مجادلة رجلي الجنّتين ..
وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا (43)
هي ايات كريمة من سورة الكهف
سورة استجمعت فيها اربع من اجمل والطف قصص القرآن الكريم
هي قصة تفتح المجال امام العاقل للتفكر وللحالم ان يرتوي من اطياف احلامه
تخيل اخي القارئ انك تدخل قصر جميل
وقبله عليك ان تمر بحديقة القصر كما ايامنا هذه
فتجد
ان العنب هو ما يستوطن هذا البستان في كل مكان وهو محفوف بنخل فبدى كانه خيام بها خيرات معلقة بالسماء تأخذ منها متى تشاء
اما ارض البستان فهي منوعة مما تنبت الارض من مزروعات تركض لها العيون وتروي جوع من ظن انه قد شبع يوما
هذا النخل بحباته المتلونة احيانا والعنب بانواعه المختلفة قد حان قطافه فكانت الوان مختلفة ولم يكن البستان ليكتمل ما لم نرى المياه وقد تدفقت في شرايينه فكان بين شقي البستان نهرا
بالطبع هذه الرسمة الهندسية الزراعية يسعى لها كل من خطر بباله يوما ان يتملك في الارض
اما صاحبه فربما كان يملك مثله وربما اقل وربما لا يملك
فكان الحوار ولا يعجب القارئ من روعة الكلام الذي دار وطريقة المداورة
لقد اغتر مالك البستانين بما يملك فنسي ان ما يملك هو من عطاء وكرم الله فاستهزأ بصاحبه بانه الاكثر مالا والاكثر نفرا (اولاد) بل امتد الغرور به حيث تجاهل وجود زوال لهذه النعمة وقيام الساعة وشكك في وجود الله
فما كان من صاحبه الا ان قال (اكفرت!) لم يقل له يا كافر ولم يتهمه ويرميه بالكفر كما نفعل في ايامنا بل قالها متسائلا متعجبا رغم انه سمع الكفر الصريح من صاحبه .... فالواضح ان الرجلين كانا اصدقاء وكان احدهما مغتر بنفسه والاخر حافظ لفضل الله عليه
لقد اخذت الرجل دهشة وهو يرى صديقه يستهزئ بكرم الله وينسبه لنفسه فارجع الامر الى الاصل بان الله ربه لا يشرك به ... لم يقل الرزق او اي شيء بل ارجع مبدأ التكفير الى الاشراك بالله (ابتعد عن تكفير صاحبه مرتين رغم علمه بكفر صاحبه وهذا مبدأ الحوار البناء فلو قال له يا كافر لانتهى النقاش ولما اكتملت الرواية - نرى في طريقة حبكة القصة نفسها امور كثيرة ممكن ان تغفل عنا نراها مطولة لكنها تعطي الكمالية في الرواية)
وحسف على عدم شكر صديقه لله ودعى عليه بالبور والخراب فكان الخراب وهذا ما كان فطلب صاحبه العون لكنه لم يندم وهذا الخطأ الجديد الذي وقع به هذا الشقي
لكنه عاد وندم لكن قضاء الله قد حصل وانتهى وقت الندم
امور كثيرة ممكن ان نستشفها من هذه القصة وهي الايمان بالله والاعتراف بفضله
ولكن امرا مهما جدا قد يغفل عن الجميع هو الحوار وطريقته بين الاصدقاء وبهذا تصديق لقول الله تعالى .. ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك....
بارك الله فيكم
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق