"علامات حب الدنيا"
* تواصل أشغال العبد بها حتى يضيع ما أوجب الله عليه :
قال الحسن البصري يرحمه الله : " إياكم وما شغل من الدنيا فإن الدنيا كثيرة الأشغال لا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب" (1) .
كثرة هموم العبد بها كما جاء عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له . ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره . وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ." (2)
وقال ابن القيم يرحمه الله : ومحب الدنيا لا ينفك من ثلاث : هم لازم وتعب دائم وحسرة لا تنقضي وذلك أن محبها لا ينال منها شيئا إلا طمحت نفسه إلى ما فوقه كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : "لو كان لابن آدم واديان من المال لابتغى لهما ثالثا" (3).
وقال بعضهم : من أراد الدنيا فاليتهيأ للذل .(4).
حب أهلها والتملق إليهم ومحاباتهم واتخاذهم أخلاء وعدم إنكار منكرهم .
قال سفيان الثوري يرحمه الله : إني لأعرف الرجل للدنيا بتسليمه على أهل الدنيا (5).
يريد بذلك حفاوته بهم دون غيرهم ليس لشيء إلا لأنهم حازوا الدينار والدرهم والمنزلة والجاه .
وصدق من قال : فكم دقت ورقت واسترقت *** فضول الرزق أعناق الرجال
* الإكثار من ذكرها وكثرة التحدث عنها :
قال بعض السلف : من أحب شيئا أكثر من ذكره.
فلا ترى صاحب الدنيا إلا وهو يتحدث عن المال وطرق جمعه وتحصيله ولا تراه إلا وهو يكثر من ذكر الملبس والمأكل والمنكح والمسكن والأسواق والمشتريات .
قال بعض السلف : إني لأكره الرجل أن يكون ذاكرا لبطنه وفرجه .
وقد قيل : القلوب أوعية والألسن مغاريفها.
وقال أيوب السختياني : ما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط .
وما حال الكثير منا إلا كما قال عون بن عبد الله : (إن من كان قبلكم كانوا يجعلون للدنيا ما فضل عن آخرتهم وإنكم اليوم لتجعلون لآخرتكم ما فضل عن دنياكم) (6).
(1) الزهد لإبن مبارك ص(190).
(2) صحيح ابن ماجه برقم(3313).
(3) إغاثة اللهفان (1/60).
(4) المجالسة و جواهر العلم للدينوري(8/78).
(5) حلية الأولياء(7/39).
(6) صفوة الصفوة (3/101).
منقول من رسالة " تذكير الأولياء و تحذير الجهلاء من خطر فتنة الدنيا" .
تأليف أبي الفداء أحمد بن حسن بن قائد النهاري الريمي.
تقديم فضيلة الشيخ أبي نصر محمد بن عبد الله الإمام.
المصدر
التصفية والتربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق