السبت، 11 فبراير 2017

معركه اليرموك

معركه اليرموك


بسم الله والصلاه والسلام علي رسول الله
كلمه قبل الكلام عن موقعه اليرموك
مفهوم العبادة الصحيح
: لكن لابد أن نفهم العبادة فهمًا صحيحًا، لا بد أن نوسع مفهوم العبادة كما كان يفهمه سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص، وكما كان يفهمه سيدنا أبو الدرداء t، فالعبادة ليست مجرد خمس صلوات تُقام، وشهر يُصام، وبعض الصدقات، وبعض أمور الخير التى نفعلها لكن العبادة منهج حياة كامل، الإسلام دين شامل ينظم الحياة؛ فإنك تعبد الله I بصلاتك وزكاتك، وتعبد الله I بمعاملاتك مع الناس، وتعبد الله I بجهادك في أرض المعركة، وتعبد الله I بأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر، وتعبد الله I بإتقانك في عملك وبراعتك فيه وإثبات أن المسلمين قادرون على أن يقوموا بأمورهم ولا يحتاجون إلى غيرهم. هذا الأمر كله داخل في مفهوم العبادة. ليست العبادة أن نصلي ونصوم فقط حتى نظن أن الله I لن ينزل علينا النصر إلا في الوقت الذي نصلي فيه، بل لابد أن نأخذ بكل الأسباب الدنيوية والمادية لتحقيق النصر، يقول الله I في بدايات سورة القصص: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 4], فبنو إسرائيل في أشد حالات الضعف، وأشد حالات الاستعباد من فرعون، ولكن يأتي مباشرة خلف هذه الآية التي تعلن استعلاء فرعون في الأرض قوله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص:5]. إذن فالله I قادر على كل شيء، لكن لا بد أن تكون هذه الطائفة مستحقة لنصر الله I؛ فإذا آمنت بالله I، وعبدته كما ينبغي له أن يُعبد أتاها نصر الله لا محالة {كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: 21]، والآية الأخرى في سورة غافر، يقول الله I: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: 51], لكي لا يظن أحد أن الرسل فقط هم المنصورون ولكن أيضًا {والذين آمنوا} وليس النصر في الآخرة فقط، بل {في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} لابد أن يأتي.



معركه اليرموك (1)
اليوم الاول
يوم الجهاد يوم عظيم من أيام الله I، وكل أيام الجهاد أيام عظيمة وكل ساعات الجهاد ساعات عظيمة، ولكن الله I يفضل أيامًا على أيام ويفضل أمكنة على أمكنة، و هذا اليوم يوم اليرموك من أعظم الأيام في تاريخ الإسلام على الإطلاق، فإن الله I شاء في ذلك اليوم أن يغير من خريطة التاريخ، حيث من الممكن أن ينتصر المسلمون في موقعة والثانية والثالثة ولكن تأتي موقعة بعينها فتغير التاريخ وتغير معها معالم الدولة الإسلامية ومعالم الدولة الرومية أو الدولة الفارسية، وقد مرَّ المسلمون في فتح الشام بمعارك كثيرة منها: أجنادين ومنها موقعة بيسان وفتح دمشق وفتح بعلبك وحمص ومنها معركة مَرْج الصُّفَّر الأولى والثانية والآن يصل المسلمون إلى موقعة فصل الخطاب وهي من المواقع التاريخية الكبيرة.
والحقيقة أن مقدمات هذه الموقعة كانت ضخمة وقد يعلم البعض أن فتح الشام قد جاء عن طريق موقعة اليرموك فقط، ولكننا ما زِلْنا نتحدث في تاريخ فتح الشام منذ ثلاث سنوات من سنة 12هـ إلى 15هـ حتى أتت موقعة اليرموك فالتاريخ طويل وصعب وعسير قبل موقعة اليرموك والدماء كانت كثيرة.. والآن يلتقي الجيش الإسلامي مع الجيش الرومي في موقعة اليرموك في أرضٍ شمال نهر اليرموك كما تحدثنا من قبل، واضطر الروم إلى قبول الحرب ورفضوا دفع الجزية وقبل المسلمون الحرب أيضًا والتقت الصفوف وهي على أهبة الاستعداد كما ذكرنا من قبل. وقد مرت الأيام في صف الصفوف والتجهيز للجيشين: الإسلامي والرومي حتى استغرقت من 25 جمادى الآخرة سنة 15هـ إلى 4 رجب سنة 15هـ أى تسعة أيام يصف المسلمون صفوفهم ويصف الروم صفوفهم، ثم أتى يوم 4 رجب فخرج الفريقان ووجد المسلمون أن الجيوش الرومية تتقدم ناحيتهم رغم أن هذا اليوم كان يومًا شديد المطر، ومع ذلك تقدمت الجيوش الرومية فتشاور المسلمون فى الأمر واجتمع مجلس شورى المسلمين وقرروا عدم بدء الحرب لأن الجو غير مناسب، ولم يكن الجيش الإسلامي معتادًا على هذا المطر في أرض الصحراء بالجزيرة العربية؛ فلذلك قرروا الانتظار ولكن إذا بدأهم الروم بالقتال ردوا عليهم وإذا لم يبدأوهم لم يقاتلوهم في هذا الجو الصعب وهذه حكمة من الجيش الإسلامي وحكمة من مجلس الشورى فليس الغرض إلقاء الجيش فى التهلكة ولكن الغرض السعي بقدر الإمكان إلى تحقيق النصر فإن لم يكن النصر فالشهادة
. إسلام جورجه :
ثم خرج من عند الروم قائد عظيم من قوادهم وهو (جورجه) وفي روايات اسمه (جرجه) وقيل: إن اسمه (جورج)، ولكن هذا الرجل العظيم المشهور في التاريخ الإسلامي خرج وطلب خالد بن الوليد، فخرج له خالد أمير الجيوش كلها؛ فلما اقتربا، وكل منهما رافع سيفه وماسك درعه، طلب جورجه الأمان من سيدنا خالد بن الوليد؛ فأمنه خالد وخفض سيفه، فخفض الآخر سيفه ولكن احتمى كل منهما بدرعه يخشى الخيانة من الآخر، واقترب جورجه وخالد بن الوليد في وسط الأرض، بين الجيش المسلم وبين الجيش الرومي ودار بينهما حوار عجيب: قال جورجه: يا خالد اصدقني؛ فإن الحرَّ لا يكذب، ولا تخدعني؛ فإن الكريم لا يخدع، هل أنزل الله على نبيكم سيفًا من السماء فأعطاكه فلا تسُلَّه على أحد إلا هزمته؟ فقال خالد: لا لم ينزل الله علينا سيفًا من السماء. فقال جورجه: فبم سُمِّيت سيف الله؟ فقال خالد: إن الله U بعث فينا نبيه r فدعانا؛ فنفرنا عنه، ثم إن بعضنا صدقه وتابعه، وبعضنا باعده وقاتله وكذبه، فكنت ممن باعده وقاتله وكذبه، ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به فتابعناه؛ فقال لي رسول الله r: أنت سيف من سيوف الله سلَّه على المشركين، ودعا لي بالنصر فسميت سيف الله بذلك؛ فأنا من أشد المسلمين على المشركين بدعوة رسول الله r لي بالنصر، وبتسميته لي أنني سيف من سيوف الله.. (سيف الله المسلول). فقال جورجه: صدقتني.. ثم قال: يا خالد إلام تدعوني؟ فقال خالد: أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، والإقرار بما جاء من عند الله. فقال جورجه: فمن لم يجبكم إلى ذلك؟ قال خالد: فعليه الجزية ونمنعه. فقال جورجه: فإن لم يعطِها؟ قال خالد: نؤذنه بحرب ثم نقاتله. فقال جورجه: فما منزلة الذي يدخل فيكم ويجيبكم على هذا الأمر اليوم؟ قال خالد: منزلتنا واحدة، فيما افترض الله علينا: شريفنا ووضيعنا، وأولنا وآخرنا. فقال جورجه: هل لمن دخل فيكم اليوم يا خالد مثل ما لكم من الأجر والذُّخْر؟ فقال خالد: نعم وأفضل.. فتعجب جورجه وقال: كيف يساويكم وقد سبقتموه؟ فقال خالد: إنا دخلنا في هذا الأمر وبايعنا نبينا r وهو حيّ بين أظهرنا تأتيه أخبار السماء، ويخبرنا بالكتب ويرينا الآيات، وحُقَّ لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وأنكم وأنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج فمن دخل منكم في هذا الأمر بحقيقة ونية كان أفضل منا عند الله..(وهكذا يبين الرسول r في الحديث أن الذى يتمسك بدينه في هذا الزمان: زمان الصَّدِّ عن سبيل الله كالقابض على الجمر، وأجره كأجر خمسين؛ فسأله الصحابة: يا رسول الله خمسين منا أم منهم؟ (أى أجر خمسين من الصحابة أم أجر خمسين من زمانهم) فقال: "بل منكم"، فالقابض على دينه في هذا الزمان والذي يجاهد في سبيل الله ويتقي الله في هذا العصر المليء بالفتن ولا نحسب أن هناك عصرًا أشد فتنة على المسلمين منه حتى هذه اللحظة، والله أعلم بالمستقبل وبالطبع ستكون الفتنة أشدُّ، فالقابض على دينه في ذلك العصر له أجر خمسين من صحابة الرسول r بنص الحديث). فيقول جورجه: بالله لقد صدقتني ولم تخدعني؟ فقال خالد: بالله لقد صدقتك.. وما بي إليك ولا لأحد منكم من حاجة وإن الله لوليُّ ما سألت عنه. فقال جورجه: صدقتني.. ثم قلب ترسه وقال: يا خالد علِّمني الإسلام.. فأخذه خالد بن الوليد وأسرع به إلى خيمته وشنَّ عليه الماء من قِرْبَة (أي تخفف الرجل من لباسه بعض الشيء وصبَّ عليه الماء ليغتسل من كفره) فعلمه الصلاة. كل ذلك والجيشان مصطفَّان أمام بعضهما لم يحدث بينهما قتال؛ فعلمه الصلاة فصلَّى ركعتين دخل بهما الإسلام ثم انطلق بعد ذلك يقاتل يوم اليرموك بجوار خالد طوال المعركة، حتى منَّ الله عليه بالشهادة في نهاية المعركة.. فاستشهد في هذه المعركة في آخرها وكان في أولها كافرًا, فقال خالد: سبحان الله عَمِلَ قليلاً وأُجِرَ كثيرًا، هذا فضل الله يؤتيه من يشاء.. كل الخير الذى فعله في حياته يوم واحد فقط كان يوم جهاد في سبيل الله فسَبَقَ عليه الكتاب فعمل بعمل أهل الجنة فدخلها، سبحان الله!! و لا نظن أن ذلك كان بسبب الكلمتين اللتين قالهما له سيدنا خالد فى البداية فقط بل كانت سيرة المسلمين في الشام محمِّسة لكثير من الناس للدخول فى الإسلام، فهذا الرجل كانت تحادثه نفسه من قبل ذلك: يدخل في الإسلام أو لا يدخل, حتى حانت له فرصة وخاطب خالد بن الوليد وثَبَتَ على الإيمان، حتى إن هناك بعض الروايات تقول: إن هذا الرجل (جورجه) هو الذي أتى المسلمين قبل موقعة اليرموك إلى سيدنا أبي عبيدة يقول له: أرسل رجلاً إلى باهان يفاوضه، فذهب خالد بن الوليد بعد ذلك.
غلمان المسلمين يطلبون الشهادة في سبيل الله
: ثم خرج رجل من الروم يطلب المبارزة من المسلمين، ونحن نعلم أنه توجد مجموعة من صناديد المسلمين واقفة تنتظر الأمر بالمبارزة، وأثناء وقوف هؤلاء الأبطال خرج هذا الرجل يطلب المبارزة؛ فوجد المسلمون غلامًا من الأزد لا يعرفه أحد وهو دون العشرين، يجري ناحية سيدنا أبي عبيدة بن الجراح ويقول له: يا أبا عبيدة إني أردت أن أشفي قلبي، وأجاهد عدوي وعدو الإسلام، وأبذل نفسي في سبيل الله تعالى لعلي أرزق بالشهادة فهل تأذن لي؟ لم يكن من هؤلاء الرجال الذين نادى عليهم سيدنا خالد بن الوليد، وهو غلام دون العشرين، ولا يعرف اسمه أحد، ولكن الله I يعرفه، فقال: هل تأذن لي أن أخرج فأقاتل هذا الرجل؟ فهزت الكلمات قلب سيدنا أبا عبيدة بن الجراح، وقال له: اخرج فخرج، وعندما همَّ بالخروج التفت إلى سيدنا أبى عبيدة بن الجراح، وقال له كلمة بكى منها أبو عبيدة بن الجراح قال له: يا أبا عبيدة هل لك إلى رسول الله r من حاجة؟ (فهو ذاهب للشهادة فبكى سيدنا أبو عبيدة بن الجراح حتى اخْضَلَّت لحيته). فقال أبو عبيدة: أَقْرِأ رسول الله r مني السلام وأخبره أنَّا وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا. فانطلق الغلام المجهول الذي لا يعرفه أحد ولكن الله I يعرفه، كما قال عمر من قبل عندما ذكروا له فتح فارس ومن قتل من المسلمين فقالوا: قُتِلَ فلان وفلان وفلان وأخذوا يَعُدُّون له عظماء الصحابة، ثم قالوا له: وخلق كثير لا تعلمهم، فقال: وما ضرهم ألا يعلمهم عمر يكفيهم أن الله يعلمهم.. وخرج هذا الغلام لهذا الرجل البطل من أبطال الروم فخرج وهو يقول: لابد من طعن وضرب صائب * بكل لدن وحسام قابض عسى أن أفوز بالمواهب * في جنة الفـردوس والمراتـب (اللدن: الرمح اللين الذي لا ينكسر، أي فيمسك بالرمح ويضرب به وبالسيف) وانطلق وقاتل هذا الرجل الرومي حتى قتله، وأخذ فرسه وسلاحه وسلمهما إلى المسلمين وعاد من جديد وقال: هل من مبارز؟ فخرج له ثاني فقتله، والثالث فقتله، ثم الرابع فقتله، فخرج له خامس فحقق له أمنيته، لقاء الرسول r فقطع رقبته؛ فطارت رقبة الغلام على الأرض، واستُشهِد في سبيل الله وطارت روحه الطاهرة إلى السماء في حواصل طير خضر تبلغ رسول الله r سلام أبي عبيدة ورسالته.. ثم قام أبو عبيدة؛ فقال: أليس لهذا الرجل من رجل؟ فتحمس معاذ بن جبل وقال: أنا له (ونحن نعلم أن معاذ بن جبل t هو قائد الميمنة) فأمسك به سيدنا أبو عبيدة بن الجراح وقال له: الزم مكانك، سألتك بحق رسول الله r أن تثبت، وأن تلزم الراية فلزومك الراية أحب إليَّ من قتالك هذا الرجل؛ فيتحمس سيدنا معاذ بن جبل ويقول: إذن أنزل من على فرسي، وقال: ألا يريد هذا الفرس وهذا السلاح رجل من المسلمين يقاتل به هذا الفارس؟ فتقدم له عبد الرحمن بن معاذ بن جبل، ابنه، وكان حدثًا، قيل: لم يحتلم وقيل: في أول احتلامه كان عمره 13 أو 14 سنة، وكان عُمْر سيدنا معاذ بن جبل 30 سنة في هذه الموقعة، وهذا أكبر أبنائه عنده 13 سنة؛ فقام عبد الرحمن بن معاذ بن جبل وقال: يا أبت إني لأرجو أن أكون فارسًا أعظم غناء عن المسلمين منِّي راجلاً ومع أن أباه كان قائد الميمنة إلا أنه كان من المشاة فأعطني الفرس؛ فأعطاه الفرس والسلاح، وقال: وفقني الله وإياك يا بُني، فقال عبد الرحمن: يا أبتِ إنْ أنا صبرت فلله المنّة عليَّ، وإن أنا قُتِلت فالسلام عليك، ثم همَّ بالخروج، ولكنه عاد يسأل أباه كما سأل الغلام الأزدي، فقال: يا أبتِ أليست لك حاجة عند رسول الله r؟
فقال له سيدنا معاذ بن جبل t وأرضاه: يا بني أقرأه منِّي السلام، وقل له: جزاك الله عن أمتك خيرًا.. وألقى بابنه في أحضان الموت ثم خرج عبد الرحمن بن معاذ بن جبل واقتتل مع الرومي فاختلفا ضربتين فمال الرومي؛ فطاشت ضربة عبد الرحمن وأصابت ضربة الرومي، ونزلت على رأس عبد الرحمن بن معاذ بن جبل فشجتها شجًّا عميقًا، فغطَّى الدم وجهه وظنَّ أنه يموت، وظن الرومي كذلك أنه يموت فعاد إلى أبيه وقال: يا أبتِ قتلني الرومي، فقال معاذ بن جبل والدموع في عينيه: يا بُنيَّ وماذا تريد من الدنيا؟!! فعاد ابنه مرة أخرى بالفرس إلى الرجل ولكن سبحان الله لم تمهله ساعات أجله فسقط شهيدًا من على فرسه، وكان ثاني شهداء المسلمين عبد الرحمن بن معاذ بن جبل وعمره 13 سنة، وذهب إلى رسول الله r يبلغه تحية أبيه معاذ بن جبل؛ فقال أبو عبيدة: فمن له منكم؟ فخرج عامر بن الطفيل الدوسي (عامر الذي تنبأ له أبوه بالشهادة في يوم ما) فخرج عمرو بن الطفيل وما هي إلا لحظات حتى كانت أمعاء الرومي مبعثرة في الأرض، وانتقم من هذا الرومي وكبَّر المسلمون في ساحةاليرموك


