تفريق النبي بين كلامه وكلام الله :

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على التفريق بين أحاديثه التي يصوغها بأسلوبه الخاص وهو ما يعرف بالحديث النبوي - رغم أن أصلها من الوحي عن طريق الإلهام - وبين الوحي القرآني ، بل منع بادئ الأمر أن يُكتب منها شيء مع القرآن ، حتى تبقى للقرآن منزلته الخاصة في كونه لفظًا ومعنى من عند الله تعالى ، ولا يختلط به شيء من كلام الناس .
وكان- صلى الله عليه وسلم- يفرّق بين ما يقوله عن اجتهاد من نفسه وبين ما ينسبه إلى الله تعالى ، ولهذا قال : « إنما أنا بشر مثلكم وإن الظن يخطئ ويصيب ، ولكن ما قلت لكم : قال الله ، فلن أكذب على الله » .

الرسول لا يملك من أمر الوحي شيئا :

فالوحي قوة خارجة عن ذات النبي لا يملك التصرف فيها بما شاء ، ومما يؤكد ذلك أنه كانت تنزل بالنبي أو بأحد ممن حوله أحيانا نوازل تتطلب حلا سريعا ، لكنه لا يجد فيها قرآنا يقرؤه على الناس ، فيلتزم الصمت ، وينتظر ، وربما طال الانتظار ، وهو في حاجة ملحة للجواب والفرج , لحكمة يعلمها الله تعالى . مثال ذلك : حادثة الإفك ، وهي الفرية على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم من قبل بعض المنافقين بما هي بريئة منه ، وأخذ الناس يلوكون عرض النبي النقي ، حتى بلغت القلوب الحناجر ، وهو لا يملك أن ينهي هذه المشكلة ، بل غاية ما قاله : « يا عائشة ، أما إنه بلغني كذا وكذا " ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله » . ومضى شهر بأكمله ، حتى نزل الوحي ببراءة عائشة ، وطهارة بيت النبوة وخلاصة الأمر : أن الوحي حالة غير اختيارية ، وعارض غير عادي وقوة خارجية ، وهو قوة عالمة ، لأنها توحي علمًا ، وهو قوة خيرة معصومة ، لأنه لا يأتي إلا بالحق ، ولا يأمر إلا بالرشد .

كيفية وحي الله تعالى إلى ملائكته :

جاء في القرآن الكريم ما ينص على تكليم الله ملائكته ، كما في قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا } وكما في قوله تعالى : { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا } فوحي الله إلى ملائكته تكلم من الله ، وسماع من الملائكة .

طرق إعلام الله تعالى رسله :

وحي الله تعالى إلى رسله يكون بواسطة وبغير واسطة :
الوحي بواسطة : وهو الملك جبريل عليه السلام ، ويكون ذلك بإحدى حالتين :

الحالة الأولى : أن يأتيه الملك بصوت مثل صلصلة الجرس وهي أشد على الرسول صلى الله عليه وسلم فالصوت القوي يثير عوامل الانتباه ، فتتهيأ النفس بكل قواها لقبول أثره ، فإذا نزل الوحي بهذه الكيفية على الرسول صلى الله عليه وسلم نزل عليه وهو مستجمع القوى الإدراكية لتلقيه وحفظه وفهمه .
الحالة الثانية : أن يتمثل له الملك رجلا ويأتيه في صورة بشر ، وهذه الحالة أخف من سابقتها ، حيث يكون التناسب بين المتكلم والسامع ، ويأنس رسول النبوة عند سماعه من رسول الوحي ، ويطمئن إليه اطمئنان الإنسان لأخيه الإنسان .
وكلتا الحالتين مذكورة في سؤال الحارث بن هشام رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : « يا رسول الله ، كيف يأتيك الوحي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس ، وهو أشد علي ، فينفصم عني وقد وعيت عنه ما قال ، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول . »

الوحي بغير واسطة :
من ذلك :
1- الرؤيا الصالحة في المنام : فعن عائشة رضي الله عنها قالت : « أول ما بدئ به الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح » أي في قوة ودقة تحققها وتصديقها .
وكان ذلك تهيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينزل عليه الوحي يقظة لكن ليس في القرآن شيء من هذا النوع لأنه نزل جميعه يقظة .
ومما يدل على أن الرؤيا الصالحة للأنبياء في المنام وحي يجب اتباعه ما جاء في قصة إبراهيم الخليل عليه السلام من رؤيا ذبحه لابنه ، وقد حكى الله قصته في قوله : { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ }{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }{ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ }{ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ }{ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }{ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ }{ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ }{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ }{ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ }{ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }{ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ } ولو لم تكن هذه الرؤيا وحيا يجب اتباعه لما أقدم إبراهيم عليه السلام على ذبح ولده لولا أن منّ الله عليه بالفداء .

والرؤيا الصالحة ليست خاصة بالرسل فهي باقية للمؤمنين وإن لم تكن وحيًا ، كما جاء في الحديث : « لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا : وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا » .
2- الكلام الإلهي من وراء حجاب يقظة بدون واسطة : وهذا ثابت لنبي الله موسى عليه السلام قال تعالى : { وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ } وقال : { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } كما ثبت التكليم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج حين عرج به إلى السماء وكلمه ربه , وأنواع الوحي المتقدمة ذكرها الله تعالى في مثل قوله : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } .

حفظ القرآن الكريم وسلامته من التحريف :

أنزل الله تعالى كتابه القرآن ليكون الكتاب المهيمن ، والرسالة الخاتمة ، والشريعة الباقية ، مما يتطلب رعايته عن عبث العابثين ، وتحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وقد اتفق له ذلك منذ اللحظة الأولى لنزوله وحتى يومنا هذا ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لا زيادة فيه ولا نقصا ، وقد ورد إلينا متواترا بنقل الكافة [ الجمع الكبير من الناس الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب ] التي لا تقع تحت عد ولا حصر عن مثلها حفظا وكتابة ، ولم يختلف في عصر من العصور في سورة ، ولا آية ، ولا في كلمة ، بل كثير من هؤلاء النقلة لا يحسن العربية لكنه يقرأ القرآن كما أنزل .
وقد ضمن الله تعالى لكتابه السلامة من التحريف ، كما في قوله : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } وقوله تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } وهذا يقتضي حفظ عينه وهيئته التي نزل عليها . وقد أقر بهذا كل من بحث في أمر القرآن من المسلمين وغيرهم .

وللحفظ وجوه عدة ووسائل متنوعة :

أولا : حفظ القرآن في عهد النبوة :

وتم ذلك بوسائل متنوعة منها :

1- الطريقة التي كان ينزل بها الوحي :
وهي أن ينزل على هيئة تكون أدعى إلى حفظه وضبطه ، فقد سئل الرسول عن كيفية نزول الوحي إليه فقال : « أحيانا يأتيني مثل صلصة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال ، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني ، فأعي ما يقول » .

2- مدارسة الملك النبي القرآن :
وكان ذلك في رمضان من كل سنة ، يأتيه جبريل في كل ليلة من ليالي رمضان يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، وقد عرض عليه القرآن مرتين في العام الذي قبض فيه . كل هذا حرصا على حفظه ومراعاة لصحة لفظه .

3- كتابة الوحي ومقابلته :
فقد اتخذ الرسول إلى جانب ذلك كُتّابا يكتبون له الوحي أولا بأول ، ويراجع ذلك هو بنفسه ، حتى يطمئن إلى صحة ما كتب .

4- قصر الكتابة على القرآن :
وذلك في بادئ الأمر ، حيث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كتابة غير القرآن كالحديث والتفسير لئلا يختلط القرآن بغيره ، فكان يمنع أصحابه أن يكتبوا عنه شيئا غير القرآن ، فلما اطمأن إلى رسوخ القرآن وسلامته من الاختلاط بغيره ، أذن لهم في الكتابة .

5- الحض على تعلم القرآن وتعليمه :
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على تعلم القرآن وتعليمه ، وحفظه وتحفيظه ، ويقدم أكثرهم أخذا للقرآن في إمامة الصلوات ، وقيادة الجيوش . بل الحاجة داعية لحفظه فهو الكتاب المفروضة قراءته في الصلوات ، وتنفيذ أحكامه وآدابه في ضروب الحياة .

6- قوة الحافظة التي عند العرب :
كان العرب يتمتعون بحافظة لا يكاد يعزب عنها شيء ، خاصة وأن القرآن جاء في براعة من الأسلوب ، ورفعة من البيان مما يجعله أحرى لحفظه ، والاهتمام به ، حتى كثر آخذوه : صدرا وسطرا ، فحفظه الكبير والصغير ، والرجل والمرأة ، والحضري والبدوي .

ثانيًا : حفظ القرآن في عهد الصحابة رضي الله عنهم :
تعاهد الصحابة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم كتاب ربهم وديوان شريعتهم بالحفظ والعناية ، وتجلى ذلك عبر حادثتين عظيمتين :

الأولى : في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين كثر موت حفظة القرآن بسبب الحروب ، فخشي هو ونفر من كبار الصحابة ذهاب القرآن بموت حفظته ، فأمر بجمع القرآن وذلك بجمع كل ما كتب عليه من الأخشاب والجلود ونحوها من وسائل الحفظ آنذاك ، وكذلك ما كان محفوظا في صدور الرجال ، وتم جمع القرآن جميعه مكتوبا في مكان واحد يشرف عليه الخليفة وخلفاؤه من بعده .
الثانية : في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حيث كان القرآن - إلى ذلك الحين - يقرأ على لغات العرب توسعة من الله لهم ، فلما أدى هذا الاختلاف في اللغات إلى التنازع والاختلاف بين المسلمين جمع الخليفة المسلمين على لغة واحدة هي لغة قريش أم قبائل العرب ، ونسخ من ذلك عدة مصاحف عمّمها على الأقاليم والأمصار .

المصاحف المكتوبة في عهد عثمان رضي الله عنه :

أكد بعض المستشرقين رؤية بعض العلماء القدامى للمصاحف العثمانية أو لسور منها في أمصار إسلامية معينة ، وفي طليعة هؤلاء كواترمير كما أشار إلى ذلك كل من برجشترا وبرتزل في دراستهما لتاريخ النص القرآني وأن الرحالة المشهور ابن بطوطة رأى بنفسه تلك المصاحف التي يظن أنها عثمانية ، أو بعض صحائف منها فقط في غرناطة ومراكش والبصرة وبعض المدن الأخرى خلال رحلاته الكثيرة ومن المعروف أن ابن كثير الدمشقي - من علماء القرن الثامن الهجري - قد رأى مصحف الشام . وشاركه في هذا ابن الجزري وابن فضل الله العمري . ويميل بعض الباحثين إلى أن المصحف أمسى زمنا ما في حوزة القياصرة الروس في دار الكتب في لينيجراد ، ثم نقل إلى إنجلترا ، بينما يرى آخرون أنه بقي في مسجد دمشق حتى احترق فيه سنة ألف وثلاثمائة وعشرة .
والذي يعلم علم اليقين ، ويعلمه كل باحث منصف أن كتابا غير القرآن لم يحظ بالعناية التي أحيط بها ولم يصل غيره بالتواتر كما وصل ، فجاء - كما قال شفالي : " أكمل وأدق مما يتوقعه أي إنسان " . ولا غرو فهو كتاب الله الذي قال فيه : { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } . وقد ظل القرآن محفوظا في الصدور حتى الساعة ، وإلى قيام الساعة .

