الأحد، 27 نوفمبر 2016

اصحاب الأخدود .. يا أمّاه اصبري فإنك على الحق

اصحاب الأخدود .. يا أمّاه اصبري فإنك على الحق


موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة البروج الآيات 4-9، وتفصيلها في صحيح الإمام مسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
قال الله تعالى
(( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ 

إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ 

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ))

قصة:
إنها قصة فتىً آمن، فصبر وثبت، فآمنت معه قريته.

لقد كان غلاما نبيها، ولم يكن قد آمن بعد. وكان يعيش في قرية ملكها كافر يدّعي الألوهية. وكان للملك ساحر يستعين به. وعندما تقدّم العمر بالساحر، طلب من الملك أن يبعث له غلاما يعلّمه السحر ليحلّ محله بعد موته. فاختير هذا الغلام وأُرسل للساحر.


فكان الغلام يذهب للساحر ليتعلم منه، وفي طريقه كان يمرّ على راهب. فجلس معه مرة وأعجبه كلامه. فصار يجلس مع الراهب في كل مرة يتوجه فيها إلى الساحر. وكان 


الساحر يضربه إن لم يحضر. فشكى ذلك للراهب. فقال له الراهب: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر.

وكان في طريقه في أحد الأيام، فإذا بحيوان عظيم يسدّ طريق الناس. فقال الغلام في نفسه، اليوم أعلم أيهم أفضل، 

الساحر أم الراهب. ثم أخذ حجرا 
وقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه ا

لدابة حتى يمضي الناس. ثم رمى الحيوان فقلته، ومضى الناس في طريقهم. فتوجه الغلام للراهب وأخبره بما حدث. فقال له الراهب: 

يا بنى، أنت اليوم أفضل مني، 
وإنك ستبتلى، فإذا ابتليت فلا تدلّ عليّ.



وكان الغلام بتوفيق من 
الله يبرئ الأكمه والأبرص ويعالج الناس من جميع الأمراض. فسمع به أحد جلساء الملك، وكان قد فَقَدَ بصره. 

فجمع هدايا كثرة وتوجه بها للغلام وقال له:

أعطيك جميع هذه الهداية إن شفيتني. فأجاب الغلام: أنا لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فإن 

آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن جليس الملك، 
فشفاه الله تعالى.



فذهب جليس الملجس، وقعد بجوار الملك كما كان يقعد قبل أن يفقد بصره. فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ فأجاب الجليس بثقة المؤمن: 

ربّي. فغضب الملك وقال:
ولك ربّ غيري؟ فأجاب المؤمن دون تردد: ربّي وربّك الله. فثار الملك، وأمر بتعذيبه. فلم يزالوا يعذّبونه حتى دلّ على الغلام.


أمر الملك بإحضار الغلام، ثم قال له مخاطبا: 
يا بني، لقد بلغت من

السحر مبلغا عظيما، حتى أصبحت تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل. فقال الغلام: 

إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى. فأمر الملك بتعذيبه. فعذّبوه حتى دلّ على الراهب.



فأُحضر الراهب وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الراهب ذلك. وجيئ بمشار، ووضع على مفرق رأسه، ثم نُشِرَ فوقع نصفين. ثم أحضر جليس الملك، وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى. فَفُعِلَ به كما فُعِلَ بالراهب.

ثم جيئ بالغلام وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الغلام. فأمر الملك بأخذ الغلام لقمة جبل، وتخييره هناك، فإما أن يترك دينه أو أن يطرحوه من قمة الجبل.


فأخذ الجنود الغلام، وصعدوا به الجبل، فدعى الفتى ربه: اللهم اكفنيهم بما شئت. فاهتزّ الجبل وسقط الجنود. ورجع الغلام يمشي إلى الملك. فقال الملك: 

أين من كان معك؟ فأجاب: كفانيهم
الله تعالى
. فأمر الملك جنوده بحمل الغلام في سفينة، والذهاب به
لوسط البحر، ثم تخييره هناك بالرجوع عن دينه أو إلقاءه

.



فذهبوا به، فدعى الغلام الله: اللهم اكفنيهم بما شئت. فانقلبت بهم 

السفينة وغرق من كان عليها إلا الغلام. ثم رجع إلى الملك. فسأله الملك باستغراب: أين من كان معك؟ فأجاب الغلام المتوكل على الله: 

كفانيهم الله تعالى. ثم قال للملك: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل ما آمرك به. فقال الملك: 

ما هو؟ فقال الفتى المؤمن: أن تجمع الناس في مكان واحد، وتصلبي على جذع، ثم تأخذ سهما من كنانتي، 

وتضع السهم في القوس، وتقول 
"بسم الله ربّ الغلام" 

ثم ارمني، فإن فعلت ذلك قتلتني.



استبشر الملك بهذا الأمر. فأمر على الفور بجمع الناس، وصلب الفتى أمامهم. ثم أخذ سهما من كنانته، ووضع السهم في القوس، وقال: باسم الله ربّ الغلام، ثم رماه فأصابه فقتله.


فصرخ الناس: آمنا بربّ الغلام. فهرع أصحاب الملك إليه وقالوا: أرأيت ما كنت تخشاه! لقد وقع، لقد آمن الناس.

فأمر الملك بحفر شقّ في الأرض، وإشعال النار فيها. 

ثم أمر جنوده، بتخيير الناس، فإما الرجوع عن الإيمان، أو إلقائهم في النار. ففعل
الجنود ذلك، حتى جاء دور امرأة ومعها صبي لها،

فخافت أن تُرمى في النار
. فألهم الله الصبي أن يقول لها:
يا أمّاه اصبري فإنك على الحق

فـــوائد ودروس وعبر من هجــرة سيد البشر


فـــوائد ودروس وعبر من هجــرة سيد البشر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

إن الأخذ بمعاني الهجرة النبوية ضرورة حياتية ؛ لأن الهجرة لم تكن انتقالاً ماديًّا من بلد إلى آخر فحسب ، ولكنها كانت انتقالاً معنويًّا من حال إلى حال ؛ إذ نقلت الدعوة الإسلامية من حالة الضعف إلى القوة ، ومن حالة القلة إلى الكثرة ، ومن حالة التفرقة إلى الوحدة ، ومن حالة الجمود إلى الحركة.

وهناك نوعين من الهجرة لا ثالث لهما : هجرة إلى الله ، وهجرة لغير الله يقول رسول ﷺ :
".....إنَّ الهجرةَ خَصلتانِ إحداهما أن تَهْجــرَ السَّيِّئـــاتِ ، والأخــرى أن تُهاجـــرَ إلى اللَّهِ ورسولِهِ .
ولا تنقطـــعُ الهجـــرةُ ما تُقُبِّلَتِ التَّوبـــةُ ، ولا تزالُ التَّوبةُ مقبولةً حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ منَ المغرِبِ ، فإذا طلعَت طُبِعَ على كلِّ قَلبٍ بما فيهِ ، وَكُفـــيَ النَّـــاسُ العَمــــلَ ."



الراوي : عبدالله بن وقدان ابن السعدي | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد
الصفحة أو الرقم : 3/133 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح



و الهجرة تعني فى اللغة ترك شي إلى آخر ، أو الانتقال من حال إلى حال ، أو من بلد إلى بلد ،
يقول تعالى : {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] ،
وقال أيضًا : {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً} [المزمل: 10].

وتعني بمعناها الاصطلاحي الانتقال من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، وهذه هي الهجرة المادية.

أما الهجرة الشعــورية فتعني الانتقال بالنفسية الإسلامية من مرحلة إلى مرحلة أخرى ،
بحيث تعتبر المرحلة الثانية أفضل من الأولى كالانتقال من حالة التفرقة إلى حالة الوحدة ،
أو تعتبر مكملة لها كالانتقال بالدعوة الإسلامية من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة.

ان هدف المسلم في الحياة أن يعيش في مجتمع يساعده على طاعة الله والالتزام بأوامره وأحكامه ،
أو على الأقل لا يحارب بعقيدته ؛ لأن الفتنة في الدين هي الفتنة الكبرى ...


لذلك كان من الواجب على المسلم ان يهاجر من بلد لا يحكم بالإسلام إلى بلد تحكمه شريعة القرآن.

و الهجرة الشعورية ، تعني اصطلاحًا إنكار ومعاداة كل ما لا يرضي الله أو يخالف شريعة الله ،
ويظهر المسلم هذا العداء بكل الوسائل الممكنة ،
بالجوارح أو باللسان أو بالقلب ، ويعمل على تغييرها بكل الإمكانات المتاحة ،

فالرسول ﷺ يقول :
"من رأى منكم منكرًا فليغيرْه بيدِه ، فإن لم يستطعْ فبلسانِه ، فإن لم يستطعْ فبقلبِه ،


وليس وراءَ ذلك من الإيمانِ مثقالُ ذرةٍ"
الراوي : [أبو سعيد الخدري] | المحدث : ابن تيمية | المصدر : مجموع الفتاوى
الصفحة أو الرقم: 2/110 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

وأساس هذه الهجرة النيـــة ؛ ولهذا يقول المصطفى ﷺ :
" إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نـــــــوى
فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ
ومن كانت هجرتُهُ إلى دنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينْكحُها فَهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليْهِ "


الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : ابن تيمية | المصدر : مجموع الفتاوى
الصفحة أو الرقم : 20/223 | خلاصة حكم المحدث : صحيح



والهجرة الشعورية واجبة على كل حال وفي كل حين ؛
لأنها تتعلق بهجر ما لا يرضي الله تعالى ، وهي قائمة إلى أن تقوم الساعة.


ولذلك يقول الرسول ﷺ :
"لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها".



والمسلم مكلف بأن يهجر كل ما حرم الله ، وأن يهاجر إلى ما أحلَّ الله ؛

لأن هذا هو الهدف من استخلافه في الأرض
لقوله تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

وهل العبادة إلا طاعة الله فيما أمر ، والانتهاء عما نهى عنه وزجر؟
ولهذا فتح رسول الله ﷺ باب الهجرة على مصراعيه أمام كل راغب فيه ،


فقال عليه الصلاة والسلام :
"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه"رواه البخاري.
وفي رواية (ابن حبان) :
"المهاجر من هجر السيئات ، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".


وكلمات الحديث الشريف متكاملة في تحديد معنى الهجرة على أساس
أنها عبادة ترتبط بعقيدة الإنسان وإيمانه ، وعلى أساس أنها عملية بناء وإصلاح
تأخذ بيد الإنسانية المعذبة إلى شاطئ الأمان والاطمئنان..

فهجر ما نهى الله عنه يعني هجر السيئات والمعاصي والمفاسد القولية منها والفعلية ،
والتي هي الأساس في فساد البلاد والعباد ؛ ولهذا أكد الحديث على (كف اللسان واليد) ؛
إذ إنهما الأعضاء التي تصدر عنها المفاسد القولية والفعلية.

وإذا كانت هذه الأعضاء سلاحًا ذا حدين يمكن أن يصدر عنها الخير
كما يمكن أن يصدر عنها الشر ، فإن إمكانية صدور الشر عنها أرجح من صدور الخير ؛


ولهذا يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت". متفق عليه.



فإذا أضفنا إلى هذين العضوين اللسان واليد عضوًا ثالثًا هو الفرج ، نجد أن الإسلام أقام الحياة الإنسانية على دعائم قوية من تقوى الله والخلق الحسن والأمان والاطمئنان.

وقد سئل رسول الله ﷺ عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ، فقال : "تقوى الله وحسن الخلق".
وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ، فقال : "الفــم والفـــرج".
رواه الترمذي وابن حبان والبيهقي


وكان الهدف من الهجرة النبوية هدفًا عظيمًا ، وهو الانتقال بالرسالة الإسلامية من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة ،

ومن دعوة كانت مجرد عقيدة وفكرة إلى دعوة أصبحت شريعة ودولة ، ومن حركة محدودة الآثار إلى حركة عالمية الأهداف ، ومن دعوة أتباعها قلة مستضعفون إلى دعوة أتباعها سادة فاتحون.


وغيرت أحوال المسلمين تغييرًا جذريًّا ، فنقلتهم من الضعف إلى القوة ، ومن القلة إلى الكثرة ، ومن الانحصار إلى الانتشار ، ومن الاندحار إلى الانتصار.

فما أحوج المسلمين اليوم إلى هجرة إلى الله ورسوله هجرة إلى الله بالتمسك بحبله المتين وتحكيم شرعه القويم ، وهجرة إلى رسوله ﷺ باتباع سنته ، والاقتداء بسيرته.
فإن فعلوا ذلك فقد بدءوا السير في الطريق الصحيح ، وبدءوا يأخذون بأسباب النصر ،
وما النصر إلا من عند الله.

فائدة....
قال الله تعالى : وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًـــا كَثِيـــرًا وَسَعَــــةً
وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُــدْرِكْهُ الْمَــوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) سورة النساء

فى الاية فوائد تربوية عظيمه منها
قال ابن عثيمين
أنَّ العبرةَ في الأعمالِ بالخواتيم ؛ لقوله : ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ، يعني : أنَّهم في وقتِ الوفاة ظالِمون لأنفُسِهم ؛ فالعبرةُ بالخواتيم ؛ ولهذا يجبُ على الإنسانِ أن يكونَ خائفًا من سوءِ الخاتمةِ ، وأن يسأَلَ اللهَ سبحانه دائمًا حُسنَ الخاتمةِ ، وألَّا يموتَ إلَّا وهو مسلِمٌ .اهـ

وقال ابن عثيمين
أنَّ مَن ترَك شيئًا للهِ عوَّضه اللهُ خيرًا منه ، وتُؤخَذُ مِن قوله : "يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً" ؛ فقد خرَج مِن الضِّيق فوجَد السَّعة .اهـ
وقال ايضاً : أنَّ مَن أُذِلَّ بطاعةِ الله صار العِزُّ له في النِّهايةِ ، وتُؤخَذُ مِن قوله : مُــرَاغَمًا كَثِيـرًا ؛ فهذا الَّذي أُذِلَّ هو الآن يُذِلُّ أنوفَ الَّذين أذَلُّوه بالأمسِ ..اهـ

وقال الـــــرازي : كلُّ مَن نوى خيرًا ولم يُدرِكْه ، فالله تعالى موفِّيه إيَّاه ؛ نستفيدُ ذلك مِن قول الله تعالى : "وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ" ،


فمن قصَد طاعةَ الله ثمَّ عجَز عن إتمامِها ، كتَب اللهُ له ثوابَ تمامِ تلك الطَّاعة .

وقال السعــــدى
الحثُّ على الهجرةِ والتَّرغيبُ فيها ، وبيان ما فيها من المصالح ، فوعَد الصَّادقُ في وعدِه أنَّ مَن هاجَر في سبيلِه ابتغاءَ مرضاتِه ، أنَّه يجِدُ مُراغَمًا في الأرضِ وسَعةً ؛
فالمُراغَمُ مشتمِلٌ على مصالحِ الدِّين ، والسَّعةُ على مصالحِ الدُّنيا : "وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً" اهــ

سبْحانَك اللَّهُمّ وبحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إله إلا أنْت أسْتغْفِركَ وَأتَوبُ إليْك



ويح قوم جفــوا نبيـــا

ويحَ قومٍ جفــوا نبيـــاً بـــأرضٍ

ألِفتــــهُ ضبـــابُهــا والظبــــاءُ

وسَلــوهُ وحَـنَّ جِــذعٌ اليـــــــــه

وقَـــلوهُ وودَّهُ الغـــربـــــــــــاءُ

أخــرجــوهُ منــها وءاواه غــــارُ

وحمتــــه حمــامـــة ورقــــاءُ

وكفـــتهُ بنسجهــا عنكبوتٌ

ما كفتــهُ الحمامـــةُ الحصــداءُ

ونحا المـصـطـفى الـمـديـنـة

واشـتـاقـت الـيـهِ مـن مـكـةَ الانـحـاءُ

وتـغـنّـت بـمـدحِـه الـجـنُ حـتـى 

اطـربَ الانـسَ مـنـهُ ذاكَ الـغـناءُ

الله الله الله الله الله الله الله الله الله 
الله الله الله الله الله الله الله الله 
الله الله الله الله الله الله الله 
الله الله الله الله الله الله 
الله الله الله الله الله 
الله الله الله الله
الله الله الله 

صلى الله على طه جاء الدنيا حلاّها 
صلى الله على طه جاء الدنيا حلاّها 
صلى الله على طه جاء الدنيا حلاّها 