موقعه اليرموك (2)

الاستعدادات النهائية للمعركة
: بعد صلاة الفجر يقترب الجيش الرومي من الجيش الإسلامي ويبدأ الاستعداد للقتال في اليوم الثاني 5 من رجب سنة 15هـ, وكان هذا اليوم صحوًا ليس فيه مطر؛ فعَلِمَ المسلمون أن القتال سيدور في هذا اليوم، وأتى الروم في جموع كالسَّيْل والليل كما يقول الرواة، وهذا تشبيه صائب ودقيق؛ لأننا ذكرنا أن الجيش الرومي اصطف في أرض مساحتها حوالى 10 كيلومترات، وقد صفَّه قادته صفوفًا؛ فصفوف المشاة عشرون، وعددهم كان 120 ألف جنديٍّ من المشاة، إذًا عرض الجيش الرومي 6000 فرد في عشرين في العمق, ولو حسبنا أن لكل واحد من الجنود مترًا ونصفا يتحرك فيه فمعنى ذلك أن عرض الجيش الرومي 9 كيلومترات، أي 9000 متر؛ فأقبلوا على المسلمين كالسيل لا يُرَى أوله من آخره، وفرسان الروم كانوا 80 ألف فارس، هذا في أصح الروايات، ولكن بعض الروايات تذكر أن الجيش الرومى كان 240 ألف وليس 200 ألف فقط، وروايات أخرى تذكر أنهم 400 ألف, وهذه الروايات جاءت على لسان باهان قائد الروم نفسه عندما كان يخاطب جيشه فيقول لهم: أنتم 400 ألف, أنتم عشرة أضعافهم، ويبدو والله أعلم أنه كان يحمِّس جيشه، ولكن الصحيح والله أعلم أن عدد الجيش الرومي كان 200 ألف مقاتل: 80 ألف فارس و120 ألفًا من المشاة؛ منهم 30 ألف جنديٍّ من المشاة مسلسلين في القيود: كل عشرة في قيد وذلك ليمنعوا هروبهم وفرارهم من المعركة، ويبدو أن هؤلاء الـ 30 ألفًا هم من جُمِعُوا بالقوة والإجبار والإكراه وليسوا ممن تطوع لمحاربة المسلمين فى هذه المعركة. وأقبل الروم ولهم دويٌّ كدوي الرعد وأثاروا غبارًا شديدًا، وجاءوا بأعداد ضخمة رافعين الصلبان وواضعين على مقدمتهم القساوسة والرهبان الذين جعلوا يحمسون الجنود، ويقولون لهم: إن هذه معركة بين الإسلام والمسيحية؛ لِيُلقوا في قلوبهم الحمية لقتال المسلمين، وهم يعلمون أن هؤلاء الرهبان ذاتهم قد فرُّوا من المسلمين من قبل في كثير من المواقع وليس في موقعة واحدة، ويتقدم الجيش الرومي ناحية الجيش المسلم في وقع يهز أشد القلوب جسارة، وأشد النفوس قوة، ولكن يبدو وسبحان الله أن الجيش الإسلامي ليس من البشر، فما حوله لا يهزه ولا يحرِّك له ساكنًا؛ فثبت المسلمون ولم يلتفتوا إلى هذه الأعداد الضخمة الرهيبة القادمة من ناحية الروم بل زادتهم إيمانًا {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران 173: 175].
غرس الحماسة في قلوب المسلمين:
يسمع خالد بن الوليد وهو على رأس الجيش مقولة من أحد الجنود لم تعجبه (ويبدو أنه كان مضطربًا ولا يعرف كيف يزن الأمور)؛ فقال الجندى: ما أَكثر الرومَ، وما أقلَّ المسلمين! 200 ألف ضد 33 ألف, 1:6 أي لا بد للمسلم أن يهزم ستة من أجل أن يحقق النصر فى المعركة، فغضب خالد غضبًا شديدًا، واحمرَّ وجهه، واهتز وهو يقول له: بل ما أقلَّ الروم، وأكثر المسلمين!! لا يُنصَرُ الناسُ بالعدد، وإنما يُنصَرون بنصر الله I لهم، ويُخذَلون بخذلان الله I لهم، واللهِ لوددتُ أن الأشقرَ بَرَاءٌ (الأشقر هذا هو فرس سيدنا خالد بن الوليد، وهو الذي حارب عليه في كل فتوح العراق، وكان مريضًا فى هذه الموقعة فلم يحارب عليه فيها) وأنهم ضوعفوا في العدد يعني أصبحوا 400 ألف بدلاً من 200 ألف فى سبيل أن يكون الأشقر سليمًا، فهو يَعُدُّ الأشقر بـ 200 ألف رومي أتخوفونني بالروم, وكانوا عنده كالذباب لا يمثلون أي شيء، وأشار سيدنا خالد إلى الدعاة أن انطلقوا وحَمِّسوا الناس؛ لأنه شعر أن بعض الأفراد قد هزتهم هذه الكثرة، فانطلق الدعاة يحمسون الناس ويرغبونهم في الجنة فقام سيدنا أبو عبيدة بن الجراح t وأرضاه أمين هذه الأمة؛ فقال: يا عباد الله، انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم فإنَّ وعد الله حق، يا معشر المسلمين اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر، ومرضاة للرب، ومدحضة للعار، فلا تبرحوا مصافَّكم، ولا تخطوا إليهم خطوة، ولا تبدأوهم بقتال، واشرعوا الرماح واستتروا بالدرق أي الدروع والزموا الصمت، إلا من ذكر الله، وسبحان الله كان هذا الصمت له فعل شديد على القلوب الرومية فقد هزهم هذا الصمت، فهذا الجيش يقف ساكنًا لا ينادي بكلمات الجزع، ولا يهرب ولا يفكر في الهرب وهو صامت، وكأن شيئًا لا يعنيه، وكأنهم لا يرون هذه الجموع الرومية كلها إلا كالذباب، كانت هذه خطبة سيدنا أبي عبيدة في اليرموك، وانتقل بها من مكان إلى مكان ينشرها بين الناس، ثم قام سيدنا معاذ بن جبل t وأرضاه أعلم أمة محمد بالحلال والحرام وإمام العلماء يوم القيامة يقول: يا قُرَّاءَ القرآنِ، ومستحفظي الكتاب، وأنصار الهدى، وأولياء الحق، إنَّ رحمة الله والله لا تُنال، وجنته لا تُدخَل بالأماني، ولا يؤتي اللهُ المغفرةَ، والرحمة الواسعة إلا الصادقين المصدقين بما وعدهم الله عزَّ وجلَّ، ألم تسمعوا قول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور:55]، أنتم إن شاء الله منصورون فأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين، واستحيوا من ربكم أن يراكم فرارًا من عدوكم وأنتم في قبضته ورحمته، وليس لأحد منكم ملجأ من دونه وليس فيكم متعزِّز بغير الله، كانت هذه خطبة معاذ بن جبل قالها فى ميمنته ودار بها على الجيش يقولها ويحمس الناس، ثم قام سيدنا عمرو بن العاص؛ فقال: يا أيها الناس، اشرعوا الرماح والزموا مراكزكم ومصافكم, فإذا حمل عليكم عدوكم فأمهلوهم حتى إذا ركبوا أطراف الأسنة فَثِبُوا في وجوههم وُثُوبَ الأسد.. (يعني لا تبدأوا بالهجوم إلا إذا اقتربوا منكم وصاروا قريبين جدًّا من أسنة الرماح) فوالذي يرضَى الصدقَ ويُثيب عليه، ويمقت الكذبَ ويعاقب عليه، ويجازِي بالإحسان، لقد بلغني أن المسلمين سيفتحونها كَفْرًا كَفْرًا (يعني بلدًا بلدًا) وقصرًا قصرًا، سمع ذلك من رسول الله r، وبشرهم الله I بفتح هذه البلاد في غزوة الأحزاب، والمسلمون محصورون في المدينة، سبحان الله فلا يهولنَّكم جمعُهم ولا عددُهم فإنكم لو صدقتموهم الشدة لتطايروا تطاير أولاد الحجر بعض الطيور الصغيرة عندما تهش تطير أي وهم كذلك يطيرون، ولا يقفوا لكم ولا يثبتوا أمامكم ثم قام القاص (والقاص هو الذي يحمس الناس) وهو سيدنا أبو سفيان صخر بن حرب t فيقول: يا معشر المسلمين لا ينجيكم اللهُ منهم اليوم وتبلغون رضوانه إلا بصدق اللقاء والصبر في المواطن المكروهة، ألا إنها سُنَّةٌ لازمة، سنة لازمة أن يحارب المسلمون الكفار وأن يثبت المسلمون في المواطن المكروهة فيحقق الله I لهم النصر، وإن الأرض وراءكم بينكم وبين أمير المؤمنين وجماعة المسلمين صحاري وبَرارٍ (بينكم وبين أمير المؤمنين والمدد مسافات بعيدة جدًّا فلا تطمعوا فى مدد) ليس لأحد فيها معقل إلا الصبر، ورجاء ما عند الله فهوخير معوَّل، فيقول: فاحتفظوا بسيوفكم وتقرَّبوا بها إلى خالقكم ولتكن هي الحصون التي تلجأون إليها وبها تمتنعون، الله الله إنكم أنصار الإسلام وهم أنصار الشرك.
عودة إلى اليرموك:
جاءت الجيوش الرومية وعلى مقدمتها جبلة بن الأيهم الغساني، وتقترب من الجيش الإسلامي والمطر لا يتوقف، فتقف الجيوش ساعة منتظرين القتال ولكن الجيش الرومي يفكر في الانسحاب وعدم القتال؛ فيطمئن المسلمون لذلك ولا يبدأون بالقتال حتى ينسحب الجيش الرومي مرة أخرى ويعود إلى معسكره في انتظار توقف المطر.. سيمر هذا اليوم دون قتال، يوم 4 من رجب سنة 15هـ، و هذه الليلة ليلة 5 من رجب سنة 15هـ يقضي كل الجيش الإسلامي النصف الأول من الليل في قيام الليل وسبحان الله في هذا الجو العصيب, وفي هذه الأخطار المحدقة بالمسلمين وفي الترصد من الروم للجيش الإسلامي, وعلى الرغم من ذلك كل الجيش الإسلامي يقف ويصلي قيامًا لله I.. والحقيقة أننا لا نستطيع أن نفهم ذلك إلا إذا فهمنا أن قيام الليل هذا لبنة من اللبنات المكونة للمجاهد، فتركيب المجاهد تركيب صعب، بناء المجاهد بناء صعب، فليس من السهل أن يصبح المرء مجاهدًا، فقيام الليل لهذا المجاهد لبنة من اللبنات التي تقيم ذلك البناء الصعب، وصلاة الفجر، و قراءة القرآن لبنة من لبنات المجاهد، وحب الخير للناس والسعي لنشر هذا الخير، والجهاد في سبيله لبنة من لبنات المجاهد، وعدم الخوف من أحد غير الله I وعدم الخوف على الرزق وعدم الخوف على الأجل كل هذا لبنة من لبنات المجاهد, وهذه الأمور جميعًا إذا اجتمعت تكوِّن المجاهد، لذلك تستطيع أن تجد فقيهًا ولكنه ليس مجاهدًا وتستطيع أن تجد قارئًا للقرآن ولكنه ليس مجاهدًا، قد تستطيع أن تجد عالمًا أو ناسكًا أو داعيًا لله ولكنه ليس مجاهدًا، ولكن من الصعب أن تجد مجاهدًا في سبيل الله ليس فيه هذه الصفات، فالمجاهد جمع كل هذه الصفات؛ ولذلك جعل الرسول r الجهاد ذروة سنام الإسلام، لأنه جمع كل خصال الخير، فإذا كنت تريد أن تكون مجاهدًا فاعلم أن الطريق طويل وأن البذل كثير وأن الأجر إن شاء الله تعالى على قدر المشقه وعلي قدر الجهد

المصدر :
قصه الاسلام /د.راغب السرجاني 




موقعه اليرموك (3)

بُشْرَى بنصر المسلمين وتشاؤم عند الروم

: تعالوا نعش مع الجيش الإسلامي في هذا اليوم أو هذه الليلة العظيمة، فبعد انقضاء النصف الأول من الليل في صلاة القيام، كان النصف الثاني كله تجهيزًا للجيش الإسلامي، فقد وقف القادة أمام الصفوف يرتبونها ويشجعون الجنود حتى حان موعد صلاة الفجر فاصطفَّ المسلمون لصلاة الفجر، وصلى بهم سيدنا أبو عبيدة بن الجراح لأنه هو الأمير العام للجيوش الإسلامية، فوقف سيدنا أبو عبيدة وقرأ في الركعة الأولى سورة (الفجر): {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ * أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر 1: 14], وأكمل أبو عبيدة الآيات إلى آخر السورة واستمع إلى الآيات راشد بن عبد الرحمن الأزدى أحد المجاهدين من قبيلة الأزد وعندما وصل سيدنا أبو عبيدة إلى هذه الآيات قال: والله لقد ظهرنا على القوم، لَلَّذي أجرى على لسانه هذه الآيات هو الذي ينصرنا إن شاء الله رب العالمين، وعلمت أن الله I سوف يصب عليهم سوط عذاب، فهؤلاء كعاد مثلهم كمثلهم، يعني نفس الروم مثل قوم عاد بالضبط أكثروا في الأرض الفساد وأن الله I سيصب عليهم سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد، واطمأن لذلك راشد بن عبد الرحمن، ثم بدأ الركعة الثانية فقرأ سورة (الشمس) حتى وصل إلى هذه الآيات: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس 11: 15], فقال راشد في نفسه: والله هذه أخرى إن الله I سوف يدمدم عليهم بذنبهم فيسويها على أيدينا؛ لأنهم فعلوا مثلما فعل قوم ثمود من قبل، وهكذا سبحان الله انظروا إلى معايشة المسلم للقرآن فالمسلم الذي يقرأ القرآن باستمرار, ويحاول أن يطبق القرآن في كل مواقف حياته سيجد دائمًا في كل موقف من مواقف حياته آية توجهه توجيهًا معينًا، وتنصحه نصيحة معينة، وتثبته تثبيتًا معينًا، ولذلك لا يصح لأحد المسلمين أن يكون لا يدري معاني كلمات القرآن الكريم، حتى لا يضيع الهدف من قراءة القرآن الكريم وهو أخذ الحكمة وأخذ العبرة وأخذ المنهاج الذي يسير عليه في الدنيا حتى يصل في الأخرة إن شاء الله إلى رضوان الله وجنته. وتنتهي الصلاة وبعد الصلاة يلتفت سيدنا أبو عبيدة بن الجراح إلى المسلمين ويقول لهم: أيها الناس أبشروا فإني رأيت في ليلتي هذه فيما يرى النائم، وبدأ يقص عليهم هذه الرؤيا؛ ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ r يَقُولُ: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِن اللَّهِ فَلْيَحْمَد اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا, وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِن الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلا يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ". فلقد رأى سيدنا أبو عبيدة بن الجراح رؤيا فيها بشرى؛ وأراد أن يبشر المسلمين بها؛ فقال لهم: "رأيت فيما يرى النائم كأن رجالاً أتوني فحفوا بي، وعلي ثياب بيض ثم دعوا لي رجالاً منكم أعرفهم، ثم قالوا لنا: أقدموا على عدوكم ولا تهابوهم فإنكم أنتم الأعلون، ثم مضينا إلى عسكر عدونا فلما رأونا قاصدين إليهم انفرجوا لنا وجئنا حتى دخلنا عسكرهم فوَلَّوا مدبرين"؛ ففرح المسلمون بذلك وقالوا: بشرك الله إن هذه بشرى من الله، واطمأن المسلمون لهذه البشرى وتفاءلوا بها، فقال أبو مرثد الخولاني بعد أن سمع هذه الرؤيا من سيدنا أبى عبيدة بن الجراح: والله إني رأيت أنا الآخر رؤيا؛ فقال أبو عبيدة: فحدِّثْ بها؛ فقال: "إني قد رأيت كأنا خرجنا إلى عدونا فلما توقفنا صَبَّ الله عليهم طيرًا بِيضًا عظامًا لها مخالب كمخالب الأسد وهي تنقضُّ من السماء انقضاض العُقْبَان؛ فإذا حازت بالرجل من المشركين ضربته ضربة يخِرُّ منها منقطعًا، وكان الناس يقولون: أبشروا معاشر المسلمين فقد أيَّدكُمُ الله عليهم بالملائكة "؛ فقال أبو عبيدة بن الجراح: بشَّرَك الله بالخير، هذه والله بشرى من الله.. و على الفور أمر سيدنا أبو عبيدة أن تصل هاتين الرؤيتين.
الأعراب على مقدمة الجيش الرومي
: تتقدم الجيوش الرومية نحو المسلمين، واللافت للنظر فى ترتيب الجيش الرومي أن الميمنة عليها رجل يسمى (جورجير)، والميسرة عليها رجل يسمى (درنجر) وكان هذا الرجل ناسكًا من الزهاد العباد ومع ذلك فهو فارس مغوار, فلذلك أجبره هرقل على الخروج على ميسرة الجيش الرومي وكان يكره قتال المسلمين وكان يرى أن الحق معهم، ومع ذلك أُجبر على الخروج فخرج على رأس ميسرة الجيش الرومي. ومما يلفت النظر أيضًا في تركيبة الجيش الرومي أن الميمنة والميسرة كانتا من الروم، أما القلب ومقدمة الجيش الرومي فكانتا من الأعراب، وكان على مقدمة الأعراب جبلة بن الأيهم الغساني من قبيلة غسان، والحقيقة أن هذا الموقف لا يجوز أن يمر علينا دون أن نقف أمامه لحظة حيث نلاحظ أن الجيش الرومي قد وضع الأعراب أو العرب الموجودين في منطقة الشام في مقدمة الجيوش ليفتدوا الجيش الرومي بأرواحهم وتضيع بذلك دنياهم وآخرتهم، وكان هذا ديدن الجيش الرومي في أرض اليرموك وفي المواقع التى خاضها مع المسلمين، وكان هذا أيضًا ديدن الجيش الفارسي مع المسلمين
وقد جعل الفرس الأعراب في مقدمة الجيوش للتضحية بهم، حتى إذا التقت الجيوش الرومية أو الفارسية مع أعدائها كانت الجيوش العربية أو الموالية لهما فى المقدمة فتسقط صريعة فداءً للجيش الرومي أو الفارسي..

معركه اليرموك (4)

اليوم الثاني

تجمع المسلمون والروم عند منطقة اليرموك, وبعد أن التقت القوات الرومية مع القوات الإسلامية في (5 من رجب 15هـ)، بدأ المسلمون يخرجون بعض أبطالهم للمبارزة، التي نتج عنها استشهاد 4 من المسلمين، وقتل خمسة من الروم..
شعر خالد بن الوليد بقلة جيشه (33 ألفًا، مقابل 200 ألف)، وأنه يجب أن يغيروا خطة الحرب، فأتى أبا عبيدة فقال:والله يا أبا عبيدة إن هؤلاء قد أقبلوا بعدد وجَدٍّ وحدٍّ وإن لهم لشدة لا يردها شيء، وليست خيلي بالكثيرة، ولا والله لا قامت خيلي لشدة خيلهم ورجالهم أبدًا (وخيله يومئذ أمام صفوف المسلمين ثلاثة) فقال خالد: قد رأيت أن أفرق خيلي فأكون في أحد الخيلين، وقيس بن هبيرة في الخيل الأخرى (يريد أن يقسم خيله نصفين، كل منهما ألف فارس) ثم تقف خيلنا من وراء الميمنة والميسرة (ميمنة المسلمين بقيادة معاذ بن جبل t، والميسرة عليها قباث بن أشيم) فإذا حملوا على الناس، فإن ثبت المسلمون فالله ثبتهم وثبت أقدامهم، وإن كانت الأخرى حملت خيولنا عليهم وهي جامَّة (أي مستريحة) وهم قد انتهت شدتهم وتفرقت جماعتهم، ثم نحمل عليهم وهم كذلك، فأرجو عندها أن يظفرنا الله بهم ويجعل دائرة السوء عليهم، وقد رأيت أن يجلس سعيد بن زيد (وكان في مؤخرة الجيش ) مجلسك هذا (في المقدمة مكان أبي عبيدة، ويرجع أبو عبيدة إلى المؤخرة) ويقف من ورائك بحذائك مائتان أو ثلاثمائة من الفرسان ذوي الوجوه يكونون للناس ردءًا وأراد من ذلك أنه إذا حاول أحد المسلمين الفرار، فإنه يستحي من أبي عبيدة عندما يراه في الخلف، فيعود مرة أخرى للقتال.. (وليس إجبارًا على القتال، كما يفعل الروم)، قالوا: فقبل أبو عبيدة مشورته وقال: افعل ما أراك الله، وأنا فاعل ما أردت. كما أشار عليه أن يجعل صفوف المسلمين ثلاثة صفوف فقط، حتى يغطي المساحة عرضًا أمام الجيش الرومي، الذي يبلغ عمقه 20 صفًّا، وعرضه 6 آلاف جندي، أي أن عرضه 9 كلم تقريبًا، يريد خالد أن يغطي مساحة العرض، حتى لا يجعل لهم فرصة في الالتفاف على جيش المسلمين، وهو أمر صعب تكتيكيًّا في القتال، لا يستطيع أن يقوم به إلا المجاهدون المسلمون الأقوياء.. كذلك ذهب إلى معسكر النساء رضي الله عنهن من شرق المنطقة إلى وسط الجيش، يقول لهن: إذا أتاكم أحد المسلمين، فذكروه بالدفاع عنكن، وعن أولادكن (ورد في تاريخ دمشق قوله: يا نساء المسلمين، أيما رجل أقبل إليكنَّ منهزمًا فاقتلنه)، كما أخذ يذكر المسلمين أن نساءهم وبناتهم، إن هم فرُّوا، سيقعن سبايا في أيدي الروم، وهذا سلاح نفسي جديد.. فكان هذا أسلوب خالد t في منع الفرار: بدأ في البداية بأسلوب الخطابة، والموعظة، وقراءة القرآن في الجيش كله (قراءة سورة الأنفال على كل فريق من المسلمين)، كما أرسل إلى جيوش المسلمين الكثير من الخطباء الذين وعظوا الناس، وثبتوهم في هذا المكان. كما استعمل السلاح النفسي بوضع النساء خلف الجيش، وكذلك بجعل أبي عبيدة في المؤخرة.. الروم يولون الأدبــار!! واقترب موعد صلاة المغرب، والهجوم كاسح من المسلمين، يقابله تراجع غير محسوب من الروم، واقتراب عنيف من الهاوية، وجاءت الأوامر أن يؤخر المسلمون صلاة المغرب مع العشاء، حتى يصلوها "بعد الفتح"، (وذلك حتى لا ينسى أحد المجاهدين نية "جمع التأخير" فتضيع عليه الفريضة، وهو أمر مثير للاستغراب، فمع كل ذلك القتال العنيف، إلا أن الصلاة تكون دائمًا في أذهانهم).. ويأتي الليل، ويسود الظلام، فيخترق أحد المسلمين جيش الروم ويصل إلى باهان قائد الروم العظيم، ويقاتله قتالاً قصيرًا، فيقتله.. ويؤثر قتل باهان على نفسية الروم تأثيرًا شديدًا، وتنهار معنوياتهم تمامًا، ويرفع أبو سفيان صوته بالنداء: (يا نصر الله اقترب، الثبات الثبات يا معشر المسلمين) على الرغم من أنه أصبح كفيفًا إلا أنه لا يزال يحمس المسلمين، بإرادة تهد الجبال. (وكأنه يريد أن يمحو حروب سنين طويلة ضد رسول الله)..
يقول الرواة: فكأن الروم حائط، قد هدَّه المسلمون فوقع.. وأظلم الليل، وكانت ليلة ضبابية، فلم يعد المسلمون قادرين على رؤية أحد من الروم، إلا الصف الأول فقط، ويلاحظون أنه يهرب منهم.. حتى أظلم الليل تمامًا، فلم يعد المسلمون يرون أحدًا من الروم.. فتوقف المسلمون عن القتال بعد صلاة العشاء، ووقفت بعض الفرق للحراسة، ولم يكونوا يعلمون من تبقى من الروم، وبدأوا يضمدون جراحهم. وكان ممن يضمد جراحه عكرمة بن أبي جهل، وكان في اللحظات الأخيرة من حياته، يطلب ماءً ليشرب، فلما جيء له بالماء، سمع أحد المسلمين يطلب الماء، فيقول: اذهب إليه بالماء لعله أحوج إليه مني، فيذهب الرجل ويترك عكرمة، إلى هذا الرجل الثاني، الذي ما إن يصل إليه حتى يسمع استغاثة رجل آخر يطلب الماء، فيقول له: اذهب إليه واسقه، لعله أحوج مني بالماء، فيذهب إليه، ويجده قد مات، قبل أن يشرب؛ فيعود إلى عكرمة فيجده قد مات قبل أن يشرب أيضًا!!! رحمه الله ورضي عنه وأرضاه، فيذهب للثاني فيجده قد مات، فماتوا جميعًا عطشى في الدنيا، ولكنهم يوم القيامة يسقيهم رسول الله r..
يقوم أبو عبيدة بن الجراح t بنفسه بحراسة القوم في هذه الليلة، ويتفقد الجيش الإسلامي، خشية أن يباغتهم الروم في الظلام، وفي مروره يجد فارسين، يتفقدهما، فإذا هما الزبير بن العوام، وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، يدوران حول المعسكر لحمايته، فيقول: يا ابن عمة رسول الله r (ويقصد الزبير) ما الذي أخرجكما؟ فيقول الزبير: نحرس المسلمين، ذلك أن أسماء قالت: إن المسلمين مشتغلون بأنفسهم هذه الليلة عن الحراسة، لما لحقهم من التعب والجهاد طوال يومهم، فهل لك أن تساعدني على حراسة المسلمين؟ فأجبتها إلى ذلك. فعزم عليهما أبو عبيدة أن يرجعا، إلى أماكنهم، فرفضا، وظلا من الليل، حتى صبيحة اليوم التالي، ساهرين في سبيل الله.. ويمر الليل كله بلا اضطرابات، ويصلي المسلمون الفجر، وبعد الفجر يبدأ النور في الظهور، ويتطلع المسلمون لأرض المعركة، فيُفاجأون مفاجأة مذهلة، إذ يجدون القتلى من الروم نحو 50 ألف قتيل، ويجدون في الواقوصة (80 ألف) رومي، أو أكثر ساقطين فيها، إذ تعدهم بعض الروايات 120 ألف رومي، عدهم ابن أخي حسان بن ثابت: شداد بن أوس، أي أن قتلاهم بلغ 130 ألفًا وهرب منهم في بداية المعركة 30 ألفًا، فهناك 40 ألفًا إذاً قد اختفوا.
وهكذا لقي المسلمون أعظم انتصار على أقوى جيش أعده الروم منذ بدأت حروبهم، على الرغم من كل الإعدادات والقساوسة والرهبان، الذين أعدهم (هرقل)، فانتصر المسلمون عليهم انتصارًا رائعًا.. وكان شهداء المسلمين 3 آلاف شهيد فقط.. روت دماؤهم الزكية أرض اليرموك، وفازوا ورب الكعبـة.. { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 169- 175].
دور المرأة المسلمة في المعركة:
وكان ممن قاتل مع المسلمين أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، وأيضًا جويرية بنت أبي سفيان, فبذلك تكون عائلة أبي سفيان t كلها في المعركة، وهند بنت عتبة –زوجته- تحمس الجيش من الخلف. بل إن واحدة من المسلمات لا يُعلم اسمها، شوهدت في هذا اليوم، تجري بفرسها وراء رومي، وهو يفر منها، حتى لحقته وقتلته، وقالت بعد أن قتلته: "هذا بيان نصر الله للمسلمين", فإذا وصلت الحرب إلى أن نساء المسلمين يقتلن رجال الروم، فإن في ذلك دلالة على نصر الله للمسلمين
. وفي هذه الأثناء يستقر سهمٌ آخر في العين الأخرى لأبي سفيان t، فيعمى تمامًا، وكثرت الإصابات في أعين المسلمين في ذلك اليوم، حتى أصيبت 700 عين كما ورد في الطبري حتى سمي يوم اليرموك في التاريخ بـ "يوم التعوير". (فعل المسلمون ذلك في الأنبار، وفتح المدائن). وهكذا سالت كثير من الدماء، والجراحات، واشتد الأمر تمامًا على المسلمين، ومرت الظهيرة، واقترب وقت العصر، كل ذلك، ولا يزال خالد بن الوليد t، خلف الميمنة، وقيس بن هبيرة خلف الميسرة، بقواتهما لا يقاتلان، والمسلمون يتحملون أشد أنواع الحرب من الروم، بكل صبر..
تغير في موازين القوى:
بعد كل ذلك يتمكن الروم من ضغط ميسرة المسلمين وميمنتهم إلى القلب، وتصبح لديهم الفرصة مواتية للالتفاف على الجيش الإسلامي، وبدأت قوات الروم تتسرب خلف الجيش الإسلامي: من الميمنة، ومن الميسرة، وخالد بن الوليد يراقب عن كَثَب، حتى تسربت القوات الرومية فعلاً وطوقت الجيش الإسلامي من خلفه، وأصبحت قريبة من معسكر النساء، وكانت قوتهم تبلغ 20 ألف مقاتل رومي. عندئذٍ تحرك "سيف الله المسلول" خالد بن الوليد t، وقال: يا أهل الإسلام،لم يبقَ عند القوم من الجلد والقتال والقوة إلا ما قد رأيتم، فالشدةَ الشدةَ، فوالذي نفسي بيده، ليعطينَّكم الله النصر عليهم الساعة، إني لأرجو أن يمنحكم الله أكتافهم. (في كل خطاباته يظل حريصًا على أن ينسب الفضل لله U). ويعطي الإذن بالبدء في القتال لفرقته المكونة من ألف فارس. ولفرقة قيس بن هبيرة المكونة من ألف فارس.. فانطلق المسلمون بعد إذن خالد بن الوليد، وكأنهم سيل هادر كان محتجزًا خلف صخرة، رافعين أيديهم بالسيوف، وأصواتهم بالتكبير على ميمنة وميسرة الجيش الرومي يدكونه دكًّا، وبوغت الروم بهذا التحرك مباغتةً شديدة، على الرغم من أن الميمنة والميسرة تبلغ (100 ألف مقاتل) تواجه (ألفي مجاهد)، ولكنهم كانوا غير مرهقين، لم يحاربوا بعد، فكان نشاطهم شديدًا، واشتياقهم للقتال، والأخذ بثأر إخوانهم أكبر، كما أنهم راغبون في الشهادة في سبيل الله، بينما الروم مرهقون أشد الإرهاق، وخائفون من المسلمين، ومباغَتون من هذا الهجوم، الذي باغتهم به خالد بن الوليد، بل كانوا يعتقدون أنهم بمجرد إزاحة الميمنة إلى القلب، والانطلاق خلفها، قد انتصروا، أو تأكدوا من هزيمة المسلمين!!. فارتطم خالد بن الوليد ارتطامًا شديدًا بميسرة الروم، واقتحم قيس بن هبيرة كذلك بميمنة الروم، وكان نتيجة ذلك نتائج لم يتوقعها أحدهما، إذ إنه في أول هجمة للمسلمين قُتِلَ على الفور (10 آلاف) مقاتل من الروم!!!... {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17], ففوجئ الروم بذلك مفاجأة عظيمة، وأيقن فرسان الروم بالهلاك، وشعروا بأنهم مقتولون لا محالة فلم يكن منهم إلا أن فكروا في الهرب.. ورأى خالد بن الوليد أنهم يجهزون أنفسهم، حتى يستطيعوا الالتفاف من خلف خالد والهروب من المهرب الوحيد خلف الجيش الإسلامي، فلم يكن من خالد بن الوليد إلا أن فكر بواقعية، ولم يغتر بمقتل عشرة آلاف رومي، وإنما ترك لهم فرصة لكي يهرب فرسانهم الآلاف الخمسين، ويتبقى له بقية الجيش، يمكنه التغلب عليه.. فنادى بصوت مرتفع للمسلمين: " أفسحوا لهم الطريق، اتركوهم، ولا تُكرهوهم على القتال"، فهرب في هذه اللحظة (ثلاثون ألف) فارس من الروم، (عشرون ألف من الميسرة المواجهة لخالد، و10 آلاف من القلب).. كل ذلك في الهجمة الأولى.. وكانت النتيجة الثالثة لهذه الهجمة المباغتة أن قائد الميسرة الرومي (درنجر) المتنسك العابد (الذي كان يعلم أنه لا يقاتل على حق) لما رأى ذلك، علم أن ما كان يشعر به كان صوابًا، وتيقن أن النصر حليف المسلمين، وأنه إنما يقاتل القدر، ولا يمكنه أن ينتصر أبدًا، ففعل ما لم يتوقعه أحد من المسلمين، ولا الروم، فجاء بثوب، ولفه حول رأسه، وجلس في أرض القتال، وقال: لا أريد أن أرى هذا اليوم المشئوم!!.. فقد تملك الرعب قلبه، وخانته رجلاه عن الهرب، وجلس ينتظر من يقطع رقبته، الذي سرعان ما جاء فجز رأسه في ثوبه، لِيَمُوت هذا القائد ميتة لم يمتها قائد من قبل!! بعد ذلك بدأ المسلمون في الضغط على بقية الجيش الرومي، فهجم المسلمون هجومًا شديدًا وحاصروا الروم في المكان الضيق من أرض اليرموك، (تجاه الواقوصة)، وحاربهم المسلمون حربًا شديدًا، وزادت الحمية في قلوب المؤمنين، وارتفعت معنوياتهم بشدة، وظهرت النماذج الفريدة، وأرسل خالد بن الوليد رسائل خاصة؛ فأرسل للزبير بن العوام: أن هذا وقت الاقتحام، والهجوم المضاد، ورسالة إلى القعقاع بن عمرو التميمي، وكان في مقدمة المسلمين، وهاشم بن عتبة، وإلى معاذ بن جبل وإلى شرحبيل بن حسنة، وإلى أبو عبيدة بن الجراح والأشتر النخعي، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وقباث بن أشيم وهاشم بن مرّ وقيس بن مرّ وضرار بن الأزور والمقداد بن عمرو والمذعور بن عدي وعياض بن غنم وعكرمة بن أبي جهل.. يمر خالد على الناس ويحفزهم، ويقول: أيها المسلمون إن عدوكم يألم كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون.

معركه اليرموك (5)

التحام الجيشين من جديد:
تقترب الجيوش الرومية من الجيش الإسلامي، ويرتب خالد t جيشه، واستعد للقتال، ووضح من تحركات الجيش الرومي أنه سيهجم بميسرته (وقائدها درنجر القائد المتنسك)، على ميمنة المسلمين بقيادة معاذ بن جبل، وهو الذي سيبدأ الهجوم، والضربة الأولى ستتحملها الميمنة عليه، فلما رأى معاذ جيوش الرماة تقترب منه صاح في جنده: "يا معشر أهل الإسلام إنهم قد تهيئوا للشدة ولا والله لا يردهم إلا الصدق عند اللقاء والصبر عند القراع". ثم هجمت الكثرة الرومية على القلة المؤمنة، وكان قتالاً شديدًا، استمر فترة طويلة من الزمن، وثبت المسلمون ثباتًا عجيبًا، لا يفهمه الدنيويون..!! ويشتد البأس من قبل الروم، ويبدءون في الضغط على الجيش الإسلامي، والمسلمون ثابتون لا يتحركون، وخالد وفرقته يرون ما يحدث للمسلمين وهم خلف الميمنة، ولا يتحركون؛ لأن الخطة ألا يتحركوا حتى يجهد الروم تمامًا. وربما كان صبر خالد ومن معه وهم يرون إخوانهم يتلقون سيوف الروم، ويُقتَلون بها أمامهم، وتروي دماؤهم أرض اليرموك، ولا يتحركون!! أشد من صبر هؤلاء الذين يتحملون ضربات الروم، وهذا من بُعد نظر خالد t، إذ كان يُصَبِّرهُم، ويقول لهم: "رويدًا رويدًا". أُرْهِقَ بعض المسلمون في الميمنة من شدة القتال، وبدءوا يتراجعون بظهورهم، وإن كانت بعض الجزر الإسلامية ما زالت تقاتل، فتأتي النساء من الخلف، وكان فيهن السيدة خَوْلة بنت ثعلبة الأنصارية، كانت من المجاهدات في اليرموك، فقالت: يا هاربًا عن نسـوة تقيـات ميت بالسهم وبالمنيات فعن قليلٍ ما ترى سبيـات ولا حصيات ولا رضيـات فثبت المسلمون، وعادوا إلى أماكنهم... وكان أشد الضرب في الميمنة على قبيلة "دوس"، التي قتل منها في بداية المعركة عمرو بن الطفيل وابنه جندب بن عمرو، إذ كان أكثر الشهداء في الميمنة منهم، فقام أبو هريرة t وهو من قبيلة دوس، وقال: تزينوا للحور العين، وارغبوا في جوار ربكم، في جنات النعيم، فما أنتم إلى ربكم في موطن من مواطن الخير أحب إليه منكم في هذا الموطن (يذكرهم بأن هذا المكان: أرض الجهاد، أحب إلى الله حتى من المسجد الحرام، والمسجد النبوي، ومن كل الأماكن المقدسة؛ لأن الجهاد قد فرض عليهم في هذا الوقت) ألا وإن للصابرين فضلهم، وحرمة دم المسلم، خير عند الله تعالى من حرمة الكعبة.
الصلاة وسط صليل السيوف:
وحانت الظهيرة (وكان الالتحام قد بدأ عند الشروق) وهي فترة نحو 6: 7 ساعات، والجيش المسلم يحارب أمام سيول متدفقة من الجيش الرومي، ثم تأتي الأوامر بعد الظهر أن يصلي المسلمون الظهر والعصر جمع تقديم، إيماءً على الخيول، بوجوههم فقط.. أي جيشٍ هذا!! وأي قوم هؤلاء، الذين بين صليل السيوف، وتساقط الرءوس، وشدة الحرب، يثبتون، ويهتمون بالصلاة، ولا يتوقفون عن القتال. يشعر المرء أن الصلاة عندهم كالتنفس، أو كضربات القلب، ليس لها أي ثقل على النفس. ويصف عبد الأعلى بن سراقة، أحد المجاهدين في الميمنة، موقف المسلمين آنذاك، فيقول: وركب المسلمين أمثال الجبال من الروم، فوالله الذي لا إله إلا هو، لقد رأينا الروم تدور بالمسلمين كما تدور الرحى، فما رأيت موطنًا أكثر قحفًا ساقطًا (القحف هو عظم الجمجمة عندما يطير بالسيف) أو معصمًا نادرًا (زائلاً عن موضعه) أوكفًّا طائحة، من هذا الموطن.. ( أي أن أرض هذا المكان امتلأت بأشلاء القتلى، من عظام الرأس، والأيدي والمعاصم) والناس يضطربون تحت القسطل (أي الغبار الشديد) وقد والله أوحلناهم شرًّا وأوحلونا، حتى لقينا من قتالهم مالم يلقَ أحد من قبلنا من مثلهم قطُّ!! في أثناء هذا الهجوم العنيف، يصدر (باهان) الأمر الثاني، بتحرك ميمنة الجيش الرومي تجاه ميسرة المسلمين، وترتطم ميمنة الروم ارتطامًا شديدًا بالميسرة المسلمة على رأسها قباث بن أشيم t، وكان هو أشد الناس قتالاً في الميسرة، وكان في المقدمة دائمًا حتى إنه كَسَرَ في الروم ثلاثة رماح وسيفين، وكان كلما كسر رمح من رماحه أو سيف من سيوفه، يقول: من يعير سيفًا في سبيل الله، رجلاً قد حبس نفسه مع أولياء الله، وقد عاهد الله لا يفر، ولا يبرح. فيعيره المسلمون أحد السيوف، فيقوم، ويقاتل، حتى يكسر سيفه، فيعيد مقولته، فيعيره أحد المسلمين سيفًا آخر، فيذهب ويقاتل... وهكذا.. كما كان يزيد بن أبي سفيان t من أشد الناس قتالاً أيضًا في هذا اليوم، على الرغم من أنه المشرف العام لميسرة المسلمين، يقول حبيب بن مسلمة: كان يزيد بن سفيان من أعظم الناس غَنَاءً، وأحسنهم بلاءً، هو وأبوه جميعًا، فقد كان أبو سفيان t يقاتل تحت راية ابنه يزيد، وهو يقاتل بعين واحدة وكان قد فقد إحدى عينيه في حصار الطائف عام 9هـ, وكان يمر به فيقول له: يا بني عليك بتقوى الله والصبر فإنه ليس رجل بهذا الوادي من المسلمين إلا محفوفًا بالقتال, فكيف بك وبأشباهك الذين ولوا أمور المسلمين أولئك أحق الناس بالجهاد والنصيحة, فاتق الله يا بني والزم في أمرك ولا يكونن أحد من إخوانك بأرغب في الأجر والصبر في الحرب ولا أجرأ على عدو الإسلام منك. قال: أفعل. فقاتل يومئذ في الجانب الذي كان فيه واقفًا قتالاً شديدًا[1].. وعلى الميمنة كان الموقف لا يزال شديدًا، وبدأ المسلمون يتراجعون ببطء، ويثبت فيهم عمرو بن العاص t، وقد كان قائد الميمنة، فكل القادة في هذه الحروب يكونون أشد الناس قتالاً، ومن هنا تظهر لنا حكمة اختيار هؤلاء كقادة، لأنهم أقدر على القتال، وليس لمجرد الأفضلية، وإنما الأصلح للمكان... فيثبت عمرو وجماعة معه، ويشتد عليهم ضغط الروم، فإذا بهم يتراجعون ومعهم عمرو، ولكنهم لا يولون الأدبار، فلما بدأ يتراجع، وشعر نساء المسلمين بأنهم يتراجعون، أسرعت أم حبيبة بنت العاص (أخت عمرو)، فوقفت وراءه، وقالت: قبَّح الله رجلاً يَفرُّ عن حليلته (زوجته)، قبح الله رجلاً يفر عن كريمته (بنته، أو أخته)، فلما قالت ذلك ثبت المسلمون مرة أخرى، وحملوا على الروم حملة شديدة، وكان من أشد المحمُّسات هند بنت عتبة التي كانت تقول: قاتلوا أيها المسلمون، فلستم ببعولتنا إن لم تمنعونا. أما القلب، قلب جيش المسلمين، فقد جاءت الأوامر من باهان بالتقدم أيضًا للهجوم عليه، وبذلك التحم الجيش الرومي بكامله، مع الجيش الإسلامي.. ولم يكن القتال في القلب بأفضل مما هو عليه في غيره، بل كان على أشد ما يكون، وكان على جزء من المقدمة سعيد بن زيد، وعلى الجزء الآخر هاشم بن عتبة رضي الله عنهما، وكوَّن شرحبيل بن حسنة وهو قائد القطاع الأوسط "القلب" مع سعيد جبهة يقاتلون فيها فلم يكن أحد يقاتل مثلهم، وهم من القادة، وكان سعيد بن زيد يخطب في المسلمين، يقول: {إنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم} [التوبة: 111].
الاستراتيجية العسكرية لخالد بن الوليد:
في المقابل بذل الروم جهودًا أخرى لمنع جنودهم من الفرار، فوضعوا الجيش أمام (الواقوصة) وهي هاوية عمقها أربعمائة متر من هوى فيها مات، كما ربطوا 30 ألف مقاتل منهم بالسلاسل، يضعون كل 10 في سلسلة، حتى يمنعوهم من الهرب!!، هذا بالإضافة إلى الوعود المادية الكثيرة، وقليل منهم من يفكر في الأموال في هذا الموقف؛ فالروح أعز وأهم، فيظلون متشبثين بالحياة، ويفكرون في الفرار طويلاً.. وهذا هو الفرق بين الجيش الإيماني، جيش العقيدة، وجيش دنيوي، مما يضع أمامنا بعض مفاتيح النصر.. ونتوقف لنقرأ تحليل أحد المحللين العسكريين الألمان المعاصرين (كلاوس فيتز) في القرن التاسع عشر، الذي كان أقوى محلل عسكري في ذلك الوقت، ويذكر في كتابه (في الحرب): أن أروع لحظات الدفاع هي لحظة الانتقال السريع والقوي إلى الهجوم كضربة ثأر بسيف بتار، والطرف الذي لا يفكر في هذه اللحظة منذ البداية، ولا يدخلها عند نشوب العمليات في مفهوم دفاعه، لا يمكن أن يفهم أبدًا تفوق الدفاع. يرى أن الدفاع خير وسيلة للهجوم، فيظل الجيش في الدفاع، حتى يستهلك العدو قوته، ثم يبدأ الهجوم، وهذه أروع لحظات المعركة، وفيها تُشَلُّ قوة العدو. وقد وضعها في القرن 19 الميلادي، ثم جاء محلل آخر يدعى (ليدل هاد) يسمونه: نبي الاستراتيجية العسكرية في القرن العشرين؛ فنقض نظرية الألماني في جزء منها، فقال: إن الهدف من المعركة هو إحداث صدمة تربك تفكير العدو، بتوجيه ضربة له في مكان لا يتوقعه، وإحداث خسارة مادية تؤثر على نفسية العدو. (وبذلك فهو يرى أن الأجدى ليس الدفاع، وإنما توجيه ضربة للعدو لا يتوقعها، تحدث خسارة مادية، تكون نتيجتها انهيار معنويات العدو). ثم يقول: وحاول أن تخلق الفوضى في صفوف عدوك، إذا كنت تنوي ضربه الضربة الساحـقة، ويؤيد (كلاوس فيتز) في جزئية أخرى، تخص ما نحن بصدد الحديث عنه هنا، فيقول: إذا كان عدد الجنود في معسكرك يقل عن عدد الجنود في معسكر العدو (كموقف المسلمين في موقعة اليرموك) فحاول مؤقتًا أن تعطيه فرصة للهجوم على معسكرك، ولا تهجم عليه. وأكبر الظن أنك ستواجه ناحية ضعيفة في معسكر العدو، لتفاجئه أنت بالهجوم، عندئذٍ استجمع كل قوتك، واعزم على النصر، وسيكون النصر حليفك. ولو نظرنا لخطة خالد بن الوليد t، ثم قارناها بما يقوله خبراء العسكرية بعده بقرون، لوجدنا خالدًا في الجزء الأول من المعركة في اليرموك كان عازمًا على الأخذ بخطة "كلاوس فيتز" الأولى، وهي أنه يدافع حتى تنهك قوى الجيش الرومي، ثم يقتحم بعد ذلك، ويهجم عليهم، وفي الجزء الثاني من المعركة، أراد أن يفاجئ جيش الروم بضربة تحدث خسارة مادية واضحة، وتؤثر على نفسيتهم، ومعنوياتهم. وبذلك استعمل خالد t النظريتين معًا في هذه المعركة، قبل خبراء العسكرية بنحو 13 قرنًا، وهاتان النظريتان يدرسان في الكليات العسكرية الآن، ولا يشار بأي كلمة إلى أن هناك قائدًا مسلمًا طبَّق هذه النظريات في موقعة واحدة، هو سيف الله المسلول t وأرضاه. وللأسف الشديد لم نقدر نحن سيدنا خالد قدره، فلم نقم حتى بتدريس هذه النظريات العسكرية الإسلامية المبتكرة في مدارسنا، أو كلياتنا العسكرية!!

معركه اليرموك (6)
نهايه الموقعه
بعد انتصار المسلمين في موقعة اليرموك، وانهزام جيش الروم هزيمة نكراء، وهروب 70 ألف مقاتل، (30 ألفًا أثناء القتال، و40 ألفًا بعد ذلك). كانت قوة الجيش الإسلامي آنذاك 30 ألف مجاهد، وقد اعتادوا أن يلاحقوا الفارِّين بعد كل معركة، فخرجت قوة مكونة من 5 آلاف مجاهد، بقيادة "خالد بن الوليد" t لتعقب الفارين، حتى لا يعودوا للقتال مرة أخرى، وبالطبع فإن 5 آلاف قادرين على ردع الـ 70 ألف، لاختلاف الدوافع عند كل منهم، واختلاف العوامل النفسية، بين فارين منهزمين، ومنتصرين أقوياء.. فيخرج خالد بن الوليد في إثرهم، عن طريق دمشق، ويقابل في الطريق بعض فلول الجيش الرومي، فيقاتلهم، ويبيدهم عن آخرهم، في معركة قصيرة جدًّا، ثم يصل إلى دمشق (100 كلم) بعد يوم صعب من القتال، فخرج له أهل دمشق، واستقبلوه، وقالوا له: إنهم على العهد معه (الصلح)، وأنهم سيدفعون الجزية، فأقرهم خالد على ذلك، وقبل منهم نفس العهد السابق، وأخذ منهم الجزية، واتجه فورًا في اتجاه حمص في إثر بقية الفلول الرومية الهاربة، وقابل في طريقه إلى حمص مجموعة أخرى من الروم في ثنية العقاب، فحاربهم وانتصر عليهم انتصارًا سريعًا، وأبلى فيها الأشتر النخعي بلاءً حسنًا. ثم انطلق باتجاه حمص (نحو 225 كلم)، وهناك وجد أهل حمص –كذلك- يخرجون إليه، يؤكدون أنهم على العهد، لرضاهم بالجيش الإسلامي، فقبل منهم خالد، وأخذ منهم الجزية، وبقي في حمص في انتظار الأوامر من أبي عبيدة t. وبعد أن عرف أبو عبيدة بوصول خالد إلى حمص ترك فرقة في اليرموك على رأسها بشير بن كعب، وتوجه إلى دمشق, وأرسل من هناك رسالة لعمر بن الخطاب t، يبشره فيها بالفتح والنصر! ومعها خمس الغنائم،
فقال في رسالته
: "لعبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، من أبي عبيدة بن الجراح، سلامٌ عليك، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فالحمد لله الذي أهلك المشركين، ونصر المسلمين، وقديمًا ما تولَّى اللهُ أمرهم، وأظهر نصرهم، وأَعَزَّ دعوتهم، فتبارك الله رب العالمين، أُخبرُ أمير المؤمنين أنا لاقينا الروم في جموع لم تلق العرب مثلها قَطُّ، فأتوا وقد علموا أنه لا غالب لهم اليوم من الناس أحد، فقاتلوا المسلمين قتالاً شديدًا ما قُوتل المسلمون مثله في موطن قط، ورزق الله المسلمين الصبر، وأنزل عليهم النصر، فقتلهم الله في كل قرية، وكل شعب، وكل واد، وكل جبل، وسهل، وغنم المسلمون عسكرهم، وما كان فيه من أموالهم، ومتاعهم، ثم إني اتبعتهم بالمسلمين حتى أني بلغت أقاصي بلاد الشام حمص، وقد بعثت إلى أهل الشام عمالي، وقد بعثت إلى أهل إيلياء أدعوهم إلى الإسلام أي القدس فإن قبلوا وإلا فليؤدوا إلينا الجزية عن يَدٍ وهم صاغرون، فإن أبوا سرت إليهم حتى أنزل بهم، ثم لا أزايلهم حتى يفتح الله على المسلمين إن شاء الله، والسلام عليكم". ففي هذه الرسالة بشر أبو عبيدة عمر بالنصر والفتح، وأخبره بتوجهاته التالية، وهي إرسال جيوشه إلى أقاصي الشام، ورسله من اليرموك إلى القدس (إيلياء)، وهي لم تُفْتَحْ بعدُ.
ولما وصلت الرسالة إلى عمر بن الخطاب t فرح بها فرحًا شديدًا، ولم تنم المدينة ليلتها، بل باتوا فرحين يهنئ بعضهم بعضًا بالنصر،
ثم أرسل عمر رده إلى أبي عبيدة، يقول له: "
من عبد الله أمير المؤمنين إلى أبي عبيدة بن الجراح، سلامٌ عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فقد أتاني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه من إهلاك الله للمشركين، ونصره للمؤمنين وما صنع لأوليائه وأهل طاعته، فأحمد الله على حسن صنيعه إلينا، واستتم الله ذلك بشكره، ثم اعلموا أنكم لم تظهروا على عدوكم بعدد ولا عدة ولا حول ولا قوة، ولكنه بعون الله ونصره، ومنه وفضله، فلله المنُّ والطَّوْل، والفضل العظيم، والسلام عليكم ". فهذه رسالة عمر بن الخطاب في وقتٍ غدا هو فيه رئيس أعظم دولة في العالم آنذاك، ومع ذلك نلمح في خطابه التواضع، ونسبة الفضل كله لله، وأن النصر كله من عند الله U، وأنهم جند الله، ليس لهم من الأمر شيء.
بعد توجه أبي عبيدة إلى دمشق واستقراره فيها، تأتيه خطبتان متشابهتان لمعركتين مختلفتين
: في القادسية: خطبة سعد في القادسية جاء فيها
: "إن الله هو الحق وحده لا شريك له في الملك، وليس لقوله خلف، وهو يقصد قول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون} [الأنبياء: 105]. وقال في آخرها: فإن تزهدوا في الدنيا، وترغبوا في الآخرة، جمع الله لكم الدنيا والآخرة، ولا يقرب ذلك أحدًا إلى أجله, وإن تهنوا وتفشلوا وتضعفوا، تذهب ريحكم، وتوبقوا آخرتكم".
وجاء في خطبة عاصم بن عمرو في القادسية أيضًا: "إن صبرتم، وصدقتموهم الطعن والضرب، فلكم أموالهم ونساؤهم وأبناؤهم وبلادهم، وإن خرتم وفشلتم، والله لكم جار وحافظ، لم يبق من هذا الجمع منكم باقية", ثم يقول: "اجعلوا الآخرة همكم، يا معاشر العرب إنكم تخاطرون بالجنة، وهم يخاطرون بالدنيا، فلا يكونُنَّ على دنياهم أحوط منكم على آخرتكم، لا تحدثوا أمرًا تكونوا به شينًا على العرب غدًا
". وفي اليرموك: جاء في خطبة أبي عبيدة: "يا عباد الله انصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم، فإن وعد الله حق، يا معشر المسلمين اصبروا، فإن الصبر منجاة من الكفر، ومرضاة للرب، ومضحدة للعار، فلا تبرحوا مصافكم، ولا تخطوا إليهم خطوة، ولا تبدأوهم بقتال، والزموا الصمت إلا من ذكر الله". ولمعاذ بن جبل: استشهد بقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55], وقال: "أنتم إن شاء الله منصورون، فأطيعوا الله ورسوله، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين، واستحيوا من ربكم، أن يراكم فرارًا من عدوكم، وأنتم في قبضته، ورحمته، وليس لأحدٍ منكم ملجأ من دونه، وليس فيكم متعززٌ بغير الله سبحانه"[1]. - في الخطبتين نلاحظ الحث على الصبر، ووحدة الصف الإسلامي، والرغبة في الآخرة، وحتمية انتصار المسلمين، إن شاء الله، وتركيبة الجيش المسلم النفسية واحدة، مما أنتج هذا التشابه. من هذا التشابه الموجود في المعركتين، يطرأ سؤال، هل سنجد موقعة، أو معركة حربية كبرى قريبة ينتصر فيها المسلمون، ويمكنون في الأرض؟ والإجابة بالتأكيد بالإيجاب؛ لأن الله I وعد بذلك، فنحن لا يهمنا الزمان، ولا المكان، وإنما نحن على يقين، بأن معركة ما قريبة، سينتصر فيها المسلمون لا شَكَّ على أعدائهم، ولكن ما يهمنا هو صفة هذا الجيش المسلم، وهو أنهم فرسان بالليل رهبان في النهار. ثم نعود بعد ذلك إلى أرض الشام، حيث يبدأ أبو عبيدة في تقسيم الشام إلى قطاعات أربع، يولي على كل قطاع رجلاً من المسلمين، وفي كل قطاع تتم تصفية جميع الجيوب الرومية المتبقية.

الجمعة، 10 فبراير 2017

أسد الله الثاني



كلنا يعرف أسد الله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه عم رسول الله صلي الله عليه وسلم والصحابي الجليل سيد الشهداء .. لكن هناك من أطلق عليه الرسول هذا اللقب بعد استشهاد عمه الحبيب حمزة وهو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب .. وقصته مع الاسلام عجيبة وغريبة .. فقد كانت كل العوامل ترجح أن يكون من السباقين للإسلام والمدافعين عنه ، وخاصة انه كان ابن عم رسول الله صلي الله عليه وسلم وصديقه وأخاه من الرضاعة .. وكان من الهاشميين الأربعة الذين كانوا شديدي الشبه برسول الله صلي الله عليه وسلم وهم بجانب أبي سفيان صاحب موضوعنا الحسن بن علي رضي الله عنهما وعن آل البيت أجمعين ،وجعفر ابن ابي طالب رضي الله عنه ،وقثم بن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما ،لكن العجيب أنه بمجرد نبوة ابن عمه العظيم انقلبت حياةأبي سفيان رأسا علي عقب ،وبدلا من ان يكون سندا وعونا للرسول الكريم كان من ألد أعدائه .. وانقلبت المحبة الي كراهية .. والصداقة الحميمة الي عداوة .. ولم يكتف أبو سفيان بذلك بل استغل شاعريته في هجاء ابن عمه العظيم صلي الله عليه وسلم .. ولذلك لم يكن غريبا ان يهدر الرسول دمه بعد ان لقي منه كل هذه العداوة والبغضاء .. وعندما جاء الرسول بجيشه الجرار لفتح مكة أدرك ابو سفيان أن بقاءه في مكة يعني هلاكه ، فقرر الرحيل فقالت له زوجته الي أين قال الي أي مكان لايترصدني فيه محمد وأصحابه، قالت لقد أصبحت الجزيرة العربية كلها في قبضة ابن عمك فاذهب اليه واطلب الصفح والعفو فقد عهدناه برا كريما .. واستجاب أبو سفيان لنصيحة زوجته واصطحب ابنه جعفرا وذهب الي الرسول صلي الله عليه وسلم متخفيا مخافه أن يراه أحد من المسلمين ويعرفه فيقتله لأنه مهدر الدم .. حتي جاء الي الرسول المصطفي وقال له جئتك مسلما يارسول الله فأعرض عنه الرسول في بداية الأمر .. فلما وجد أبو سفيان هذا الأعراض حاول ان يستلين قلب الرسول العظيم ،وقال له يارسول الله لئن لم تقبلني لأخذن ابني ونهيم علي وجهينا في الصحراء حتي نموت جوعا وعطشا .. فرق له قلب الرسول وقال لعلي رضي الله عنه خذ ابن عمك وعلمه كيف يؤدي الصلاة .. في هذه اللحظات أدرك أبو سفيان ان ذنبه بالفعل عظيم وأنه مطالب بأعمال كبيرة ليرضي عنه الرسول ،ويعود محبا له مثلما كان في الماضي البعيد ،قبل أن يستسلم ابو سفيان لشيطانه ويهجو وينال من ابن عمه العظيم .. وجاءت اللحظة التي كان ينتظرها .. جاءت غزوة حنين وانكسر المسلمون في بداية الأمر بعد أن اعجبتهم كثرتهم فلم تغن عنهم شيئا ، وفي هذا الموقف العصيب لم يثبت مع النبي الا بضع عشرات من أهل بيته والصحابة كان في مقدمتهم أبو سفيان الذي كان يمسك بغلة الرسول بيد ويضرب المشركين باليد الأخري، وعندما انجلي غبار المعركة وانتصر المسلمون نظر الرسول العظيم الي أبي سفيان نظرة المحب المشفق وقال :من.. أخي أبو سفيان فزلزلزت كلمة أخي كيان أبي سفيان وانكب علي قدمي رسول الله صلي الله عليه وسلم يقبلهما ويقدم بدموعه الغزيرة اعتذارا لأبن عمه الكريم علي مافعله به أيام الجاهلية .. ويظهر في هذا المشهد المهيب العباس بن عبد المطلب عم رسول الله وعم أبي سفيان فيقول: يارسول الله هذا أخوك ابو سفيان ارض عنه يارسول الله ،فيقول المصطفي صلي الله عليه وسلم لعمه :رضيت جعله الله عوضا عن حمزة .. فيهنئ المسلمون أبا سفيان بهذا اللقب الجليل أسد الله .. وقبل أن يموت بايام قليلة وجده الناس يجهز لحدا في البقيع ،فقالوا له ماذا تفعل ياأبا سفيان قال أجهز قبري ولم تمر سوي ثلاثة أيام حتي جاءت لحظة الرحيل عن الدنيا وحوله أهله يبكون فيقول لهم لماذا تبكون فلم أتلطخ بخطيئة منذ أن اسلمت ،ورفع بصره إلي السماء وفاضت روحه إلي بارئها في مستهل خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويصلي عليه عمر والصحابة ويدفن بالبقيع .
المصادر
رجال حول الرسول
سيرة بن هشام
أ


صورة

الأربعاء، 8 فبراير 2017

سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ



سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ



قصة ابكت الملايين ..
▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬
انا و اخوي كنا اعداء
في صغرنا حتى لما كبرنا
كانت الوالده تقول
يا عيالي انتم اخوان مالكم غير بعض
و مهما وقفوا معاكم الناس هم ناس
يا عيالي
و الوالد كان دائما زعلان علينا
ما يكلمنا و كلامه معنا رسمي جدا
و السبب عداوتي انا و اخوي
كان دائما يقول للوالده الله يهديهم
وراح يجي اليوم اللي يعرفون قيمة بعضهم
و يتذكرون كلامنا ان الاخ مايتعوض
و لو تألم الواحد فيهم قال اخ ما قال صاحبي او صديقي
و تزوجنا انا و اخوي و زادت عداوتنا حتى زوجاتنا يوم يجتمعوا في بيت ابوي تصير مشاكل
امي و ابوي احتاروا معنا كثير و يخافون يوقفوا مع احد يزعل الثاني
و استمرينا على هالحال ماتت امي و بعدها ابوي بخمسه سنين و بعنا املاك ابوي و كل من فينا خذا حقه
و ماعاد احد فينا يدري عن الاخر كبروا عيالنا
و لو يتقابلون والله محد درى عن الثاني
و في يوم من الايام و هنا الطامه الكبيره
دخلت في الاسهم و خسرت كل اللي وراي و قدامي و حالتي صارت تصعب على الكافر
مرضت بمرض السكري و مع الضغوط صابني جلطه افقدتني عيني اليمين
من كثر التفكير في حالي و في عيالي اني ضيعت كل شي في لحظة طمع
و في يوم و انا اصلي الفجر بكيت و دعيت ربي و قلت يارب ارحم امي و ابوي و ارحم ضعفي و قلة حيلتي و عوضني خير في عيالي
الا اشوف صديق لي قديم جارنا و حنا صغار
سلم علي و عرف عني كل شي
و بعد اسبوع زارني في بيتي وقال ابي منك طلب, قلت ابشر
قال هذا شيك بمبلغ و قدره ٥٠٠٠٠٠ الف ريال
ابدا حياتك من اول و جديد
و يوم ربي يفرجها عليك اعتبرها دين ;;
سويت لي منها مشروع صغير و الحمدلله ربي عوضني باللي فقدته
و كل يوم اشكر الله الف مره
و في يوم اتفاجأ بصديقي يزورني الا و يقول لي
انا جيتك بأمر ضروري ما يحتمل تأجيل قلت له اذا على الفلوس ابشر يالغالي ترى الحمدلله ربك فرجها
قال الامر اكبر بكثير قلت و ش السالفه
قال ترى اللي اعطاك الفلوس اخوك وقال يا فلان اسألك بالله هذا سر بيني و بينك
ما اقدر اشوف اخوي محتاج و انا اطالع فيه
خذ هالمبلغ و اعطيه لاخوي و لا يدري انه مني
و ترى انا اليوم جيتك عشان تزور اخوك في المستشفى تراه بين الحيا و الموت
على الاقل روح تسامح انت و اخوك ترى اخوك يحبك
رحت اركض للمستشفى و دموعي تغسل كره السنين لاخوي ولد امي و ابوي
دخلت غرفة الانعاش و اشوف اخوي اجهزة في كل جسمه
مسكت يده و حبيت راسه و قلت سامحني
فتح عيونه و طالعني الا دمعه نزلت من عيونه
وضم يده ليدي و شهق انفاسه الاخيره
اخوي مات كان ينتظر حضوري مات اخوي بين يدي
كل جمعه امر على قبره و ابكي و اتذكر كلام امي يا عيالي انتم اخوان
من وقف معي في شدتي الا اخوي
روحه ما فارقت جسده الا لما شافني
.▬
قال تعالى :
( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ).
لم يختّر الله تبارك وتعالى من اﻷقارب لشد العضد إلا اﻷخ ،،،،،، تأملوها ..!👉
أخوك وأختك ياقرة العين ،، تحاشى كل مايوتر علاقتكما ،،، ﻷنك لن تجد بالدنيا شخص يشد عضدك كأخيك !!..

قرأتها فادمعت عيني
وسارسلها لاحبتي ..
لمن قاطع اهله عليه ان يتوب ويتصالح معهم لايدري اي لحظه ستاتي اليه وتغرغر انفاسه الاخيره ويفارق اهله واحبته.
اقراوها بعناية ففيها من الحكم والعبر مايكفي وان الحياه لاتستحق وهي زايله وماتدوم..

أنواع الماء في القرآن الكريم

أنواع الماء في القرآن الكريم



هل تعرف كم عدد أنواع الماء في القرآن الكريم؟

ان القرآن الكـريـم ذكر 23 نوعا من الماء لكل واحد منه طبيعته الخاصة ....
الأنواع هي ....
(1) الماء المغيض :
وهو الذي نزل في الأرض وغاب فيها وغاض الماء: قل ونقص
قال تعالى ( وغيض الماء وقضى الأمر )
(2) الماء الصـديــد :
وهو شراب أهل جهنم
قال تعالى ( من ورائه جهنم ويسقى من ماءٍ صديد )
(3) مــاء المهـل :
القطران ومذاب من معادن أو زيت مغلي ...
يقول تعالى( وأن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهـل يشوي الوجوه ) ....
(4) مـاء الأرض :
الذي خلق مع خلق الأرض , ويظل في دوره ثابتة حتى قيام الساعة ...
يقول تعالى (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض)
(5) الماء الطهور :
وهو العذب الطيب
يقول تعالى ( وأنزلنا من السماءِ ماءً طهورا )
(6) مـاء الشرب :
يقول تعالى (هو الذي انزل من السماءِ ماءً لكم منه شراب )
(7) الماء الأجــاج :
شديد الملوحه وهو غير مستساغ للشراب ...
قال تعالى ( هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ) ...
فاطر 12 ( لو نشاء جلعناه أجاجا فلولا تشكرون )
(8) الماء المهين :
هو الضعيف والحقير ويقصد به مني الرجل لضعف تحمل مكوناته للعوامل الخارجية ....
يقول تعالى ( الم نخلقكم من ماءٍ مهين )
(9) الماء /غير الآسن :
وهو الماء الجاري المتجدد الخالي من الملوثات
يقول تعالى : في وصف أنهار الجنه ( فيها انهار من ماء غير آسن )
(10) الماء الحميم :
حم الماء : أي سخن ، والماء الحميم : شـديـد السخونه والغليان
يقول تعالى:- ( وسقوا ماءً حميما فقطع أمعاءهم )
(11) الماء المبـارك :
الذى يحيي الأرض وينبت الزرع وينشـرالخيـــــــــر
قال تعالى:-( ونزلنا من السماءِ ماءً مباركا فأنبتنا به جناتٍ وحب الحصيد )
(12)المـــاء المنهـمر :
المتدفق بغزاره ولفترات طويلة من السماء فيهلك الزرع والحرث
يقول تعالى:-( ففتحنا أبواب السماء بماءٍ منهمر)
(13) الماء المسكوب :
الملطف للأرض ويعطي الإحساس بالراحه للعين
يقول تعالى:-( وظـلٍ ممدود * وماءٍ مسكوب )
(14)الماء الغـور :
الذي يذهب في الأرض ويغيب فيها فلا يُنتفع مِنه
يقول تعالى:-( أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا )
(15) الماء المعين :
الذي يسيل ويسهل الحصول عليه والانتفاع به
يقول تعالى:-( فمن يأتيكم بماءٍ معين )
(16)الماء الغــدق :
الــوفــــــيــــر......
يقول تعالى:-( و ألّــو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غـــدقــا )
(17) الماء الفـــرات :
الشــديــد العــذوبــه
يقول تعالى:-( واسقينا كم ماءً فراتا )
(18) الماء الثجّاج :
وهو ماء الســــيـل
يقول تعالى:-(وأنزلنامن المعصراتِ ماءاً ثجّاجا )
(19) الماء الـدافـق :
وهو ماء الرجل يخرج في دفقــات
يقول تعالى:-( خُلقَ مِن ماءٍ دافـق )
(20) ماء مــــديّن :
يقول تعالى:-( ولما وردَ ماء مديّن )
(21) الماء السراب :
ما تراه العين نصف النهار كأنه ماء
يقول تعالى:-( والذين كفروا أعمالهم كسرابٍ بقيعة يحسبه الظمآن ماء)
(22) مـاء الأنهار والينابيع :
الذي يسقط من السحاب ف يجري في مسالك معروفة ...
يقول تعالى:-( الم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض )
(23) الماء السلسبيل :
وهو ماء في غاية من السلاسة وسهولة المــرور
في الحلق من شدة العذوبه وينبع في الجنة من عين تسمى سلسبيلا لأن ماءها على هذه الصفة
يقول تعالى:-( عيناً فيها تسمى سلسبيلا )
اللهم اسقنا ماءاً سلسبيلا
صورة

دهاء إمرأة

دهاء إمرأة



قصة أعجبتني
تدل علي ذكاء المرأة 😄

جاءت آمرأه الى مجلس لتجمع التجار الذين يأتون من كل مكان لوضع وتسويق بضائعهم وهي استراحة لهم .
فأشارت بيدها فقام أحدهم إليها ولما قرب منها قال : خيراً إن شاء الله.
قالت : أريد خدمة والذي يخدمني سأعطيه عشرين دينار.
قال : ماهي نوع الخدمة؟
قالت : زوجي ذهب إلى الجهاد منذ عشر سنوات ولم يرجع ولم يأتي خبر عنه.
قال : الله يرجعه بالسلامة إن شاء الله.
قالت : أريد أحد يذهب إلى القاضي ويقول أنا زوجها ثم يطلقني فإنني أريد أن أعيش مثل النساء الأخريات .
قال : سأذهب معك .
ولما ذهبوا إلى القاضي ووقفوا أمامه .
قالت المرأة : ياحضرة القاضي هذا زوجي الغائب عني منذ عشر سنوات والآن يريد أن يطلقني.
فقال القاضي : هل أنت زوجها ؟
قال الرجل: نعم.
القاضي : أتريد أن تطلقها؟
الرجل : نعم.
القاضي للمرأة: وهل أنتِ راضية بالطلاق؟
المرأة : نعم ياحضرة القاضي.
القاضي للرجل : إذن طلقها .
الرجل : هي طالق .
المرأة : ياحضرة القاضي رجل غاب عني عشر سنوات ولم ينفق علي ولم يهتم بي ؛ أريد نفقة عشر سنوات ونفقة الطلاق.
القاضي للرجل : لماذا تركتها ولم تنفق عليها ؟
الرجل : يحدث نفسه لقد أوقعتني بمشكلة
ثم قال للقاضي : كنت مشغولا ولا أستطيع الوصول إليها.
القاضي : إدفع لها ألفي ديناراً نفقة.
الرجل : يحدث نفسه لو أنكرت لجلدوني وسجنوني ولكن أمري لله ؛ سأدفع ياحضرة القاضي.
ثم انصرفوا وأخذت المرأة الألفي دينار وأعطته 20 ديناراً الرجل.
😄😄😄😄😄😄😄😄😄

حسبي الله ونعم الوكيل
من مكر ودهاء المرأة 😂😂
صورة متحركة

فهيد وحرمته

فهيد وحرمته 

أراد فهيد أن يسافر بدون زوجته فأرسلت له زوجته : ﺳﺄﻗﺘﻠﻚ إن سافرت !.. فرد عليها برسالة: "الميت ﻻ‌ ﻳﻤﻮﺕ اﻻ‌ ﻣﺮﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ،، ﻓﻜﻴﻒ تقتلين من ﻣﺎﺕ فيك عشقا" !.. المسكينة لها أسبوعين تفتح الرسالة وتقرأها وتبتسم خجلاً ! 🙈 وفهيدان مكيف بالمغرب 😘 ..
😂😂😂😂😂😂
🌹💐🌹

السبت، 4 فبراير 2017

قصة المرأة وسيدنا داود عليه السلام

قصة المرأة وسيدنا داود عليه السلام


رووووووووووووعة
جاءت امرأة إلى داوود عليه السلام فقالت: يا نبي الله.. أربك ظالم أم عادل ؟!
فقال داود: ويحك يا امرأة! هو العدل الذي لا يجور!
ثم قال لها: ما قصتك؟؟
قالت: أنا أرملة عندي ثلاث بنات أقوم عليهن من غزل يدي فلما كان أمس شدّدت غزلي في خرقة حمراء
وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه وأبلّغ به أطفالي
فإذا أنا بطائر قد انقض عليّ و أخذ الخرقة والغزل وذهب، وبقيت حزينة لا أملك شيئاً أبلّغ به أطفالي..
فبينما المرأة مع داود عليه السلام في الكلام إذا بالباب يطرق على داود
فأذن له بالدخول وإذا بعشرة من التجار كل واحد بيده: مائة دينارفقالوا: يا نبي الله أعطها لمستحقها ..
فقال لهم داود عليه السلام: ما كان سبب حملكم هذا المال
قالوا يا نبي الله كنا في مركب فهاجت علينا الريح وأشرفنا على الغرق
فإذا بطائر قد ألقى علينا خرقة حمراء وفيها غزل فسدّدنا به عيب المركب
فهانت علينا الريح وانسد العيب ونذرنا لله أن يتصدّق كل واحد منا بمائة دينار
وهذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت،
فالتفت داود - عليه السلام - إلى المرأة
وقال لها: ربٌ يتاجرُ لكِ في البر والبحر وتجعلينه ظالمًا ، و أعطاها الألف دينار
وقال: أنفقيها على أطفالك ..
. . .
إن الله لا يبتليك بشي إلا وبه خير لك .. حتى وإن ظننت العكس .. فأرح قلبك
ومع البلاء صار يوسف عَزِيز مِصر
أفنضيـق بعد هذا ..؟!
كُونوا عَلى يَقينَ ..أنْ هُناكَ شَيئاً يَنتظْرُكمَ بعَد الصَبر .. ليبهركم فيْنسيّكم مَرارَة الألَمْ . .
اذكروا الله
صورة

الإعرابي والحاكم ووزيره

الإعرابي والحاكم ووزيره ..

































قصة رائعة

يحكي أن رجلا ﺃﻋﺮﺍﺑﻴﺎ
ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺧﻴﻤﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻘﻴﺮﺍ ﺟﺪﺍ
ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﺠﺪ ﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻫﻮ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ . ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺭﺍﺿﻴﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺸﺘﻜﻲ ﺃﺑﺪﺍ .
ﻭﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺃﺷﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻧﺎﺭﺍ ﻟﻴﺘﺪﻓﺄ ﻫﻮ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ،
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴﻠﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺒﺮﻭﺩﺓ ... ﻭﻓﺠﺄﺓ ﺳﻤﻊ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﺻﻮﺕ ﺧﻴﻮﻝ ﺗﻘﺘﺮﺏ .
ﻓﺮﺃﻯ ﺭﺟﻠﻴﻦ ﻓﺮﺣﺐ ﺑﻬﻤﺎ ﻭﻗﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻌﺪ ﻟﻬﻤﺎ ﻃﻌﺎﻣﺎ .
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ : ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﻛﺮﺍﻡ ﺍﻟﻀﻴﻔﻴﻦ ﻓﻘﻮﻣﻲ ﻭﺍﺫﺑﺤﻲ ﺍﻟﺸﺎﺓ ﻭﺃﻋﺪﻱ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻟﻬﻤﺎ .
ﺳﻤﻊ ﺍﻟﺮﺟﻼﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ، ﻓﻌﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ
ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻻ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﺇﻻ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺎﺓ ﻓﺤﺎﻭﻻ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﻌﺎﻩ ﻣﻦ ﺫﺑﺢ ﺍﻟﺸﺎﺓ ؛
ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺭﻓﺾ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﺇﻛﺮﺍﻡ ﺍﻟﻀﻴﻔﻴﻦ .
ﻭﺑﺴﺮﻋﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻗﺎﻣﺖ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻭﺫﺑﺤﺖ ﺍﻟﺸﺎﺓ ﻭﺃﻋﺪﺕ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﺄﻛﻼ
ﻭﺷﺮﺑﺎ ﻭﺑﺎﺗﺎ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺛﻢ ﺍﻧﺼﺮﻓﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺷﻜﺮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ
ﻋﻠﻰ ﻛﺮﻡ ﺍﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﻟﻬﻤﺎ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺒﺎﻛﺮ ﺍﻧﺼﺮﻑ ﺍﻟﺮﺟﻼﻥ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻃﻠﺒﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ
ﺯﻳﺎﺭﺗﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﺃﻗﺮﺏ ﻭﻗﺖ .
ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻠﻴﻦ ﻫﻤﺎ : ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻭﺯﻳﺮﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ .
ﻭﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﺫﻫﺐ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻇﻞ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﻤﺎ
ﺣﺘﻰ ﻭﺟﺪﻫﻤﺎ ، ﻭﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻠﻤﻬﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ : ﻛﻴﻒ ﺃﻃﻠﺐ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻮﻕ ﺿﻌﻴﻒ ﻭﻻ ﺃﻃﻠﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﺮﺍﺯﻕ
(ﺟﻞ ﻭﻋﻼ ) ﻓﻌﺎﺩ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﺧﻴﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﻭﺃﺧﺒﺮ ﺯﻭﺟﺘﻪ
ﺑﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻔﺮﺣﺖ ﺑﺰﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻣﺘﻸ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﻴﻘﻴﻦ ﻭﺍﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻫﺒﺖ ﺭﻳﺢ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻓﺤﻄﻤﺖ ﺍﻟﺨﻴﻤﺔ ﻓﻘﺎﻡ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻫﻮ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ﺑﺎﻟﺮﺣﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺒﺎﻛﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺁﺧﺮ .
ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ ﻳﺤﻔﺮ ﻟﻴﺜﺒﺖ ﺍﻟﺨﻴﻤﺔ ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻪ ﻳﺠﺪ ﺻﻨﺪﻭﻗﺎ ﻛﺒﻴﺮﺍ
ﻓﻔﺘﺤﻪ ﻓﻮﺟﺪﻩ ﻗﺪ ﺍﻣﺘﻸ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ ﻓﻔﺮﺡ ﻓﺮﺣﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻫﻮ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺃﻭﻻﺩﻩ ... ﻭﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﺒﻴﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻨﺰ ﻭﺃﻥ ﻳﺒﻨﻲ ﻗﺼﺮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
ﻭﺑﻨﻰ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻗﺼﺮﺍ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﺓ ﻭﻷﻭﻻﺩﻩ ... ﻭﺳﻤﻊ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﺒﻨﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﺄﺭﺳﻞ ﺃﺣﺪ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻓﺬﻫﺐ ﻭﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻟﻴﺨﺒﺮﻩ ﺃﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﺭﺟﻞ ﺃﻋﺮﺍﺑﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺧﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ
ﻓﻌﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻨﺰ ﻓﺒﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺮ .
ﻓﺬﻫﺐ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﻭﺯﻳﺮﻩ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻘﺼﺮ ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺁﻫﻤﺎ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ
ﻋﺮﻓﻬﻤﺎ ﻭﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﺃﻥ ﺍﻵﺧﺮ ﻫﻮ ﻭﺯﻳﺮﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ
ﻓﻔﺮﺡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ .
ﺳﺄﻟﻪ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ : ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺄﺕ ﺇﻟﻴﻨﺎ ؟
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ : ﻟﻘﺪ ﺟﺌﺖ ﺇﻟﻴﻚ ﻭﻟﻢ ﺃﻋﺮﻑ ﺃﻧﻚ ﺣﺎﻛﻢ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﻟﻜﻦ
ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻮﻛﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺯﻗﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ .
ﻓﻔﺮﺡ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺑﻜﻼﻡ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ ﻭﺃﺧﺒﺮﻩ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻨﺬ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ
ﻣﻦ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻪ ﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : ﻟﻘﺪ ﺗﻌﻠﻤﺖ ﻣﻨﻚ ﺩﺭﺳﺎ
ﻻ ﺃﻧﺴﺎﻩ ﺃﺑﺪﺍ .
ﻭﻧﺤﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺘﻌﻠﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻭﻧﺘﻮﻛﻞ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ .




صورة