شهادات بعض الغربيين :

كلام لوبلوا : "إن القرآن هو اليوم الكتاب الرباني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر" .

كلام موير : "إن المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يد ليد حتى وصل إلينا بدون أي تحريف ، ولقد حفظ بعناية شديدة بحيث لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر ، بل نستطيع أن نقول إنه لم يطرأ عليه أي تغيير على الإطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الإسلامية الواسعة ، فلم يوجد قرآن واحد لجميع الفرق الإسلامية المتنازعة ، وهذا الاستعمال الإجماعي لنفس النص المقبول من الجميع حتى اليوم يعد أكبر حجة ودليل على صحة المنزل الموجود معنا" .

كلام الأستاذ موريس بوكاي : ذكر بوكاي أنه يوجد في المكتبات الأوربية مثل المكتبة الوطنية بباريس ، قطع مخطوطة من القرآن يرجع تاريخها - حسب تقدير الخبراء - إلى القرنين : الثاني والثالث من الهجرة .

الحفظ خاص بالقرآن :

إن الله تعالى تولى حفظ كتابه القرآن { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } ، لأنه الرسالة الخاتمة والشريعة الباقية فناسب أن يحفظ حتى قيام الساعة ، أما الكتب السابقة فهي شرائع موقوتة ، وكّل الله حفظها للناس فضيعوها بالتحريف والتبديل والكتمان ، كما قال تعالى : { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ } .

نزول القرآن منجما :

أنزل الله تعالى القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم لهداية البشرية ، فكان نزوله حدثا جللا يؤذن بمكانته عند أهل السماء وأهل الأرض ، فإنزاله الأول من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا وذلك في ليلة القدر من شهر رمضان أشعر العالم العلوي من ملائكة الله بشرف الأمة المحمدية التي أكرمها الله بهذه الرسالة الجديدة لتكون خير أمة أخرجت للناس ، وتنزيله الثاني مفرقا على خلاف المعهود في الكتب السماوية قبله أثار دهشة كفار العرب مما حملهم على المماراة ، حتى أسفر لهم صبح الحقيقة فيما وراء ذلك من أسرار الحكمة الإلهية ، فلم يكن الرسول ليتلقى الرسالة العظمى جملة واحدة ، ويقنع بها القوم مع ما هم عليه من صلف وعناد ، فكان الوحي يتنزل عليه تباعا تثبيتا لقلبه ، وتسلية له ، وتدرجا مع الأحداث والوقائع حتى أكمل الله الدين وأتم النعمة .
قال تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا }{ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } فالقرآن نزل منجما أي مفرقا في ثلاث وعشرين سنة هي عمر الرسالة المحمدية ، وكانت الحكمة من نزوله منجما تتلخص في الآتي :
1- تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم :
واجه النبي صلى الله عليه وسلم من قومه أول الأمر عنادا ونفورا وجفوة وأذى وهو راغب في دعوتهم وهدايتهم ، فاحتاج أن ينزل عليه القرآن مرة بعد مرة ، بحسب الوقائع والأحداث ، تثبيتا لقلبه ، وتسلية له ، ولهذا حشد القرآن بقصص الأنبياء السابقين وما لاقوه من أعدائهم من صنوف العناد والاستكبار والأذى ثم كانت العاقبة لهم بالنصر والتأييد والتمكين ، وهو مصير كل من تمسك بدين الله تعالى .

2- التحدي والإعجاز :
فإن تحدي الكفار بالقرآن وهو مفرق مع عجزهم عن الإتيان بمثله أدخل في الإعجاز ، وأبلغ في الحجة من أن ينزل جملة ويقال لهم : جيئوا بمثله .

3- تيسير حفظه وفهمه :
نزل القرآن على أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب ، سجلها ذاكرة حافظة ، فما كان للأمة الأمية أن تحفظ القرآن كله بيسر لو نزل جملة واحدة ، وأن تفهم معانيه وتتدبر آياته ، فكان نزوله هكذا مفرقا خير عون لها على حفظه في صدورها وفهم آياته ، والالتزام بتعاليمه .

4- مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع :
فما كان الناس ليقبلوا على هذا الدين الجديد لولا أن القرآن عالجهم بحكمة ، وأعطاهم من دوائه الناجع جرعات يستطبون بها من الفساد والرذيلة ، فكلما حدثت حادثة بينهم نزل الحكم فيها يجلي لهم صبحها ، ويرشدهم إلى الهدى ، ويضع لهم أصول التشريع حسب المقتضيات ، فكان هذا طبا لقلوبهم .

5- الدلالة القاطعة على أن القرآن تنزيل من حكيم حميد :
وذلك أن القرآن نزل منجما في أكثر من عشرين عاما ، تنزل الآية والآيات على فترات من الزمن فيقرؤه الإنسان ويتلو سوره فيجده محكم النسج ، دقيق السبك ، مترابط المعاني ، رصين الأسلوب ، متناسق الآيات والسور ، ولو كان هذا القرآن من كلام البشر وقيل في مناسبات متعددة ، ووقائع متتالية ، وأحداث متعاقبة ، لوقع فيه التفكك والانفصام ، واستعصى أن يكون بينه التوافق والانسجام . قال تعالى : { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا }

تفسير القرآن الكريم :

المتتبع في تفسير النص القرآني المنهج التالي :
أولا : تفسير القرآن بالقرآن :
إذ إن أحسن طريق لمعرفة مراد المتكلم : الاستدلال ببعض كلامه على بعض - حسب قواعد لغته التي يتكلم بها - وهذا يقتضي معرفة اللغة التي نزل بها القرآن ، ومعرفة أساليبها ، واستعمالاتها ، فالقرآن عربي ، والرسول الذي أنزل إليه عربي ، والقوم الذين خاطبهم أول مرة عرب ، فجرى الخطاب بالقرآن على معتادهم في لسانهم لفظا ومعنى .
وقد يحتاج المفسر أن يجمع الآيات في الموضوع الواحد ، ثم ينظر فيها مجتمعة ليعرف ما قد يكون بينها من علاقات ، من تخصيص عام ، وتقييد مطلق ، وتفصيل مجمل .
ثانيًا : تفسير القرآن بكلام النبي صلى الله عليه وسلم :
إن لم يتيسر فهم النص القرآني من القرآن نفسه طلبه المفسر من سنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنها البيان للقرآن ، قال تعالى : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } فالسنة تأتي مفسرة لبعض ما أجمل في القرآن ، نحو أصول الفرائض كالصلاة والصيام والزكاة والحج ، فبينت السنة أركان هذه العبادات وواجباتها ومستحباتها ومحظوراتها ومكروهاتها ، وهيئاتها ، وأوقاتها ، ومقاديرها ، وأنصبتها على نحو من التفصيل لم يأت في القرآن . وكذلك تأتي السنة بالمخصص لعموم القرآن ، والمقيد لمطلقه ، والمبين لمشكله ، ويستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : « ألا إني قد أوتيت القرآن ومثله معه » .
ثالثًا : تفسير القرآن بكلام الصحابة :
فإن تعذر فهم النص القرآني من القرآن ومن السنة طلبه المفسر من أقوال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم أعلم بذلك ، لما شاهدوه من القرائن والأحوال ، واختصوا به من الفهم التام ، والعلم الصحيح ، والعمل الصالح ، ولا سيما علماؤهم وكبراؤهم .
رابعًا : تفسير القرآن بكلام التابعين :
تفسير القرآن بكلام التابعين ومن بعدهم من أهل العلم مع إضافة ما يناسب ذلك في المعتمدون ، فإن تعذر فهم النص القرآني من كلام الصحابة لجأ المفسر إلى كلام من بعدهم من التابعين ، فهم أقرب عهدا بنزول القرآن ، وأعرف من غيرهم بلغته وأساليبه ، وأكثر حفظا للسنن والآثار ، وهم أيضا من أهل القرون المفضلة المشهود لها بالخيرية .

نسخ شريعة القرآن لغيرها من الشرائع السابقة :

النسخ في الشرائع الإلهية واقع قطعا ، بل هو واقع في الشريعة الواحدة ، ويكون عادة في الفروع لا في الأصول . قال تعالى : { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } وقد جاءت شريعة عيسى ناسخة لبعض ما في شريعة موسى عليهما السلام قال تعالى على لسان عيسى مخاطبا بني إسرائيل : { وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } أما شريعة الإسلام فهي ناسخة لما قبلها من الشرائع ، والمقصود : ما يدخله النسخ من الشرائع ، أما ما يجب لله من التوحيد والتنزيه عن الشرك وأصول العبادات مما هو أصل دعوة جميع الرسل فلا يدخله النسخ ، فالذي يدخله هو فروع الشرائع وجزئياتها وتفاصيلها .
لذا كانت شريعة الإسلام باقية خالدة صالحة لكل زمان ومكان جامعة لمحاسن الشرائع السابقة . قال تعالى : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ }

كمال دين الله تعالى بنزول القرآن :

صحيح أن القرآن لم ينزل إلا منذ أربعة عشر قرنا بيد أن معانيه قديمة جديدة ففيها خلاصة كاملة للرسالات الأولى ، وللنصائح التي بذلت للإنسانية من فجر وجودها ، فالقرآن ملتقى رائع للحكم البالغة التي قرعت آذان الأمم في شتى العصور ، واستعراض مجمل الشرائع الإلهية التي احتاجت إليها الأرض جيلا بعد جيل .
إنه لذلك مجمع الحقائق الثابتة ، ومجلى عناية الله بعباده مذ خلقوا ، وإلى اليوم ، وإلى أن تنقضي الدنيا . وإظهارا لهذا المعنى يقول الله تعالى في سورة الأعلى بعد أن ذكر بعض آياته في الخلق ثم أمر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالتذكير ثم بين فلاح من تزكى وخسارة من لم يتذكر ، وأن طبيعة الناس إيثار الحياة الدنيا مع أن الآخرة خير وأبقى ، وعقب ذلك بقوله : { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى }{ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى }

فالدين قد اكتمل بنزول القرآن ، وليس بالناس حاجة لغيره ، قال الله تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } . 

~ معنى قوله تعالى: {أَحْسَنَ القَصَصِ} ~

~ معنى قوله تعالى: {أَحْسَنَ القَصَصِ} ~





الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد :

فإنّ هذه الأسطر إنّما هي جواب عن سؤال يكثر طرحه حول قوله تبارك وتعالى : {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف:3].

فهل المراد بأحسن القصص سورة يوسف؟ وهل يعني ذلك أنّها أفضل من قصّة نوحٍ، وإبراهيم، وموسى عليهم السّلام ؟

فاعلم - أخي القارئ - أنّ قصّة يوسف عليه السّلام من أعظمِ وأحسنِ قصص القرآن الكريم، حتّى أضحت كثير من تفاصيلها معلومة لدى المسلمين، وكيف لا وقد تناولتها سورة بكاملها، من أوّلها إلى آخرها، على خلاف غيرها من قصص الأنبياء ؟

وقد قال كثير من أهل العلم: "وفي هذه القصّة من العبر والفوائد والحِكم ما يزيد على ألف فائدة، لعلّنا إن وفّق الله أن نُفردها في مصنّف مستقلّ" ["الجواب الكافي" (ص 322) لابن القيّم رحمه الله].
فقد تضمّنت هذه السّورةُ:
- الدّعوةَ إلى الله عزّ وجلّ.
- والمشاقّ الّتي لا يَسْلَم منها طريقٌ، فكيف بالطّريق إلى الخلود؟
- وبيان فضل التمسّك بالله وشريعته وقت المحن.
- كما تحدّثت عن محاسن الأخلاق كالعفو والصّفح، والعفاف، وحسن العشرة، والصّدق، والجوار الحسن، وبرّ الوالدين، والشّفقة على الإخوان.
- وغير ذلك من قواعد السّلوك، وسير الملوك، ومواقف الشّرفاء ومنهج العلماء.
- وتحدّثت عن العدل والقِسط، وحسن الرّعاية والتّدبير.
وقد أعجز الله بها كلّ قاص، ولم يترك له أيّ مناص، حيث ذكر الله قصصَ الأنبياء في القرآن، وكرّرها بمعنى واحد، في وجوه مختلفة، بألفاظ متباينة، في أعلى درجات البلاغة، وقد ذكر قصّة يوسف عليه السّلام ولم يكرّرها، فلم يقدِر مخالفٌ على معارضة ما تكرّر، ولا على معارضة ما لم يتكرّر.

ولكن، ليس المراد من قوله تعالى: {أَحْسَنَ القَصَصِ} سورة يوسف على وجه الخصوص؛ وذلك من وجوه:
الوجه الأوّل: أنّ الحُسن هنا متعلّق بقصص القرآن عامّة:
بدليل قوله تعالى:{بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ}، أي: بسبب ما أوحينا به إليك من هذا القرآن، وكان ذلك مقدّمةً بين يدي سورة يوسف، حتّى تقبل النّفوس لتدبرّها، والقلوب للأخذ بمواعظها.
الوجه الثّاني: سبب النّزول يدلّ على أنّ المراد بالحُسن قصص القرآن جميعه:
فقد جاءت هذه القصّة يوم أراد المسلمون أن يُنصِتوا إلى قصص الأوّلين، فأنزلها الله تعالى وكأنّه يقول لا قصَصَ أفضلُ من قصصِ القرآن.
روى ابن حبّان في "صحيحه"، وابن جرير الطّبريّ، والحاكم عن سَعْدِ بنِ أبي وقّاص رضي الله عنه قال: "أنزل الله القرآنَ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتلاه عليهم زمانا، فقالوا: يا رسول الله، لو قصصت علينا؟ فأنزل الله تعالى قوله:{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}.
قال: ثمّ تلاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زمانا، فقالوا: يا رسول الله، لو حدّثتنا؟ فأنزل الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا...} [الآية من الزّمر: 23].
قال الحاكم:"صحيح الإسناد "، وأقرّه الذّهبيّ، وصحّحه الشّيخ مقبل بن هادي في "الصّحيح المسند من أسباب النّزول" (ص 136).
والشّاهد من هذا الحديث:
أ) أنّه أجابهم بأنّ أحسن القصص هو قصص القرآن عموما.
ب) حين سألوه عن أحسن الحديث، أنزل آية الزّمر، ولا يمكن أن يقول قائل: إنّ سورة الزّمر هي أحسن الحديث!
الوجه الثّالث: المناسبة تدلّ على العموم.
فإنّ سورة يوسف العظيمة جاءت بعد سورة هود عليه السّلام، وفي آخرها قوله تعالى: {وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود:120]، فذكر هذه القصّة لأنّها من جملة أنباء الرّسل، الّتي هي كلّها من أحسن القصص.
الوجه الرّابع: التّفضيل نسبيّ.
فأحسن القصص في شأن نوحٍ عليه السّلام هو قصص القرآن الكريم، وأحسن القصص في شأن إبراهيم وموسى ويوسف وغيرهم هو قصص القرآن، وأحسن القصص في باب الكرم، والصّدق، والصّبر، والجهاد، والدّعوة، وغير ذلك هو قصص القرآن الكريم.
قال العلاّمة الطّاهر بن عاشور رحمه الله:
" فكلّ قصص في القرآن هو أحسنُ القصصِ في بابه، وكلّ قصّة في القرآن هي أحسنُ من كلّ ما يقصّه القاصّ في غير القرآن. وليس المراد أحسن قصص القرآن حتّى تكون قصّة يوسف عليه السّلام أحسن من بقيّة قصص القرآن؛ كما دلّ عليه قوله:{بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْآنَ}، والباء في:{بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} للسببيّة "اهـ.
الحاصل: أنّ أحسن القصص هو قصص القرآن كلّه، لا سورة يوسف بعينها، ومن بين قصص القرآن هي من أحسنه وأعظمه، والله أعلم
فائدة )
ليس في وصف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأنّه {مِنَ الغَافِلِينَ} ذمٌّ له، بل هو بيان للواقع الّذي كان عليه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل نزول الوحي، والغفلة نوعان:
أ‌) غفلة إعراض: وهذه لا شكّ في ذمّها، لأنّها ترك الشّيء بعد العلم به، كما قال تعالى:{أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: من الآية 179]، وقال للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:{وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: من الآية 205].
ب‌) غفلة بمعنى الجهل والذّهول عن الشّيء: وهذا لا يسلَمُ منه أعلمُ أهل الأرض، ولكنّ الله لم يشأ أن يصفَ نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بالجهل تشريفا لمقامه.
قال العلاّمة القاسميّ رحمه الله في " محاسن التّأويل " (6/197):" والتّعبير عن عدم العلم بالغفلة؛ لإجلال قدر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم "اهـ.

وانظر كيف سمّى الله تعالى الغفلةَ عن الشّيء جهلاً في حقّ غيره، فقال عزّ وجلّ: {يَحْسَبُهُمْ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ}.
ومثل هذه الآية قوله تعالى:{وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى}، ضالاّ أي: تبحث عن الحقيقة؛ ولذلك امتنّ الله على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم فقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:52]، وقال له: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} [النساء: من الآية113].

والله تعالى أعلم،
مع القرآن العظيم


لم يكن في مسجد النبي – صلى الله عليه وسلم - منبرٌ يخطب عليه بل كان يخطب الناس على جذع عند مصلاه في مسجده الشريف فلما اتخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم - منبراً من ثلاث درجات وعَدَلَ عن الجذع بكى وحنَّ حنين النوق العشار وارتج المسجد لخواره وبكاءه حتى وضع النبي – صلى الله عليه وسلم - يده عليه وضمه فسكت , وسبب بكاء الجذع حزناً على فراق النبي – صلى الله عليه وسلم – ومن سمع الآيات والمواعظ , وإن لم يفعل ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم - لكان بكاؤه إلى قيام الساعة ثم أمر النبي – صلى الله عليه وسلم - بالجذع فدفن تحت المنبر , قال الحسن البصري - رحمه الله تعالى - : (يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - شوقاً إليه أوليس الرجال الذين يرجون لقاءه أحق أن يشتاقوا إليه).

الوحي الإلهي له تأثير على الموجودات فهذا الجذع يحن للآيات والمواعظ , وذاك الجبل الراسخ يخشع ويتصدع من خشية الله تعالى : ((لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) , والمضغة في صدر الإنسان إذا صدَّت عن ذكر الله تعالى كانت في قساوتها كالحجارة أو أشد مع أن في الحجارة مايهبط من خشية الله تعالى : ((ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) , ولهذا دعا الرحمن الرحيم عباده المؤمنين بمعاهدة كتابه الكريم ولايكونوا كأهل الكتاب من قبلهم بتركهم ما أنزل الله – تعالى - عليهم وكانت عقوبتهم الموت الحقيقي بقسوة القلب : ((أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)).


من أراد الهداية في الدنيا والأخرة والفوز فيهما فعليه بكتاب الله تعالى : ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)) , ومن أراد الهُدى والرحمة والشفاء والموعظة للقلوب ليس بينه وبين ذلك إلا أن يرتل ويستمع الآيات من كتاب الله العزيز الحميد : ((ياأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)) , وتنزل السكينة على النفوس , والسكون في المكان عندما يتهادى صوت القرآن بتدبر وإخلاص : ((هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ)) , وحال المؤمنين مع القرآن العظيم : ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)).

إن هذا الكتاب المبارك يعتبر الميزان الحقيقي بين البشرية على الأرض , ومن أسباب الترقي بالدرجات العُلى في الجنان , قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ((إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ)) , والخيرية بين الخليقة لاتحددها الأنساب والأحساب والأموال والمناصب وإنما التحديد بقول المصطفى – صلى الله عليه وسلم – : ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) , وفي يوم القيامة يبحث العبد عن شفيع له ويجد القرآن الكريم يتأهب لذلك لمعرفته الصادقة به , قال الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم – : ((اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِصَاحِبِهِ)) , والموفق في الحقيقة من قرأ القرآن العظيم قي آناء الليل وأطراف النهار ليغنم الأجور العظيمة والمكاسب الكثيرة , قال نبي الرحمة – صلى الله عليه وسلم – : ((مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ)).

نسأل الله تعالى أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا , ونور صدورنا , وجلاء أحزاننا , وذهاب غمومنا وهمومنا , وسائقنا ودليلنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم يارب العالمين.


منقول من صيد الفوائد

أنواع القلوب فى القرآن الكريم




أنواع القلوب فى القرآن الكريم


ذكر الله سبحانه وتعالى في القران الكريم أنواعاً كثيرة من القلوب منها :


القلبُ السَّلِيْمْ : وهو مخلص لله وخالٍ من من الكفر والنفاق والرذيلة
{ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }

**************
القلبُ المُنِيْبْ : وهو دائم الرجوع والتوبة إلى الله مقبل على طاعته
{ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ }

**************
القلبُ المُخْبِتْ : الخاضع المطمئن الساكن
{ فتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ }

*************
القلبُ الوجِلْ : وهو الذي يخاف الله عز وجل ألاَّ يقبل منه العمل وألاَّ يُنَجَّى من عذاب ربِّه 
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}

*************

القلبُ التَّقِّيْ : وهو الذي يعظِّم شعائِر الله
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}

*************
القلبُ المَهْدِي : الرَّاضي بقضاء الله والتَّسليم بأمره
{ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ }

************
القلبُ المُطْمَئِنْ : يسكن بتوحيد الله وذكره
{ وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّه }

************
القلبُ المَرِيْضْ : وهو الذي أصابه مرض مثل الشك أو النفاق وفيه فجور ومرض في الشهوة الحرام
{ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ }

************
القلبُ الحَيَّ : قَلْب يَعْقِل مَا قَدْ سَمِعَ مِنْ الْأَحَادِيث الَّتِي ضَرَبَ اللَّه بِهَا مَنْ عَصَاهُ مِنْ الْأُمَم
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ }

************

القلبُ الأَعْمَى : وهو الذي لا يبصر ولا يدرك الحق والإعتبار
{ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }

******
القلبُ اللَّاهِي : غافل عن القرآن الكريم ، مشغول بأباطيل الدنيا وشهواتها ، لا يعقل مافيه
{لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}

******
القلبُ الآثِمْ : وهو الذي يكتم شهادة الحق
{ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ }

*******
القلبُ المُتَكَبِّرْ : مستكبر عن توحيد الله وطاعته ، جبار بكثرة ظلمه وعدوانه
{ قلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ }

*******
*********
القلبُ الغَلِيْظْ : وهو الذي نُزعت منه الرأفة والرَّحمة 
{ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ }
{ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ }

***********
القلبُ القَاسِيْ : لا يلين للإيمان ولا يؤثِّرُ فيه زجر وأعرض عن ذكر الله
{ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً }

******
القلبُ الغَافِلْ :غافلا عن ذكرنا ، وآثَرَ هواه على طاعة مولاه
{ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا }

*******

الْقَلْبُ الأَغْلَفْ : قلب مُغَطَّى لا يَنْفُذ إليها قول الرَّسُول صلى الله عليه وسلم
{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ }

*******
القلبُ الزَّائِغْ : مائل عن الحقِّ
{ فأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ }

*******
القلبُ المُرِيْبْ: شاكٍ متحيِّر
{وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ }


القلبُ المَخْتُومْ : فلم يسمع الهدى ولم يعقله
{ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ }

***********
القلبُ القَاسِيْ : لا يلين للإيمان ولا يؤثِّرُ فيه زجر وأعرض عن ذكر الله
{ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً }

******
القلبُ الغَافِلْ :غافلا عن ذكرنا ، وآثَرَ هواه على طاعة مولاه
{ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا }

*******

الجمعة، 12 سبتمبر 2014

المغناطيس الإلهي

المغناطيس الإلهي


العالم كله من حولنا الكافرين والمشركين والجاحدين والملحدين يتعجبون من الروح الغريبة التي تنتشر في المسلمين في هذه الأيام شوقاً إلى بيت الله الحرام ، ينظرون إلى وسائل الإعلام فيرون المسلمين الفقراء يضحون بكل شئ ويتبعون كل شئ في سبيل أن يذهبوا لهذه البقاع المباركة
ثم ينظرون إلى أحوالهم عند وصولهم إلى هذه الأماكن منهم من يتوفى ومنهم من يبكي ومنهم من يصرخ ومنهم من يفعل كذا وكذا ، فيزداد عجبهم ويتساءلون لم يفعل المسلمون هذه الأشياء؟ لحجارة في ظنهم وخيالهم وجهلهم كأي حجارة في الأرض
لكن تعالوا معي يا عباد الله ننظر إلى المغناطيس الإلهي الذي أودعه الله في بيت الله والذي يجذب المؤمنين القاصين والدانين جميعاً إلى بيت الله ما هو؟ إن الله عز وجل يتحدث عن ذلك فيقول: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} آل عمران96
ماذا فيه؟: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ} آل عمران97
فيه علامات واضحات ، فيه مناهج ودلالات ، فيه أنوار ساطعات ، فيه إشراقات وفيوضات وتجليات لمن فتح الله عين قلبه ونظر بنظارة الإيمان فيرى حول بيت الله أنوار مكون الأكوان عز وجل ، أما هؤلاء الذين عمت بصائرهم فلا يرون هذه الآيات ولا ينكشفون على تلك التجليات لأن الله عز وجل لا يكشف على أسراره للمجرمين والمشركين وإنما يحفظها لعباده المؤمنين ولا يكشفها إلا للصادقين من عباده المؤمنين
تعالوا معي يا عباد الله جماعة المؤمنين نجلس في بيت الله وننظر إلى الكعبة المشرفة التي أسسها الله على مائدة الله والنظر إليها عبادة فما بالكم بالطواف حولها والصلاة لها إنها عبادات مباركات لها أجر ثابت حدده سيد السادات صلى الله عليه وسلم
أول سؤال يواجهنا ونحن حول هذا البيت لماذا بناه الله؟ ولماذا أمر برفعه الله؟ إن هذا له قصة عجيبة فعندما اختار الله آدم عليه السلام ليكون خليفة في الأرض وجمع الملائكة أجمعين وأمرهم بالسجود لمن اختاره خليفة عن رب العالمين وقال لهم موجهاً لهم الخطاب: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} البقرة30
فعلموا أنهم أخطأوا في الجواب على حضرة الوهاب وأساءوا الأدب في الحديث مع حضرة الله فخرجوا هائمين إلى البيت المعمور يطوفون حوله يعلنون توبتهم ويقدمون ندمهم لعل الله عز وجل يغفر لهم هذه الذلة
فلما طافوا حول البيت المعمور وهو فوق السماء السابعة تجاه الكعبة تماماً قال لهم الله{اهبطوا إلى الأرض فابنوا لعبادي بيتاً إذا أخطأوا كما أخطأتم وأذنبوا كما أذنبتم يذهبون إليه فيطوفون حوله كما طفتم فاغفر لهم كما غفرت لكم} 
ونزل آدم عليه السلام من الجنة بأرض الهند وأخذ يبكي على ذنبه لله أربعين عاماً حتى رق عليه الملائكة الكرام فنزل أمين الوحي جبريل وقال يا آدم أين أنت من بيت الله اذهب إليه فطف حوله يغفر لك ذنبك الله عز وجل
فجاء من أرض الهند إلى أرض الحجاز ماشياً على أقدامه فطاف بالبيت وهو يقول كما أنبأنا حضرة الرسول: {اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي ، اللهم إني أسألك إيماناً يباشر سويداء قلبي حتى لا أحب تأخير ما عجلت ولا تعجيل ما أخرت إنك على كل شئ قدير}{1}
طاف حوله وهو يردد هذه الكلمات فأوحى الله عز وجل إليه {يا آدم قد دعوتنا بدعوات فاستجبناها لك وكل من جاء من بنيك وذريتك إلى هذا البيت ودعا بهذه الدعوات استجبنا له وغفرنا له ذنبه ونزعنا الفقر من بين عينيه وملأنا قلبه بالإيمان وتجرنا له من وراء تجارة كل تاجر}
فهو رمز المغفرة من الغفار وسر التوبة من التواب ورمز القبول من العزيز الوهاب لمن خرج من بيته لا يريد إلا وجه الله ولا يبغى بحجة إلا اتباع سيدنا ومولانا رسول الله وماله حلال واجتهد في جمعه من طريق حلال
إذا ذهب إلى هناك وطاف بالبيت وانتهى من الطواف يضع الملائكة الموكلين بالبيت أيديهم على ظهره ويقولون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قد كفيت ما مضى فاستأنف العمل فيما بقى} ، {مَنْ أَتَىٰ هَـٰذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ}{2}
ولم يحدد الصغائر ولا الكبائر ، السر ولا العلانية رب العباد فإن الله عز وجل يغفر جميع الذنوب لأنه يرده كالطفل المولود والطفل المولود لا يكتب عليه الكرام الكاتبون سيئات أبداً لا يكتبون له إلا خيرات وحسنات لكن صحيفة سيئاته كما هي مطوية لا تفتح إلا إذا بلغ الحلم فيرجع وليس عليه شاهد بذنب لأن الله عز وجل غفر له جميع ذنبه

{1} الراوي: بريدة المحدث: السيوطي - المصدر: الدر المنثور - الصفحة أو الرقم: 1/315 ، خلاصة حكم المحدث: إسناده لا بأس به
{2} رواه البخاري ومسلم في صحيحهما والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة


ما الحكمة من وراء أركان الإسلام الخمسة ؟..


هذه الأسئلة موجهة من أجانب غير مسلمين


ما الحكمة من وراء أركان الإسلام الخمسة ؟

الإجابة : 

لأركان الإسلام الخمسة حكم كثيرة فلكل ركن من هذه الأركان حكم لا تعد خاصة به لكننا سنكتفى في هذا المقام بأبرز الحكم المشتركة بين عناصر الإسلام الخمسة وهي :

1. تجعل المؤمن يعترف بالعبودية ويقر بالألوهية لله عز وج فينجو من الشرك بأنواعه والإلحاد بكافة أساليبه

2. تعد هي امتحان التصديق للإيمان فالمؤمن عندما يعلن إيمانه بالله عز وجل يحتاج إلى برهان من العمل يدلل به على صدق إيمانه فكان هذا البرهان هو العمل بأحكام الإسلام الخمسة


3. العمل بهذه الأركان يعمل على طهرة النفس وتزكيتها من الأخلاق الرديئة والصفات السيئة التى ينبغي للمؤمن أن يتجنبها في حياته لينال محبة الناس في الدنيا ورضا الله عز وجل في الدار الآخرة

4. المداومة على العمل بأركان الإسلام الخمسة يكسب فاعلها الأخلاق الطيبة والأوصاف الكريمة وأولاها البعد عن المعاصي وتجنب الشرور ، وثانيها المسارعة إلى عمل الخيرات وفعل الطاعات


5. القيام بها دائما يحدث للمرء التوازن النفسي الذي لا بد له منه في حياته ليحيا حياة طيبة كريمة والإستقرار الوجداني الذي يساعده على حسن التفكير وجودة التدبير والإختراعات والمكتشفات التى تيسر له أمور حياته

6. العمل بها يجعل المرء يكثر من ذكر الله عز وجل وذكر الله به طمأنينة القلب وسلامة الصدر وراحة الضمير


إلى غير ذلك من الحكم الكثيرة الدينية والعلمية والاجتماعية التى يكتسبها المرء من هذه الأركان والتى لا نطيل بذكرها الآن خوفا من السآمة والملل ، ومن أراد المزيد من ذلك فليرجع لكتب الفقه والدين ومراجع الفلسفة الإسلامية ليتعرف بوضوح على جلية هذا الأمر


هل يجب على من يريد الدخول فى الإسلام الإغتسال؟

الإجابة : 

يجب على من يريد دخول الإسلام الإغتسال ظاهراً بالماء وهو إشارة إلى غسل قلبه وباطنه من الشرك والشكوك والظنون والأوهام التى لا تليق بمعتنق الإسلام ، وإشارة أيضاً لغسل جوارحه الظاهرة اليدين والرجلين والعينين والأذنين واللسان والفرج والبطن من الآثام والذنوب التى ارتكبها بهذه الجوارح قبل دخول الإسلام ، فيدخله طاهراً نظيفاً ظاهراً وباطنا فيكتسب محبة الله لأن الله يقول في كتابه: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222


هل إزالة الشعر لأحد الراغبين في اعتناق الإسلام واجبة؟ وأنه جزءٌ من النقاء أو النظافة؟

الإجابة : 

لم يثبت أن الإسلام طلب من أحد معتنقيه حديثاً أن يزيل شعره إلا إذا كان شعره طويلاً عن الحد وأشعث أغبر فيطالبه بتهذيبه على سبيل الاستحباب لقوله صلى الله عليه وسلم:{مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ ، فَلْيُكْرِمْهُ}{1}

أما الذي يطالب به الذكر فقط عند دخوله في الإسلام فهو أن يختتن إن لم يكن إختتن قبل ذلك لأن الختان من شعائر الإسلام الفارقة بينه وبين الأديان الأخرى


{1} رواه أبو داود عن أبي هريرة