الحكمة في التحنيك

الحكمة في التحنيك


عن أبي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : وُلِدَ لِي غُلامٌ ، فأتَيْتُ بِهِ النبي صلى الله عليه وسلم فَسَمَّاهُ إبْرَاهِيمَ ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ وكانَ أكْبَرَ وَلَدِ أبي مُوسَى . صحيح البخاري

معنى الحديث : 

يقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: " ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم " يعني فبادرت بإحضاره إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ولادته مباشرة " فسماه إبراهيم " أي فسماه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم في يوم مولده،
" فحنكه بتمرة " أي فمضغ في فمه تمرة، وجعلها في فم الصبي كي تحل به البركة " ودعا له بالبركة " أي ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله فيه الخير والصلاح، ويوفقه في دينه ودنياه.

فقه الحديث : 

دل هذا الحديث على ما يأتي :
أولاً: استدل به البخاري على مشروعية التعجيل بتسمية المولود يوم مولده لمن لم يعق عنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمّى غلام أبي موسى بعد ولادته مباشرة، ولم يؤخر تسميته إلى يوم سابعه،
ولا خلاف بين أهل العلم في أنه يستحب تسميته في يوم سابعه إن عق عنه،
وإلّا فإنه يُسَمَّى قبل ذلك
قال: في " منهج السالك على مذهب مالك " ويسمى يوم السابع إن عق عنه، وإلّا سمي قبل ذلك، ولو ومن يوم الولادة. 
والتسمية يوم السابع سنة مستحبة، فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه تُسَنّ التسمية يوم السابع. 
قال ابن قدامة (1): ويستحب أن يحلق رأس الصبي يوم السابع ويسمى، لحديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: " كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمّى فيه ويحلق رأسه ".
وإن تصدق بزنة شعره فضة فحسن، لما روي أن النبي قال لفاطمة لما ولدت الحسن:
" احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة على المساكين والأوفاض " وهم أهل الصفة. 
قال ابن قدامة: " وإن سمّاه قبل السابع جاز ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ولد الليلة لي غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ".

ثانياًً: دل هذا الحديث على استحباب تحنيك الصبي عند تسميته وقد تقدم معناه أثناء شرح الحديث، والأفضل أن يكون التحنيك بالتمر، فإن لم يتيسر فبالرطب وإلّا فبشيء حلو، وأولاه عسل النحل.

قال الحافظ : والحكمة في التحنيك : أن يتمرن الصبي على الأكل ويقوى عليه ، ويستحب أن يختار لتحنيكه الصالحون كما تدل عليه أحاديث الباب.
منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري

قصة نبي الله داود عليه السلام

قصة نبي الله داود عليه السلام 


اسال الله ان ينفعكم بعلمه انه العليم الحكيم) 



( بسم الله الرحمن الرحيم)


هو داود بن إيشا بن عويد بن عامر بن سلمون بن نحشون بن عوينادب بن ارم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عبد الله ونبيه وخليفته في أرض بيت المقدس .. عليه السلام 

قال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه : 

كان داود عليه السلام قصيراً أزرق العينين قليل الشعر طاهر القلب ونقيه.


تقدم أنه لما قتل جالوت وكان قتله له فيما ذكر ابن عساكر عند قصر أم حكيم بقرب مرج الصفر ، فأحبته بنو إسرائيل ومالوا إليه وإلى ملكه عليهم ، فكان من أمر طالوت ما كان وصار الملك إلى داود عليه السلام ، وجمع الله له بين الملك والنبوة بين خير الدنيا والآخرة ، وكان الملك يكون في سبط والنبوة في آخر فاجتمعا في داود هذا .
وهذا كما قال الله تعالى :
{وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} أي لولا إقامة الملوك حكاماً على الناس لأكل قوي الناس ضعيفهم . 

ولهذا جاء في بعض الآثار السلطان ظل الله في أرضه . وقال أمير المؤمنين عثمان بن عفان : إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

وقد ذكر ابن جرير في تاريخه أن جالوت لما بارز طالوت فقال له : اخرج إليّ وأخرج إليك فندب طالوت الناس فانتدب داود فقتل جالوت.

قال وهب بن منبه : فمال الناس إلى داود حتى لم يكن لطالوت ذكر، وخلعوا طالوت وولوا عليهم داود. وقيل إن ذلك كان عن أمر شمويل حتى قال بعضهم إنه ولاّه قبل الوقعة.

قال ابن جرير : والذي عليه الجمهور أنه إنما وليّ ذلك بعد قتل جالوت والله أعلم. وروى ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز أن قتله جالوت كان عند قصر أم حكيم، وأن النهر الذي هناك هو المذكور في الآية فالله أعلم.‏


وقال الله تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ، أَنْ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} 
وقال الله تعالى : {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ، وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ}.


أعانه الله على عمل الدروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء وأرشده إلى صنعتها وكيفيتها فقال : {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} أي لا تدق المسمار فيفلق ولا تغلظه فيفصم. قاله مجاهد وقتادة والحكم وعكرمة.


قال الحسن البصري وقتادة والأعمش : كان الله قد ألان له الحديد حتى كان يفتله بيده لا يحتاج إلى نار ولا مطرقة . 

قال قتادة : فكان أول من عمل الدروع من زرد وإنما كانت قبل ذلك من صفائح . 
قال ابن شوذب : كان يعمل كل يوم درعاً يبيعها بستة آلاف درهم.


وقد ثبت في الحديث أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وأن نبي الله داود كان يأكل من كسب يده.

وقال الله تعالى : {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ، إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ، وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}.

قال ابن عباس ومجاهد : الأيد القوة في الطاعة. يعني ذا قوة في العبادة والعمل الصالح. قال قتادة: أُعطي قوة في العبادة، وفقهاً في الإسلام ، قال: وقد ذكر لنا أنه كان يقوم الليل ويصوم نصف الدهر.

وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، ولا يفر إذا لاقى.


وقوله : {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} كما قال: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} أي سبحي معه. 

قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد في تفسير هذه الآية : {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ} أي عند آخر النهار وأوله ، وذلك أنه كان الله تعالى قد وهبه من الصوت العظيم ما لم يعطه أحد ، بحيث إنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه يقف الطير في الهواء يرجع بترجيعه ، ويسبح بتسبيحه ، كذلك الجبال تجيبه وتسبح معه كلما سبح بكرة وعشيا، صلوات الله وسلامه عليه.

وقال الأوزاعي : حدثني عبد الله بن عامر قال : أعطي داود من حسن الصوت ما لم يعط أحداً قط ، حتى إن كان الطير والوحش ينعكف حوله حتى يموت عطشاً وجوعاً وحتى إن الأنهار لتقف !.. 

وقال وهب بن منبه : كان لا يسمعه أحد إلا حجل كهيئة الرقص ، وكان يقرأ الزبور بصوت لم تسمع الآذان بمثله فيعكف الجن والإنس والطير والدواب على صوته حتى يهلك بعضها جوعاً . 


وقال أبو عوانة الإسفراييني : حدثنا أبو بكر بن أبي، حدثنا محمد بن منصور الطوسي سمعت صبيحاً أبا تراب رحمه الله قال أبو عوانة : وحدثني أبو العباس المدني، حدثنا محمد بن صالح العدوي حدثنا سيار هو ابن حاتم عن جعفر، عن مالك، قال: كان داود عليه السلام إذا أخذ في قراءة الزبور تفتقت العذارى وهذا غريب.

وقال عبد الرزاق عن ابن جريج ، سألت عطاء عن القراءة على الغناء فقال : وما بأس بذلك ؟ سمعت عبيد بن عمر يقول : كان داود عليه السلام يأخذ المعزفة فيضرب بها فيقرأ عليها فترد عليه صوته يريد بذلك أن يبكي وتبكي.

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت أبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال لقد أوتي أبو موسى من مزامير آل داود. وهذا على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه.


وقال أحمد: حدثنا حسن، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمر، عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لقد أعطي أبو موسى من مزامير داود. على شرط مسلم.

وقد روينا عن أبي عثمان النهدي أنه قال: لقد سمعت البربط والمزمار، فما سمعت صوتاً أحسن من صوت أبي موسى الأشعري.
وقد كان مع هذا الصوت الرخيم سريع القراءة لكتابه الزبور، كما قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خفِّف على داود القراءة ، فكان يأمر بدابته فتسرج فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته، وكان لا يأكل إلا من عمل يديه.
وكذلك رواه البخاري منفرداً به عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرزاق به. 

ولفظه : خُفف على داود القرآن، فكان يأمر بدوابه فتسرج فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه، ولا يأكل إلا من عمل يديه.

ثم قال البخاري:

ورواه موسى بن عقبة، عن صفوان، هو ابن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أسنده ابن عساكر في ترجمة داود عليه السلام في تاريخه من طرق عن إبراهيم بن طهمان، 

عن موسى بن عقبة، ومن طريق أبي عاصم عن أبي بكر السبري، عن صفوان بن سليم به.
والمراد بالقرآن ها هنا الزبور الذي أنزله عليه، وأوحاه إليه، وذكر رواية أشبه أن يكون محفوظاً،

فإنه كان ملكاً له أتباع، فكان يقرأ الزبور بمقدار ما تسرج الدواب، وهذا أمر سريع مع التدبر والترنم والتغني به على وجه التخشع، صلوات الله وسلامه عليه.


وقد قال الله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً} والزبور كتاب مشهور وذكرنا في التفسير الحديث الذي رواه أحمد وغيره أنه أنزل في شهر رمضان، وفيه من المواعظ والحكم ما هو معروف لمن نظر فيه.
وقوله: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} أي أعطيناه ملكاً عظيماً وحكماً نافذاً.

روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن رجلين تداعيا إلى 

داود عليه السلام في بقر ادعى أحدهما على الآخر أنه اغتصبها منه. فأنكر المدعى عليه فأرجأ أمرهما إلى الليل، فلما كان الليل أوحى الله إليه أن يقتل المدعِي، 

فلما أصبح قال له داود: إن الله قد أوحى إليّ أن أقتلك فأنا قاتلك لا محالة، فما خبرك فيما ادعيته على هذا؟ 


قال والله يا نبي الله إني لمحق فيما ادعيت عليه، ولكني كنت أغتلت أباه قبل هذا. فأمر به داود فقتل. فعظم أمر داود في بني إسرائيل جداً وخضعوا له خضوعاً عظيماً قال ابن عباس وهو قوله تعالى {وَشَدَدْنَا مُلْكَه} 

وقوله تعالى {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} أي النبوة {وَفَصْلَ الْخِطَابِ} قال شريح والشعبي وقتادة وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم: فصل الخطاب الشهود والإيمان يعنون بذلك

: البينة على المدعي واليمين على من أنكر وقال مجاهد: والسدي هو إصابة القضاء وفهمه. وقال مجاهد: هو الفصل في الكلام وفي الحكم. واختاره ابن جرير.

وهذا لا ينافي ما روي عن

أبي موسى أنه قول: أما بعد.
وقال وهب بن منبه: لما كثر الشر وشهادات الزور في بني إسرائيل أعطي 

داود سلسلة لفصل القضاء. فكانت ممدودة من السماء إلى صخرة بيت المقدس، وكانت من ذهب، فإذا تشاجر الرجلان في حق فأيهما كان محقاً نالها والآخر لا يصل إليها. 

فلم تزل كذلك حتى أودع رجل لؤلؤة فجحدها منه وأخذ عكازاً وأودعها فيه، فلما حضرا عند الصخرة تناولها المدعي، فلما قيل للأخر: خذها بيدك عمد إلى العكاز، فأعطاه المدعى، وفيه تلك اللؤلؤة، وقال: 

اللهم إنك تعلم أني دفعتها إليه، ثم تناول السلسة فنالها. فأشكل أمرها على

بني إسرائيل. ثم رفعت سريعاً من بينهم.
ذكره بمعناه غير واحد من المفسرين. وقد رواه إسحاق بن بشر عن إدريس بن سنان عن وهب به بمعناه.


{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَاب

َ، إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاط، إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَاب

ِ، قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ 

وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ، فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}. وقد ذكر كثير من المفسرين من السلف والخلف ها هنا قصصاً وأخباراً أكثرها إسرائيليات،

ومنها ما هو مكذوب لا محالة. تركنا إيرادها في كتابنا قصداً اكتفاء واقتصاراً على مجرد تلاوة القصة القرآن العظيم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.‏


وقد اختلف الأئمة في سجدة ص: هل هي من عزائم السجود؟ أو إنما هي سجدة شُكر ليست من عزائم السجود؟

على قولين:
قال البخاري: حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، عن العوام، قال سألت مجاهداً عن سجدة ص فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت؟ قال أو ما تقرأ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} 

{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ} فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم

أن يقتدى به فسجدها داود عليه السلام فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وقد قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل هو ابن علية، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: في السجود في ص ليست من عزائم السجود. 

وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.

وكذا رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث أيوب وقال الترمذي: حسن صحيح. وقال النسائي: 

أخبرني إبراهيم بن الحسن المقسمي، حدثنا حجاج بن محمد، عن عمر بن ذر، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في ص وقال: سجدها داود توبة ونسجدها شكراً. تفرد به أحمد ورجاله ثقات.


وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر صلى الله عليه وسلم فلما بلغ

السجدة نزل فسجد وسجد معه الناس فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشزَّن الناس للسجود فقال: إنما هي توبة نبي ولكن رأيتكم تشزَّنتم فنزل وسجد.
تفرد به أبو داود وإسناده على شرط الصحيح.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حميد، حدثنا بكر، 

هو ابن عمر، وأبو الصديق الناجي، أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رأى رؤيا أنه يكتب صلى الله عليه وسلم فلما بلغ إلى التي يسجد بها رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجداً. قال: فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد بها بعد. تفرد به أحمد.


وروى الترمذي وابن ماجه من حديث محمد بن يزيد بن خنيس عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد، قال: قال لي ابن جريج حدثني جدك عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة، فقرأت السجدة 

فسجدت الشجرة بسجودي، فسمعتها تقول وهي ساجدة: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً واجعلها عندك ذخراً وضع عني بها وزراً، واقبلها مني كما قبلت من عبدك داود.


قال ابن عباس: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام فقرأ السجدة ثم سجد فسمعته
يقول وهو ساجد كما حكى الرجل عن كلام الشجرة ثم قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.


وقد ذكر بعض المفسرين أنه 
عليه السلام مكث ساجداً أربعين يوماً، وقاله مجاهد والحسن وغيرهما. وورد في ذلك حديث مرفوع، لكنه من رواية يزيد الرقاشي وهو ضعيف متروك الرواية.


قال الله تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} أي إن له

يوم القيامة لزلفى، وهي القربة التي يقربه الله به ويدنيه من حظيرة قدسه بسببها، كما ثبت في حديث: المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يقسطون في أهليهم وحكمهم وما ولوا.


وقال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا فضيل. عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 
إن أحب الناس إلى الله

يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذاباً إمام جائر.


وهكذا رواه الترمذي من حديث فضيل بن مرزوق الأغر به وقال لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه.


وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عبد الله بن أبي زياد، حدثنا سيار، حدثنا جعفر بن سليمان، سمعت مالك بن دينار في قوله

: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} قال: يقوم داود عليه السلام
يوم القيامة عند ساق العرش فيقول الله: يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي تمجدني في الدنيا، فيقول: وكيف وقد سلبته فيقول: إني أرده عليك اليوم. قال فيرفع داود بصوت يستفرغ نعيم أهل الجنان.


{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وََاتَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ


لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}. 

هذا خطاب من الله تعالى مع داود، والمراد ولاة الأمور وحكام الناس، وأمرهم بالعدل واتباع الحق المنزل من الله، لا ما سواه من الآراء والأهواء، وتوعد من سلك غير ذلك وحكم بغير ذلك، وقد كان 

داود عليه السلام هو المقتدى به في ذلك الزمان في العدل، وكثرة العبادة وأنواع القربات، حتى أنه كان لا يمضي ساعة من آناء الليل وأطراف النهار إلا وأهل بيته في عبادة ليلاً ونهاراً كما قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ}.
قال 

أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا إسمعيل بن إبراهيم بن بسام، حدثنا صالح المري عن أبي عمران الجوفي عن أبي الجلد، قال: قرأت في مسألة داود

عليه السلام أنه 
قال: يا رب كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك؟ قال: فأتاه الوحي: أن يا داود ألست تعلم أن الذي بك من النعم مني؟ قال: بلى يا رب. قال: فإني أرضى بذلك منك.



وقال البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو بكر بن بالويه، حدثنا محمد بن يونس القرشي، حدثنا روح بن عبادة، حدثني عبد الله بن لاحق، عن ابن شهاب قال: 
قال داود: الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله. فأوحى الله إليه: إنك أتعبت الحفظة يا داود.


ورواه أبو بكر بن أبي الدنيا عن علي بن الجعد، عن الثوري مثله
وقال عبد الله بن المبارك في كتاب الزهد: أنبأنا 
سفيان الثوري، عن رجل، عن وهب بن منبه
، قال: إن في حكمة آل داود:


حق على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفضي إلى إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه 

ويصدقونه عن نفسه، 
وساعة يخلي بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل، فإن هذه الساعة عون على هذه الساعات وإجمام للقلوب، وحق على العاقل أن يعرف زمانه ويحفظ 
لسانه ويقبل على شأنه، وحق على العاقل أن لا يظعن إلا في إحدى ثلاث: زاد لمعاده، ومرمة لمعاشة، ولذه في غير محرم.



وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا، عن أبي بكر بن خيثمة، عن ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي الأغر، عن وهب بن منبه. فذكره. ورواه أيضاً عن علي بن الجعد، .

عن عمر بن الهيثم الرقاشي عن أبي الأغر عن وهب بن منبه فذكره. وأبو الأغر هذا هو الذي أبهمه ابن المبارك في روايته. قاله ابن عساكر.


وقال عبد الرزاق: أنبأنا بشر بن رافع، حدثنا شيخ من أهل صنعاء يقال له أبو عبد الله، 

قال: سمعت وهب بن منبه، فذكر مثله وقد أورد الحافظ بن عساكر في ترجمة داود عليه السلام أشياء كثيرة مليحة منها قوله: كن لليتيم كالأب الرحيم، واعلم أنك كما تزرع كذلك تحصد.


وروي بسند غريب مرفوعاً قال داود: يا زارع السيئات أنت تحصد شوكها وحسكها.

وعن داود عليه السلام أنه قال

: مثل الخطيب الأحمق في نادي القوم كمثل المغني عند رأس الميت. وقال أيضاً: ما أقبح الفقر بعد الغنى وأقبح من ذلك الضلالة بعد الهدى. وقال: انظر ما تركه أن يذكر عنك في نادي القوم فلا تفعله إذا خلوت.


وقال: لا تعدن أخاك بما لا تنجزه له، فإن ذلك عداوة ما بينك وبينه.

وقال محمد بن سعد: أنبأنا محمد بن عمر الواقدي، حدثني هشام بن سعد، عن عمر مولى عفرة، قال: قالت يهود، لما رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم

يتزوج النساء انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام، ولا والله ماله همة إلا إلى النساء، حسدوه لكثرة نسائه، وعابوه بذلك فقالوا:

لو كان نبياً ما رغب في النساء. وكان أشدهم في ذلك حيي بن أخطب، فأكذبهم الله وأخبرهم بفضل الله وسعته على نبيه صلوات الله وسلامه عليه فقال: {يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} يعني بالناس

رسول الله صلى الله عليه وسلم {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً} يعني ما أتى الله سليمان بن داود كانت له ألف امرأة. 

سبعمائة مهرية وثلاثمائة سرية، وكانت لداود 

عليه السلام مائة امرأة منهن امرأة أوريا أم سليمان بن داود التي تزوجها بعد الفتنة هذا أكثر مما لمحمد صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر الكلبي نحو هذا وأنه كان لداود عليه السلام مائة امرأة ولسليمان 

ألف امرأة، منهن ثلاثمائة سرية.
وروى الحافظ في تا
ريخه في ترجمة صدقة الدمشقي الذي يروي عن ابن عباس من طريق الفرج بن فضالة الحمصي، 
عن أبي هريرة الحمصي، عن صدقة الدمشقي، أن رجلاً سأل ابن عباس

عن الصيام فقال: لأحدثنك بحديث كان عندي في البحث مخزوناً. إن شئت أنبأتك بصوم داود فإنه كان صواماً قواماً وكان شجاعاً لا يفر إذا لاقى، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 

أفضل الصيام صيام داود. وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتاً يكون فيها، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه ويبكي ببكائه كل شيء ويصرف بصوته المهموم والمحموم.


وإن شئت أنبأتك بصوم ابنه 

سليمان فإنه كان يصوم من أول الشهر ثلاثة أيام ومن وسطه ثلاثة أيام ومن آخره ثلاثة أيام يستفتح الشهر بصيام ووسطه بصيام ويختمه بصيام.


وإن شئت أنبأتك بصوم ابن العذراء البتول عيسى بن مريم، فإنه كان يصوم الدهر، ويأكل الشعير، ويلبس الشعر، يأكل ما وجد، ولا يسأل عما فقد
، ليس له ولد 
يموت، ولا بيت يخرب، وكان أينما أدركه الليل صف بين قدميه وقام يصلي حتى يصبح، وكان رامياً لا يفوته صيد يريده، وكان يمر بمجالس
بني إسرائيل فيقضي لهم حوائجهم.



وإن شئت أنبأتك بصوم
أمه مريم بنت عمران

، فإنها كانت تصوم يوماً وتفطر يومين.
وإن شئت أنبأتك بصوم النبي العربي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كان يصوم من
كل شهر ثلاثة أيام ويقول: إن ذلك صوم الدهر.



وقد روى الإمام أحمد عن أبي النضر، عن فرج بن فضالة، عن أبي هرم عن صدقة عن ابن عباس مرفوعاً في صوم داود.‏
قد تقدم في ذكر الأحاديث الواردة في

خلق 
آدم أن الله لما استخرج ذريته من ظهره فرأى فيهم الأنبياء عليهم السلام ورأى فيهم رجلاً يُزهر فقال: أي رب من هذا؟ قال: هذا ابنك داود. قال:

أي رب كم عمره؟ 
قال: ستون عاماً. قال: أي رب زد في عمره. قال: لا إلا أن أزيده من عمرك. وكان 

عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاماً فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت فقال: بقي من عمري أربعون سنة، ونسي آدم ما كان وهبه لولده داود، فأتمها الله لآدم
ألف سنة، ولداود مائة سنة.


رواه أحمد عن ابن عباس، والترمذي وصححه عن أبي هريرة، وابن خزيمة وابن حبان. وقال الحاكم: على شرط مسلم. وقد تقدم ذكر طرقه وألفاظه في 
قصة آدم.
قال ابن جرير: وقد زعم أهل الكتاب أن عمر داود كان سبعاً وسبعين سنة. قلت: هذا غلط مردود عليهم، قالوا: وكانت مدة ملكه أربعين سنة، وهذا قد يقبل نقله، لأنه ليس عندنا ما ينافيه ولا ما يقتضيه.


وأما وفاته عليه السلام فقال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا قبيصة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب
، عن أبي هريرة،

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: *كان داود عليه السلام فيه غيرة شديدة فكان إذا خرج أغلق الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع قال: 

فخرج ذات يوم وغلقت الدار فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار، فإذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن في البيت:


من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة؟ والله لنفتضحن بداود فجاء داود فإذا الرجل قائم في وسط الدار فقال له داود: من أنت؟ فقال: أنا الذي لا أهاب الملوك ولا أمنع من الحجاب فقال داود: أنت والله
إذاً ملك الموت



، مرحباً بأمر الله. ثم مكث حتى قبضت روحه فلما غسل وكفن وفرغ من شأنه طلعت عليه الشمس

، فقال سليمان للطير: أظلي على داود فأظلته الطير حتى أظلمت عليه الأرض، فقال سليمان للطير

: أقبضي جناحاً. 
قال أبو هريرة: فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يرينا



كيف فعلت الطير، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وغلبت عليه يومئذ المضرحية.


انفرد بإخراجه الإمام أحمد، وإسناده جيد قوي، رجاله ثقات، ومعنى قوله: وغلبت عليه يومئذ المضرحية أي وغلبت على التظليل عليه المضرحية وهي الصقور الطوال الأجنحة واحدها مضرحي. قال الجوهري: وهو الصقر الطويل الجناح.
وقال السدي عن أبي
مالك، عن ابن مالك، عن ابن عباس

قال: مات داود عليه السلام فجأة وكان بسبت، وكانت الطير تظله. وقال السدي أيضاً، عن مالك وعن سعيد بن جبير قال: مات داود عليه السلام يوم السبت فجأة.


وقال إسحاق بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، قال: مات داود عليه السلام وهو ابن مائة سنة ومات يوم الأربعاء فجأة وقال أبو السكن الهجري: مات إبراهيم الخليل فجأة وداود فجأة 
وابنه سليمان فجأة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. رواه ابن عساكر.



وروي عن بعضهم 

أن ملك الموت جاءه وهو نازل من محرابه فقال له: دعني أنزل أو أصعد فقال: يا نبي الله قد نفدت السنون والشهور والآثار والأرزاق. قال: 
فخر ساجداً على مرقاة من تلك المراقي فقبضه وهو ساجد.


وقال إسحاق بن بشر:
أنبأنا وافر بن سليمان، عن 

أبي سليمان
الفلسطيني عن وهب بن منبه قال: إن الناس حضروا جنازة داود عليه السلام فجلسوا في الشمس في يوم صائف قال:

وكان قد شيع جنازته يومئذ أربعون ألف راهب عليهم البرانس سوى غيرهم من الناس، ولم يمت في بني إسرائيل بعد موسى وهارون أحد، كانت بنو إسرائيل

أشد جزعاً عليه منهم على داود. قال: فآذاهم الحر فنادوا سليمان عليه السلام

أن يعمل لهم وقاية لما أصابهم من الحر، فخرج سليمان فنادى الطير فأجابت فأمرها أن تظل الناس، فتراص بعضها إلى بعض من كل وجه، حتى استمسكت الريح فكاد الناس أن يهلكوا غماً فصاحوا إلى

سليمان عليه السلام من الغم، فخرج سليمان فنادى الطير أن أظلي الناس من ناحية الشمس وتنحي عن ناحية الريح. ففعلت فكان الناس في ظل تهب عليهم الريح، فكان ذلك أول ما رأوه من ملك سليمان.


وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع، حدثني الوليد بن مسلم، عن الهيثم بن حميد، عن الوضين بن عطاء، عن

نصر بن علقمة، عن جبير بن نفير، عن أبي الدرداء. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

لقد قبض الله داود من بين أصحابه ما فتنوا ولا بدلوا ولقؤد مكث أصحاب المسيح على سننه وهديه مائتي سنة.



هذا حديث غريب وفي رفعه نظر، والوضين بن عطاء كان ضعيفاً في الحديث. والله اعلم) اللهم صل وسلم علي نبينا محمد وعلي اله وصحبه)


اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد امين-يَارَبْ